وتحدث وزير التنمية المحلية السابق، فى حواره لـ«اليوم السابع»، عن أهمية اللامركزية فى إدارة المحافظات، وضرورة تأهيل الكوادر الشبابية قبل إلقاء المسؤوليات على كاهلهم، مبديا رأيه فى العديد من الشخصيات السياسية. وإلى نص الحوار..
هل ترى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى نجح سياسيًّا؟
- الرئيس عبدالفتاح السيسى متحمس وأمين ونزيه، لكنه ليس سياسيا قويا، وهو يشبه مبارك فى بداية عهده.
كيف تقيّم أداء الرئيس خلال عام من حكمه؟
- أداء الرئيس السيسى خلال عام جيد جداً لأنه استطاع أن يجمع المصريين على حدث عام، وهذا شىء يحبه المصريون، وأكبر دليل على هذا مشروع قناة السويس الجديدة.
ما تقييمك لإدارة المهندس إبراهيم محلب للحكومة خلال الفترة الماضية؟
- المهندس إبراهيم محلب، مقاول شاطر جدا ومهندس ناجح، ولكن ليس سياسيا ناجحا، لأن الموضوع صعب عليه رغم أنه رجل أمين طول عمره، وسوء الأداء ليس مسؤوليته أو ذنبه لأنه لم يُربّ سياسيا، فالنشأة السياسية تبدأ من الصغر إلى أن تصل الجامعة ثم الالتحاق بحزب سياسى تمارس من خلاله كامل الأدوار، ثم التدريب فى حكومة ظل داخل الحزب.
كما أن «محلب» يؤدى مهام منصبه بعوامل الإدارة التنفيذية وذلك لفشله فى تنفيذ مهام عمله الأساسية التى هى عبارة عن وضع السياسات العامة لكل الوزراء وإدارتها.
وما تقييمك لأداء الحكومة؟
- الحكومة فى الشق التنفيذى جيدة، وسياسيا غير ناجحة، وأداؤها غير واضح حتى الآن، ولا يوجد فى مصر أى معايير لتقييم الأداء بشكل حقيقى، فالأمر برمته مبنى على العشوائية ومعايير التقييم فى مصر تعتمد على «الشاليه»، ورغم ذلك فإننا نستطيع أن نجزم بنجاح الحكومة فى الملف الأمنى والاقتصادى، كما نجحوا بشكل كبير فى الملف الخدمى سواء فى مشروعات الصرف الصحى ومياه الشرب.
هل ترى هشام رامز مناسباً لرئاسة الوزراء خلفا لمحلب؟
- أعتقد أن هشام رامز «شاطر» فى الاقتصاد، ولكن لا أعتقد أن مصر تحتاج إلى رئيس وزراء اقتصادى فى الوقت الحالى، ومصر فى حاجه لاختيار رئيس وزراء سياسى بالمقام الأول، وأنا ضد اختيار «هشام رامز».
كيف ترى الحياة الحزبية فى مصر؟
- لا توجد أحزاب فى مصر، والحياة الحزبية فى مصر منعدمة، وتقييمى للأحزاب الموجودة فى مصر «صفر».
وما سبب انعدم الحياة الحزبية؟
- الأسباب كثيره جدا أبرزها النظام الشمولى الموجود الذى بدأ منذ عام 1952 والذى يرفض أن يحكم أحد غيره، فبمجرد ظهور أى فصيل يطلق له فصيلا مضادا، فعندما ظهر الإخوان أطلق عليها الشيوعيين، والناصريون سلط عليهم الجماعات الإسلامية، وبذلك ينجح النظام فى القضاء على وجود أى أحزاب أو حياة حزبية فى البلد كى لا ينازعه أحد فى الحكم.
اختيارك وزيرا للتنمية المحلية فى عهد الإخوان تم بصفقة مع مكتب الإرشاد أم المجلس العسكرى؟
- لا أعلم كيف تم اختيارى وزيراً، ولم أكن متوقعاً، ووقتها كنت محافظ كفر الشيخ، وهشام قنديل بلغنى بالتليفون، وبعدها قابلت المشير طنطاوى، وبلغته أنى مسافر لإجراء عملية وقالى «لازم تستأذن لأنك كنت محافظ، وده دليل أنه مكنش يعرف أنى ضمن التشكيل الوزارى الجديد».
وعندما تم إبلاغى كنت مترددا، ولكن لم يكن لدى تخوفات، وفى النهاية وافقت وعملت بإخلاص وكنت أتمنى أن تنجح الحكومة وأن ينجح النظام، وتعاملت معهم بأمانة راجياً نجاحهم، ولكن بعد شهر واحد تأكدت أنهم لن يستمروا، لأنهم عاوزين الوزير يبقى بتاعهم مش وزير لمصر.
وهل قلت لأى من قيادات الإخوان أن حكمهم لن يستمر؟
- البلتاجى زارنى وأنا محافظ كفر الشيخ، قبل تكليفى بوزارة التنمية المحلية، خلال جلسات لجنة المائة لإعداد الدستور، وقلت له حينها «انتو مش هتطولوا فى الحكم ولو اشتبكتم مع الجيش هيلمّكوا فى نص ساعة»، فرد البلتاجى: «لا دا كان زمان»، وهما كانوا مستقويين فعلاً على أجهزة الدولة.
كان هناك لقاء مهم بينك وبين محمد على بشر ماذا دار فيه؟
- بعد إقالتى مع التغيير الوزارى، وعندما أصبح محمد على بشر وزيرا للتنمية المحلية من بعدى، اتصل بى وطلب زيارتى فى البيت، ورحبت به واجتمعنا لمدة 3 ساعات، وكانت الرسالة التى وجهها لى طلبا من جماعة الإخوان بعدم خروجى فى وسائل الإعلام ومهاجمتهم بعد استبعادى، معللاً ذلك بأهمية الوزارة بالنسبة لهم لما لها من أهمية للتحكم فى الانتخابات البرلمانية.
كيف أعددت حركة المحافظين أثناء توليك حقيبة وزارة التنمية المحلية؟
- جهزت ملف 50 محافظا لإعلان تشكيل حركة المحافظين الجديدة، وفوجئت بنشرة المحافظين الجديدة من وسائل الإعلام، وده معناه إن مكتب الإرشاد هو اللى اختار المحافظين، وأعلنت استقالتى حينها، وهشام قنديل كلمنى وقالى الوضع لا يحتمل والحكومة هتبقى مهزوزة.
السلفيون فى محافظة كفر الشيخ روجوا أنك على علاقة بالإخوان؟
- أنا مسلم زى كل الناس وبحافظ على الصلاة، وهما كانوا بيقولوا كده علشان كنت بصلى الفجر والعشا والتراويح فى رمضان فى المسجد، وفى بنى سويف كنت منتظما فى أداء الصلاة فى المسجد أيضاً، وده خلانى أقولهم: «ربنا ياخدكو كلكم، وإن سبب بلوة مصر هما الحزب الوطنى والإخوان».
كيف تقيّم تجربة تعيين نواب محافظين ومحافظين شباب؟
- تجربة غريبة جداً وغير ناجحة، لأن اختيار مجموعة من الشباب والإلقاء بهم فى «المصيبة دى» دون أى تأهيل أكيد مصيرها الفشل، والأفضل اختيار محافظين كبار ذوى خبرة ووضع ثلاثة مساعدين لهم لتدريبهم لمدة ثلاث سنوات ثم اختيارهم محافظين بعد تدريبهم.
ما هو سبب فساد المحليات؟
- سبب فساد المحليات عدم اتخاذ قرار، والآن مصر تعيش فى مصيبة لأن أصحاب القرار «ناموا» وتركوا صغار الموظفين يحكمون مصر الآن، لأن الكبار شالوا إيديهم من اتخاذ القرار.
هل تؤيد تطبيق اللامركزية فى إدارة المحافظات؟
- حل مشكلة مصر فى تطبيق اللامركزية، وجمال مبارك كان متبنيًا تطبيق هذه التجربة، لأنه كان يرى ما يتم تطبيقه فى بريطانيا، ويرغب فى نقل فكره التقدمى لإدارة البلاد، ومبارك زار محافظة بنى سويف 3 مرات عندما كنت محافظاً، وجمال مبارك كان معاه، وعقد اجتماعات متعددة مع المحافظين لتطبيق اللامركزية، إلا أنها لم تخرج عن حيز الكلام.
وما هى آليات تطبيق اللامركزية من وجهة نظرك؟
- إعطاء المحافظ كل الصلاحيات لإدارة المحافظة، أما الخطة والاستراتيجية تكون مركزية من الدولة، والتنفيذ يكون بالتنسيق بين الدولة والمحافظ الذى ينفذ كل شىء بقراراته الخاصة، وعندها تتم متابعته عن طريق كل الأجهزة الرقابية، فالرئيس قدوة لمن معه وينضح عليهم، وصلاح المحافظ سيزيد دائرة الموظفين الصالحين الذين يعاونونه، وبالتالى يختفى كل الفاسدين، مما يسهم فى إصلاح منظومة الجهاز الإدارى للدولة.
هل عرضت على الإخوان تطبيق اللامركزية فى إدارة المحافظات عندما كنت وزيراً؟
- قلت للإخوان أنا عندى استعداد أستقيل من وزارة التنمية المحلية وأترشح لمنصب محافظ بنى سويف، وتكون بداية لانتخاب المحافظين، ورفضوا، والدولة حتى الآن غير جادة فى تطبيق اللامركزية.
نجحت كمحافظ وفشلت كوزير، لماذا؟
- لم أكن وزيرا فاشلا فقد توليت الوزارة لمدة 4 أشهر فقط ولا يستطيع أحد النجاح مع الصراع الدائر مع الإخوان، والإخوان خدوا «مقلب فيا» فكروا إنى واحد منهم وهقبل بأخونة الوزارة، ولكنى وقفت لمخطط الأخونة فى الوزارة، وحينها بدأ الصدام مع الجماعة، وكان لابد من التخلص منى فى أقرب تعديل وزارى بعد أن وقفت ضد مشروع قانون تعيين ما يسمى بـ«نائب عام الثورة» بعد رفض النائب العام المستشار «عبد المجيد محمود» الرضوخ للإخوان فى مطالبهم، وحينما تقدم هشام قنديل، ومحمد محسوب، ووزير العدل أحمد مكى، بمشروع القانون، حدث الصدام الأخير معهم وكان وقتها مفترق الطرق بينى وبينهم.
ما علاقتك بقيادات الحزب الوطنى المنحل؟
- فى أحد اجتماعات أمانات الحزب بمحافظة الشرقية، حضره الدكتور حسام بدراوى، وجمعوا أعضاء الحزب الوطنى فى قاعة، وعندما طلبوا منى الكلمة قولتلهم «الحزب بلا رصيد وانتو جايين علشان تاخدو مخابز وأسطوانات بوتاجاز»، وفور عودة «بدراوى» للقاهرة، تلقيت اتصالاً من زكريا عزمى قالى «مينفعش كده»، فقولت له «أنا أقول اللى يعجبنى وانت مين علشان تكلمنى؟ قالى أنا زكريا عزمى، قولتله يعنى إيه زكريا عزمى، وأنت إيه علاقتك بالمحافظة؟»، ولكن كل التهديدات كانت تنتهى عند الرئيس مبارك لأنه كان يدعمنى.
وما علاقتك بالرئيس الأسبق مبارك؟
- مبارك اختارنى محافظ بنى سويف، وعلاقتى به كانت طيبة، وقالى احنا عاوزين نعمل تجربة إن المحافظ يكون من أبناء المحافظة، والمشير طنطاوى كان يدعمنى مادياً وذلك عن طريق الإمداد بكتائب طرق للمساهمة فى أعمال الرصف بالمحافظة، بالإضافة إلى المساهمة فى بناء المستشفيات، وتوفير الأجهزة الطبية، بدون أن تتحمل خزينة المحافظة أى تكاليف.
بحكم قربك من مبارك لماذا لم يتنازل عن الحكم؟
- فى السنوات الأخيرة بعد وفاة حفيده، كان زاهداً فى الحكم ولم يكن يتحكم فى الأمور، ولكن احنا اتعودنا إن مفيش رئيس جمهورية فى مصر بيتخلى عن الحكم، وأعتقد فى الوقت ده كان «زكريا عزمى» هو أقوى رجل فى مصر، وهو كمان سبب النكبة اللى مرت بيها البلد.
هل ترى 25 يناير ثورة أم فوضى؟
- 25 يناير بدأت بثورة وانتهت بفوضى، والإخوان استطاعوا السيطرة على الثورة، التى قام بها الشباب النقى غير المدفوع لإثارة الفوضى، وابنى شارك فى الثورة ولم أمنعه.
كيف كان تعامل المشير حسين طنطاوى مع مبارك؟
- المشير طنطاوى كان شديد الولاء لمبارك، وطنطاوى رفض الانقلاب على مبارك رغم أن البعض عرض عليه الأمر قبل ثورة يناير، وأنا قولتله الدنيا بايظة يافندم، قالى وهنعمل إيه؟ فقولتله: طيب ما تصلحها، أصدر أوامر للشرطة العسكرية ولم كل الناس اللى حوالين الرئيس وحدد إقامتهم لحين استقرار الأمور، وأبقى على الرئيس وأسرته فى منزلهم»، وكان رده «أنا خايف من الاصطدام بالشعب، وهما شكلهم عاوزين كده، وأنا معنديش أى استعداد أرفع عصاية على مواطن».
هل تتواصل مع الرئيس مبارك؟
- أتمنى زيارته وأفخر بالتواصل معه، لكن لم يحدث أن تواصلت معه خلال الفترة الماضية.
وما سبب عدم تواصلك مع مبارك؟
- هذا الموضوع ممكن يجلب المشاكل وأنا تحاشيته، ومبارك قد اختلف معه سياسياً لأنه تسبب فى مشاكل كثيرة إلا أننى أحبه وأحترمه فهو قائدى، وهو صاحب الضربة الجوية الأولى، وأى حد يقول غير كده بيزور التاريخ.
هل توافق على جنازة عسكرية لمبارك؟
- لو طلع براءة من القضايا اللى بيتحاكم فيها لازم يتعملله جنازة عسكرية، ولازم الرئيس السيسى يحضرها.
كيف كانت علاقتك بـ«سوزان مبارك»؟
- لا أحب التعامل معها، أنا صعيدى ولا أحب تدخل السيدات فى الشغل، وهى كانت تتدخل فى قرارات الرئيس وكانت تعطى أوامر.
وهل سعيت للتقرب منها؟
- لم أسع للتواصل معها، وفى يوم نظمت اجتماعا للمرأة فى المحافظة، وعملوا مؤتمر فضلوا يشتموا فيه الرجال، وفى نهاية المؤتمر «صحفى» سألنى إيه رأيك فى الاجتماع؟ رديت عليه: «لو كان فى رجالة فى مصر مكنش يحصل كده».
وفرخندة حسن، عندما كانت رئيسا للمجلس القومى للمرأة، اتصلت بى لتنظيم مؤتمر بحضور سوزان مبارك، وأبلغتنى أن المؤتمر سيكون على مدى 3 أيام، وأنه سيتم حجز فندق بالمنصورة، ويتم الانتقال لمقر المؤتمر بكفر الشيخ يومياً، على أن تتحمل المحافظة النفقات، فكان ردى: «التكاليف ستكون كبيرة، ولا مانع من تنظيم المؤتمر، ولكن على يوم واحد»، و«فرخندة» قالتلى: «شكلك مش عاوز المؤتمر وكده الهانم تزعل»، وعندما تمسكت بموقفى، نظموا المؤتمر فى حلوان، ورجل الأعمال حسن راتب، تحمل تكاليف المؤتمر.
هل أمريكا وقفت مع الإخوان ضد المجلس العسكرى؟
الأمريكان يتدخلون فى الحياة السياسية المصرية باستمرار ولن يتركوها أبداً ومن يتخيل غير ذلك مخطئ، وهم ضغطوا مع الإخوان على المجلس العسكرى الذى كان ضعيفا جدا فى هذه الفترة، لأن الناس كلها كانت بتقول «يسقط يسقط حكم العسكر».
من مرشحك فى انتخابات الرئاسة بين محمد مرسى وأحمد شفيق؟
لم أنتخب مرسى ولا شفيق، وكنت من المقاطعين وكنت غير مقتنع بهما، وكنت أتمنى فى ذلك الوقت أن يصبح عمرو موسى رئيسا للجمهورية، لأنه سياسى محنك.
وما تقديرك لموقف الفريق أحمد شفيق وهو فى الخارج؟
الفريق شفيق لا يريد العودة إلى مصر قبل أن يطمئن أنه لن يسجن، ومش هيقدر يعمل حاجة دلوقتى، «ولو رجع مش هيتكلم فى السياسة وهيقعد ساكت».
هل ترى أن الدولة لا ترغب فى عودته مرة أخرى؟
واضح أن القيادات فى الدولة مش عاوزينه يرجع دلوقتى، ولو عاوزينه يرجع كانوا رفعوا اسمه من قوائم الترقب بالمطار.
وما الرسالة التى توجهها له؟
أنت عملت اللى عليك، وآن الأوان أن نبتعد عن السياسة ومشاكلها ونترك الجيل الجديد يشتغل وياخد الفرصة وندعيله وندعمه.
هل كان لك علاقة برجل الأعمال أحمد عز؟
العلاقة بيننا كانت باردة، وكان بيتنطط على الناس كلها، وعندما كنت محافظ بنى سويف، أخبرنى أمين عام الحزب الوطنى المنحل، أن أحمد عز قادم لحضور مؤتمر، ولكنى رفضت مقابلته وقلت: «لازم يستأذن وينسق قبل ما ييجى»، وعندما أصبحت محافظاً لكفر الشيخ، تم التنسيق مسبقاً وقابلته وتناولنا الغداء معًا فى استراحة المحافظة.