وكانت التظاهرة الثانية عام 1908 فى اليوم نفسه، حيث خرجت النساء العاملات فى النسيج فى تظاهرات حاملات باقات من الورود وقطعًا من الخبز اليابس للمطالبة بخفض ساعات العمل ووقف عمالة الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع، وفى العام التالى تم إقرار هذا اليوم يومًا للمرأة الأمريكية، حتى أصبح عام 1977 يومًا دوليًا للمرأة.
واليوم، فى ذكرى هذه المعارك الكبيرة التى خاضتها النساء حاملات الورود والخبز فى مزيج عبقرى، لا يسعنا إلا أن نذكر مقاتلات أخريات، تحمل كل منهن وردتها الخاصة، وقضيتها الخاصة وأحيانًا العامة وتخوض معركتها مع الحياة، ليجسدن أبيات الشاعر الراحل محمود درويش "الجميلات هنَّ القوياتُ.. يأسٌ يضىء ولا يحترق"، فعلى كل شبر من وجه البسيطة، هناك أنثى تخوض حربها الخاصة فى صمت بعيدًا عن الأضواء والشعارات الرنانة.
تختلف ميادين الحرب ولكن يظل هدفها واحد، وهو أن يصبح العالم أكثر جمالاً، وأكثر احتمالاً.. "كالورد فى ساحة المعركةْ".
سوزان تلحوق تخوض حربًا لنصرة اللغة العربية من خلال "فعل أمر"
h
سوزان تلحوق
لن تندهش حين ترى إحدى الناشطات النسائيات تتحدث بحماس عن حقوقها ومطالبها وقضايا النساء المقهورات، تدافع عنهن وعن نفسها بينهن، ولكن هل تتوقع أن ترى ناشطة تتحدث بالحماس نفسه وأكثر وهى تحاول الدفاع عن "اللغة العربية"؟
كلنا نعرف أنها لغة القرآن ونردد أن "لغتنا جميلة"، ولكن تتفاوت درجة حماسنا تجاه القضية، وأصبح غالبيتنا يكتفى بالامتعاض على الوضع الذى آلت إليه "لغتنا الجميلة"، إلا أن "سوزان تلحوق" الشاعرة اللبنانية لم تكتفِ بذلك، بل تبنت الدفاع عن اللغة العربية والتراث العربى بحماس وإيمان حقيقيين دفعاها لتأسيس جمعية "فعل أمر" فى أبريل 2009، للحفاظ على اللغة العربية وتسليط الضوء على أهميتها، وهى الجمعية التى أطلقت عددًا من الحملات للحفاظ على اللغة العربية، ونظمت أول مهرجان للغة العربية فى يونيو 2010.
يمكنك التعرف أكثر عن شغف "سوزان" باللغة العربية وحماسها للدفاع عنها من خلال خطبتها القصيرة على منصة "تيد إكس بيروت".
"ثناء فاروق" تتسلح بعدستها لتدافع عن الوجه السعيد لشوراع اليمن
ثناء فاروق
"يمكننى استخدام الكاميرا مثل حفرة أرنب أليس، لفتح عوالم غير مستكشفة، وأماكن غريبة، والتعبير عن الذات والعالم، من خلال فرص وقصص جديدة" هكذا تستخدم "ثناء فاروق" المصورة اليمنية الشابة عدستها كعصا سحرية، لترصد الوجه الآخر للشوارع، اليمنية خاصة، وتثبت بالصور أنها لا تزال سعيدة.
من اللحظة التى قررت فيها ابنة صنعاء أن تصبح مصورة للشارع نجحت فى التقاط صورًا مميزة شاركت بها فى العديد من المعارض بالولايات المتحدة واليمن، إلى أن أطلقت معرضها المنفرد الأول فى اليمن فى يونيو 2013 تحت عنوان "حياة الشارع فى اللحظة"، وحتى حين انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتدرس العلاقات الدولية والتصوير الفوتوغرافى لم تتخل "ثناء" عن شغفها بالشوارع.. ووجهها الآخر.. السعيد..
"زينب العقابى".. لا تحاول تجاهل الإعاقة.. بل تفخر بها
زينب العقبانى
متى شاركت آخر مرة فى تحدى للمشى؟ هل شاركت من الأساس فى واحد؟ هل سبق لك تجربة الطيران فى الهواء؟ السباحة أو الرماية؟ حسنًا.. كل هذه التحديات خاضتها "زينب العقابى" العراقية الشابة بساقٍ واحدة وأخرى صناعية وأحيانًا بعكاز لتثبت للآخرين ما أدركته بنفسها وهو أن الإعاقة ليست ضعفًا بل "نعمة".
ربما صادفت صورة لهذه العراقية العشرينية مرة على موقع "فيسبوك"، تبتسم بسعادة حقيقية غير مصطنعة، واقفة على ساقٍ وطرف تكشفه بوضوح دون أى محاولة لإخفائه أو التظاهر بأن ساقها عادية، منذ قررت التخلى عن الجزء التجميلى للطرف والذى يجعل ساقها تبدو طبيعية، لأنها حملت على عاتقها رسالة وهى أن تجعل الناس عندما يسمعون كلمة "معاق" لا يربطونها بالضعف.
حادثٍ مفزع تعرضت له "زينب" فى السابعة من عمرها هو السبب وراء إعاقتها، إلا إنها لا تشعر أبدًا بالأسى أو الغضب تجاهه، بل تقول بوضوح "لا أتخيل نفسى بدون الإعاقة"، وتتابع بثقة "الله لا يختار وضعنا فى ظروف خاصة عبثًا، هو يعلم أننا قادرون على تحملها".
تمشى "زينب" فى كل مكان كاشفة عن طرفها الصناعى، تغض الطرف عن نظرات الناس وردود فعلهم المشفقة والحزينة، وتشارك فى فعاليات كثيرة وتندمج مع المجتمع أملاً فى أن تشجع من يمرون بظروف مشابهة على أن يحذوا حذوها، لتكون تجسيدًا عمليًا لرسالتها وهى "عندما تسمع كلمة معاق لا تربطها بالضعف".
"آمال شهابى" التى حولها الاحتلال من مجرد لاجئة إلى شخصية قيادية
شابة فلسطينية فى العشرين تحلم بالاستقرار والزواج والسفر إلى إحدى دول الخليج أملاً فى تحسين الوضع المادى لها، فجأة تحطمت هذه الأحلام الوردية العادية لها بعد أن اقتحم الاحتلال الإسرائيلى بيتها ووجدت نفسها فجأة قيد الاعتقال، ومنذ تلك اللحظة تغيرت حياتها إلى الأبد، لتتحول "آمال شهابى" من مجرد لاجئة فلسطينية كغيرها من الآلاف إلى شخصية مؤثرة فى حياة الكثيرين، تدير مركزًا لرعاية المسنين فى مخيم عين الحلوة، إلى جانب العديد من الأدوار الأخرى فى المجتمع بين مشرفة لرياض الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية فى صيدا، ومنسقة فى الاتحاد لبرنامج مناهضة العنف ضد المرأة، ومدربة فى برنامج تمكين المرأة من العمل السياسى، فضلاً عن كونها زوجة وأم لأربعة أولاد.