الباحث الألمانى المسلم وأستاذ العلوم التربوية هارى هارون بير، واحدا من هؤلاء، وفى حواره مع جريدة "فرانكفورتر ألجماينة" واسعة الانتشار، دعا إلى التفرقة بين مفهومى "السلفية" التى يتخذها بعض المسلمين سبيلاً لفهم دينهم، وبين "السلفية السياسية" التى تتم فيها "أدلجة" الدين، داعيًا إلى "الانفتاح" فى علوم الفقه والدين، قائلا: "القرآن لا يحدد قواعد بقدر ما يحدد اتجاهات".
وأعلن بير فى حواره مع "فرانكفورتر الجماينة" أنه يعمل مع بكيم أغاى مدير معهد الدراسات الإسلامية فى ألمانيا على تنفيذ مشروع يهدف للوقاية من التطرف فى ألمانيا، ويبدأ المشروع بحسب بير فى مارس المقبل، وسيتم تمويله لمدة خمسة أعوام من قبل الوزارة الاتحادية الألمانية لشئون الأسرة، بدعم يبلغ 800 ألف يورو.
وبسؤاله عما إذا كان تشريع العنف فى الإسلام أسهل من تشريعه فى الديانات الأخرى، بالإشارة إلى أن هناك بعض الآيات فى القرآن الكريم التى يمكن تفسيرها باعتبارها دعوة إلى العنف، يقول بير: "لا، بل على العكس من ذلك، فهو أصعب"، موضحا: "لابد من وضع الآيات فى سياقها التاريخى الذى نزلت فيه".
ويضيف الباحث الألمانى: "الكثير من المسلمين يعتقدون أن الفقه الإسلامى هو تفسير الوضع الراهن عبر التقاليد، من خلال القرآن والسنة، ولكننى أرى أن الفقه يخدم أيضا فى النظر إلى التقاليد من منظور الوضع الراهن وإعادة صياغتها، والقرآن لا يحدد لنا أحكامًا وقواعد بقدر ما يحدد لنا من اتجاهات، ولذلك لا بد من الاستمرار فى قراءة القرآن".
ويلفت الباحث الألمانى إلى أن "الكثير من المسلمين الشباب بألمانيا لديهم "حاجة جنونية" إلى اتباع رأى دينى تعليمى بدلاً من تكوين آرائهم الخاصة، ولكنى لا أرى أن نقل الإيمان للطلاب هو المطلوب، بل المطلوب هو تأهيلهم للإيمان".
ويرى بير أن حدة الصراع على حق المرجعية فى تفسير القرآن ازدادت فى الفترة الأخيرة، وأن خير دليل على ذلك هو تكرار الهجمات ضد الكتب الإسلامية التى تقدم فى المدارس الألمانية مثل الهجمة على كتاب "سفير"، أو ضد أساتذة الجامعات المسلمين الذين يجرؤون على التفكير بشكل مختلف.
ولفت الباحث الألمانى إلى أننا "نريد بمساعدة جمعيات المساجد أن نكسب وندرب المسلمين الشباب، الذين سيذهبون بدورهم بعد ذلك إلى أوساط الشباب، ومهمتى تتمثل فى الإشراف العلمى على هذا المشروع، من أجل تطوير مناهج تربوية".
ورأى بير أنه لتجنب أن يتجه شباب المسلمين إلى التطرف، لا بد أن تتم مخاطبتهم بخطاب دينى بالمعنى الحقيقى، وليس بمفردات تبدو "مشحونة" دينيا، كى لا يتم فيما بعد التعامل مع الإسلام باعتباره "مشكلة" بل يصبح جزءًا من الحل.
وبسؤاله عن أزمة صحيفة شارلى أبدو الأخيرة والرسومات المسيئة للنبى محمد، قال بير: "نشأت مع الرسم الكاريكاتورى والمسرح والسينما، ولا أعرف كيف يمكن للمرء إهانة النبى محمد، وهل يمكن للمرء إهانة الله، وأعتقد أن هذا الادعاء يعتبر فى حد ذاته إهانة، ولكننى أستطيع أيضًا أن أفهم لماذا يشعر المسلمون بإهانة عميقة".
وأوضح بير أنه "لابد علينا أن نتقبل السخرية باعتبارها إحدى سبل التعبير عن الرأى، ولكن يدخل ضمن إطار النظر إلى الحق الأساسى فى حرية المعتقد الدينى، كى نقلل من صراعاتنا".
موضوعات متعلقة..
اتحاد الكتاب يعلن بدء استقبال طلبات الترشيح لانتخابات التجديد النصفى