الإجابة عن السؤال تستدعى أن نضع فى الاعتبار طبيعة المرحلة المقبلة، فإن كانت السنة الأولى هى سنة المشروعات الكبرى، ومحاولة السلطة الجديدة «لملمة» الجهاز الإدارى وتقفيل المشروعات المفتوحة، وإن كانت خبرة المهندس إبراهيم محلب جعلته الرجل المناسب لتلك المرحلة وهذه المهام، فهل هى المناسبة للمرحلة المقبلة التى ستكون بكل تأكيد فى حاجة إلى رؤى شاملة للتعامل مع ملفات لم تقربها حكومة المهندس محلب مثل ملفات التعليم والثقافة والحريات والمنظمات الحقوقية وغيرها؟
الواقع يقول إن المرحلة المقبلة فى حاجة إلى رجل سياسى أكثر من احتياجها إلى رجل ذى خبرات إدارية وميدانية، تحتاج إلى شخص قادر على «لملمة» شتات الملفات السياسية، خاصة أن أداء حكومة محلب فى هذا الملف لم يثمر عن إنجاز فيما يخص سرعة إجراء الانتخابات البرلمانية.
هل طبيعة المرحلة فقط هى التى تجعلنا نقول بأن العد التنازلى للمهندس محلب قد بدأ؟ بالطبع لا، فهناك أمران آخران فى غاية الأهمية والخطورة يشيران إلى الطرح السابق ويؤكدانه، أولهما أن الفكرة الأكثر تداولا على المستوى الإعلامى والسياسى خلال الشهور الأخيرة من العام الأول لحكم الرئيس السيسى هى الفكرة القائلة بأن هناك فرق سرعات واضحا بين أداء مؤسسة الرئاسة وأداء الحكومة، بين تحركات الرئيس وتوجيهاته، وبين خطوات الحكومة وقدرتها على التنفيذ، شبه قناعة منتشرة بأن الرئيس ينجز أسرع من حكومته، بل يتخطى البعض ذلك ويقول بأن ما يحققه الرئيس من نجاحات يشوهها ويعطلها ويضيعها أحيانا الوزراء بتحركاتهم البطيئة أو تصريحاتهم غير المدروسة أو أخطائهم المتكررة.
أضف إلى ما سبق ملاحظة مهمة يرصدها البعيد قبل القريب من الشأن المصرى، وهى اعتماد الرئيس فى مشروعاته الكبيرة على الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وهيئة قناة السويس وإشرافه على تلك الملفات بنفسه، حتى الملفات الخاصة بمحطات الكهرباء الجديدة التى تم التعاقد عليها مؤخرا يقود الرئيس مفاوضتها بنفسه، وهو ما يراه البعض رغبة فى إنجاز ملفات يعلم تماما أن وضعها فى يد الجهاز الإدارى الخاص بالحكومة يعنى بطئا غير مطلوب.
الأمر الثانى الذى يجب الالتفات إليه، هو تغير نبرة الرئيس السيسى وانتقاله من مرحلة طلب الصبر من الإعلام والمواطنين على الوزراء والحكومة بسبب الظروف إلى مرحلة إطلاق تصريحات تطالب الحكومة بالإنجاز وسرعة الأداء دون التعلل بالظروف، وكان آخرها ماقاله فى حضور رئيس الوزراء أثناء كلمته خلال افتتاح 39 مشروعا عبر الفيديو كونفرانس مع الهيئة الهندسية، وفى هذه الكلمة حرص الرئيس على أن يخاطب عددا من الوزراء بكلمات انتقادية يطالبهم بإصلاح ملفات، أو ينصحهم بتغيير طريقة التعامل مع المواطنين، ثم وجه كلمته مباشرة إلى المهندس إبراهيم محلب قائلا له : «إنت قولتلى إنك هتبقى زى البلدوزر.. فين البلدوزر ده؟»، تعليقات الرئيس التى تضمنت ملمحا انتقاديا وجهت أيضا إلى وزير التعليم الذى طالبه الرئيس بضرورة العمل الجاد خلال إجازة نهاية العام، للنهوض بالمدارس ورفع كفاءة المنشآت الخاصة بها، حتى تليق بأبناء مصر فى العام المقبل، كما وجهه ببدء عقد الدورات التدريبية للمعلمين للنهوض بالعملية التعليمية مع مطلع العام الدراسى، ثم وجه كلمة للمحافظين، قائلا: «كل محافظ رئيس جمهورية محافظته والمسؤول عن كل شىء بها خاصة مراكز الشباب، ويجب الارتقاء بها وتنميتها باعتبارها العصب الرئيسى فى التنمية وليس المنشآت (الأسمنت والطوب)».
هذه اللغة الرئاسية لا يمكن التعامل معها اعتباطا أو على سبيل المصادفة، وضعها فى الاعتبار مهم وضرورى، خاصة وهى تأتى فى ذكرى تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيسا، فهل انتهى الرئيس من مرحلة التأسيس، وبدأ يفكر فى مرحلة الانطلاق والإبداع التى بالقطع تحتاج إلى رجال يختلف أداؤهم وتختلف تصوراتهم عن الموجودين فى الحكومة الحالية؟.. سوف نرى.
موضوعات متعلقة ..
- ابن الدولة يكتب: اللى عاوزين مصالحة مع الإخوان..اشربوا.. الإخوان أعداء لهذا الوطن لا همّ لهم سوى السلطة ولا هدف لهم سوى خدمة الغرب من أجل البقاء فى السلطة
- ابن الدولة يكتب: القلوب السوداء وزيارة ألمانيا.. الرئيس كان مقنعا وصريحا فى شرح وضع مصر لدرجة جعلت المستشارة الألمانية تؤكد أنها تفهم التحديات التى تواجهها القاهرة
- ابن الدولة يكتب: ما غاب عن الإعلام فى رحلة ألمانيا.. ليبيا واليمن والإرهاب وملفات أمنية حساسة كانت ضمن الملفات.. فلماذا غابت التفاصيل عن الغاضبين والمؤيدين؟.. وكتاب يبنون تحليلاتهم على قال "الفيس بوك"