بالفيديو..حين يجتمع الأموات والأحياء تحت سقف واحد..كفيف يقيم مع أولاده الخمسة وشقيقته بمقابر الشافعى..الموتى وجحيم الفقر والظلام يحيطون بهم.."رجب":باخد عيالى تحت باطى بالليل وأقفل القرافة والحامى ربنا

الثلاثاء، 24 مارس 2015 05:49 م
بالفيديو..حين يجتمع الأموات والأحياء تحت سقف واحد..كفيف يقيم مع أولاده الخمسة وشقيقته بمقابر الشافعى..الموتى وجحيم الفقر والظلام يحيطون بهم.."رجب":باخد عيالى تحت باطى بالليل وأقفل القرافة والحامى ربنا عم رجب
كتبت منة الله حمدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مقابر الإمام الشافعى بالسيدة عائشة تلك المقابر التى يسكنها الأموات والأحياء، تجولت كاميرا "اليوم السابع" داخل طرقات تلك المقابر لترصد المعاناة التى يعيشها المواطنون هناك ومدى الفقر المدقع الذى يعيش فيه ساكنو هذه المناطق، والكوارث التى تنتج عن وجودهم فى مكان لا يصلح إلا للأموات فقط، مواطنون يعيشون جحيما لا يطاق وهم مازالوا فى الحياة الدنيا.

فى مكان يبعد عن مسجد السيدة عائشة بعشر دقائق ووسط طرقات وأزقة تجد على اليمن والشمال مقابر، بعضها مهدم والآخر قائم، حيث تجد أسماء الموتى مكتوبة على مقابرهم المتراصة بجانب بعضها البعض، تجولت كاميرا "فيديو7" لترصد أحوال ساكنى المقابر الذين لا يختلف حالهم كثيرًا عمن يعيشون فى كنفهم من أموات.

وفى مقبرة كبيرة بها غرفة واحدة يسكن فيها "عم رجب حربى" هو وأولاده الخمسة وأخته "مرضية" التى تكبره سنًا ولم تتزوج حتى الآن، يجلس عم رجب طوال يومه على الأرض فى تلك الغرفة المظلمة، بجانب سرير وبجانبه دولاب ومنضدة عليها تلفزيون بجواره بوتاجاز قديم يستخدمه لوضع الأوانى عليه، أما الملابس القديمة والممزقة والبطاطين التى يقشعر البدن من رؤيتها فتملأ المكان، بالإضافة إلى الأوانى المتسخة والعناكب التى "تعشش" فى كل ركن من الغرفة.

رصدت "فيديو7 قناة اليوم السابع المصورة" معاناة ذلك الرجل الكفيف، عم رجب الذى يبلغ من العمر 42 عامًا قضاها بأكملها داخل المقابر منذ ولادته وحتى الآن، فقد "عم رجب" نور عينيه أثناء ثورة 25 يناير وهو يدافع عن أمثاله من الفقراء للمطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وللأسف لم يحصد من الثورة ما حصده الآخرون، لقد حصد الظلام وخراب بيته "مقبرته" حيث ذهبت زوجته وسافرت إلى أهلها منذ سنتين وتركت له 5 أطفال "هيثم ومحمد وحربى وغادة ومنة" تتراوح أعمارهم ما بين 3 أعوام و15 عامًا.

"رجب" لا يريد من هذه الدنيا سوى شقة تؤويه هو وأولاده وأخته "مرضية"، ويقول " كل اللى بتمناه من الدنيا دى شقة ألم فيها عيالى عشان أمهم ترجع، من ساعة ما اتصبت فى عنيا ونظرى راح وأنا مش بشتغل وعايش على الإعانة من الغير، وعيالى طلعتهم من المدارس علشان المصاريف".

يعيش "رجب" حالة من البؤس والشقاء هو وأولاده الخمسة سافرت زوجته لأهلها لضيق المعيشة وتركت له خمسة من الأطفال أصغرهم رضيع لا يبلغ من العمر سنة واحدة، ورجب رجل كفيف لا حول له ولا قوة.

ويضيف "رجب": "والله أنا مش بنام باخد عيالى تحت باطى كل يوم بالليل وأطبطب عليهم واحد واحد وعلى أختى كمان وأقفل عليا باب القرافة والحامى ربنا، أمهم سابتنى وراحت سوهاج عند أهلها ومش عايزة تيجى غير لما الحال يتغير والناس وحشة".

"مرضية" أخت رجب تعيش حياة لا تختلف مطلقًا عن أخاها، وحسب قول الجيران إنها "لا تفقه شيئا"؛ فهى تكبره بسنوات ولم تتزوج حتى الآن، ومنذ أن تركته زوجته وهى التى تتحمل مسئولة الأطفال، يقول رجب "أختى هى اللى بتعمل كل شىء بتروح السوق وتقضى طلبات العيال وتقوم بخدمتهم وأنا تعبان ومش قادر أعمل حاجة".

يقول الله تعالى "كل نفس ذائقة الموت" وأطفال عم رجب ذاقوه وهم يعيشون فى الدنيا التى لم ترحمهم وقلبهم ينبض بالحياة يعيشون برضى بما قسمه الله لهم من رزق، عندما تنظر إليهم فالحزن يملأُ أعينهم، والماء لم يلمس وجوههم منذ زمن بعيد، وملابسهم متسخة لدرجة أنك لا تعرف لونها، أحلامهم بسيطة لا يحلمون كما يحلم الآخرون فى عمرهم من ملابس جديدة ولعب وموبايل وتنزهات فى الحدائق.

"أنا زعلانة من ماما عشان مشيت وكمان عشان مش بتسأل علينا، البنت من غير أمها ماتسواش".. هكذا قالت غادة 12 عامًا الابنة الكبرى لرجب تعقيبًا على غياب أمها لأنها أكثر تأثرًا بغيابها من أخواتها وأكثرهم ارتباطًا بها.

تقول غادة "إحنا عايشين ومبنقلش لأ بشتغل مع أبويا فى الأرافة (المقبرة) أعمل حاجة أجيب له حاجة، لكن مبتطلعش بره عشان مرة كنت ماشية فى الشارع رايحة اشترى حاجة جريوا ورايا ولاد ورفعوا على السلاح وخدوا منى الفلوس ولولا الناس جريوا وراهم ماكنتش رجعت"، تتمنى "غادة" فى هذه الدنيا أقل من القليل، مستطردة "نفسى أبويا يفتح عشان يشوفنا أنا وأخوتى وكمان عشان يكلم أخوالى يمكن أمنا ترجع لنا، أنا كمان نفسى أتعلم وأطلع معلمة أو دكتورة".

أما "منة" ابنة الـ10 سنوات فقالت "نفسى فى شقة أعيش فيها"، ومحمد 5 سنوات ذلك الولد الشقى الذى يجوب حارات المقابر وأذقتها جرى بأقدام حافية وعيون يملؤها الحزن والذكاء فى آن واحد فقال "عاوز أمى، عاوز أمى وأخواتى".

أما "هيثم" الابن الأكبر لرجب والذى يبلغ من العمر 15 عامًا والذى يعتمد عليه رجب فى كل شىء، لأنه يدفن الموتى بدلاً منه كى يعينه على تدبير لقمة العيش له ولإخوته وعمته "مرضية"، يقول هيثم "أنا بدفن بدل أبويا، كل اللى بتمناه هو أن أبويا يفتح وأعيش أنا وأخواتى فى سعادة، وأعمل لهم كل اللى هما عاوزينه، ونفسى أحجج أمى وعمتى، وأجيب شقة عشان أمى ترجع ونقعد فيها أنا أبويا وأمى وأخواتى وعمتى وإذا ربنا فرجها عليها أجيب هدوم، أنا كنت بروح المدرسة بس طلعت عشان المصاريف وبعدها اشتغلت عند بتاع رخام.. أنا نفسى أعيش أهلى عيشة حلوة".

يعيش "رجب" فى عزلة عن جيرانه لدرجة أن الجميع رفض التحدث عنه سوى "أيمن" يعمل فى بناء المقابر، حيث قال "رجب ظروفه صعبة جدًا وتعتبر معدومة ومش لاقى، وطول عمره عايش فى حالة ومالوش كلام مع حد، عنده خمس عيال غير أخته "مرضية" ومن ساعة ما أمه ماتت مراته سابته ومشيت عشان الناس كانت بتترازل عليها فأخواتها من الصعيد وميرضيهمش الكلام ده جم خدوها ومشيوا من ساعتها مجتش".

وجه "رجب" رسالة لرئيس الجمهورية قال فيها "عاوز شقة ولو كشك أصرف منه كمان يبقى كتر خيرك، ربنا يخليك لينا ويتم عليك الرئاسة تشوف لى حاجة تسترنى أنا وعيالى".










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة