أكرم القصاص ويوسف أيوب - تصوير عصام الشامى
أدى خروج الرئيس عبد الفتاح السيسى، عن نص الكلمة المكتوبة، فى حفل توقيع اتفاقية إعلان المبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة، إلى كسر الأجواء الرسمية للحفل، حيث استقبلها الحضور بتصفيق شديد، خاصة حينما قال السيسى إنه انتهى من كلمته المكتوبة وأنه يريد توجيه كلمة لشعوب مصر وإثيوبيا والسودان.
ما قاله السيسى فى كلمته المرتجلة حول أهمية وجود ثقة متبادلة بين مصر وإثيوبيا أفضل من التوقيع على وثائق كانت محل نقاش بين الحضور، ممن أكدوا أهمية ما قاله السيسى بأن الفترة القادمة تحتاج إخلاص نوايا أكثر من الوثائق أو الاتفاقيات المكتوبة.
آلية تشغيل سد النهضة
ومن جهة أخرى، قالت مصادر بالوفد المصرى إنه بعد توقيع الاتفاقية فإن مسار التفاوض الفنى حول السد سيستمر خاصة لمناقشة الملاحظات المصرية الخاصة بفترة ملء بحيرة السد، وآلية تشغيل سد النهضة، مشيرا إلى أن الوثيقة منحت المفاوضات الضوء السياسى، والتركيز حاليا سيكون حول الشق الفنى.
السيسى والبشير ودسالين
وأشارت المصادر إلى أنه حال التوصل إلى توافق فنى حول الملاحظات المصرية فإنه من المتوقع أن تنشئ مصر والسودان وإثيوبيا آلية تعاون جديدة بينهم خاصة بملف مياه النيل، لافتة إلى أن هذه الآلية ستكون هى مسئولة عن إدارة هذا الملف.
مناقشات مستمرة بين القاهرة والخرطوم
وشهدت الساعات السابقة للتوقيع اتصالات ومناقشات مستمرة بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا حول ما أبدته مصر من ملاحظات حول فترة تخزين بحيرة السد بـ74 مليار متر مكعب، وقد وصل إلى الخرطوم مساء الأحد سامح شكرى وزير الخارجية حيث شارك فى هذه الاتصالات، وفى النهاية تم الاتفاق على أن الاتفاقية التى تم التوقيع عليها من القادة الثلاثة هى وثيقة مبادئ لتوفير الأجواء السياسية الملائمة لاستمرار المفاوضات الفنية، وهو ما أكده السيسى فى كلمته، مع التأكيد على أن هذا أمر يحتاج لاتفاقية تفصيلية تشرح البنود العامة الواردة فى اتفاقية إعلان المبادئ.
السيسى لحظة التوقيع
وكان الحفل قد بدأ بتلاوة آيات قرآنية تدعو فى مجملها إلى التعاون بين الشعوب، وأهمية المياه لحياة البشر، وتلى ذلك عرض لفيلم تسجيلى قصير عن نهر النيل، وبعدها ألقى رئيس وزراء إثيوبيا كلمته ثم الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس السودانى عمر البشير، وبعد ذلك اختم الحفل بتوقيع القادة الثلاثة على الاتفاق.
السيسى ودسالين
وقد وصل السيسى إلى الخرطوم فى الحادية عشر والربع صباح الاثنين بتوقيت الخرطوم، والعاشرة والربع بتوقيت القاهرة، وكان فى استقباله البشير، وبعد عزف السلام الجمهورى لمصر والسودان اصطف سفراء الدول العربية والأجنبية المعتمدين لدى الخرطوم للسلام على السيسى، وبعدها عقد الرئيسان جلسة مباحثات مغلقة فى الصالة الرئاسية بمطار الخرطوم امتدت لنحو 15 دقيقة، قبل أن يستقل الرئيسان سيارة واحدة وينطلقان إلى القصر الجمهورى، ويعقدان جلسة ثلاثية بحضور رئيس وزراء إثيوبيا.
فايزة أبو النجا مستشارة الرئيس للأمن القومى
وتحظى الاتفاقية بأهمية كبيرة خاصة لدى مصر، فمن خلال المقارنة الدقيقة بين وضع مصر قبل التوقيع على إعلان المبادئ وبعده، تٌشير مصادر مطلعة إلى أن إعلان المبادئ قد جاء فى توقيت هام لإزالة حالة القلق والتوتر التى خيمت على العلاقات المصرية الإثيوبية نتيجة الخلافات حول موضوع سد النهضة، وذلك من خلال توفير أرضية صلبة لالتزامات وتعهدات تضمن التوصل إلى اتفاق كامل بين مصر وإثيوبيا والسودان حول أسلوب وقواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوى بعد انتهاء الدراسات المشتركة الجارى إعدادها.
10 مبادئ أساسية تحفظ حقوق مصر المائية
ووفقا لمصادر مطلعة فإن الاتفاق يتضمن عشرة مبادئ أساسية تحفظ فى مجملها الحقوق والمصالح المائية المصرية، وتتسق مع القواعد العامة فى مبادئ القانون الدولى الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية.
وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاق قد تناول تلك المبادئ من منظور علاقتها بسد النهضة وتأثيراته المحتملة على دولتى المصب، وليس من منظور تنظيم استخدامات مياه النيل التى تتناولها اتفاقيات دولية أخرى قائمة ولم يتم المساس بها، حيث لم يتعرض الاتفاق من قريب أو بعيد لتلك الاتفاقيات أو لاستخدامات مياه نهر النيل، حيث إنه يقتصر فقط على قواعد ملء وتشغيل السد.
وتشمل تلك المبادئ: مبدأ التعاون، التنمية والتكامل الاقتصادى، التعهد بعدم إحداث ضرر ذى شأن لأى دولة، الاستخدام المنصف والعادل للمياه، التعاون فى عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوى، مبدأ بناء الثقة، ومبدأ تبادل المعلومات والبيانات، ومبدأ أمان السد، ومبدأ احترام السيادة ووحدة أراضى الدولة، وأخيراً مبدأ الحل السلمى للنزاعات.
الرئيس السيسى يوقيع وثيقة إعلان المبادئ الخاصة بسد النهضة الإثيوبى بالخرطوم
سد ثغرات المسار الفنى
وتعد الإيجابية الرئيسية التى يمنحها اتفاق المبادئ، هو أنه نجح فى سد الثغرات التى كانت قائمة فى المسار الفنى، وأهمها التأكيد على احترام إثيوبيا لنتائج الدراسات المزمع إتمامها، وتعهد الدول الثلاث بالتوصل إلى اتفاق حول قواعد ملء خزان السد وتشغيله السنوى فى ضوء نتائج الدراسات، فضلاً عن إنشاء آلية تنسيقية دائمة من الدول الثلاث للتعاون فى عملية تشغيل السدود بشكل يضمن عدم الإضرار بمصالح دول المصب.
ووفقا لذات المصادر فإن الاتفاق يؤسس ولأول مرة، لمرحلة جديدة من التعاون والتنسيق فيما يتعلق بتشغيل السدود فى الدول الثلاث، وهى خطوة فى غاية الأهمية وكان هناك احتياج لها على مدار السنوات الماضية، وخلال السنوات القادمة نتيجة الخطط المستقبلية لإقامة السدود فى كل من إثيوبيا والسودان، كما يتضمن الاتفاق للمرة الأولى آلية لتسوية النزاعات بين مصر وإثيوبيا، من ضمنها التشاور والتفاوض والوساطة والتوفيق، وكلها أدوات نص عليها القانون الدولى لتسوية أية خلافات قد تطرأ حول تفسير أو تطبيق بعض نصوص الاتفاق، ويعكس القبول الإثيوبى لهذا المبدأ قدراً كبيراً من الثقة والشفافية فى العلاقة مع مصر لم تكن موجودة من قبل، ونجاحاً حققته مصر فى التقارب الحقيقى والعملى مع إثيوبيا.
تعامل الرئيس السيسى مع ملف سد النهضة
يشار إلى أنه منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة مصر، فإن هناك توجهاً استراتيجياً مصرياً جديداً تجاه القارة الأفريقية، ولاسيما دول حوض النيل، وفى مقدمتها إثيوبيا.
ومن هنا، فإن أى تحليل دقيق لتلك الخطوة، لا بد وأن يرى فيها عنصر الإيجابية الرئيسى المتمثل فى ترسيخ قاعدة بناء الثقة بين البلدين على أسس صلبة وقوية، وهو ما أكد عليه السيد الرئيس فى كثير من تصريحاته ولقاءاته مع المسئولين الإثيوبيين مؤخراً، حينما أشار إلى أهمية أن نترك للأجيال القادمة أرضاً صلبة من ميراث التعاون وبناء الثقة وتحقيق المنافع المشتركة، وألا يرثوا بذور القلق والشك من الأجيال السابقة.
كما أن تجارب التعاون بين الدول المشتركة فى أحواض الأنهار الدولية على مستوى العالم، قد أثبتت أن الأسلوب الوحيد لتحقيق المكاسب المشتركة وتجنب الإضرار بمصلحة أى طرف هو الحوار، والبناء التدريجى للثقة، والتفهم لاحتياجات دول المنبع ودول المصب، وترجمة كل ذلك فى وثائق قانونية مُلزمة لا تترك مجالاً للتأويل أو التنصل مما فيها من حقوق والتزامات، فضلا أن الجهد الواضح والكبير الذى قامت به الدولة المصرية ممثلة فى اللجنة العليا لمياه النيل، فى إعداد تلك الوثيقة والتفاوض عليها بتوجيه من الرئيس، يعكس أسلوباً جديداً تتعامل به الحكومة المصرية وأجهزتها المعنية مع القضايا ذات الأهمية الخاصة للأمن القومى، ورؤية شاملة تقوم على الاستفادة من عناصر القوة المصرية، وتوزيع الأدوار، والتنسيق، والقيادة الحكيمة التى تنظر إلى الأمور بنظرة شاملة ومستقبلية.
البشير والسيسى
وأكدت المصادر أن إعلان المبادئ يعتبر وثيقة توافقية تمثل حلاً وسطاً بين مواقف الأطراف الموقعة عليها، وليست بالضرورة تُحقق الأهداف الكاملة لأى طرف، إلا أنها – بلا شك- قد حققت مكاسب ما لكل طرف تجعله فى وضع أفضل مما كان عليه قبل التوقيع على الوثيقة. ولا شك، أن المكسب الرئيسى الذى تحقق، يتمثل فى نجاح دول حوض النيل الشرقى الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) فى وضع اللبنة الأولى لتعاون أكثر مؤسسية واستدامة يتعلق بمياه النيل الشرقى، ومن المنطقة أن يتبع تلك الخطوة انضمام الدولة الرابعة العضو فى هذا الإطار وهى دولة جنوب السودان.
لقاء ثلاثى
الرئيس السيسى يوجه كلمة خلال جلسة إعلان اتفاق مبادئ وثيقة سد النهضة
كلمة الرئيس خلال جلسة إعلان اتفاق مبادئ وثيقة سد النهض
ةرئيس الوزراء الإثيوبى يوجه كلمة خلال جلسة إعلان اتفاق مبادئ وثيقة سد النهضة
رئيس الوزراء الإثيوبى "هيلاماريام ديسالين" يوقع إعلان اتفاق مبادئ وثيقة سد النهضة
الرئيس السيسى يصافح رئيس السودان عمر البشير
الرئيس عمر البشير يصافح رئيس الوزراء الإثيوبى "هيلاماريام ديسالين" عقب توقيع إعلان اتفاق مبادئ وثيقة سد النهضة
الرئيس السيسى ورئيس الوزراء الإثيوبى يتصافحان عقب توقيع إعلان اتفاق مبادئ وثيقة سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا
موضوعات متعلقة:
- السيسى يصل الخرطوم للمشاركة فى القمة المصرية السودانية الإثيوبية
- رئيس وزراء إثيوبيا يصل الخرطوم لتوقيع اتفاق مبادئ حماية النيل
- السيسى يشهد توقيع اتفاق مبادئ مياه النيل11 صباحا اليوم