المطرب الجزائرى "معطوب الوناس"، تفرق دمه بين القبائل فلا المتطرفون الدينيون أقروا باغتياله ولا النظام الحاكم أراد أن يطهر نفسه بالاعتراف، وألقى كل منهم "دم المغنى" على الآخر وقامت الدولة بمحاكمة اثنين من الإرهابين، بينما لا تزال أسرته بعد 17 عامًا على الحادثة تطالب الحكومة الجزائرية بكشف الحقيقة فى قضية الاغتيال.
المشهد الأخير
فى 25 يونيو 1998 استقبل "معطوب الوناس" 78 رصاصة غادرة، استقرت فى جسده كى يقول كلمته الأخيرة وينهى رحلته فى رفض الواقع الجزائرى ويدين هذه النظم المسيطرة ويكشف حالة التردى التى عاشها الشعب الجزائرى فى التسعينيات ويتحول هو إلى أيقونة "أمازيغية جزائرية"، حدث ذلك أثناء عودته إلى منزله ببلدة "بنى دوالة" قرب مدينة تيزى وزو (منطقة القبائل).
قبل المشهد الأخير
كان "معطوب الوناس" ممنوعًا من الظهور فى التلفزيون الجزائرى، وقبل مقتله بفترة قليلة أصدر "ألبومًا" تضمن أغنية ينتقد فيها النظام الجزائرى مستخدمًا لحن النشيد الوطنى، وظل "معطوب" طوال حياته مثيرًا للضجة ففى سبتمبر 1994 اختطفته خلية تابعة لـ"الجماعة الإسلامية المسلحة"، حينها هدّد شباب الأمازيغ بحرب شاملة ضد العناصر الجهادية المتحصنة فى الجبال، وفى ليلة العاشر من أكتوبر، أطلق سراح "الوناس" تحت وطأة الضغط الشعبى.
وقد عرف عن "معطوب الوناس" مطالبته بإدراج اللغة الأمازيغية كلغة رسمية فى الجزائر إلى جانب اللغة العربية، وانتقد فى أغانيه النظام الجزائرى، وقد تعرض الفنان قبل اغتياله لإطلاق النار من عناصر الدرك الوطنى الجزائرى وسقط جريحًا فى منطقة القبائل فى 8 أكتوبر 1988.
وكانت سيرته التى سجلها فى كتابه "المتمرد" وثيقة تاريخية حية تشهد على تحولات الجزائر المعاصرة بآلامها وآمالها وطموحاتها ومفارقاتها أيضًا وليقول إنه تمرد ضد الفكر المتحجر والتعصب الدينى، والقمع اللغوى والثقافى.
المشهد ما بعد الأخير
"لقد سرقتم شبابى/ ودفعت لكم ثمن ما لم أشتر/ أبعدتمونى عن أهلى/ ودمرتم آمالى/ أفنى الشقاء عظامى/ لكن قبل أن تحل منيتي/ فإن كل ما أحتمله قلبى/ سينفس عنه لسانى" وفى 2011 أقامت الدولة محاكمة فى بمدينة تيزى وزو، تم على إثرها الحكم على إرهابيين اثنين بالسجن 20 سنة، عائلة معطوب الوناس انسحبت من المحاكمة بحجة أنها ليست عادلة وأنها لم تحل إلى القضاء المتورطين الحقيقيين فى مقتل المغنى.
"ليتنى أستطيع الهرب/ والحلول عليكم يوم العيد/ سآتى لأغفر لكم يا أهلى الأعزاء/ حين أظهر لكم فى ضوء النهار".
موضوعات متعلقة..
- معاناة السوريين فى معرض "من رماد" للبنانى شربل عون بـ"باريس"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة