كانت جثة الطفل "إيلان" سببا لتعاطف الأوروبيين والعالم مع السوريين الفارين من ويلات العنف والدماء التى أغرق بها عناصر تنظيم داعش الإرهابى بلادهم، ففتحت بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا أبوابها أمامهم، وبدأ الاتحاد الأوروبى ترتيبات ومحادثات طويلة لوضع خطط لاستيعاب الأعداد المتزايدة من اللاجئين الفارين من الشرق الأوسط.
ومثلما كان تنظيم داعش الذى دفع بعائلة إيلان للفرار عبر البحر وغرق الطفل وأمه، قبل أن تلفظه الأموال على سواحل تركيا، سببا فى تعاطف الغرب، فإنه راح يتعقب السوريين بشكل آخر، حيث اندست عناصره وسط الفارين إلى أوروبا لتنفذ هجمات باريس الوحشية ويصبح السوريون ضحية للهجمات مثلهم مثل أولئك الأبرياء الذين سالت دماؤهم فى شوارع العاصمة الفرنسية.
وعقب الهجمات الإرهابية التى استهدفت ست نقاط فى باريس، بساعات، وردت أنباء عن تورط عناصر تحمل الجنسية السورية فى الهجمات وسرعان ما أعلنت بولندا غلق حدودها، وعلق وزير العلاقات الأوروبية البولندى، كونراد سيزمانسكى، على الهجمات بالقول "بعد باريس، نحن فقدنا الضمانات الأمنية".
وأشار إلى أن هذه الأحداث المأساوية أظهرت نقاط الضعف فى أوروبا، وأعلنت البلاد أنها لن تكون قادرة على قبول مهاجرين بموجب الحصة التى حددها الاتحاد الأوروبى، حيث أيدت وارسو خطة لتقاسم 120 ألف لاجئ بين دول الاتحاد الأوروبى الـ28.
ومع تزايد الأدلة التى تؤكد تورط أشخاص يحملون الجنسية السورية أو تسللوا ضمن اللاجئين الفارين من سوريا والعراق، فإن الأمر حتما سيمثل نقطة تحول فى قضية اللاجئين لأوروبا أو غيرها من الدول الغربية، حيث ذكرت مصادر على اطلاع بالتحقيقات فى فرنسا أن أحد مرتكبى الحادث دخل إلى فرنسا ضمن لاجئين وصلوا أولا إلى اليونان، حيث قالت السلطات اليونانية إن حامل جواز السفر السورى الذى تم العثور عليه بالاستاد بجانب جثة مفجر انتحارى، هو لشخص قد دخل عبر حدودها وتم تسجيله كلاجئ فى جزيرة ليروس يوم 3 أكتوبر الماضى.
وأقر مسئول فى المخابرات الفرنسية أن هذه ليست المرة الأولى التى تتسلل فيها عناصر متشددة بين المهاجرين الذين يصلون أوروبا عبر تركيا أو اليونان، فبحسب صحيفة نيويورك تايمز قال المسئول إن أجهزة الأمن الفرنسية تعرفت على متشدد فى كالييه، وأشار مسئول سابق على اطلاع بالأمر إلى أن الجماعات الإرهابية فى سوريا باتت تتخذ التسلل إلى أوروبا بين المهاجرين كاستراتيجية لديهم.
الاعتداءات شجعت العديد من الساسة الأوروبيين الذين أعربوا قبلا عن مخاوف بشأن المخاطر الأمنية والتكلفة المالية لمحاولة استيعاب مئات آلاف الناس الساعين إلى اللجوء فى منطقة لديها مشكلاتها الاقتصادية الخاصة، وصعد القادة المحافظون والشعبويون فى أنحاء أوروبا من دعواتهم لتشديد أو غلق الحدود ووقف تدفق المهاجرين، القادم أغلبهم من سوريا، حيث يسيطر تنظيم داعش على مساحات واسعة من البلاد.
وفيما كانت تعارض دول أوروبا الشرقية من البداية قبول لاجئين نظرا لأن اقتصاداتها ليست بقوة اقتصادات دول أوروبا الغربية مثل ألمانيا والنمسا، أعلن رئيس وزراء سلوفاكيا، روبرت فيكو، عن تشديد الإجراءات الأمنية على حدود بلاده، خاصة من جهة أوكرانيا، مشددا "إن أى شخص يعبر الحدود بطريقة غير مشروعة سوف ينظر إليه باعتباره تهديدا أمنيا".
وسرعان ما ذهب الساسة المتشددون من أنحاء أوروبا، بينهم النائب الهولندى جيرت فيلدرز، والسياسية الفرنسية المعروفة مارين لوبان، للدعوة إلى إغلاق الحدود فى وجه اللاجئين، والأمر لم ينحصر داخل أوروبا ففى الولايات المتحدة دعا بعض مرشحى الحزب الجمهورى للرئاسة الأمريكية، إلى تخلى الرئيس باراك أوباما عن خططه لاستيعاب 10 آلاف لاجئ سورى.
وقال تيد كروز، المرشح الجمهورى للرئاسة الأمريكية فى بيان "نحن بحاجة عاجلة لإعلان وقف أى خطط بشأن دخول لاجئين إلى بلادنا إذ إن هذا من شأنه أن يسمح بتسلل عناصر من داعش إلى الولايات المتحدة"، بل طالب مرشح جمهورى آخر بما هو أكثر، حيث دعا مايك هوبكى لوقف قبول جميع أولئك القادمين من دول يتواجد فيها بقوة سواء تنظيم داعش أو القاعدة.
هذه الدعوات والضغوط المتزايدة تشكل تحديا جديدا وقاسيا أمام آلاف تقطعت بهم السبل أرضا وبحرا، لكن ربما يدفعنا هذا للتساؤل عن الدور العربى لاحتواء الأشقاء السوريين والعراقيين وغيرهم ممن مزقت الحروب بلادهم.
فلقد تمثل دور الدول العربية إما فى شحن مزيد من العنف بدعم جماعات التمرد المسلحة فى سوريا والإصرار على رحيل الأسد، دون التيقظ إلى ضحايا صراع لا تلوح له نهاية، أو الصمت والجلوس فى مقعد المشاهد عما ستسفر عنه الأحداث، هذا الموقف دفع البعض للتساؤل لماذا لا تستوعب دول الخليج الغنية بالنفط مجموعات من أولئك اللاجئين، إلا أن الحديث لا يزال يقع على أذن صماء.
اللاجئون السوريون إلى أين؟.. داعش يغلق أبواب العالم أمام السوريين بعد تفجيرات باريس.. الدول الغربية تتخذ إجراءات أكثر تشددا فى مواجهة موجات اللاجئين الفارين.. والدول العربية محلك سر
الإثنين، 16 نوفمبر 2015 12:07 ص
لاجئون سوريون - أرشيفية