أكد الباحث مسعود عمشوش، أن معظم الأسس التى قامت عليها الحضارات القديمة، وكذلك المبادئ التى جاءت بها الأديان السماوية، وفى مقدمتها ديننا الإسلامى الحنيف، تؤكد ضرورة احترام الحقوق الطبيعية للإنسان وحرياته العامة التى تضمنها له مختلف الأعراف والقوانين، فمن الواضح أن مفاهيم الحقوق والحريات، التى تمّ إقرارها فى الدساتير ولوائح المنظمات الدولية فى مرحلة كانت معظم شعوب الشرق والدول النامية تخضع سياسيًا وعسكريًا لهيمنة الغرب هى فى الحقيقة صناعة غربية شارك الفرنسيون كثيرًا فى صياغتها وقولبتها وتحويرها وفق تطور معتقداتهم ومصالحهم الاقتصادية والسياسية.
وتابع "عمشوش" فى بحثه الذى سيقدمه فى المؤتمر الـ26 لاتحاد الكتاب العرب: "اليوم يتباهى الفرنسيون بالدور الكبير الذى قاموا به فى سبيل ترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان والحريات العامة أو حقوق المواطن فى العصر الحديث، ويذكرون عادة بإسهامات الفيلسوف جان جاك روسو فى هذا المجال، ويحرصون دائمًا على تضمين نصوص من كتابه (العقد الاجتماعى) فى مناهج تدريس لغتهم للأجانب، ليؤكدوا أنهم صانعو حقوق الإنسان. وإذا كان من الصعب اليوم إنكار ذلك الدور الفرنسى فى بلورة وصياغة مفاهيم حقوق الإنسان والحريات العامة، سيكون من اليسير أيضًا إبراز حقيقة أن تلك المفاهيم التى تضمنتها الدساتير والإعلانات الفرنسية قد ظلت فى كثير من الأحيان بعيدة عن التطبيق، لاسيما حينما يتعلق الأمر بحقوق العرب فى فرنسا نفسها، أو فى بعض مناطق الوطن العربى كالجزائر وبلاد الشام.
وأصاف "عمشوش" أن بحثه ينقسم لشقين، فى الشق الأول يسعى إلى محاولة تفسير الأزمة الراهنة لمفاهيم الحقوق والحريات العامة من خلال تسليط الضوء قليلاً على الظروف التى أحاطت بظهور تلك المفاهيم فى فرنسا والغرب بشكل عام، واستبعادها للإسهامات الشرقية عند التنظير لتلك المفاهيم وصياغتها وإقرارها، وكذلك استبعادها للخصوصية الحضارية والعقائدية التى تقع خارج دائرة الحضارة والمصالح الغربية.
ويضيف "مسعود": "بناء على ما نقدمه فى ذلك الشق الأول من البحث، سنحاول فى الشق الثانى منه أن نبيّن أن الجانب الأهم من الأزمة التى تمر بها الحقوق والحريات ليست دائمًا أزمة فى المفاهيم المدونة فى دساتير الدول الغربية ولوائح المنظمات الدولية، وإنما فى التحوير الدائم من قبل الغربيين لتلك المفاهيم عند الممارسة، وذلك بطرق تسمح لهم استخدامها وفق تطور مصالحهم الاقتصادية والسياسية فى العالم، إلى درجة أنهم -الغربيين- لا يترددون فى جعل تلك حقوق الإنسان وحرياته العامة وسائل لممارسة الابتزاز والضغط على كثير من الدول الصغيرة والكبيرة، فى الوقت الذى يسكتون فيه على ما يقومون به هم وما تقوم به ممثلتهم فى أرض العرب: اسرائيل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة