آلاف التعليقات تبرر وأخرى تستنكر، ولكن ما لم ننتبه له هو أبعاد الحادثة، وما تكشفه لنا من تغيرات فى سلوك الشخصية المصرية.
الدكتور جمال فرويز أستاذ الأمراض النفسية والعصبية يوضح أن ما كشفته تلك الجريمة المصورة أعمق بكثير من "تصفية حسابات شخصية" بين بعض الشباب، ولا تنحصر أركانها فى الضحية والقاتل، فكل من شارك بها يعانى اضطرابًا نفسيًا من نوع خاص، بداية بصاحب الكلب وقاتليه وصولاً إلى مصور الفيديو والمشاهدين أيضًا.
صاحب الكلب شخصية خانعة
فى عام 1994 حصل المصور الجنوب أفريقى كيفن كارتر، على جائز "بولتزر" -ارفع الجوائز فى التصوير- عن صورة التقطها فى السودان لطفلة صغيرة تزحف للحصول على طعامها من مركز توزيع الطعام، فيما يسير بجوارها نسر ينتظر موتها.
وأثناء تسلمه للجائزة وجه له أحد الحاضرين سؤالاً عن عدم مساعدته للطفلة والبقاء بجوارها عشرين دقيقة منتظرًا التقاط صورة، لم يستطع كارتر الإجابة ولكنه انتحر فيما بعد تأثرًا بتلك الواقعة.
من هنا يبدأ فرويز حديثه عن تحليل شخصية صاحب الكلب المقتول، ويؤكد أنه من الشخصيات الخانعة، فالإنسان الطبيعى عندما تربطه صلة بحيوانه الأليف تنشأ بينهما علاقة أقرب لتلك التى تتكون بين البشر، ولذا فالعلاقة بين الكلب وصاحبه لا يمكن النظر إليها من زاوية ضيقة كون ما تم قتله حيوانًا، غير ذى قيمة ولذا فسلوك صاحب الحيوان ينم على شخصية خائنة عديمة الوفاء.
القتلة شخصيات سيكوباتيه تميل للعنف وغالبا هم مدمنون
"الشخص القادر على قتل حيوان بتلك الوحشية فى الاصل هو إنسان سيكوباتى، يميل فى أعماقه لممارسة العنف، كما أن لديه أسلوب نمطى فى ممارسه تعذيب الآخرين، كالضرب بالأدوات الحادة، وهو بالطبع لديه قصور شديد فى الجانب العاطفى والانسانى الطبيعى الذى فطر عليه البشر، وإذا ما أتيحت له الفرصة لن يتوانى عن القيام بنفس الفعل تجاه إنسان آخر".
هذا ما أوضحه فيرويز فى تحليله لقتلة الكلب، مؤكدًا أنه فى أغلب الأحوال هؤلاء القتلة مدمنون لأنواع معينة من الأقراص المخدرة كالترامادول، أو "الابى تريل" وهو ما يعمل على زيادة النزعات العنيفة لدى السيكوباتيين، ويدفعهم للتلذذ بلحظات تعذيب الآخر وإشباع رغباتهم المريضة.
مصورو الحادث مهوسون وفى طريقهم للسيكوباتية
أما عمن قاموا بمشاهدة الحدث وتصويره، فهم فى منظور الطب النفسى أشخاص مهوسون، والهوس فى تلك الحالة هو نوع مرتبط بتغيرات العصر، ودخول شبكات التواصل الاجتماعى، ما نشأ عنه نوعًا جديدًا من الهوس بتلك المواقع وتحقيق شهرة ومشاهدة عالية عليها، وهو ما انتشر للأسف بصورة مرعبة فى السنوات الأخيرة بالمجتمع المصرى، فكل ما يهم هؤلاء هو التقاط الصورة دون محاولة منهم للتدخل ومنع الجريمة من الوقوع.
ولعل تلك الحادثة تحديدًا قد كشفت مدى انحدار سلوك المصريين والذى طالما تميز بالحمية والدفاع عن الآخرين، ولكن مؤخرًا تحولت تلك الشخصية إلى حالة من اليأس والتخاذل واللامبالاة، فى إشارة واضحة إلى تحولها للسيكوباتية، وهو ما تعرف علميًا باسم "شخصية سيكوباتية على المحك" .
المشاهدون شخصيات هستيرية ضعيفة ترغب فى تفريغ طاقتها العنيفة
الشخصيات السوية لا تميل لمشاهدة العنف، ولا تسعى له كما لا تقدر على متابعة المشاهد الدموية لأكثر من دقيقة إذا ما اضطرت لذلك، هذا ما أوضحه فرويز فى تحليله لنسب المشاهدة العالية، التى حصل
عليها فيديو قتل الكلب مقسمًا المشاهدين لشريحتين هما :
- شخصيات ترغب فى تفريغ طاقتها العنيفة، ولكنها تسيطر عليها وتتحكم بها بشكل كامل، كما تتعامل معها بمعزل عن واقعها أى أنها لا تقدر على الإتيان بأفعال القتل أو العنف فى الواقع.
- شخصيات هستيرية عنيفة، وهى التى تميل أكثر إلى تكرار مشاهدة تلك الفيديوهات، وترغب دائمًا بتقليدها ولكنها تتميز بالضعف والخوف الشديد، وإذا ما أتيحت لهؤلاء الفرصة لن يتوانوا عن القيام بذات الأفعال.
عدد الردود 0
بواسطة:
رانيا
اطمنت على نفسى
عدد الردود 0
بواسطة:
عابر سبيل
غل غل غل