فى العام 1856 نجحت المسيرة النسوية الأمريكية رغم العنف الذى ووجهت به فى طرح مشكلة المرأة العاملة على الصعيد العالمى، وفى يوم 8 مارس 1908م عادت الآلاف من عاملات النسيج فى نيويورك للتظاهر حاملات أرغفة الخبز اليابس والورود، رافعات شعار «خبز وورود»، لتنفيذ عدد من المطالب، منها تخفيض ساعات العمل، ووقف تشغيل الأطفال، ومنح النساء حق الاقتراع، وهو ما تحقق، لنصل للعام 1977 حيث أصدرت منظمة الأمم المتحدة قراراً يدعو دول العالم لاعتماد يوم الثامن من مارس، عيدا ورمزا لنضال المرأة، تخرج فيه النساء عبر العالم فى مظاهرات للمطالبة بحقوقهن ومطالبهن.
كل ذلك لم يصل لملايين من النساء المصريات اللواتى لم يلتفت لهن أحد، سواء على المستوى الحكومى، أو الشعبى، حيث ما زلن يعملن فى أقسى المهن، دون توفير الحد الأدنى للحياة ولا يحصلن على العلاج الملائم لهن ولأبنائهن فى المستشفيات لغياب التأمين الصحى عن هذه الفئة، ولا يجدن معاشات مناسبة، وما زلن يقاسين من نقص التشريعات التى يستندن إليها فى الحصول على حقوقهن حين التعرض للطلاق أو غيره، لذا نعرض هنا 3 حالات كدليل على ما يتعرض له السيدات فى مصر:
«الغفيرة» الحاجة هندية: 20 عاما فى حراسة الموتى مقابل حفنة جنيهات
تزوجت فى عمر مبكر مثل بقية الفتيات فى أقصى الصعيد، ولم تمر بضع سنوات حتى أصبحت الحاجة «هندية» ذات الخمسين عاما، أرملة لـ3 أطفال، أكبرهم سنا لم يتجاوز عشر السنوات، واضطرت بعدها لترك بلدتها فى الصعيد، وللرحيل مع والدها الذى كان يعمل وقتها «غفيرا» بمقابر البهائيين بمنطقة البساتين، والذى رافقته بحثا عن الاستقرار والأمان الأسرى، حتى فقدته، فلم تجد سوى خيار وحيد أن تتسلم مهمة أبيها فى حراسة المقابر من أجل ضمان السكن فى غرفة صغيرة، والقليل من المال لتحمى أبناءها من التشرد والمصير المجهول.
«وفاة والدى كانت الطامة الكبرى فى حياتى بعد أن أصبحت أرملة» هكذا بدأت الحاجة «أم بكرى» كما يلقبونها بالمنطقة، سرد قصتها، والتى بدأت معاناتها الحقيقية منذ أكثر من 20 عاما عندما أصبحت «حارس المقابر»، تتولى الحفاظ عليها والمسؤولة عن تنظيفها بصفة يومية مقابل القليل من الجنيهات.
تروى الحاجة هندية مأساتها فى الحياة بجوار الموتى: «كنت أرتعش كل ليلة من الخوف للمبيت وسط المقابر بمفردى، خاصة أن أبنائى كانوا صغارا، ولم أنس أننى كنت أقضى ليالى طوالا دون أن أذوق طعم النوم، ولم يساعدنى سوى إذاعة القرآن الكريم والصلاة».
تتابع «الحاجة هندية»: «أحد الشيوخ قالى لى إن مهنتى حرام شرعا، ومن الأفضل لدينى أن أتركها، لكننى عندما فكرت وجدتنى لن أستطيع العمل فى أى مهنة أخرى سواها، والله أعلم بقوة إيمانى، وإننى لا أجد مأوى لأبنائى ولى سوى هذا المكان».
«أم بكرى» حين كبر ابنها الأكبر تزوج واتخذ من إحدى الغرف مسكنا للزوجية، نظرًا لضيق الظروف المعيشية، كما نجحت فى تزويج ابنتها الوحيدة «أمانى» وتعليم ابنها الأصغر، وحول أصعب لحظات حياتها، قالت «هندية» إنها الأيام التى تلت 25 يناير، ومحاولة بعض الأهالى هدم المقابر وسرقتها، لكننى وقفت أمام «اللودر» بنفسى.
ليس لهن إلا الله
استطلاع لـ«اليوم السابع» يكشف سبوبة منظمات حقوق المرأة.. نساء عن المجلس القومى للمرأة: «مجلس الهوانم وسيدات الأعمال»
يتخطى عدد المنظمات التى تنادى بحقوق المرأة المئات ما بين جمعيات ومراكز، أبرزها المجلس القومى للمراة، الذى يعد المظلة الرسمية الوحيدة من قبل الدولة، وتتعدد تخصصات المنظمات النسائية بين الاهتمام بقضايا العنف والتمكين السياسى للنساء، وتتفاوت ميزانية هذه المؤسسات فيما بينها، حيث تبلغ ميزانية المجلس القومى 30 مليون جنيه سنويا، وتصل ميزانية الاتحاد العام لنساء مصر من قبل الاتحاد الأوروبى إلى 80 ألف يورو للمشروع الواحد، وعلى الرغم من تعدد تلك المؤسسات، إلا أن أحدا لا يعرفها، وهو ما رصدناه فى هذا الاستطلاع لرأى عينة عشوائية من النساء فى عدد من المناطق بالعاصمة فى شكل سؤال واحد «ماذا تعرفين عن المجلس القومى للمرأة؟»:
حجاجية أحمد تبلغ من العمر45 عاما بمنطقة عزبة الهجانة بمدينة نصر، قالت «أول مرة أسمع عن حاجة اسمها المجلس القومى للمرأة دلوقتى، وعمرى ما شوفت حد منهم فى المنطقة»، وحول ما تفعله عندما تواجه مشكلة أكدت «عندما أقع فى مصيبة أو مشكلة كبيرة لا ألجأ إلا لله.
واتفقت معها أيضًا راندا يحيى وتعمل موظفة بوزارة التموين وتبلغ من العمر 50 عاما، قائلة: «أنا بسمع عن المنظمات النسائية بس للأسف مش بحس بوجودهم فى الشارع المصرى، وبنتظر منهم الاهتمام بقضايا المرأة العاملة والفقيرة لأنها الأولى بالرعاية.
«لغتهم مختلفة عنا وباختصار مش بفهمهم» هكذا أجابت راندا عيد موظفة وتبلغ من العمر 42 على السؤال، قائلة إن تلك المنظمات مجرد شكل فقط ولا تمثل حراكا لدعم قضايا المرأة على أرض الواقع.
وعن رأى السيدة نادية محمد التى تبلغ من العمر 60 عاما أجابت: «معرفش حد بالاسم ده بس فى جمعيات شرعية بتدينى حسنة كل شهر وربنا يكرمهم»، وترى منى عبدالوهاب 42 عاما وتعمل ربة منزل أن تلك الاتحادات والمنظمات النسائية «دورها قاصر فقط على سيدات الأعمال والهوانم لكن الغلابة لم يلتفت إليهم أحد».
هذا الاستطلاع أطلعنا مصدر مسؤول بالمجلس القومى للمرأة على نتيجته، الذى قال إن هناك عوائق عديدة تعرقل دور المجلس على أرض الواقع وتمنع إقامة عدد من المشروعات، أبرزها القوانين المنظمة للمجلس، لذا يتقصر دوره على كونه دورا استشاريا فقط، وأوضح المصدر لـ«اليوم السابع»، أن الميزانية المقدمة للمجلس زهيدة، وتخصص لسد خانة الأجور والمرتبات وتيسير أعمال المجلس من مطبوعات ومنشورات، ولو تم إقامة مشروعات محددة يكون الاعتماد الأول والأخير على المنح المقدمة إلينا من الجهات المختلفة، ومن جانبها تؤكد المهندسة فاطمة بدران عضو الاتحاد العام لنساء مصر ورابطة المرأة العربية، أن الإمكانيات التى يعمل بها الاتحاد ضعيفة للغاية، وتعتمد على التبرعات والمنح المقدمة إليها من الاتحاد الأوروبى والمنظمات الخاصة، من جهة أخرى أبرز تقرير سابق للمجلس القومى لحقوق الإنسان، احتلال مصر المرتبة الثانية بعد دولة أفغانستان فى التحرش الجنسى، وعلى حسب آخر إحصائية لمبادرة خريطة التحرش الجنسى فى مصر، جاءت نتيجتها %99.3 من نساء مصر يتعرضن للاعتداء الجنسى.
«شو إعلامى ودورها أونلاين وعلى السوشيال ميديا فقط» بهذا وصفت «ريهام» البالغة من العمر 26 عاما وتعمل موظفة بشركة توظيف بالتحرير.
فى حين أشارت «نهى» (30 عاما) إلى أن الحركات بالفعل دورها غير ملموس، وهذا يرجع لعجزها، وعدم تمويلها بشكل كاف.
وترى «عبير» التى تبلغ من العمر 17 سنة أن تأثير تلك الحركات يقتصر على العاصمة، وتختفى فى المحافظات.
«صباح» تتحدى الطلاق والفقر بنظافة السلالم مقابل جنيهين ونصف الجنيه.. طُلقت 6 مرات بسبب إدمان زوجها للمخدرات
2.5 جنيه، قد تعتقد أن هذا الثمن هو سعر عبوة مياه غازية أو قطعة حلوى، إلا أنها فى الحقيقة ثمن جهد «صباح» البالغة 44 عاما نظير تنظيف المصاعد ومداخل المنازل، التى لم تجد إلا تلك التسعيرة الزهيدة وهذه المهنة الشاقة، لشراء الطعام ومصاريف علاج أبنائها.
تروى «صباح» حكايتها الحزينة، مؤكدة أنها عملت كماسحة للسلالم وخادمة للمنازل، بعدما ضاق بها الحال، وتركها زوجها ذو الـ60 عاما، هى و5 من الأبناء، دون مأوى أو مصدر دخل، وحلف عليها يمين الطلاق 6 مرات، وعندما ذهبا لدار الإفتاء علمت أن استمرار زاوجهما غير شرعى ويجب عليهما الانفصال فى الحال.
وتعلل «صباح» ذلك قائلة: «زوجى كان كثير الحلفان عليا لأنه كان يتعاطى المخدرات بشراهة، الأمر الذى جعله يترك عمله ويتسلى يوميا على ضربى وإهانتى، لكننى تحملت من أجل أبنائى، وكان الطلاق هو نهاية المشوار بيننا، وكنت أنتظر منه السؤال على أبنائه، لكنه لم يفعل، لأصبح لهم «الأب والأم معا».
«طلاقى زود مصيبتى لكننى لم أقبل أن أعيش بالحرام»، هكذا تضيف «صباح»، فعلى الرغم من أنها كانت تتكفل بأسرتها قبل الطلاق، فإن استمرار زواجها كان مظلة أمان وحماية لها من نظرات الناس، خاصة أن أباها زوجها لأول عريس يتقدم لها وكان يكبرها بـ20 عاما لكونها أختا لتسعة أبناء.
ومع أن حالة «صباح» المادية متعسرة للغاية، فإنها، كما تقول، لم تفعل ما قام به والدها مع ابنتها الكبرى التى تمكنت من الحصول على شهادة الدبلوم، وتستعد لإتمام زواجها فى الأيام المقبلة، على الرغم من عدم امتلاكها حق تجهيزها حتى الآن.
«ضل حيطة ولا ضل راجل».. سهير بعد 25 سنة زواج: زوجى طلقنى «غيابى» عشان يهرب من النفقة وسرق ذهبى ليتزوج من مغربية شابة
بعد قضاء أكثر من 25 عاما أسفل سقف واحد، ومع أنها تجاوزت فى حقها وقبلت أن تسامحه بعد زواجه عليها أكثر من 4 زيجات، فإن «سهير» لم تتوقع يوما أن تستيقظ على هروب زوجها وشريك عمرها، بعد أن غفرت له كل هذه السقطات طوال حياتهما الزوجية.
«استيقظت على سرقة كل صيغتى وعربيتى، وبعدها علمت أنه سرقنى من أجل إتمام زواجه بمغربية»، هذا ما حدث مع «سهير» التى تعمل موظفة بمجمع التحرير، فمن أجل ابنة وابن، تحملت الكثير من أجل تربيتهما فى مناخ أسرى مستقر، لكن زوجها اتسم بالأنانية فى أقصى درجاتها، وأبى أن يظل مأوى أبنائه، وقرر سرقتها فى غضون ليلة وضحاها وتركها دون عائد تستند عليه.
«ضل حيطة أحيانا يكون أفضل من ضل راجل» آمنت بذلك «سهير»، ولذلك قررت أن تكمل حياتها دون التفكير فى الزواج ثانية، بعد هذا الدرس الأليم: «على الرغم من أننى أبلغ 40 عاما، فإننى لم يعد لدى ما أستطيع تقديمه لأى شخص آخر».
وتتابع: «ما أحزننى هو التلاعب بحقوقى الزوجية التى لم أستطع الحصول عليها حتى الآن، لأن زوجى السابق تعمد طلاقى غيابيا، حتى لا يقيد بدفع نفقة لى، وأصبحت الآن بلا عائد سوى عملى فقط، فضلا عن أننى لم أستطع إثبات حالة السرقة واسترداد مستحقاتى، وكل ما أقوله حسبى الله نعم الوكيل».
مصر أول دولة عربية تستقبل المرأة فى برلمانها
فى عام 1957 تمكنت 8 سيدات من الوصول للبرلمان، لأول مرة بعد إقرار الرئيس السابق جمال عبد الناصر حق المرأة فى الترشح والانتخاب، وكانت أبرزهن راوية عطية أولى المرشحات عن دائرة الجيزة، لتكون المرأة المصرية صاحبة المبادرة الأولى على مستوى الشرق الأوسط فى تمثيل المرأة، ورغم ذلك لا تحصد المرأة الآن أى نصيب يذكر فى المقاعد البرلمانية مقارنة بالدول العربية الأخرى.
ففى الوقت التى تأمل به المنظمات النسائية فى فوز 100 سيدة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، تمكنت المرأة التونسية من أن تمثل بنسبة أكثر من %30، وعلى غرار ذلك حصدت المرأة السودانية نحو %25 من المقاعد.
وتأرجحت نسبة تمثيل المرأة فى البرلمان المصرى، ففى عام 1957 بلغت نحو %0.6 ليصل إلى ذورته فى عام 1979 بنسبة %9.4 لتتراجع فى برلمان 2012 لتبلغ نسبة %2، مع ما شهده من التيارات الدينية التى استبدلت بصور المرشحات بوردة، اتساقا مع فتاوى حرمت ظهور المرشحة فى وسائل الدعاية للانتخابات، ومازالت المرأة المصرية على الطريق نحو برلمان 2015 حيث تأمل فى الفوز بـ100 مرشحة.
موضوعات متعلقة..
بالصور.. "اليوم السابع" ينشر تفاصيل إطلاق مشروع "تمكين" لدعم المرأة المصرية اقتصاديا.. تقديم 4000 مشروع صغير للأكثر احتياجا.. تكريم 3 سيدات من حلايب وشلاتين والمنيا.. وتسليم 5 آخرين لمشروعاتهم
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد المصرى
الحل بسيط جداً