وفاة سعود الفيصل فارس الدبلوماسية العربية بعد 40 عاما من خدمة العرب والمسلمين.. الأمير الراحل كان أكبر سند لـ30 يونيو.. وصاحب مقولة: "مصر لا يمكن أن ينالها سوء وتبقى المملكة والأمة العربية صامتة"

الخميس، 09 يوليو 2015 08:49 م
وفاة سعود الفيصل فارس الدبلوماسية العربية بعد 40 عاما من خدمة العرب والمسلمين.. الأمير الراحل كان أكبر سند لـ30 يونيو.. وصاحب مقولة: "مصر لا يمكن أن ينالها سوء وتبقى المملكة والأمة العربية صامتة" الأمير سعود الفيصل
كتب يوسف أيوب ومحمود محيى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتقل إلى رحمة الله اليوم وزير الدولة المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين والمشرف على الشؤون الخارجية فى السعودية الأمير سعود الفيصل بن عبدالعزيز، الذى توفى خلال رحلة علاجية بولاية لوس أنجلوس الأمريكية.

فى إبريل الماضى أنهى الأمير سعود الفيصل 40 عاما فى قيادة الدبلوماسية السعودية، حينما صدر أمرا ملكيا بتولى عادل الجبير وزارة الخارجية السعودية، وتعيين الأمير سعود الفيصل مشرفا على الشؤون الخارجية مع احتفاظه بكرسى مجلس الوزراء، واليوم بوفاته أغلقت صفحة ممتلئة بالخبرات الدبلوماسية التى كرست كل طاقتها لخدمة القضايا العربية والإسلامية، فعلى مدار أربعين عاما تولى خلالها حقيبة الخارجية السعودية تمكن الفيصل من إدارة دفة الدبلوماسية السعودية فى العديد من الأزمات التى ألمّت بمنطقة الشرق الأوسط وسجل سلسلة من الاختراقات المميزة.

وكان قد تم تعيين الأمير سعود الفيصل وزيرا للخارجية فى 13 أكتوبر 1975، وهو العام نفسه الذى كان فيه "جيرالد فورد" رئيسا للولايات المتحدة، كما انتهت فى السنة نفسها "حرب فيتنام" وبدأت حينها شركة مايكروسوفت العملاقة فى الظهور، حيث يعتبر الفيصل صاحب أطول فترة بقاء فى المنصب كوزير للخارجية مقارنة بنظرائه فى دول العالم، حيث عاصر أربعة ملوك سعوديين.

ولد الأمير سعود الفيصل فى مدينة الطائف فى 2 (يناير) عام 1940، وهو ابن الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، ووالدته الأميرة عفت الثنيان آل سعود، وقد نشأ وتربى فى مدرسة الفيصل الأب والملك، ونهل منه الأدب والثقافة الواسعة، والإدارة المحنكة والدبلوماسية الرفيعة، وأكسبت منه العديد من الصفات الشخصية، كالحكمة والتروى والنظرة الثاقبة، والأمير حاصل على شهادة البكالوريوس فى الاقتصاد من جامعة برنستون فى الولايات المتحدة عام 1964، تقلد أول مناصبه مسئولا عن العلاقات النفطية فى شركة بترومين، وتدرج فى المناصب حتى عُين وكيلا لوزارة النفط والثروة المعدنية فى عام 1971 ولمدة خمسة أعوام.

وفى عام 1975، تولى الأمير الشاب حقيبة الخارجية، إذ كان عمره وقتها 35 عاما، فيما كانت المنطقة العربية تمر بمرحلة أزمات عدة ولا زالت، وتمكن الفيصل من قيادة دفة الدبلوماسية بحنكة واقتدار، وهو ما جعل الكثيرين يلقبونه بـ"فارس الدبلوماسية"، كما كانت خبرته وثقافته الواسعة، واضحة للعيان خلال المؤتمرات الصحفية، فقد كان متحدثا لبقا لا تتعثر كلماته .

واستطاع سعود الفيصل إدارة الكثير من الملفات العربية الشائكة، ففى لبنان والتى صنفت حربها الأهلية كأصعب القضايا التى عاشتها المنطقة فى الفترة من (من أبريل 1975م حتى أكتوبر 1990م) استطاعت الدبلوماسية السعودية أن تحقق اختراقا نوعيا وصلت بالأزمة إلى الهدف المنشود، حيث نجح الفيصل فى جمع كل أطراف الصراع فى أغسطس عام 1989 فى السعودية ولعب دورا فى تذليل العقبات بين الأطراف المتصارعة، ليوقع الجميع اتفاق الطائف الذى أنهى المجازر والصراعات الدموية التى عاشتها لبنان طوال هذه الفترة.

خطابات الأمير سعود الفيصل كانت واضحة فى رفض السعودية لأى عدوان على الدول العربية


وكان واضحا فى خطابات الأمير سعود الفيصل رفض السعودية لأى عدوان على الدول العربية، وكان يؤكد فى كل مناسبة رفضه العمليات العدوانية المتكررة على الأراضى الفلسطينية، وكان له مواقف معادية للكيان الإسرائيلى، حيث دأبه على انتقاد ممارساته فى الأراضى العربية المحتلة، كما كان الفيصل رافضا لغزو الولايات المتحدة للعراق، كما أنه حذر بشكل علنى إدارة جورج بوش بعدم غزو العراق، وعمل على وضع تصور من شأنه أن يؤدى إلى حماية العراق من التعرض لضربة عسكرية، فيما كانت آخر مواقفه المشرفة رده القوى على رسالة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بالقمة العربية الأخيرة فى شرم الشيخ.

وفى أزمة مكافحة الإرهاب، اختار الفيصل خطاً دبلوماسيا فريدا ومتميزا، يقوم على الصراحة والوضوح، حيث كان للفيصل حضور غير عادى طيلة مرحلة الأزمة، فمنذ هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2011 دخل فى معارك دبلوماسية شتى مع نظرائه فى الغرب من أجل التأكيد عليهم وإقناعهم بأن الإرهاب ليس له أية علاقة بالإسلام، وهو ما نجح فيه بقوة غيرت من وجهات نظر الكثير بحسب الكثير من الدبلوماسيين والسياسيين فى الغرب، وكان يؤكد دائما أن الرياض تسعى لوضع الحد من الأنشطة الإرهابية التى بإمكانها أن تشكل تهديدات أمنية خطيرة ضد حلفائها الغربيين.

وفى مرحلة الربيع العربى، اتسمت سياسة سعود الفيصل بالثبات الشديد والقدرة على تبنى مواقف منحازة للشعوب، وهو ما ظهر جليا فى موقف السعودية إزاء الأزمة السورية، ووقوفه ضد نظام بشار الأسد ودعمه للمعارضة السورية، فضلا عن موقفه فى اليمن وتبنيه ودعمه للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وفى مصر حين قامت ثورة 30 يونيو 2013، وفرت الدبلوماسية السعودية كافة سبل الدعم للقاهرة، ووقفت فى وجه الضغوط الدولية والإقليمية التى تعرضت لها مصر فى ذلك الوقت.

مكوك خارجى لمساندة ثورة 30 يونيو


بعد ثورة 30 يونيو وبينما كان العواصم الغربية منقلبة على النظام الجديد فى مصر، كان لسعود الفيصل دور فى منتهى الخطورة، حيث جاب العديد من العواصم الغربية، محاولا تغيير وجهة هذه العواصم تجاه ثورة 30 يونيو فى مصر، ونجح فى ذلك بعدما استخدم كل الأساليب الدبلوماسية، وكانت أقوى صورة له حينما وقف فى 19 اغسطس 2013 أمام قصر الإليزية وبجواره رئيس فرنسا فرانسو هولاند ليعلن أنه تم الاتفاق مع باريس على منح خارطة المستقبل فى مصر فرصة، وقال "اتفقنا مع فرنسا على إعطاء خارطة الطريق فى مصر فرصة لتحقيق الأمن والانتخابات المبكرة"، مؤكداً على أن "حرية الرأى يجب أن يُعبر عنها بغير العنف".

وقال الفيصل وقتها إن "ما تشهده جمهورية مصر العربية الشقيقة اليوم يعبر عن إرادة 30 مليون مصرى فى 30 يونيو، معربين عن رغبتهم فى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة كنتيجة حتمية لتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وهو الأمر الذى أدى إلى اجتماع كافة القيادات والقوى السياسية والاجتماعية للإعلان عن خارطة طريق جديدة تقود مصر لبر الأمان، بعد أن رفضت الرئاسة السابقة الاستجابة لرغبات الملايين من الشعب المصرى. وتضمنت خارطة الطريق تعديل الدستور وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية فى تواريخ محددة تشارك فيها كافة القوى السياسية".

وأضاف "أن انتفاضة ثلاثين مليون مصرى لا يمكن بأى حال من الأحوال أن توصف بالانقلاب العسكرى، إذ إن الانقلابات العسكرية تجرى تحت جنح الظلام، كما أن مَنْ تولى سدة الحكم فى مصر رئاسة مدنية وبما يتوافق مع الدستور المصرى”.

ناقد قوى للمواقف الدولية من أحداث مصر


وقال وزير الخارجية السعودى السابق "إننا نرى اليوم - للأسف الشديد - مواقف دولية أخذت مسارا غريبا فى تجاهل هذه الحقائق الدامغة وركزت على مبادئ عامة، وكأنها تريد التغطية على ما يقوم به هؤلاء المناوئون من جرائم وحرق لمصر وقتل لشعبها الآمن، بل ويشجع هذه الأطراف على التمادى فى هذه الممارسات"،.

تابع: "للأسف الشديد نرى أن الموقف الدولى تجاه الأحداث الجارية فى مصر يتعارض مع مواقفها تجاه الأحداث فى سوريا، فأين الحرص على حقوق الإنسان وحرمة دمه والمذابح التى تجرى كل يوم فى سوريا والتى أدت إلى قتل أكثر من مائة ألف سورى ودمرت سوريا بأكملها، دون أن نسمع هـمسة واحدة من المجتمع الدولى الذى يتشدّق بحقوق الإنسان حسب ما تقضى به مصالحه وأهوائه".

وأكد أن هذه المواقف إذا استمرت: "لن ننساها فى المملكة العربية السعودية ولن ينساها العالم العربى والإسلامى، وسيوصم هذا الزمان بأنه الزمان الذى انتهكت فيه الحقوق وبررت تبريرات واهية لا يمكن أن يقبلها عقل أو يرتكن إليها ضمير، ولن نأخذ مَنْ يتجاهل هذه الحقائق وينساق وراء الدعايات والأكاذيب الواهية بأنه حسن نية أو جهالة، وإنما سنأخذها على أنها مواقف عدائية ضد مصالح الأمتين العربية والإسلامية واستقرارهـما، فمصر لا يمكن أن ينالها سوء وتبقى المملكة والأمة العربية صامتة، وهى أمة - إن شاء الله - قوية بإيمانها وبشعوبها وبإمكانياتها".

وختم الفيصل مؤكداً "أن المملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعباً وقفت وستقف دائماً مع مصر، وأن الدول العربية لن ترضى مهما كان بأن يتلاعب المجتمع الدولى بمصيرها أو أن يعبث بأمنها واستقرارها، وأتمنى من المجتمع الدولى أن يعى مضامين رسالة خادم الحرمين الشريفين بأن المملكة جادة ولن تتهاون فى مساندة الشعب المصرى لتحقيق أمنه واستقراره، أما من أعلن وقف مساعدته لمصر أو يلوح بوقفها فإن الأمة العربية والإسلامية غنية بأبنائها وإمكاناتها ولن تتأخر عن تقديم يد العون لمصر، فمصيرنا واحد وهدفنا واحد، فكما تنعمون بالأمن والهدوء والاستقرار فلا تستكثرون علينا ذلك".

ظهوره الأخير فى مصر


وآخر ظهور له فى مصر كان فى القمة العربية التى عقدت بشرم الشيخ فى مارس الماضى، حيث ظهر وزير الخارجية السعودى، فى أول اجتماع تحضيرى للقمة مستقلا سيارة جولف، وكانت كلمته الأبرز، حين رد سعود الفيصل على رسالة الرئيس الروسى للقمة العربية، خلال الجلسة الختامية، وقال الأمير سعود الفيصل "روسيا سلحت النظام السورى الذى يفتك بشعبه، وهذا النظام فقد شرعيته، وروسيا تتحمل مسؤولية كبيرة فى مصاب الشعب السورى”. موضحاً أن "روسيا تقترح حلولا سلمية وهى مستمرة بتسليح النظام السورى”.

وكان بوتين قال فى رسالته "روسيا تقف إلى جانب الشعوب العربية من دون أى تدخل خارجى، ونستنكر الأعمال الإجرامية للجماعات الإرهابية، ويجب تسوية الأزمات فى سوريا وليبيا واليمن على أسس القانون الدولى”.

صدام حسين اعتبره من أدهى الشخصيات


فى أحد المرات سُئل الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، عن الرجل الذى يخشاه، فقال: "سعود الفيصل أدهى من قابلت فى حياتى، فحينما كنت فى حرب إيران جعل العالم معى وبعد أن دخلت الكويت قلب العالم ضدى، وكل ذلك يكون فى مؤتمر صحفى واحد، ولو كان لدى رجل كسعود الفيصل لحكمت العالم".

واشتهر سعود الفيصل بمواقفه المعادية لإسرائيل، حيث وقف فى قاعة الأمم المتحدة، فى كلمة شهيرة له، عقب توليه منصبه بعامين، ليهاجم الكيان الإسرائيلى، الذى اعتبره يؤجج الصراع والعنف.



موضوعات متعلقة..


- وفاة وزير الخارجية السعودى السابق الأمير سعود الفيصل

- الخارجية السعودية تعلن وفاة الأمير سعود الفيصل

- وفاة "فارس الدبلوماسية" الأمير سعود الفيصل

- خالد أبو بكر ينعى سعود الفيصل: الأمة فقدت فارسًا فى الدبلوماسية لن يعوض

- مصطفى الفقى ناعيا "فيصل": "كان محبا لمصر ورحيله خسارة فادحة للأمة العربية"









مشاركة

التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

زيكو

رحل رجلا من الأخيار

عدد الردود 0

بواسطة:

انس

ربنا يرحمه

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد علام /لندن

البقاء لله

عدد الردود 0

بواسطة:

زياد محمود

عزاء واجب

انا لله وانا اليه راجعون.

عدد الردود 0

بواسطة:

اسعد

رحل عنا رجل تحتاجه الامه

عدد الردود 0

بواسطة:

اسعد

رحل عنا رجل تحتاجه الامه

عدد الردود 0

بواسطة:

إسماعيل أحمد .الأقصر

ربنا يرحمك والبقاء لله.

عدد الردود 0

بواسطة:

عبدالرحمن ناجح فؤاد

تحيا مصر

عدد الردود 0

بواسطة:

طارق حجيجه

فارس الدبلوماسية العربية

عدد الردود 0

بواسطة:

عادل

مصرى

كل رجال المملكة هم رجالنا، الله يرحمك

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة