وأوضح أحمد الأمير، وقد عرفنا كيف كان المصريين القدماء يقومون بصناعة "الكعك" حيث وجدنا ذلك فى شكل صور واضحة فى كلاً من مقابر "طيبة"و"منف" فى مقبرة الوزير "رخمى_رع" الذى كان ينتمى إلى الأسرة الثامنة عشرة من عصر الدولة الحديثة،فقد رأينا كيف كان يتم خلط عسل النحل ثم بعد ذلك يتم تقليبه على النار لكى يتم إضافته على الدقيق ويتم تقليبه مره ثانية حتى يتحول لعجينة يتم تشكيلها بسهولة،وبعد ذلك يتم رص الكعك على ألواح من "الإردواز" يتم وضعها بعد ذلك داخل الفرن، كما أنه كانت هناك أنواع يتم قليها فى السمن أو الزيت لكى يتم عمل أشكالاً آُخرى مثل الحيوانات وأوراق الشجر والزهور، كما كان يتم حشو "الكعك" بــ "العجوه" أو "التين" ثم يتم زخرفته بالفواكه المجففة كـ "النبق"و"الزبيب".
وتابع أما عن صناعة "الكعك" فنجد أنها من أقدم العادات التى عرفتها المرأة المصرية وكان الهدف من نشأتها هو الإحتفال بأفراح القدماء المصريين، وكانت صناعة "الكعك" لا تختلف كثيراً عن عصرنا الحالى لكنها تطورت بمرور الوقت، فمع التطور الذى مرت به الدولة المصرية نجد أن صناعة "الكعك" من الموروثات الأساسية لدى المرأة المصرية، حيث أننا نجد الفتيات الصغيرات يقومون بمشاركة أمُهاتهم فى صناعة "الكعك".
ووأشار أن الكثير من الناس كانوا يعتقدون أن "كعك العيد" فى العصور الإسلامية عندما بدأ فى مصر كان مع بداية العصر الفاطمى ولكن الحقيقة التاريخية، تؤكد أنه بدأ قبل ذلك بكثير، حيث أنها بدأت فى عهد الدوله الطولونيه "868-905م" وكانوا يصنعونه فى قوالب خاصة مكتوب عليها عبارة "كل هنيئاً واشكر" وكذلك عبارة "كل واشكر مولاك"، وقد احتل مكانة مهمة فى عصرهم وقد حفظ لنا متحف الفن الإسلامى بالقاهرة العديد من هذه القوالب التى كتبت عليها هذه العبارات، بل وأصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر، أما فى عهد الدولة الإخشيدية "935-969م" كان "أبوبكر محمد بن على المادرانى" وزير الدولة الإخشيدية حيث أنه صنع كعكاً فى أحد أعياد الفطر وحشاه بالدنانير الذهبية وأطلقوا عليه اسم كعكة "انطونلة"، أما فى الدولة الفاطمية "969-1171م" فكان الخليفة الفاطمى يخصص مبلغ ما يقرب من 20 ألف دينار لعمل "كعك" عيد الفطر حيث كانت المصانع تتفرغ لصناعته بداية من منتصف شهر رجب إلى رمضان وتملئ مخازن السلطان به وكان يتم إعداد "كعك العيد" فى داراً أُطلق عليها اسم "دار الفطر"، وكانت هذه أول دار لصناعة "الكعك" وكان الخليفة يتولى توزيعه بنفسه، كما كان يتم أيضاً إعداد "سماط العيد" أى الولائم التى سيأتى اليها كبار رجال الدوله و كانت ترصد ميزانيات ضخمه، أما فى عهد الدولة الأيوبية "1171-1250م" فقد اختلف الأمر كثيراً فقد حاول صلاح الدين الأيوبى جاهداً القضاء على كل العادات الفاطمية ولكنه فشل فى القضاء على عادة "كعك العيد" وباقى عادات الطعام التى ما زالت موجودة إلى اليوم، وقد إستمرت صناعة الكعك فى العصر العثمانى "1261-1517م"، وقد اهتم سلاطين العثمانيين بتوزيع الكعك فى العيد على المتصوفين والتكيات والخانقات المخصصة للطلاب والفقراء ورجال الدين، وظل التراث العربى معبراً عن حاله حتى يومنا هذا خاصة بمصر وبلاد الشام بحكم الارتباط الجغرافى والتاريخى.
موضوعات متعلقة..
وزير الآثار يفتتح متحف النسيج والتطوير الحضرى بالجمالية الأربعاء