ديفيد سابرستين: مصر دولة مهمة للغاية لديها تأثير هائل على العالم العربى والإسلامى وعلى المنطقة..والأزهر أحد أهم المؤسسات الإسلامية وأكثرها تأثيرا فى العالم
الأمريكيون ضد الإسلاموفوبيا وضد استهداف الإسلام ويرحبون بالمسلمين واللاجئين. .
التشدد يأتى غالبا من دول ليس لديها حرية وأفضل طريقة لهزيمة المتشددين هى احترام الأقليات وتعزيز صوت الأخوة والالتزام بالسلام والحرية للجميع
قال ديفيد سابرستين، السفير المتجول فى وزارة الخارجية الأمريكية ومبعوث الرئيس الأمريكى للحريات الدينية أن التعصب والتشدد غاليا يأتى من دول ليس لديها حرية، معتبرا أن أفضل الطرق لهزيمة المتشددين هى احترام الأقليات.
وأضاف فى حوار خاص لـ"اليوم السابع" على هامش زيارته الأسبوع الماضى أن مصر شهدت تطورا فى مجال الحرية الدينية فى الفترة الأخيرة وتعتبر أفضل من غيرها فى هذا المجال، مشيرا إلى أن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى لاقت استحسانا كبيرا فى الولايات المتحدة..
فإلى نص الحوار:
- هل تحدثنا عن هدف زيارتكم إلى مصر فى هذا التوقيت، خاصة وإنكم كنتم فى تركيا للمشاركة فى مجموعة العشرين، هل تعملون على وضع خطة معينة تتعلق بحرية الأديان فى المنطقة؟
المسألة جاءت صدفة، فمنذ أن استلمت مهام وظيفتى كسفير مفوض لحرية الأديان، ذهبت بشكل مكثف إلى أوروبا والسودان والسعودية والعراق وبورما وباكستان والصين، وسأذهب إلى دول فى أفريقيا وأمريكا الجنوبية، كجزء من مسئوليتى للعمل مع جميع الدول فى مختلف أنحاء العالم.
مع من التقيت فى مصر؟
التقيت مع مسئولين فى دار الافتاء المصرية، والتقيت مع البابا تواضروس، ومع محامين مختصين فى مجال حقوق الإنسان، وتحدثت معهم عن كيفية نشر التسامح الدينى والتعاون كما التقيت بقادة دينيين كما التقيت بمسئولين فى وزارة الخارجية المصرية. ولدى الفرصة للتعرف على الوضع على الأرض من خلال التحدث مع المجتمع المدنى والتعرف على سبل التعاون بين الحكومتين المصرية والأمريكية.
وما الذى ناقشته معهم، وما الذى تريد تحقيقه خلال الزيارة؟
هدف زيارتى هو دعم التطورات التى تم تحقيقها حتى الآن فيما يتعلق بالحريات الدينية ولتشجيع الحكومة على تعزيز روح التسامح والسلام.
هل تحدثنا أكثر عن مهام وظيفتكم كسفير مفوض للحريات الدينية؟
أنا واحد من ستة سفراء مفوضين فى الخارجية الأمريكية، فبدلا من أن أكون سفيرا لدى دولة بعينها، أعمل كسفير دولى ولدى مسئوليات عالمية، وأنا مسئول وفقا للقانون الذى خلق هذه الوظيفة للعمل كمستشار للرئيس الأمريكى باراك أوباما، ولوزير الخارجية جون كيرى، وأسافر العالم للقاء قادة الحكومات وقادة المجتمع المدنى الملتزمون بخلق مساحة أكبر من الحريات والديمقراطية لتعزيز حقوق الإنسان، وأيضا التقى ممثلين وقادة رئيسيين فى المجتمعات الدينية لتلك الدول لأرى وضع الحريات الدينية وما هى التحديات التى تواجهها وما هى الاحتياجات للعيش بحرية أكبر وما الذى يمكن عمله معا.
هل تصدرون تقريرا سنويا مثل تقرير اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية وهل تعملون معهم؟
القانون الذى نشئ بموجبه وظيفتى، خلق ثلاث أجزاء كبرى أخرى تشكل قانون حرية الأديان، والجزء الأول خاص بوجود سفير فى الخارجية الأمريكية والذى يسعى لتعزيز الحريات الدينية فى مختلف انحاء العالم ويعمل بالتعاون مع المكاتب الأخرى فى وزارة الخارجية الأمريكية، والجزء الثانى متعلق بإنشاء لجنة مستقلة لحرية الأديان الدولية، وعملت كرئيس لها عندما تم تشكيلها فى 1999، فحرية الدين بالنسبة للولايات المتحدة حق أساسى فى الدستور الأمريكى، فجميع الأمريكيين لديهم إمكانية لخدمة دولتهم بغض النظر عن دينهم، وذلك فى أى مكان ومجال، سواء العمل كسفراء فى الخارج أو للعمل بالداخل، والجميع لديهم حقوق متساوية فى المجتمع الأمريكى، وعندما نسافر نطلب من الدول أن تلتزم بتعهداتها بما يتماشى مع المعاهدات الدولية.
أما الجزء الثالث، فهو التقرير السنوى الذى يغطى 195 دولة التى لديها علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة، ونتحدث عن التغيرات الإيجابية فيما يتعلق بالحريات الدينية، ونركز بشكل أكبر على ما يجب عمله، كما نركز على الدول التى لديها انتهاكات منهجية متعلقة بحرية الاديان ويتم تصنيف تلك الدول كدولة "تثير قلقا خاصا"، وبعدها يمكن دراسة فرض عقوبات اقتصادية عليها وأو خطوات أخرى يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة للتشجيع على التغيير. ولكن بعض الدول مثل كوريا الشمالية لا نتوقع أن يحدث بها تغيير لانها بحاجة إلى تغيير هيكلى، كما أن هناك دولا تعمل معنا لتغيير هذا التصنيف.
اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية أصدرت تقريرها عن مصر، وقالت أن هناك بعض الخطوات الإيجابية التى اتخذها النظام، ولكن لا يزال هناك مخاوف بشأن حرية الأديان، وصنفتها كدولة مثيرة للقلق، هل أطلعتم على هذا التقرير؟
نعم، ولكن يجب ملاحظة أن هذه اللجنة لجنة مستقلة ولا تتحدث عن الحكومة الأمريكية كما أن مواقفها لا تمثل موقف الولايات المتحدة. والخارجية الأمريكية هى من تصنف الدول إذا كانت دولة مثيرة للقلق من عدمه، وتوصيات هذه اللجنة أحد مصادر المعلومات التى تأخذها الخارجية الأمريكية بعين الاعتبار ولكنها لا تمثل السياسة الرسمية الأمريكية، وفقا لسياستنا الرسمية، مصر ليست دولة مصنفة كدولة مثيرة للقلق، ورغم أن هناك مخاوف متعلقة ببعض القضايا، وأشرنا لها بوضوح فى تقريرنا السنوى، إلا أننا نعتقد أنها لا تصل لهذا المستوى، مثل دول بورما أو كوريا الشمالية أو إيران، فنحن نعتقد أن المشكلات التى تعانى منها مصر مختلفة إذ يوجد هنا مساحة أكبر من الديمقراطية، وإمكانية أفضل لمعالجتها، وخلال الأعوام الماضية كان هناك استعداد من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسى لمواجهة هذه التحديات وهذا يدعو للتشجيع، أما عن المشكلات الأخرى، فنحث الدولة على المضى قدما فى التحسينات التى تقوم بها.
هل تطرقت لقاءاتكم مع المسئولين المصريين إلى المادة 98 فى القانون والتى تجرم ازدراء الأديان؟
هناك الكثير من الدول من بينها مصر لديها شكل مختلف من القوانين التى تمنع الخطاب الذى قد تعتبره الأغلبية عدوانى أو حتى الحكومة قد تراه هكذا، ولكن الولايات المتحدة دولة متعددة ولديها العديد من الأديان، لذا احترام الآخر دائما يكون مهما، وننمى الاحترام عن طريق بناء التفاهم والتعاون معا، وعندما نحاول أن نفرض الاحترام من خلال قوة الحكومة، فالنتيجة لا تكون مثمرة، ونجد أن البعض يتم وضعهم فى السجن أو يعاقبون للتعبير عن آرائهم الدينية التى تختلف عن الآخرين، لذا نشجع الدول على الابتعاد عن الاستجابة القانونية ونعمل مع منظمات الدول الإسلامية المشتركة فى منظمة التعاون الإسلامى.
ونشجع القيادة المصرية على النظر إلى نهج الأمم المتحدة الذى اقرته بالتعاون مع منظمة التعاون الإسلامى، والذى يفضل عدم أخذ رد فعل قانونى لمعاقبة الآراء الدينية، لأن ذلك نهجا أكثر فاعلية فى معالجة الاختلافات الدينية بين مجتمعات الدول. وهذه القوانين لا تزال مصدر قلق حتى للقادة الدينين فى مصر، ومنهم مسلمون كما لا تزال مصدر قلق للولايات المتحدة.
مع تزايد شوكة التشدد فى العالم العربى والعالم عموما، دعا الرئيس السيسى لثورة دينية، كيف رأيتم هذه الدعوة؟
أولا الولايات المتحدة تعتبر مصر دولة مهمة للغاية لديها تأثير هائل على العالم العربى والإسلامى وعلى المنطقة، وعندما دعا الرئيس السيسى القادة الدينيين فى مصر، لتعزيز روح التسامح ونشر روح الإسلام كوسيلة لمواجهة تفسيرات الجماعات المتشددة والإرهابية مثل داعش، شجعنا هذه الخطوة بكل قوة، وكنت أسأل هؤلاء الذين التقى بهم إلى أى مدى تم تفعيل هذه الثورة وهل هناك ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة للمساعدة لتشجيع تفعيل هذه الدعوة، ولنشر هذه الرسالة حول العالم، ورأينا أنها خطوة هامة وإيجابية وبناءة.
ومن خلال تلك التساؤلات، هل تعتقد أنه تم تفعيلها؟
بشكل أو بآخر تم تفعيل جزء منها، ويجب الاستمرار فيها لتكون أكثر قوة ونأمل أن يستمر القادة الدينيون والسياسيون فى مصر بالتحرك فى هذا الاتجاه.
كيف ترون دور الأزهر خاصة مع التهديد الذى يفرضه تنظيم داعش فى المنطقة، والعالم مؤخرا؟
الأزهر أحد أهم المؤسسات الإسلامية أن لم يكن أكثرها تأثيرا فى العالم، فما يفعله ويقوله له تأثير ضخم، وحقيقة أنه بجانب استجابته لدعوة السيسى، يسعى لتعزيز التسامح والوضوح والتعريف بالفكر الإسلامى بشكل أكبر وعرضه للعالم أجمع وهذا تطور مشجع، ونأمل أن يقوم بفعل المزيد.
استلمت مهام منصبك فى بداية هذا العام، وكان هناك انتقادات للدور المحدود الذى تقوم به الولايات المتحدة للدفاع عن مسيحى الشرق الأوسط؟
أول رحلة قمت بها بعد استلام وظيفتى كانت للعراق، وكانت من بين أطول الرحلات التى قمت بها، والتقيت بالقادة فى العراق ومن المنطقة، وحضرت عدد من المؤتمرات ومثلت بكل وضوح موقف الولايات المتحدة والتقيت مع قادة المجتمع الدولى لمناقشة ما يمكن عمله للإلحاق الهزيمة بداعش ولإضعاف تأثيرها من خلال تعددية المجتمعات الدينية فى هذه المنطقة وفى العالم، وكان الاهتمام بهذا الملف طيلة العام اكثر من أى ملف آخر.
اذا ماذا عن الجدول الزمنى الذى وضعتموه لأنفسكم لتحقيق هذا، لأن الموقف على الأرض يزداد سوءا سواء بالنسبة للأقليات الدينية التى تستهدفها داعش، كما تزداد شوكة التنظيم الإرهابى لاسيما بعد قيامه بهجمات باريس؟
للاستجابة لتنظيم داعش، الأمر يتطلب العمل على عدة مستويات، فيجب أن يكون هناك رد فعل عسكرى لإضعاف التنظيم وتقليص تواجده فى المنطقة، والمجتمع الدولى يشن عمليات جوية، ويجب على المجتمعات المحلية أن تنخرط فى هذه العملية من خلال دعم القوات على الأرض، وتم بالفعل تدريب القوات فى العراق، والقوات فى سوريا أيضا لمواجهة داعش، وأيضا لمواجهة قوات الأسد. ولكن يجب تفعيل دور المجتمعات التاريخية فى المنطقة والتى تعود إلى الالاف السنوات، منذ بداية الدين المسيحى. ونعمل على دراسة ما الذى يجب عمله ليعود هؤلاء إلى موطنهم، ونعمل على كل هذه الجبهات، ومن أولوياتنا الدفاع عن حقوق الأقليات الدينية فى الشرق الأدنى وآسيا الوسطى.
بعد هجمات باريس، عادت مشاعر الخوف من الإسلام – الإسلاموفوبيا- إلى بعض الدول الغربية، من وجهة نظركم ما الذى يجب أن تفعله المجتمعات الإسلامية فى الغرب لمواجهة هذه المشاعر وما هى رسالتكم لهم؟
رسالتى هى رسالة الرئيس أوباما برفض الإسلاموفوبيا، وضد استهداف الإسلام أو المجتمعات الإسلامية لدفع ثمن خطايا جماعات أخرى، والولايات المتحدة ستظل ترحب بالمسلمين واللاجئين، ولدينا تاريخ طويل من محاربة الإسلاموفوبيا، فعلى سبيل المثال، نأمل أن يكون الدستور الجديد يحمى ويضمن أن دور العبادة يمكن بناءها بسهولة، وفى الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر، حاول البعض منع المجتمعات الإسلامية من بناء المساجد، ولكن تحالف يسمى "كتف بكتف" يضم جميع الأديان وقف ليدافع عن حق المسلمين فى بناء دور عبادة فى الولايات المتحدة، ونجحنا بالفعل، ونحن ملتزمون بمحاربة الإسلاموفوبيا، وليس فقط فى الولايات المتحدة ولكن فى كل مكان، وهذا يصبح أكثر أهمية فى وقت الأزمات مثل الذى نعيشه الآن، فمن السهل استهداف المجموعة بأكملها عندما يتم البحث عن حلول سهلة لمشكلات صعبة.
هناك دراسة تقول أن 75% من تعداد السكان فى العالم ليس لديهم حرية دينية، بينما أشار تقرير آخر إلى أن الأديان السماوية ستصبح أقلية، فى ضوء ذلك هل تعتقدون أن الدين يمكن أن يكون قوة موحدة، فالكثير من الفظائع ترتكب باسم الأديان؟
الدراسات الأكاديمية عن حرية الاديان تخلص جميعها إلى انه كلما زادت الحريات الدينية كلما زاد النمو الاقتصادى، وكلما زادت الحريات الدينية، كلما زاد الاستقرار، وكلما زاد رأس المال الاجتماعى (شبكة العلاقات الاجتماعية)، وكلما زاد عمل القطاع الخاص الذى يهدف لخدمة الجميع تعليما وصحيا واجتماعيا بغض النظر عن دينهم، الامر الذى يسفر فى نهاية المطاف عن مجتمع قوى قادر على التعايش، وهذا ليس معناه أن البعض لن يستغل حرية الأديان لعمل اشياء سيئة، فبعض الأوقات حرية التعبير تسمح للبعض بقول أشياء مؤلمة، ونرى أن أفضل علاج لذلك هو الخطاب الجيد، ونعرف أنه عندما يتم وضع الناس فى السجون، بسبب ما يقولونه، فانت تخنق المعارضة التى من الهام أن تكون تسمع لتختبر الخطأ الموجود فى المجتمع، ولتختبر السياسات الحكومية وهذا هام لقوة الحكومة والدولة. وبالطبع نحن نخشى أن يستخدم البعض حرية التعبير لنشر التعصب، ولكن يأتى التشدد غالبا من دول ليس لديها حرية، وهذا ما تخلص إليه الدراسات، ونؤمن أن الحرية يمكن أن تكون على المدى البعيد علاج التشدد. وأفضل طريقة لهزيمة المتشددين، هى تعاون الأديان واحترام الأقليات فى الدول المختلفة وتعزيز صوت الأخوة والالتزام بالسلام والحرية للجميع.
موضوعات متعلقة..
- واشنطن بوست: الحرية الدينية لمسلمى فرنسا تواجه ضغوطا عقب هجمات باريس
عدد الردود 0
بواسطة:
متابع
غير صحيح والراجل بيجامل بس