كتاب الحاصلة على نوبل يتساءل: لماذا أشعل السوفيت الحرب فى أفغانستان؟

السبت، 21 نوفمبر 2015 05:19 ص
كتاب الحاصلة على نوبل يتساءل: لماذا أشعل السوفيت الحرب فى أفغانستان؟ غلاف الكتاب
كتب شريف إبراهيم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتحدث سفيتلانا ألكسيفيتش، فى كتابها "أصوات من تشرنوبيل" عن الحرب السوفيتية الأفغانية التى استمرت عشر سنوات، ويضم الكتاب قصصا لأكثر من مائة ضابط وجندى شاركوا فى هذه الحرب غير المفهومة على حد تعبير ستيلفانا أليكسفيش، وتحدثت كذلك مع الأرامل وأمهات ضحايا الحرب، حيث تقول: علينا أن نتعلم كيف أن الشرق والغرب، اشتبكا فى مبارزة قاسية وميؤوس منها، كيف كان يفكر الناس حينها، وكيف قتل بعضهم البعض، وكيف سعوا من أجل البقاء، كل هذا حاولت رصده فى كتابى، بالرجوع إلى التاريخ بدلاً من المضى قدماً، واختتمت كتابى بما قاله أحد الأشخاص لى "لا نريد القتال مرة أخرى، هل يمكننا محاربة الأفكار وقتلها بدلاً من أصحابها؟!، فالقتل يجعل العالم مخيفاً، ويترك الناس للعزلة.

الكتاب كان عنصرا أساسيا فى منح سفيتلانا ألكسيفيتش جائزة نوبل فى الآداب ، والمعروف أن المخابرات الروسية (كى جى بى) والسلطات العسكرية نظمت من قبل حملة متعسفة لاضطهاد الكاتبة، واعتبروا فوزها بالجائزة ذى وجه سياسى.

"كأننى أسمع صوته أحيانًا على قيد الحياة حتى إنّ الصور الفوتوغرافية لا تؤثر فى كما يفعل ذلك الصوت، ولكنه لا ينادى على، ولا حتى فى أحلامى، إننى أنا التى تنادى عليه، يقرّبنا التوثيق أكثر إلى الحقيقة حين تقتنص الأصول وتصونها، وبعد عشرين سنة من العمل على المادة التوثيقية، وكتابة خمسة كتب مستندة إليها، فإننى أعلن أنّ الفن قد أخفق فى إدراك أشياء كثيرة عن البشر.. أيتها الفتيات! لا تبكين، لقد كنّا دائمًا فى الخطوط الأمامية. كنّا أقوياء عشنا زمن ستالين، خلال الحرب، تسمع المدافع طيلة الليل وهى تخبط، وهى تجلجل،حفرنا حفرة فى الغابة، لقد قصفوا وقصفوا، أحرقوا كل شىء ليس البيوت فحسب، وإنما الحدائق، وأشجار الكرز، وكل شيء. طالما ليس ثمة حرب. هذا ما أنا خائفة منه".

ويتناول كتاب "أصوات من تشرنوبيل" أكبر كارثة نووية شهدها العالم، فى يوم السبت 26 أبريل من عام 1986 حيث كان ما يقرب من 200 موظف يعملون فى مفاعل الطاقة النووى بأوكرانيا، وقد لقى 36 شخصا مصرعهم وأصيب أكثر من 2000 شخص، ووصفته الكاتبة بأن هذه الكارثة، أسوأ بكثير من معسكرات الاعتقال، فمن الصعب أن ندافع عن أنفسنا ضد المجهول، عما هو غير مألوف حتى الآن إلى الجنس البشري.

مقتطفات: "لدينا كل شىء هنا القبور، القبور فى كل مكان، والجرافات تعمل، المنازل تتداعى، وحفارو القبور يكدّون بعيدًا، طمروا المدرسة، المقرّات، والحمّامات، إنه العالم ذاته، ولكنّ الناس مختلفون، مات جدى منذ يومين، كنت مختبئة خلف الموقد أنتظر: كيف يبدو الطيران خارج هذا الجسد؟ ذهبت لحلب البقرة ثم عدّت إلى الداخل، ناديته، كان مسجّى هناك وعيناه مفتوحتان. لقد هربت روحه للتوّ. أم لا شيء قد حدث؟ ثم كيف، آنئذ، سوف نلتقي؟.. رأيت امرأة تحاول قتل نفسها قرب النهر، كانت تضرب رأسها بمعدن في يدها، كانت حبلى من جندي محتلّ تمقته القرية كلها، ثم رأيت، وأنا صبي، مجموعة من الهرر وهي تولد، ساعدت أمي في سحب العجل من أمه، وسقت خنزيرتنا كي تلاقي أحد الخنازير. أذكـر أذكر كيف أحضروا جسد أبي، كان يرتدي سترة حاكتها أمي بنفسها، وكان رشّاش قد أطلق عليه الرصاص، فكانت قطع مدمّاة لشيء ما تندلق من تلك السترة، تمدد على سريرنا الوحيد، فلا مكان آخر نضعه فيه، ثم دفناه في وقت لاحق أمام البيت. لم تكن الأرض قُطنيّةً، بل من طمي ثقيل، من المساكب حتى جذور الشمندر، كانت المعارك دائرة في كل مكان، وكان الشارع طافح بالقتلى والأحصنة".

وتذهب الصحفية البيلاروسية، سفيتلانا ألكسيفيتش، إلى أن أناسا كثيرين من شهود المأساة أو الجائحة التى تكتب عنها. تجمع ما يروونه لها، وتدوّنه بأمانةٍ ولغةٍ حارّة، وتقيم بناء سردياً يلملم كولاجاً مفتوحاً، فلا يكون النص روايةً بالمعنى المعهود لهذا النوع الأدبي، ولا تقريراً أو تحقيقاً صحافياً، بل اجتماعاً للأدب بالصحافة، يحضر فيه الواقع، كما هو، ولكنْ بكتابةٍ رائقة، مشحونة بتعبير حى عن الجوانيّ، وعن الظاهر الصريح. هذا ما أنتجته هذه الكاتبة، فى العموم، فى كتبها، عندما انشغلت بأوجاع ناس بلادها السوفيات، ومنهم نساء وأمهات، وجنود وضحايا، وأفراد متعبون. يحكون، فيصيرون أبطال نصوصٍ تتحقق فيها شروط الكتابة الأنيقة، أنجزتها سفيتلانا ألكسيفيتش، بحسٍّ إنسانى خاص، ولأنها فعلت ذلك، أعطتها، الأكاديمية السويدية، الأسبوع الماضي، جائزة نوبل للآداب، تكريماً لكتابتها نوعاً جديداً من الأدب، ولتصويرها "أصواتاً متعددة، شواهد على الألم والشجاعة.

مقتطفات: "عندما يصرخ الأوز، فهذا يعنى أنّ الربيع هنا، وأن وقت غرس الحقول قد أذف، إننا نجلس فى البيوت الفارغة، وليس إلّا الأسقف ثابتة، على الأقل.. أنظرى هناك إنه غراب، إننى لا أطارد الغربان، وعلى الرغم من أنّ غرابًا قد يسرق البيض من الحظيرة، إلّا أننى لا أطاردها. لا أطارد أى أحد! بالأمس، جاء أرنب صغير. ثمة قرية فى الجوار، ولا تعيش هناك إلّا امرأة واحدة، قلت: مرّي، قد يفيد ذلك، وقد لا يكون، بيد أنه على الأقل سيكون ثمة من تتحدثين إليه، وفى الليل، كل شيء يؤلم. ساقاى تدوّمان، كما لو أنّ نملًا صغيرًا يدب فيهما، هكذا تدور أعصابى فيَّ، إنها كمثل ذلك، حين ألتقط شيئًا ما. كالحنطة وقد درست طَحْنٌ، طحن، ثم تهدأ الأعصاب لقد كدحت كفاية فى حياتي، وكنت حزينة بما يكفي. لقد نلت كفايتى من كل شيء ولا أرغب فى المزيد".


موضوعات متعلقة..


"سفيتلانا ألكسيفيتش" و" محيى الدين اللباد" فى العدد الجديد من "عالم الكتاب"








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة