التطور هذه المرة فى العمليات تمثل فى التوجه إلى استهداف سفارات أجنبية بدلا من استهداف قيادات امنية من الجيش أو الشرطة والقضاء، وهو ما وصفته الصحف العالمية أنه تصعيد جديد حيث قالت صحيفة النيويورك تايمز أن التفجير يعد أحدث مؤشر على تصعيد المسلحين لأساليبهم، بعد أن حصروا هجماتهم من قبل على أجهزة الأمن.
وهو ما يستدعى التساؤل حول مدى تأمين مقرات السفارات الأجنبية الموجودة فى مصر خاصة وأن التأمين الخارجى لكل مقرات السفارات هو مسئولية أجهزة الأمن المصرية، فيما تبقى مسئولية التأمين الداخلى للسفارة على عاتق السفارة.
تنسيق مستمر بين الأجهزة المعنية لتأمين السفارات والقنصليات
"هناك تنسيقا مستمرًا بين جميع الأجهزة المعنية لتوفير أقصى درجات التأمين لكل السفارات والقنصليات، لأن هذا واجب ومسئولية علينا" هذا جزء من تصريحات ادلى بها السفير بدر عبد العاطى المتحدث باسم وزارة الخارجية بعد حادث التفجير.
وأكد عبد العاطى، أن مصر قادرة وعازمة على توفير أقصى درجات الأمن والحماية للبعثات الدبلوماسية على الأراضى المصرية، ووصف الحادث بأنه حادث "عابر" يقع مثله الكثير فى كل دول العالم، مؤكدًا أن أجهزة الأمن تبذل كل الجهد للقضاء على التنظيمات الإرهابية.
وقال عبد العاطى أن هناك اتصالات مستمرة مع السفارة الإيطالية لمتابعة الحادث وتبادل المعلومات مشددًا على أن السفارة والأجهزة الأمنية يتابعان الحادث لتكثيف تأمين المقار الأخرى للمركز الثقافى وغيره من المنشآت التابعة لها.
اليوم السابع قام بجولة لرصد درجة التكثيف الأمنى حول السفارات الأجنبية فى عدد من المناطق المتمركز بها هذه السفارات والقنصليات.
البداية كانت فى حى الزمالك، أحد أكثر الأماكن التى تتمركز بها سفارات فى القاهرة، حيث رصدنا الوضع الأمنى حول سفارات الاتحاد الأوروبى والسويد، سلطنة عمان، ألمانيا، ليبيا، المغرب، الجزائر، تونس، هولندا.
الزمالك منطقة السفارات
وعلى الرغم من أن منطقة الزمالك تضم عدد كبير من السفارات الأجنبية بالقاهرة إلا أن مستويات التأمين كانت عادية ولم يتم اتخاذ أية تدابير مشددة كما أعلنت وزارة الداخلية فى أعقاب الانفجار الذى استهدف القنصلية الإيطالية صباح السبت الماضى فما بين أفراد أمن منتشرون على مسافات حول مبنى السفارة وبين آخرون يجلسون أمام أحد الأبواب وبين آخرون جلسوا خلف الحواجز الأمنية المخصصة لوقوفهم أثناء نوبة الخدمة، وبينما كان المشترك الأكبر بين جميع السفارات هو انتشار الحواجز الحديدية أمام مقراتها كأجراء احترازى.
أمام سفارة الاتحاد الأوربى بالزمالك لم يكن سوى فردين بزى مدنى وقفا يتبادلا أطراف الحديث يحملان أجهزة اتصال اللاسلكى وكان عدد من أفراد الأمن يقفون بجوار بعضهم ينتظرون انتهاء نوبة حراساتهم أو تناول وجبة الإفطار بعد اقتراب اليوم من نهايته، الوضع لم يختلف كثيرا فى سفارة سلطنة عمان سوى كاميرتان مراقبة بارزتان تم تثبيتهما على المبنى لمراقبة الأوضاع.
وبينما ضجت سفارة ليبيا بنحو 10 أفراد أمن حول أسوار السفارة كانت سفارة تونس الواقعة بحى الزمالك تخلو من أفراد الأمن باستثناء فردا وحيدا جلس أمام أبواب السفارة المطلة على النيل.
وفيما كانت الأجواء فى محيط السفارة المغربية هادئة كان أفراد الأمن بالزى المدنى يجلسون متجمعون أمام أحد المبانى بجوار السفارة الألمانية فى انتظار انطلاق مدفع الإفطار.
الوضع فى حى المهندسين لم يختلف كثيرا عن منطقة الزمالك فأمام القنصلية العراقية بميدان الثورة كان فرد أمن وحيد من أفراد تأمين المكان يقوم برش وجهة بالمياه لتلافى حرارة الجو المرتفعة.
فيما كان الوضع أمام سفارة دولة قطر مؤمن خاصة لتواجد عدد كبير من أفراد الأمن وسيارات الأمن المركزى المتواجدة للتأمين بميدان مصطفى محمود.
الوضع أيضا لم يختلف بحى الدقى حيث لم يشهد مبنى سفارة الكويت بالدقى أى إجراءات استثنائية فانتشرت الحواجز الحديدية حول المدخل الرئيسى للسفارة وهو الوضع الذى شهدته سفارة كوريا الجنوبية المقابلة لسفارة الكويت.
وعلى الرغم من كون السيارات المفخخة هى سلاح الاستهداف الأول الذى يستخدمه منفذى العمليات الإرهابية كما حدث فى حادثة اغتيال المستشار هشام بركات النائب العام قبل بضعة أيام، وأيضا هو نفس السلاح المستخدم فى تفجير القنصلية الإيطالية صباح السبت الماضى إلا أن ذلك لم يمنع قوات تأمين عدد كبير من السفارات من منع وقوف السيارات على مقربة من مبانى السفارات وهو ما تكرر فى معظم السفارات بالزمالك وبخاصة العربية المغرب وتونس.
أربع دوائر أمنية حول كل سفارة
اللواء رفعت عبد الحميد الخبير الأمنى، قال إن السفارات والقنصليات مؤمنة بمعرفة الحراسات الخاصة والمفترض أن هناك أربع دوائر أمنية حول كل سفارة، لافتا إلى أن التنسيق الداخلى يكون مسئولية السفارة والخارجى مسئولية قوات الأمن المصرية ويتم التنسيق على ذلك مع السفارات والقنصليات.
وأشار عبد الحميد، إلى أن السلطات المصرية مسئولة عن الوضع الامنى لجميع السفارات والقنصليات والبعثات التابعة لها، وهذا الأمر معمول به دوليا وفقا لأحكام القانون الدولى العام.
وفى السياق نفسه قال عبد الحميد إنه ليس بزيادة عدد أفراد الأمن حول السفارات فقط يكون التأمين، لافتا إلى ضرورة الاعتماد على وسائل تقنية منها استخدام كاميرات المراقبة والكلاب البوليسية وغيرها من وسائل التأمين.
أما بالنسبة للاقتراح الخاص بإغلاق الشوارع الجانبية أو الرئيسية المؤدية للسفارات، فقال عبد الحميد أنه سلاح ذو حدين، بمعنى أنه من الممكن أن يزيد من درجة التأمين حول السفارات، لكنه فى الوقت نفسه سيسبب ضرر للسكان قاطنى هذه المناطق، ولذلك لا يجب أن يتم اللجوء له إلا فى حالات الضرورة القصوى.
ولكنه أشار فى الوقت نفسه أنه مهما تم إحكام السيطرة الأمنية على السفارات والقنصليات فإن هذا لا يمنع الإرهاب بنسبة مائة بالمائة، لافتا إلى أن حوادث الإرهاب تقع فى كافة دول العالم، وهذا ما رأيناه فعليا فى حادث "شارلى ايبدو" فى فرنسا وغيرها من الحوادث، لافتا إلى أن العديد من الدول شددت من استخدام الحراسات وكاميرات المراقبة إلا أن المخططين دائما ما يتربصون بما يسمى الثغرات الأمنية.