مصر وروسيا.. علاقات راسخة ومواقف داعمة من موسكو للقاهرة باعتبارها مركز صناعة القرار بالشرق الأوسط.. البلدان يحرصان على تبادل الدعم السياسى على المستوى الإقليمى والدولى.. وتعزيز التعاون العسكرى الأمنى

السبت، 07 فبراير 2015 08:12 م
مصر وروسيا.. علاقات راسخة ومواقف داعمة من موسكو للقاهرة باعتبارها مركز صناعة القرار بالشرق الأوسط.. البلدان يحرصان على تبادل الدعم السياسى على المستوى الإقليمى والدولى.. وتعزيز التعاون العسكرى الأمنى الرئيسان عبد الفتاح السيسى وفلاديمير بوتين
(أ.ش.أ)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تكتسب زيارة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين المقررة بعد غد الاثنين إلى القاهرة أهمية خاصة بالنسبة لمصر والمصريين بشكل عام بما فى ذلك رجل الشارع، حيث انتشرت صور الرئيسين عبد الفتاح السيسى وفلاديمير بوتين فى عدد من شوارع وجسور القاهرة الرئيسية.

العلاقات المصرية الروسية راسخة منذ القدم وتنظر روسيا لمصر على اعتبارها مركز صناعة القرار فى الشرق الأوسط والبقعة الجيوستراتيجية الأساسية فى المنطقة، رافضة كافة مساعى نقل مركز الثقل التقليدى للمنطقة إلى الأطراف الأخرى، وهى تؤكد هذه النظرة فى كل المناسبات.

الروابط بين القاهرة وموسكو عكسها موقف روسيا المؤيد لثورة 30 يونيو وما تلاها من تطورات بما فى ذلك كافة محطات خارطة الطريق، كما أكد الرئيس "بوتين" فى مناسبات عديدة احترامه الشديد للرئيس عبد الفتاح السيسى ودوره التاريخى فى مصر.

ويرى المحرر الدبلوماسى لوكالة أنباء الشرق الأوسط أنه ومن هذا المنطلق فإن روسيا تؤيد عودة مصر بقوة إلى الساحة الإقليمية والدولية، وتدعم مشاركتها فى كافة المبادرات الإقليمية، وتقاوم أية محاولة لتهميش الدور المصرى، وهو ما برز جلياً فى الأزمة السورية وأزمة غزة والذى وصل للمطالبة بضم مصر للرباعية الدولية لتفعيل دور الأخيرة.

ووصفت وزارة الخارجية العلاقات السياسية بين البلدين بأنها شهدت طفرة عقب ثورة الثلاثين من يونيو تمثلت فى زيارة وزيرى الخارجية والدفاع الروسيين إلى مصر يوم 14 نوفمبر 2013، وزيارة وزيرى الخارجية والدفاع المصريين إلى روسيا يومى 12 و13 فبراير 2014، حيث تم عقد المباحثات السياسية بصيغة "2+2"، بما يجعل مصر هى الدولة العربية الوحيدة التى تبنت موسكو معها هذه الصيغة التى تتبناها روسيا مع خمس دول أخرى هى الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان، بما يدلل على إقرار روسيا بالأهمية الإستراتيجية التى تحظى بها مصر فى سياستها الخارجية.

يضاف إلى ما سبق الاتصال التليفونى الذى أجراه الرئيس "بوتين" بالمستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية السابق، عقب مباحثات القاهرة واستقباله للمشير عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع آنذاك، خلال مباحثات "2+2" فى موسكو، بما حمل مغزى سياسى هام وهو حرص روسيا وعلى أعلى مستوى على دعمها العلنى للمرحلة الانتقالية وتنفيذ خارطة المستقبل، وحرصها كذلك على إعلان تأييدها للرئيس فى خوض الاستحقاق الرئاسى مع تمنى الرئيس "بوتين" التوفيق له وللشعب المصرى فى الانتخابات الرئاسية.

وقد أجرى الرئيس "بوتين" اتصالاً بالرئيس عبد الفتاح السيسى لتهنئته عقب إعلان النتائج المبدئية للانتخابات الرئاسية، وأوفد رئيس البرلمان الروسى (مجلس "الدوما") لحضور مراسم التنصيب حاملاً الدعوة لرئيس الجمهورية لزيارة روسيا، كما تضمنت تهنئته لرئيس الجمهورية بمناسبة ذكرى ثورة يوليو تأكيداً على التطلع لزيارته لروسيا.

العلاقات السياسية بين البلدين عززتها أيضا زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى "سوتشى" فى 12 أغسطس 2014 من العلاقة الإستراتيجية بين البلدين، حيث عكست حرص البلدين على تبادل الدعم السياسى على المستوى الإقليمى والدولى فى ظل ما يواجهه الطرفان من تحديات خارجية وداخلية تستهدف النيل من الاستقرار السياسى وتهديد الأمن القومى لكليهما وتشاركهما فى رؤيه موحده فى مواجهة الارهاب، وتحقيق مصلحة مشتركة فى دعم النمو الاقتصادى فى البلدين والفرص الاقتصادية التكاملية المتوافرة فى العلاقة بين البلدين، والتى من شأنها خدمة الأمن القومى بتعزيز قوة الدولة من خلال تقوية وضعها الاقتصادى وقوة مصالحها الاقتصادية مع الأطراف الخارجية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون العسكرى الأمنى فى ضوء اتفاق رؤى الطرفين حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية واشتراكهما فى مواجهة تحديات مشتركة، وفى ضوء سعى مصر إلى تحقيق التوازن فى علاقاتها الخارجية.

وأولت روسيا الزيارة اهتماماً خاصاً تجلى فى استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسى فى "سوتشى" بمظاهر مراسمية ذات دلالة على المكانة الإستراتيجية للعلاقات التى تعقدها مع مصر.

وقد تناولت القمة التى جمعت الرئيسين المصرى والروسى الأوضاع الإقليمية والدولية، والتأكيد على دعم روسيا لمصر فى حربها ضد الإرهاب، وعلى توافق الآراء المصرية الروسية فى القضايا الإقليمية، وعلى تعزيز التعاون العسكرى بين الطرفين، كما تناولت تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.

وتم الاتفاق على زيادة روسيا لحجم صادراتها من الحبوب إلى مصر بأكثر من 60% وأن ترفع مصر حجم صادراتها الزراعية إلى روسيا بنسبة 30%، بينما تم تناول العلاقات الاقتصادية والتجارية حيث تم الاتفاق على إقامة المنطقة الصناعية الروسية فى مصر فى محور تطوير قناة السويس ودفع جهود إقامة منطقة تجارة حرة بين مصر والاتحاد الأوراسى، والتأكيد على أهمية السياحة الروسية إلى مصر وعمل البلدين على تشجيعها.

وعكست المباحثات السياسية بين البلدين وجود تقاطع واضح بين أولويات الأمن القومى المصرى وبين اهتمامات ومصالح الجانب الروسى فى المنطقة، بما أسهم فى إيجاد مساحة كبيرة مشتركة تلاقت فيها الرؤى حيال عدد من الملفات الإقليمية والدولية كالأزمة السورية وضرورة التوصل إلى حل سياسى لها، ومكافحة الإرهاب وارتباط الظاهرة باستمرار بؤر التوتر بالشرق الأوسط، وخطر تحول تلك البؤر إلى مصدر للإرهاب العابر للحدود، والقضية الفلسطينية وضرورة التوصل لتسوية شاملة وعادلة لها، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من كافة أسلحة الدمار الشامل.

ولا تقتصر العلاقات بين الجانبين فقط على الشق السياسى ولكن تمتد لتشمل الجانب الاقتصادى حيث وصل حجم التبادل التجارى خلال عام 2013 إلى قرابة ثلاثة مليار دولار، مثلت الصادرات المصرية منها 441 مليون دولار فقط والواردات 2.503 مليار دولار، وشهدت الصادرات المصرية إلى روسيا خلال عام 2013 ارتفاعاً بلغت نسبته نحو 29% مقارنة بعام 2012 بسبب الارتفاع فى تصدير الفواكه والخضروات.

وتمثل المنتجات الزراعية نحو 70% من حجم التجارة بين مصر وروسيا، حيث تمثل الموالح والبطاطس نحو 75% من هيكل الصادرات المصرية إلى روسيا، فى حين تمثل الحبوب (ولاسيما القمح) والأخشاب نحو 65% من هيكل الواردات المصرية من روسيا. وقد بلغت الصادرات المصرية لروسيا من البطاطس خلال الموسم الماضى قرابة 330 ألف طن، وهو ما تقدره سلطات الحجر الزراعى بقرابة المليار جنيه.

وتؤكد وزارة الخارجية أن عدد المشروعات التى تم إنشاؤها باستثمارات روسية فى مصر يبلغ 363 مشروعاً بإجمالى رأسمال مستثمر يقدر بحوالى 148.74 مليون دولار، وتركزت أغلب هذه المشروعات على قطاع السياحة والخدمات (143 مشروعاً)، تلاها قطاع الإنشاءات (38 مشروعاً)، فقطاع الصناعة (27 مشروعاً) ثم قطاع الزراعة (13 مشروعاً) وأخيراً قطاع الاتصالات (5 مشروعات) والقطاع التمويلى (3 مشروعات)، فى حين تبلغ الاستثمارات المصرية فى روسيا 450 مليون دولار أغلبها استثمارات فى مجال صناعة الطائرات وبعض الاستثمارات العقارية.

ويذكر المحرر الدبلوماسى أن الدورة التاسعة لأعمال اللجنة المصرية الروسية المشتركة للتعاون التجارى والاقتصادى والعلمى والفنى كانت قد تناولت مجمل العلاقات الاقتصادية والفنية بين البلدين، وقد انعقدت على مستوى الوزراء فى موسكو فى 26 مارس 2014، وترأس الجانب المصرى منير فخرى عبد النور، وزير الصناعة والتجارة والاستثمار، بينما ترأس الجانب الروسى "نيكولاى فيودروف"، وزير الزراعة.

وتضمن البروتوكول الختامى الاتفاق على عدد من الموضوعات أهمها استئناف المفاوضات حول اتفاق التجارة الحرة مع دول الاتحاد الجمركى الأورواسيوى (روسيا، بيلاروس، كازاخستان، أرمينيا) وهى منطقة اقتصادية واعدة، إقامة منطقة صناعية فى مصر متخصصة فى إنتاج الآلات والمعدات الزراعية، وقد قام الجانب المصرى بتحديد مكان إقامة المنطقة الصناعية الروسية فى مصر فى منطقة شمال عتاقة، مساهمة روسيا فى تطوير وتحديث المصانع المنشأة إبان فترة الإتحاد السوفيتى مثل مصنع الحديد والصلب بحلوان وشركة النصر للسيارات ومجمع الألومنيوم بنجع حمادى، والتواصل مستمر بين الدولتين فى مجال انتاج الطاقة من المصادر المختلفة، وتسهيل مشاركة شركات البترول الروسية فى عمليات الاستكشاف والتنقيب عن البترول والغاز فى مصر، وترحيب الجانب الروسى ببحث إمكانية توريد الغاز المسال إلى مصر من خلال شركة "جازبروم".

كما عقد الاجتماع الأول لمجلس الأعمال المصرى الروسى بموسكو فى فبراير 2008 بمشاركة أكثر من 47 من رؤساء الشركات المصرية والروسية أعضاء المجلس (يتشكل من 56 عضواً نصفهم من الجانب الروسى والنصف الآخر من الجانب المصرى).

وأكد الجانب الروسى فى المجلس مؤخراً اهتمام رجال الأعمال الروس بالاستثمار فى مجالات تصدير واستيراد الأدوية والحبوب والمواد الغذائية، كما أعرب عن اهتمامهم بمشروع المركز اللوجستى لتخزين الحبوب والغلال فى دمياط وتطلعها لتنفيذه، كما أعرب عن اهتمام العديد من الجهات الروسية بخطة الحكومة المصرية لتوليد الكهرباء من الفحم وأن عددا من المصدرين الروس يتطلعون إلى توجيه صادراتهم من الفحم لمصر حال بدء العمل بذلك، كما أن جهات أخرى على استعداد للتعاون مع مصر فى تقنيات توليد الكهرباء من الفحم والطاقة الشمسية.

وتكتسب العلاقات السياحية بين البلدين أهمية كبيرة فى ضوء الأعداد الكبيرة للسياح الروس الذين يزورون مصر سنويا، حيث جاءت روسيا فى المرتبة الأولى بالنسبة للسياحة إلى مصر على مدى الأعوام الخمسة الماضية، وتشير آخر الإحصائيات إلى أن حجم السياحة الروسية لمصر خلال عام 2013 قد بلغ 2.4 مليون سائح ومن ثم تهتم مصر بالتعاون مع روسيا فى مجال السياحة فى ضوء كون السياحة الروسية تمثل ما يقرب من 20% من مجموع السياحة الوافدة إلى مصر، وتعمل على تخطى الأزمة التى يشهدها هذا القطاع على خلفية انخفاض سعر الروبل وإلغاء السائحين الروس خلال الموسم الشتوى الحالى لحجوزاتهم فى منتجعات جنوب سيناء، وهو ما يعود له التراجع فى عدد السياح الروس فى عام 2014.

وهناك تعاون كبير بين وزارة الأوقاف المصرية وعددٍ من المؤسسات الدينية الهامة فى روسيا، على رأسها مجلس شورى الافتاء فى روسيا الاتحادية ومقره موسكو والإدارة المركزية لمسلمى روسيا ومقرها مدينة "كازان" عاصمة إقليم "تتارستان"، ويقوم عدد من موفدى الوزارة بالتدريس بالمعاهد الدينية بروسيا.

وتوفد وزارة الأوقاف مبعوثاً أو أكثر إلى روسيا لإحياء شعائر شهر رمضان المعظم، ويحرص الجانبان المصرى والروسى على المشاركة بالتبادل فى مسابقات القرآن الكريم التى تنظم لدى كلا الطرفين.

وأجرى قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية زيارة إلى روسيا خلال الفترة من 28 أكتوبر حتى 4 نوفمبر 2014 لزيارة الكنيسة الروسية، وحظيت الزيارة بنجاح كبير فى ضوء دورها فى تعزيز العلاقات بين الكنيستين القبطية والأرثوذكسية الشرقية، كما حظيت بترحيب كبير على المستويين الرسمى والشعبى الروسى.

والتقى قداسة البابا خلال الزيارة بوزير الخارجية الروسى "لافروف" الذى أكد على العلاقات التاريخية بين الكنيستين وأعرب عن تقديره لدور قداسة البابا والكنيسة فى الحفاظ على مصر والشرق الأوسط، واتفقت الرؤى المصرية والروسية بشأن ضرورة الحفاظ على مسيحيى الشرق.


موضوعات متعلقة..

القاهرة تنتظر زيارة بوتين.. الزيارة نقطة فارقة فى تاريخ علاقات الصداقة.. وانطلاقة جديدة فى العلاقات المصرية الروسية.. تأتى فى وقت تسعى فيه مصر للحصول على الدعم فى حربها ضد الإرهاب











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة