كيف تتحملين كل هؤلاء؟! من أين تأتين بالصبر على أولهم وآخرهم، على كل عقل يريد السيطرة على عقلك، على كل زوج يريد السيطرة على حلمك وجيبك، على كل طامع يريد السيطرة على جسدك؟!
كل هذا الصمود، وكل هذه المعارك لا تقول سوى شىء واحد، إنك أبقى منهم وأقيم، وأقدر على تجاوز موجاتهم المتتابعة، تتنقلين كما فراشة برية عصية على الصيد من موجة سلفية إخوانية طاردتك فى كل الشوارع بلافتات ولوحات تحمل عبارات من نوعية «الحجاب يا أختاه، ينتهى الغلاء إذا تحجبت النساء، الحجاب يحميك من الذئاب، الحجاب أو النار، بالإضافة إلى تلال من شرائط الكاسيت والحلقات الدينية التى تنذرك بجهنم، لأنك بدون طرحة وتحذرك من زبانية التعذيب لأنك بدون نقاب، وتخوفك من عذاب القبر لأن خصلة من شعرك تطل من على جبهتك»، وفى الختام يطلبون منك مكوث بلا خروج، تخزين بلا تهوية داخل منزل يملك مفتاحه ذكر يحق له نقلك كيفما يشاء من ركن إلى ركن.
خلع الحجاب فى ميدان التحرير
ومن الموجة السلفية الإخوانية إلى موجة أخرى ليبرالية يسارية تسير تحت مظلة يسمونها تنويرية، تطاردك فى الشوارع والفضائيات والندوات ومواقع التواصل الاجتماعى بعبارات من نوعية «الحجاب تخلف، مصر فى الستينيات كانت أجمل بدون حجاب، الحجاب سبب الكبت، ومن ثم التحرش، النقاب يجعل من المرأة عفريتة سوداء، الحجاب يقمع حريتك، انطلقى، اخلعى الحجاب واسترد كرامتك»، وفى الختام يطلبون منك الخضوع لابتزازهم باسم الحرية والتقدم والاستقلال.
لا تفصل الأزمة الأخيرة التى أشعلتها الدعوة لمليونية خلع الحجاب فى ميدان التحرير عن الوضع السياسى، ولا تفصل دعوة الشوباشى لخلع الحجاب عن دعوة حسين يعقوب وعشرات الشيوخ بأن ارتداء الحجاب هو سبيل النجاة الوحيد من النار، فقط تدبر كل المشاهد حتى تتيقن أن زوجتك وابنتك وأختك وحبيبتك وأمك وجدتك ما هم إلا وقود صراع بين تيارات تنتهى رؤيتها للمرأة بنظرة واحدة تختلف من حيث عبارات الترويج، ولكنها تتفق فى المضمون، المضمون القائل إن المرأة فى حاجة إلى وصاية.
البحث فى مواطن التشابه والاتفاق بين تيار الإسلام السياسى، بشقيه الإخوانى والسلفى، وتيار القوى المدنية بأطرافه الليبرالية واليسارية، وما ينتمى منه إلى حزب الكنبة، وحركة «اللى مالهمش فيها»، تستخلص منه نتائج قادرة على إدهاشك أكثر من «زوزو» قردة الإعلان الشهير الراقصة، بل أكثر من «الفريسكا» نفسها.
الواقع يا «سيدى وياستنا» يقول إن أوجه الشبه بين هؤلاء الذين يرون أولئك كفارا وأعداء للدين، وأولئك الذين يرون هؤلاء متطرفين ورجعيين، أكثر مما تتخيل، وتحديدا فيما يخص الأمور الفكرية والعقلية والأخلاقية.
ومن بين ركام المعارك السياسية الدائرة بين تيار الإسلام السياسى، والقوى المدنية، يمكنك أن تلحظ بجوار جثة الدولة المصرية جثة لضحية أخرى من ضحايا الصراع الدائر على «ترابيزة» النخبة المصرية، الإسلامى منها والليبرالى واليسارى.. عن المرأة المصرية نتكلم.
المرأة المصرية
النتاج الحقيقى للفترة الماضية يقول إن الخاسر الأكبر فى وطن ما بعد الثورة هو المرأة المصرية التى كانت- وللغرابة- الأكثر مشاركة، والأكثر حماسة فى المظاهرات، وفى طوابير الانتخابات، ومع ذلك أفقدوها الشعور بالأمان والحماية والرجولة، حينما شاهدوا قوات الأمن وهى تسحلها وتعريها وتضربها دون أن يعترض أحد.
فى الشهور الفائتة تعرضت المرأة المصرية لأبشع أنواع الاستغلال من قبل التيارين، الإخوان والسلفيين الذين يرون فى صوتها عورة، وفى خروجها للشارع فتنة، وهى بالنسبة لهم فى عالم السياسة أداة يحركونها لطرق أبواب البيوت من أجل إقناع الغلابة بخططهم ومرشحيهم، بينما الإخوة فى الأحزاب المدنية استغلوها بتحويلها إلى أداة للتخويف من الإسلاميين، والترويج لفتاوى الجهل الخاصة بضرب النساء، ومنعها من الخروج من أجل ترويع الشارع من الإسلاميين دون أن يتطوع أحد من أهل التيار الليبرالى ليفسر للناس أين كانت المرأة من قوائمهم الانتخابية، وأين هى المرأة من المناصب القيادية فى الأحزاب والحركات السياسية.
للأسف الشديد، لا فارق فى وجهات النظر بين هؤلاء من أصحاب اللحى الذين لا يرون للنساء سوى طريق واحد هو البيت والزوج، وأولئك من أصحاب شعارات الحرية الذى لا يقول واقعهم المقهورة فيه المرأة، والموجودة على هامشه دوما، ما تقوله شعاراتهم وكتبهم وندواتهم عنها.
الست «أمينة
للأسف لا فرق.. المتطرفون يجتهدون فى الإفتاء بأن المرأة عورة، لا مكان لها سوى البيت حتى يشعر معها بلذة الامتلاك الفردى خلال رحلة السرير.. والليبراليون - أو من يدعون ذلك- يجتهدون فى إقناع المرأة بحريتها وتفردها، وعظمة إبراز جمالها حتى تصبح الرحلة معها إلى السرير سهلة.
وبين أطماع هؤلاء وجشع أولئك، تبقى المرأة المصرية الحقيقية التى تعول أسرًا، وتزرع حقولا، وتملأ الشوراع بحثا عن رزق أو طموح، تائهة بين صور الأبيض والأسود التى تظهر فيها أمك وأمى، وجدتك وجدتى قويات باسمات ملكات لا تخجل الواحدة منهن من ملابسها، سواء طالت أم قصرت، ولا تضطر الواحدة فيهن لتقديم أى تفسير عن طبيعة قصة شعرها أو حجم فستانها أو شكل حجابها.
حتى النموذج الذى جعلوه رائجا للتدليل على ضعف المرأة المصرية وخضوعها، وهو نموذج الست «أمينة»، لم يكن أبدا بهذا الضعف والخضوع، بل كانت «أمينة» وبنات عصرها أقدر على صياغة نموذج جامع ما بين الهدوء والحنية والذكاء لإدارة المنزل، والحياة بطريقة يتخيل معها الرجل المصرى أنه كان «سى السيد»، ولكنه فى الحقيقة كائن يصاب بالضعف والشلل إذا غابت «أمينة» عن المنزل أو حياته!
موضوعات متعلقة:
- محجبات أثرن فى وجدان العالم.. مالالا يوسف فازت بنوبل وفضحت جهل "طالبان".. ريحانة جبارى دافعت عن شرفها فأعدمتها إيران.. زليخة جمعة أفضل برلمانية كينية فى2014.. والمصرية مروة الشربينى ضحية الإسلاموفوبيا
عدد الردود 0
بواسطة:
المهندس
المقال قديم جدا ونمطى
عدد الردود 0
بواسطة:
1
1
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل و الآن عادل الأول
" الممنوع ... مرغوب "
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل و الآن عادل الأول
" هدى شعراوى و قاسم أمين "
عدد الردود 0
بواسطة:
مجدى
من تريد الحجاب تتحجب ومن لاتريده لاتتحجب العبرة بالأخلاق
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
رفع حجاب العيون والقلوب لترى النور اهم من حجاب الرأس
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
الرغى الكثير والعمل القليل
عدد الردود 0
بواسطة:
Ahmed Abo.Farha
مقال جيد جدا
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد رياض
الحجاب امر الله لعباده لانقاش
عدد الردود 0
بواسطة:
nana
الحجاب وقار من يدعو لخلع الحجاب ماهو إلا (ديوس) مات الكلام