على أوراق ملونة قررت أن أخطو أولى الطرق لمعرفة إجابة سؤال قد يصل منا الكثير إلى تحت الثرى ولا نصل إلى إجابته، وقد يصل البعض لإجابات خاطئة متوهما أنها المراد، والقليل منا يصل للإجابة الصحيحة، سؤال مكانه الحقيقى أمام المرايا، سؤال يدعو لمعرفة ما تريده النفس للوصول إلى نسبة من الكمال والرضا (ما الهدف الذى أسعى لتحقيقه ؟!! ) أو بالمعنى العامى " انأ عايزة اعمل ايه فى حياتى".
لا يوجد من لم يمر على مخيلته هذا السؤال، وأنا واحدة من الناس التى يتكرر هذا السؤال عليها أكثر من مرة خلال اليوم، والحمد لله لم أتوصل لأجابة، ثمانية وعشرون عاما وبدأ الشيب يتغلغل رأسى ولم أجد ما أستطيع فعله ؟ لم أجد ميزتى " اللى محدش فيها هينافسنى على رأى أحمد مكى".
ليس معنى هذا إنى أعيش حياة تعيسة لإنى لا أرى هدفى، لكنى أشعر بالنقص رغم أن هناك من لا يشعر بأن شيئا ما مفقود ويتعامل مع حياته كأنها كاملة، ومنا من يطلب المساعدة للتنقيب داخله ليجد الأبرة فى كومة القش، نعم فالبحث عما تريده النفس أمرا صعبا وقد يصبح مستحيلا وقد تكون محظوظا وتجده فى لمح البصر.
أمام المرآة وكالعادة يوميا نظرت لتجاعيد بسيطة تخبر من يرانى إنى أمرأة متزوجة عانت من اضطرابات النوم لوجود طفل صغير، خوفا انبت شعيرات بيضاء لامعة تنبهنى بأقتراب عامى الثلاثين ورغم هذا اكرر لم أفعل شيئا؟؟، اقتلعها دائما حتى لا أرى قطار العمر يجرى أمامى بدون مكابح " ويطلعلى لسانه ويقولى راحت عليك يا حدق ".
لا أرى العالم باللون الأسود بل أرى ألوان قوس قزح متناثرة فى كل مكان لكن أراها باهتة فمن المحتمل أن تكون نظارتى تحتاج لمسحة جيدة حتى أراها مشرقة من جديد .
"أنا عايشة ليه؟" الاجابة النموذجية المتعارف عليها بين النساء المتزوجات " علشان جوزى وعيالى "، ليس لدى أى اعتراض مطلقا ولكن ماذا فعلتى لنفسك؟! " بعاملهم معاملة كويسة وبربيهم أحسن تربية عشان يفتكرونى بدعوة حلوة بعد الموت"، ليس لدى أدنى اعتراض أننا نعيش لأجلهم السؤال"إنتى نفسك تعملى إيه ليكى ؟"،وهنا تجد إجابات مختلفة، فمنا من يقول انه فعل كل شىء وهذا محتمل أن يكون كذابا أو لا يعرف ماذا يريد فى الأساس؟، وهناك من لديه الكثير يريد أن يفعله ولا يعرف من أين يبدأ ولا كيف يبدأ ؟ مثلى تماما.
جئت من اراض الدلتا أحمل معى حلمى الاول " العمل فى الصحافة الفنية "، خطوت خطوات بسيطة ولكن توقفت بلا سبب، ثم امتهنت وظيفة لا أعلم عنها الكثير وتميزت إلى حد بسيط جدا ولكن لم أجد ما أبحث عنه ؟، الآن ومع لحظات الصمت المنزلية المطولة صنعت أحلاما أرى نفسى فيها كاتبة لها قراء ومتابعين، مصممة أزياء يصفقوا لى فى العروض الكبرى ،معلمة طبخ للسيدات المبتدئات، سكرتيرة مكتب فى كبرى الشركات لا ينقطع رنين هاتفها عن الصياح، صاحبة محل لبيع الورود والهدايا، لاعبة تنس لديها مشجعين، عازفة كمان بفريق الأوبرا تتمايلون مع عزفى، متطوعة ضمن حملة معا"للفنان محمد صبحى، ممثلة مشهورة أمام أحمد حلمى، مذيعة لها برنامجها على الراديو، صاحبة صوتا يصاحب تترات مسلسلات كبار النجوم قبل أن يصدأ قريبا.
أنا ورغم كل هذه الطموحات، أرى نفسى فاشلة، لا أعرف ما الذى يصلح لى وقد تكون غايتى لا شئ من هذا كله، قد تكون كل هذه مجرد خرافات واحلام يقظة .
هناك من يقول لى دائما " احمدى ربنا وربى ابنك وأنتى ساكتة" لكنى أريد أن أفعل ما احبه حتى أعلم طفلى البحث عما يريده حتى يجد نفسه فيما يفعله، فأكثر من نصف الشعب المصرى يعمل ما لا يحب، لكن لا يوجد مانع من العمل فيما أحب وفيما لا أحب اذا سمح لى الوقت وسط زحمة الحياة.
أمتلك وقت فراغ مطول يصاحبه أرق لا ينقطع تتزاحمه أحلام يقظة تصيينى بالتوتر أضع خططا واحذف أخرى ولم أصل إلى البداية حتى الآن .
قد ترى نفسك بين السطور وتلتقط خيوط أحلامك لتنسجها، هنيئا لك فالكاتب إلى الآن لم يجد حلمه، ولكن لا اخفى عليكم سرا أعتقد أن الألوان بدأت فى السطوع رويدا عند أمساكى للقلم مرة أخرى بعد عدة أعوام، ولعل فى إحدى كتاباتى أتوصل للحقيقة المتناهية لحياتى وماذا اريد؟ وأبدأ حكايتى الخاصة .
الكل لا يعرف من أين يبدأ حكايته الخاصة – صورة أرشفية