الفتوى بعد ورود سؤال حول حكم ضرب التلاميذ.
وأكدت الدار أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم هو المعلم الأول، ولم يرد عنه أنه ضرب طفلاً قط، وهو الأسوة والقدوة الحسنة الذى يجب على المعلمين أن يقتدوا بسيرته الكريمة العطرة فى التربية والتوجيه، كما قال تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا"، فعن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت: «مَا ضَرَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأةً ولا خادمًا، إلا أن يجاهد فى سبيل الله، وما نِيلَ منه شىءٌ قطّ فينتقم من صاحبه، إلاّ أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم».
وقالت الفتوى "يُحمَل الضرب الذى ورد ذكره فى بعض الأحاديث النبوية الشريفة؛ كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين»، فهو فى الحقيقة نوع من التربية والترويض والتأديب النفسى الذى يُقصَد به إظهارُ العتاب واللوم وعدم الرضا عن الفعل، وليس ذلك إقرارًا للجلد أو العقاب البدنى؛ بل إن وُجِدَ فهو من جنس الضرب بالسواك الذى لا يُقصَد به حقيقة الضرب بقدر ما يُراد منه إظهار العتاب واللوم".
الضرب وسيلة للتربية
وأضافت الدار، أنه إذا صلح الضرب وسيلة للتربية بهذه الشروط والقيود فى بعض البيئات فإن ذلك لا يعنى صلاحيته لكل البيئات والعصور، بل ولا لكل الأحوال أو الأشخاص، مضيفا أن حقيقة الضرب قد خرجت الآن عن هذه المعانى التربوية وأصبحت فى أغلب صورها وسيلة للعقاب البدنى المبرح، بل والانتقام أحيانًا، وهذا مُحَرَّمٌ بلا خلاف.
وتابعت دار الافتاء، أنه مع أن بعض المختصين يرون أن هذا النوع من الضرب الخفيف قد يكون وسيلة ناجحة للإصلاح التربوى، إن تمت مراعاة عمر الطفل المتعلم وموقفه وحالته النفسية، واستبعاد من لا يناسبهم "الضرب" كوسيلة للتربية، إلاّ أن ذلك لا يمكن ضبطه ولا السيطرة عليه، وليس له معيار حسى يمكن من خلاله معرفة المخطئ فيه من المصيب.
وأشارت إلى أنه قد يتخذه بعض المدرسين تُكَأَةً للضرب المبرح، أو للتنفيس عن غضبهم لا بغرض التربية، فيحدث ما لا تُحمَد عقباه من إصابة الطالب أو حتى وفاته، ومن نشر الروح العدوانية بين المدرسين والطلاّب وأهليهم، ولذلك فإنا نرى أنه يُمنَعُ سدًّا للذريعة.
المصطلح الفقهى والشرعى
وقالت الفتوى: "هذا عن التلاميذ الذين لم يصلوا إلى سن البلوغ - والذين يصدق عليهم وصف الطفولة فى المصطلح الفقهى والشرعى - وهم تلاميذ المراحل الأولية والابتدائية وغالب تلاميذ المرحلة الإعدادية وقليل من تلاميذ المرحلة الثانوية، أما عن تلاميذ المرحلة الثانوية فالتعامل معهم يكون من منطلق أنهم مكلَّفون بالغون، والبالغ لا يُضرَبُ إلاَّ فى الحد أو التعزير كما سبق فى كلام الحافظ ابن حجر وغيره، والتعزير له مواضعه المعروفة فى الفقه الإسلامى، وهو أيضًا من سلطة ولى الأمر ولا يكون إلا بإذنه".
وأوضحت أنه إذا رأى ولى الأمر منع الضرب فى المدارس بمراحلها المختلفة بل وتوقيع العقوبة على ممارسه؛ فله ذلك شرعًا؛ لأن الشارع أجاز للحاكم تقييد المباح للمصلحة، هذا إذا كان مباحًا صرفًا فكيف وقد نتج عنه من الضرر ما لا يخفى، وصار بحيث لا يتميز حلالُه من حرامه، وحينئذ فلا يجوز اللجوء إليه، وفاعله آثم شرعًا.
وكانت مصر قد شهدت العديد من الحوادث جراء ضرب المدرسين للتلاميذ، ما يؤدى إلى إصابتهم بل وصل الأمر فى حالات عديدة للوفاة.
موضوعات متعلقة:
- إحالة المدرس المتهم بالتسبب فى وفاة تلميذ السيدة زينب للجنايات..واستمرار توقف الدراسة فى المدرسة..
- ولى أمر يتهم مدرسا بكسر ذراع نجله داخل مدرسة بالإسكندرية
- ربة منزل تتهم "مدرس" بضرب نجلها بـ"خرطوم" داخل مدرسة فى شبرا الخيمة
- نيابة منيا القمح تحقق مع مدرس متهم بالتعدى على طالب بالضرب المبرح