كيف أصبح محمد عبد الوهاب موسيقارا للأجيال؟

الأحد، 06 ديسمبر 2015 09:00 ص
كيف أصبح محمد عبد الوهاب موسيقارا للأجيال؟ موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب
كتب العباس السكرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"الموسيقى لا تعيش إلا إذا كانت لها شخصية وأسلوب مختلف يميزها" هذه القاعدة تجلت فى موسيقى محمد عبد الوهاب، الموسيقار المعجزة الذى حمل على كتفيه عبء الموسيقى العربية، وعمل على تطويرها وتجديدها مع كل مرحلة، (طقطوقة، مونولوج، أغنية، قصيدة) حتى أصبح الموسيقار الأوحد للأجيال، هنا نثمن تجارب الكبار محمد الموجى، بليغ حمدى، كمال الطويل، رياض السنباطى، محمد فوزى، منير مراد، لكن يبقى عبد الوهاب الأستاذ والرائد.

لماذا يبقى عبد الوهاب الأستاذ حتى الآن؟.. الإجابة ليست فى موسيقى الأستاذ أو فى مشاعره أو إحساسه أو "دندنته" فقط، لكن فى "دماغه" وفكره، فهو ليس شخصا عاديا بل لديه وعى وثقافة (تجمع بين الشرقى والغربى) وذكاء لا يمتلكه موسيقى، هذا الذكاء يتخطى ذكاء العندليب عبد الحليم حافظ (المتأمل لمراحل عبد الوهاب العمرية المختلفة يدرك ذلك.. كيف غنى وهو صبي ومراهق وشاب وفجأة امتنع عن الغناء ربع قرن ثم عاد برائعة من غير ليه).. أيضا السر يكمن فى مشوار هذا الموسيقار الذى بدأه فى الخفاء بالغناء لسلامة حجازى وصالح عبد الحى فى الموالد والأفراح تحت اسم مستعار "محمد البغدادى"، وما لبث حتى بقى ملء السمع والبصر.

ربما يكون عبد الوهاب "محظوظا" إذ تبناه أمير الشعراء أحمد شوقى وعلمه أسلوب الكلام و"اتكيت" الطبقات الإرستقراطية، وقدمه للأدباء عباس العقاد، طه حسين، والمازنى، وللساسة سعد زغلول والنقراشى وغيرهم، بل أطلعه على الثقافات الغربية، وعن هذا ذكر عبد الوهاب فى أحد حواراته التليفزيونية :«ترعرعت فى مدرسة أمير الشعراء أحمد شوقى، وتعلمت منه الشجاعة الفنية، وسافرت معه للمرة الأولى خارج البلاد، لأطلع على الموسيقى الغربية»، وأصبح عبد الوهاب امتدادا لأساتذته أحمد شوقى وسيد درويش، ولم يضاهيه نجم فى الموسيقى.

عاش عبد الوهاب حياته نجما فى الغناء والموسيقى، لكن مع تقدم العمر وظهور جيل جديد فى الكلمة واللحن والأغنية (مرسى جميل عزيز، مأمون الشناوى، فتحى قورة، الموجى، بليغ، الطويل، عبد الحليم، محرم فؤاد، نجاة، وردة)، طور "موسيقاه" لتواكب الجيل الجديد، وتوقف عن الغناء وفضّل أن يركز فى التلحين فقط واحتضن عبد الحليم طول الفترة الأولى وقدم له تجارب مميزة (أهواك، توبة، أنا لك علطول، قولى حاجة، عقبالك يوم ميلادك، فوق الشوك مشانى زمانى)، واستمر معه حتى أيامه الأخيرة (فاتت جنبنا، نبتدى منين الحكاية)، ولم يمهل القدر عبد الحليم غناء آخر ألحان الأستاذ "من غير ليه"، وتأثر العندليب بالأستاذ وكذلك هو، حيث يقول عبد الوهاب :"حليم كان يمثل شيئا كبيرا لدي وهو قطعة منى.. كان مهتما بى جدا، وكانت لديه رغبة فى أن يشاهد ما أفعله ليفعل مثله، وهو ما قرّبنى إليه أكثر"، كذلك صنع ألحان أغلب نجوم الجيل لنجاة (مرسال الهوى، ع اليادى، القريب منك بعيد، كل تانى) لوردة (لولا الملامة، فى يوم وليلة، بعمرى كله حبيت)، لفايزة (حمال الأسية، تهجرنى بحكاية، ست الحبايب) وغيرها العشرات.

نجوم هذه الفترة تحديدا من الموسيقيين _رغم إبداعهم_ كانوا أكثر تأثيرا بعبد الوهاب دون غيره، فعندما يصنع الموجى لحنا كان يأخذ رأى الأستاذ، ولا يفرح إلا إذا نال إعجابه (أصر الموجى على أن يحضر عبد الوهاب غناء محرم "الحلوة داير شباكها" لأخذ رأيه فى اللحن).

بعد عبد الوهاب ظهرت أجيال كثيرة، بل أن بعضهم أحدث طفرة فى عالم الموسيقى أشهرهم حميد الشاعرى، لكن لم يستمر منهم أحد، بل لم يعد يتذكر الجمهور من رائحتهم شىء، ولم يستطيعوا اقتحام الخلود من مثل موسيقار الأجيال؟.. وأكثر الظن أن عبد الوهاب سيظل موسيقار الأجيال حيا وميتا.



اليوم السابع -12 -2015









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة