ويقول التقرير إن هناك توافقا بين العلماء المسلمين أنه على الرغم من أن داعش يعتمد على بعض المراجع الإسلامية السنية، إلا أن تفسيراته وتطبيقاته لتلك المراجع تقع بعيدا خارج النطاق المقبول، وفيما يتعلق بشخص أو هيئة موثوق بها يمكن أن تواجه داعش، تكون الأمور أكثر تعقيدا فمن المعروف جيدا أنه لا يوجد دولة أو هيئة مثل كنيسة أو مجموعة من الشخصيات الدينية التى تفسر وتفرض واحدا من التعاليم الإسلامية، كما لا توجد مؤسسة رسمية مثل الفاتيكان أو هيئة كنسية أخرى للمسلمين.
لكن لعدة قرون، رأى المسلمون العلماء باعتبارهم سلطة دينية، وعادة ما اجتمع هؤلاء العلماء تحت الأجهزة المؤسسية التى أصبحت بدورها مقبولة باعتبارها اختبارا لما يمكن اعتباره إسلاميا أو ليس كذلك، ووعيا بأهميتهم، حاولت الدول والسلطات السياسية أن تضع المؤسسات أو الشخصيات الدينية تحت أجنحتها، وحاولت التأثير عليهم فى تلك العملية. من تلك المؤسسات القرويين فى المغرب، والقيروان فى تونس، وشبكة نهضة العلماء فى إندونيسيا ودار المصطفى فى حضر موت باليمن. إلا أن أيا منها لا يماثل مكانة الأزهر فى مصر الذى تأسس قبل ألف عام على يد الدولة الفاطمية فى القاهرة.
دور الأزهر
وتابع التقرير قائلا إن الأزهر الذى يتبع المذهب السنى، كان تعدديا للغاية ليس فقط فى الاعتراف باتساع المذهب السنى كمذهب صالح، ولكن أيضا فيما يدرسه أيضا، وفى القرن العشرين، كانت هناك محاولة قصيرة لدمج التشيع وإن كان وفقا شروط محددة، وهى الخطوة التى تكاد تكون مستحيلة اليوم فى ظل البيئة الطائفية.
ورأى كاتبا التقرير أنه فى ظل انشغال الأزهر بين إحساسه بالمهمة ورغبات القيادة السياسية، وفى ظل تعدديته المربكة أحيانا ونهجه التقليدى إزاء العلوم الدينية، لم تستطع المؤسسة أن تتحدث بصوت واحد يتمتع بمصداقية، وفى العالم المسلم اليوم، حيث أصبح لمستهلكى التعاليم الدينية فرصة الحصول على خيارات أكثر من الماضى، فإن النتيجة هى أن السلطة الدينية حقيقية لكنها مجزأة، وهذا الانقسام ربما يراه البعض من ناحية مثريا وتعدديا، إلا أنه يمكن أن يكون من ناحية أخرى مربكا للمؤمنين ومحبطة لعلماء الدين المتخصصين.
استمرار التشرذم يصعب الأمور
وخلص تقرير فورين أفيرز فى النهاية إلى القول بأنه طالما ظل التشرذم وسوء استغلال السلطة الدينية قائما، سيكون من الصعب التحرك لبعد ما حدث بالفعل، من حيث انحراف داعش وتبنيها تفسيرات مختلفة عن التقليد السنى الكلاسيكى، لكن بعيدا عن داعش، فإن تلك القضايا المتعلقة بالسلطة والتعليم الدينى تظل قائمة، ومن المرجح أن تسفر عن استمرار النشاز بين كثير من المسلمين السنة فى المستقبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة