"غياضة الشرقية" القرية المظلوم أهلها فى بنى سويف

بين أحضان الجبل وأطلال المقابر وتلال القمامة يعيش أكثر من 15 ألف نسمة بين الجهل والفقر الشديد داخل قرية غياضة الشرقية التابعة لمركز ببا جنوب بنى سويف.

صعوبة المواصلات

لكى تفكر فى الذهاب إلى القرية عليك بحلين لا ثالث لهما، أن تستأجر سيارة من مدينة بنى سويف يطلب سائقها مائة جنيه، أو أن تعبر النيل "وأنت تردد الشهادتين" فى معدية متهالكة تجمع الأهالى والمواشى وسيارات النقل فى مشهد ينقصة الحياة الادمية والرقابة.

"اليوم السابع" عاش بين أهالى قرية غياضة الشرقية والعزب المجاورة لها يوماً كاملاً، فعند الوصول إلى الجانب الغربى من النيل تجد معدية يتصارع عليها الأهالى والسيارات النقل وأخرى خالية وخاوية على عروشها دون أن تتحرك إلى أن أكلت حوافها المياه وانتشر الصدأ فى جوانبها.

معديات الموت المتهالكة

قابلنا عم عبدالرحمن سالم " 55 عاماً " فلاح مبتسماً قائلاً " متستغربش يا ابنى المعدية الواقفة خربانة دى بتاع مجلس مدينة ببا مبتشتغلش خالص ومفيش موظفين عليها " وقبل ان اسأله عن السبب " عارفك عايز تعرف هى واقفة لية، بص على المعدية التانية اللى شغالة دى أصحاب المعدية دى فى مصالح بينهم وبين معدية الحكومة، يعنى لازم بتاع الحكومة تتعطل عشان دى تشتغل وكلة يأكل عيش.

المعديات غير آمنة

وعند تحرك المعدية تجد أما تمسك بكل ما أوتى من قوة بابنها خشيت أن يسقط فى النيل لعدم وجود أبواب للمعدية على عكس المعدية الخاصة بمجلس المدينة المقسمة إلى جزء به كراسى للأهالى والجزء الآخر مخصص للسيارات.

15 ألفا يشربون مياها ملوثة

عند الوصول إلى الجانب الشرقى اصطحبنى نور الدين محمد علام " 35 سنة " الى مأخذ محطة مياه الشرب، وتحدث نور عن التلوث الذى يصيب الأهالى، مؤكداً أن أكثر من 15 ألف نسمة من أهالى القرية والقرى المجاورة يشربون مياها ملوثة لعدم وجود شبك يحيط مأخذ المياه، مما يجلب الحيوانات النافقة والقمامة التى يلقيها الأهالى، بالاضافة الى مياه الصرف والقمامة التى يلقيها الأهالى بجانب مأخذ المياه.

وأضاف نور " طالبنا مجلس المدينة لاقامة شبك يمنع وصول المخلفات الى مأخذ المياه إلا أننا لا نأخذ منهم الا وعود كاذبة مما اصاب اغلب أهالى القرية بالامراض المزمنة.

التوك توك والمستشفى

بعدها طلب نور ان يصطحبنا الى المستشفى القروى، وفى طريق ترابى ضيق لا يتعدى عرضة مترين، ظل عبدالرحمن الاسمر " 22 عاماً "سائق التوك توك يتحدث بكل غضب عن المستشفى القروى قائلا" يابية المستشفى دى اسم بس مفيهاش دكاتر ولا ممرضات، ولو حد تعب بالليل والا حتى بالنهار لازم يروح المستشفى المركزى بمدينة ببا او يروح عند دكتور خصوصى فى ببا.

مبنى فاهر

وفى مبنى فاهر مكون من ثلاث ادوار تقع المستشفى القروى لقرية غياضة الشرقية والعزب التى تتبعها، حيث من المفترض انها تخدم اكثر من 15 الف نسمة من المواطنين فى ظل بعد القرية عن اقرب مستشفى عام بنحو 30 كيلو متر.

المستشفى مغلقة بالضبة والمفتاح

وأمام المستشفى تحدث الحاج محمد أحمد عبيد - 64 عاما - "زى ما انت شايف كده المستشفى مقفولة بالقفل ومفيش فيها حد، طيب لو عيل قرصه تعبان فى الغيط دلوقت يروح فين، مش هيستنى لحد لما نركب المعدية ونروح ببا، دة هيكون مات وشبع موت كمان".

أجهزة حديثة بدون أطباء

ويضيف عبدالله حسن عبيد " 57 عاماً " فلاح أن المستشفى بها احدث الاجهزة الحديثة وتكلفت اكثر من ثلاث ملايين جنيه إلا أنه لا يوجد بها طبيب، والمستشفى لا يوجد بها أى حد، إلا أنه كل يوم من الممكن ان تحضر ممرضة أو اثنين لمدة ساعة صباحاً، إلا أنه لا يوجد بها أى طبيب، وأصبح المبنى يسكنه الأشباح.

المياه الجوفية وبوار الأراضى

أما المزارع عاطف فتحى " 46 عاماً " فتحدث عن معاناة المزارعين مع المياه الجوفية والتى اغتالت بعض الأراضى الزراعية نظراً لكثرة الاملاح الموجودة بتلك المياه التى ساعدت على بوار تلك الأراضى.

غرق المقابر والبحث عن مقابر جديدة

وأضاف عاطف " الأرض البور اللى قدامك دى، الملوحة اللى فى المياه الجوفية هى اللى زودت نسبة الاملاح بها، والناس خسرت كتير، ومش الأارض الزرراعية بس لكن البيوت فى " النزلة " كلها عايمة على المياه الجوفية، وكمان المقابر اتغرقت مياه، والناس بتشيل اقاربها الميتين وبتحاول تدور ليهم على مقابر فى مكان اعلى عن منطقة المياه الجوفية.

الأهالى يصرفون المياه على النيل

ويستكمل المزارع كلامه أن الصرف الصحى بدأ العمل فيه فى النزلة فقط، لكن بقية الأماكن الثانية لا يجد الأهالى مفرا من صرف مياه الصرف إلى أقرب مجرى مائى، وللأسف أقرب مجرى مائى هو نهر النيل.

معاناة المدارس

وفجر مختار فتحى " 51عاماً " قضية معاناة الطلاب مع المدارس حيث إن القرية تضم عزبتى محمد عويس ونزلة ابو النور والمدرسة الابتدائية والإعدادية تبعد عن العزبتين بنحو أربع كيلومترات، أى أن تلاميذ العزبتين يمشون هذا الطريق يومياً مرتين على الأقدام من أجل الذهاب للمدرسة.

وأضاف مختار أن طلاب الثانوى العام والفنى يذهبون عبر المعدية يومياً إلى مدينة ببا حيث لا توجد مدارس ثانوية فى الجانب الشرقى من النيل.