سيناء "حزينة" فى ذكرى تحريرها الـ"33"..قرى "الشيخ زويد" و"رفح" تتحول إلى بيوت مهجورة ومصالح حكومية خربة.. والأهالى: نرفض التخوين.. وأفراحنا مؤجلة لحين تطهير أرضنا من الإرهاب

السبت، 25 أبريل 2015 09:27 ص
سيناء "حزينة" فى ذكرى تحريرها الـ"33"..قرى "الشيخ زويد" و"رفح" تتحول إلى بيوت مهجورة ومصالح حكومية خربة.. والأهالى: نرفض التخوين.. وأفراحنا مؤجلة لحين تطهير أرضنا من الإرهاب تحرير سيناء
كتب محمد حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نقلا عن اليومى..



33 عاما مضت على ذكرى تحرير سيناء، وهو اليوم الذى استردت فيه مصر أرض سيناء بعد انسحاب آخر جندى إسرائيلى منها، وفقا لمعاهدة «كامب ديفيد»، وفيه تم استرداد كامل لأرض سيناء ما عدا مدينة طابا التى استردت لاحقا بالتحكيم الدولى فى 15 مارس 1989.

و على مدى 33 سنة على تحرير سيناء، كانت هذه البقعة الغالية هى بؤرة اهتمام الوطن حتى أصبحت رمزاً للسلام والتنمية، لكن الأمر تغير، فغابت بهجتها بعدما اغتال الإرهاب حلمها، فأصبح أغلى أمانيها عودة الأمان. وغابت هذا العام مراسم ذكرى التحرير والاحتفالات، حيث ألغى محافظ شمال سيناء اللواء «عبدالفتاح حرحور» كل مظاهرها، كما تراجعت نسبة المشروعات التى يتم افتتاحها كل عام فى هذه المناسبة وتركزت فى مناطق العريش وبئر العبد ووسط سيناء، بينما سيطرت العزلة على مناطق الشيخ زويد ورفح وشرق العريش التى تشهد حربا ضروسا على معاقل الإرهاب. كما تشهد أرض سيناء عمليات عسكرية موسعة ضد الإرهاب فى معارك ترتسم معالم نصرها القريب، لتعود مشروعات تنمية الأرض واستغلال ثرواتها وزراعة الصحراء بالشجر والبشر وبناء المصانع والمدن الجديدة وشق الترع والطرق، وتحقيق أقصى استفادة من المعالم السياحية فى الأرض الطيبة المباركة التى خصها الله بذكرها فى كتابه ومر عبرها الأنبياء والصالحون.

«أحرار سيناء».. أبطال واجهوا العدو الإسرائيلى بقلوب من فولاذ.. 700 رجل وامرأة نفذوا عمليات فدائية وهاجموا المعسكرات ورصدوا تحركات العدو



«أبوخلف».. شيخ المناضلين


ومن بين هؤلاء شيخ المناضلين بسيناء، الشيخ حسن على أبوخلف، ابن قبيلة «السواركة». يقول الرجل الذى ألقى جيش إسرائيل القبض علية فى 22/5/1970، وحكم عليه بالسجن 149 عامًا، إنه بدأ نضاله ضد الاحتلال وهو فى الحادية والعشرين من عمره، وكانت أول عملية نقل 12 صاروخًا على ظهور الإبل برفقة صديق النضال، براك جهينى، لمسافة 150 كم مشيًا على الأقدام. أعقبت ذلك عملية نسف معسكر «بالوظة» بـ24 صاروخًا، ومعسكر الشيخ زويد بـ12 صاروخًا، ومطار العريش، وعن ذلك يقول: تلك الوقائع انتهت بتقديمى للمحاكمة مجموع العقوبة 149 عامًا مع الشغل، وظللت معتقلًا حتى 4/3/ 1974.

المناضل سلامة المسعودى


وقال سلامة أبوراشد المسعودى، أحد الأبطال من أبناء «المساعيد»، والذى كان مجندًا فى تلك الحقبة من الزمن بمنطقة «فايد» بالإسماعيلية، إنه استُدعى كغيره من أبناء سيناء للعمل مع أبطال «منظمة سيناء العربية» التى تم تشكيلها عقب يونيو 1967، واستمر يقوم بعمله فى تقديم الدعم ورصد تحركات العدو حتى انتصارات السادس من أكتوبر. ولفت إلى أن من بين أدواره رصد وتصوير المواقع العسكرية الإسرائيلية، وأنه قام بنحو 50 طلعة مشتركة مع زملائه الفدائيين شرق القناة، وخلف خطوط العدو فى أراض تحتلها إسرائيل.

«المغربى».. بطل تصوير المواقع العسكرية الإسرائيلية



ويكشف بطل آخر من أبناء مدينة العريش، وهو نبيل المغربى، عن جوانب من سيرته النضالية بقوله إنه عمل «شيالاً» لحمل الحقائب للمسافرين عن طريق الصليب الأحمر الدولى إبان الاحتلال، لكى يتسنى له تصوير الأماكن العسكرية الإسرائيلية من زوايا محددة، مع تحديد الإحداثيات لتلك الأماكن.

وتعرض «المغربى» للاعتقال، ونال نصيبه من التعذيب بشتى أشكاله وطرقه، فكل جزء بجسده شاهد على ما مر به من ألم، وأوصت النيابة العسكرية الإسرائيلية بسجنه 23 عامًا، وأفرج عنه فى صفقة تبادل أسرى، وعاد إلى القاهرة فى عام 1975 عن طريق الصليب الأحمر.

حكاية أم الأبطال


ومن السير الخالدة للبدويات اللواتى قدمن أدورًا فدائية ضد إسرائيل بسيناء، الراحلة سالمة شميط، والدة البطل موسى الرويشد، وهى صاحبة أشهر دور فى مؤازرة ابنيها ليقوما بعمليات فدائية، حتى لقبت بـ«أم الأبطال».

وعن دورها قال نجلها المناضل موسى رويشد شاركت فى عمليات نقل الألغام، وقامت فى هذا السياق بمشاركتنا أكثر من عملية، خلالها حملت الألغام وهى تسير على قدميها لمسافات وصلت ما بين 10 و17 كم، وتم بهذه الطريقة تفجير أكثر من موقع، كما حملت لنا الألغام، ومكنتنا عام 1976 من تدمير أتوبيس يقل 15 جنديًا إسرائيليًا.

حجاب».. راصد عساف ياجورى»


وفى مدينة العريش، بزغت روح البطولة بين شبابها، أبناء عائلات «العرايشية» الذين رفضوا وجود المحتل، من بينهم رشاد حجاب الذى تحتفظ ذاكرته- بكل عمل قام به.

ويقول «حجاب» إنه بدأ نضاله بكتابة المنشورات ضد العدو، والتى تتضمن تحذيرات للأهالى بعدم التعامل مع العدو، وكان يتم توزيعها سرًا برفقة زملائه عبدالحميد الخليلى، وعادل الفار، وعبدالحميد سعيد، ومحمد حجاج، وفضل مغارى الذين كونوا خلية مقاومة سرية أطلقوا عليها اسم «أبناء سيناء الأحرار»، ثم انضموا إلى «منظمة سيناء العربية».

وذكر أنه نفذ عدة مهام، بينها زراعة ألغام على طريق آليات عسكرية، وفى مراكز تجمعات الجنود الإسرائيليين خلال توقفهم فى محطات الأتوبيسات، كما نجح برفقة آخرين فى تفجير موقف للجنود وخطوط الضغط العالى التى تغذى مكاتب مخابرات إسرائيل، وجمع معلومات عن تحركات العدو، ونوعية عتاده، وإرسالها بالشفرة إلى القاهرة، وتفجير مقر مخابرات إسرائيلى بالعريش، وتابع قائلاً: وصلتنا التعليمات بنسف قطار إسرائيلى سيصل لمحطة العريش محمل بالعتاد، وبالفعل أعددنا العدة، وتمكنت أنا وزملائى من تفجيره.

واستطرد: كما رصدنا وصول مدد أمريكى عبر البحر لإسرائيل، بوصول سفن أنزلت معدات على الساحل، ونقلنا تحركاتها إلى القيادة بالقاهرة، وكان قائد هذه القوات عساف ياجورى، ووصل خبر تلك التحركات إلى القيادة المصرية فتمكنت أسر عساف ياجورى.

«رفح» المصرية.. آخر المدن المحررة من الاحتلال الصهيونى ..بدأت مزارا سياحيا ثم ممرا تجاريا بين مصر وغزة.. و«الغزاويون» اجتازوا حواجزها مرتين.. لعنة الأنفاق طردت 2000 من ساكنيها



تعد «رفح» آخر مدينة مصرية شهدت جلاء الاحتلال الإسرائيلى ورفع العلم المصرى فوق كامل أراضى سيناء، «اليوم السابع» رصدت ما شهدته المدينة خلال الـ33 عاما مضت، حيث عاشت رفح أحداثا جساما منذ تحريرها.

رفح عندما كانت مزارا سياحيا


بعد مرور سنوات قليلة على تحرير مدينة رفح المصرية، أصبحت مزارا سياحيا مشهودا له، حيث تشد إليها رحال السائحين زائرى شمال سيناء، قاصدين متاجر المدينة التى تعج بمنتجات فلسطين والتى تصل عبر الحدود مهربة عبر بوابة صلاح الدين.

ومرت السنوات ومع انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005 فيما عرف باسم «خطة فك الارتباط أحادى الجانب» وخضوعها للسلطة الفلسطينية، كانت المفاجأة غير المتوقعة، وهى عبور الغزاويين الحدود، وانتشارهم بسيناء، الذى استمر لعدة أيام أعقبه خروجهم وإغلاق الحدود.

 وتسارعت وتيرة أحداث غزة ودائما صداها على رفح المصرية أكثر تأثيرا، فقد استولت «حماس» على الحكم وتولت المقاليد خلفا لسلطة «فتح» لتعود حالة انعدام الأمن، وتفتح الحدود بين مصر وغزة، وينتشر للمرة الثانية آلاف الغزاويين فى سيناء عام 2008، ويصلون للعريش إلى أن تمكنت قوات الأمن المصرية وقتها من السيطرة على الأوضاع.

انتشار ظاهرة الأنفاق


التحدى الأكبر الذى واجهته مدينة رفح وسبب لها فيما بعد تغيير جزء من وجهها من على الخريطة هى ظاهرة الأنفاق، التى بدأت إبان احتلال إسرائيل لقطاع غزة، بحفر أنفاق تنقل من خلالها الأسلحة، ومع الوقت وفرض إسرائيل حصارا على غزة عقب انسحاب إسرائيل، تحولت الأنفاق إلى ممرات لنقل البضائع من مصر إلى غزة.

انتشرت ظاهرة الأنفاق، وكما تقول مصادر أمنية: إنها وصلت لأكثر من ألفى نفق، وتمددت لتصل إلى عمق كيلو ونصف الكيلو داخل الأراضى المصرية.

الأهالى يغادرون الشريط الحدودى


«محمود الأخرسى» أحد أهالى المدينة الذين غادروها بعد أن تم هدم منزله وتعويضة قال: إنه رحل من رفح شرقا لمسافة 100  كم غربا، واستقر بإحدى قرى بئر العبد، ولم ينس دياره التى عاش بها، مضيفا: إنها اللعنة التى حلت برفح هى لعنة الأنفاق.
موقع رفع العلم المصرى عام 1982
من أشهر المواقع فى مدينة رفح التى ارتبطت بذكرى تحرير سيناء، موقع رفع العلم المصرى على آخر شبر محرر يوم 25 إبريل من عام 1982 بعد انسحاب آخر جندى صهيونى من على أرض رفح.
 وبعد رفع العلم الذى استمر سنوات فى نفس المكان دون تجميل سوى سياج من الحديد لا يفى بالغرض، فتم عمل تمثال لجندى مصرى يحمل فى إحدى يديه البندقية وفى الأخرى العلم وتنبع من تحت قدميه نافورة مياه تصب فى فساقى من الرخام والجرانيت الفاخر وفى خلفية التمثال جدار عملاق يحكى تاريخ سيناء وتاريخ الحروب بحروف من الفسيفساء والزجاج الملون، عقب أحداث ثورة يناير، حطم متشددون النصب التذكارى بحجة أنه صنم يعبد.

«ياميت» أشهر مستعمرة إسرائيلية تم تفكيكها برفح


يقول الباحث فى تاريخ سيناء «محمود حسن الشوربجى»: إن «إقليم ياميت» الذى عُرف باسم «بوابة رفح»، كان من أكبر التجمعات الاستيطانية فى شبه جزيرة سيناء قاطبة، وضم هذا الإقليم نحو 15 مستوطنة

فى ذكرى التحرير.. قرى «الشيخ زويد» تتحول إلى «بيوت أشباح».. الأهالى: كنا فى هذا اليوم نرفع الزينات وننحر الذبائح إيذانا بافتتاح المشروعات الجديدة.. واليوم نلتزم بيوتنا ونبحث عن الأمان



طائرات تحلق على ارتفاع منخفض وأخرى فى كبد السماء، ارتال من آليات عسكرية تتحرك هنا وهناك، الحواجز الأمنية على مسافات متقاربة، وفى المدن أغلقت بعض الشوارع، وأحيطت المنشآت الحكومية والمقرات الأمنية بالسواتر الترابية.إنه مشهد يومى فى شمال سيناء فى ذكرى تحريها الـ33، مشهد مؤلم رصدته «اليوم السابع»، بينما تظل المعارك مشتعلة فى الجانب الشرقى.

الحياة «معدومة» بالشيخ زويد


الحاج «مسلم السواركة» من أبناء منطقة جنوب الشيخ زويد قال: «مناطقنا لم يصلها مسؤول منذ أكثر من ثلاث سنوات مضت، وحياتنا أصبحت خوفا فى خوف، ننتظر أن يأتينا الموت من النيران المشتعلة حولنا، كل سبل الحياة تلاشت، لا ننتظر اليوم مسؤولا ليفتتح مشروعات، وننتظر خبرا يقول إنه تم القضاء على الإرهاب».

وتابع: «ها هى الطرق التى احتفلنا قبل سنوات بمدها أصبحت حفرا بعد أن اتخذها الإرهابيون مرقدا لعبواتهم الناسفة، وهى الآن لا يمر منها الآمنين وتشقها مجنزرات القوات وهى تلاحق المسلحين، المساكن التى شيدت بعضها تحول إلى كومة أحجار وتركها ساكنوها الذين فروا هاربين إلى مناطق آمنة، المدارس والوحدات الصحية هى الأخرى تضررت وسقطت أركانها والحياة توقفت هنا».

الرحيل هربا من نيران المعارك


ويستكمل الحديث «محمود» وهو أحد الرموز القبلية بشمال سيناء والذى يسكن منطقة قروية جنوب رفح قائلاً: «الرحيل من هنا يأتى هربا من نيران المعارك، بعد أن سقط شهداء من المدنيين نتيجة تعرض منازلهم لقذائف وشظايا ونيران، كما أن عمليات اختطاف فناطيس المياه من قبل المسلحين، تسببت فى وقف نقلها للقرى والمساكن التى لا تشرب المياه إلا منقولة نظرا لعدم وجود شبكات بها».

ويؤكد «مصطفى سنجر» أحد الأهالى القاطنين مدينة الشيخ زويد الأهالى لديهم إصرار غريب على التمسك بالمكان، أصبح كل شىء هنا مكلفا، السفر ما بين الشيخ زويد والعريش الذى لا يتجاوز مسافة زمنية 20 دقيقة ، أصبح يستغرق 3 ساعات على الأقل نتيجة إغلاق الطرق واتخاذ مسارات جانبية، المرور بها فى حد ذاته محفوف بالمخاطر».

بينما أكد بعض الأهالى أن قرى «التومة» و«أبولفيته» وأجزاء من قرى «المقاطعة» و«المهدية» و«جوز أبورعد» قد شهدت رحيلا جماعيا رحل ساكنوها إلى مناطق آمنة بالعريش.

ووصف «قدرى سامى» أحد الأهالى مدينة العريش بأنها لم تغب عن مشهد التأثر بأجواء الحرب على الإرهاب، قائلاً: «لم أشهدها على هذه الحالة طوال عمرى الذى تجاوز السبعين».

وقال الدكتور «حسام رفاعى» أحد القيادات الشعبية البارزة بالعريش: «التحديات التى تواجهنا كثيرا كأهالى، ونواجهها بصبرنا عليها رغم تضررنا، ومع ذلك يتم تخويننا».

فيما قال اللواء السيد عبدالفتاح حرحور محافظ شمال سيناء: إن المحافظة تشهد عملية تطهير من الإرهاب واستئصال لمنابعه، وهى تمر بظروف استثنائية.

وأضاف: إن سيناء مستهدفة من قوى الشر، ما يجرى على أرضها تمالإعداد له مسبقا ليجرى الآن، لذلك تقوم القوات المسلحة والشرطة المدنية بواجبها فى عمليات التطهير».

وأوضح أنه تم هذا العام إلغاء كل الاحتفالات احتراما لدماء الشهداء فى الحرب على الإرهاب.


اليوم السابع -4 -2015









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة