عمار علىّ حسن يكتب عن "ابنى يعلمنى"

الأربعاء، 12 أغسطس 2015 11:00 ص
عمار علىّ حسن يكتب عن "ابنى يعلمنى" الدكتور عمار على حسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حين تقع عيناك على عنوان كتاب الشاعر والكاتب الصحفى الأستاذ وائل السمرى «ابنى يعلمنى.. صفحات ذاتية من درس الحياة والحب» تظن أنك ستطالع سطوراً على منوال كتاب «إميل» لجان جاك روسو، الذى سجل تجربته العميقة فى التربية حين عمل خلال فترة من حياته مربياً لطفل من طبقة النبلاء فى فرنسا، وقدم نصائح غالية فى بناء عقل ونفس ووجدان وذائقة وجسم الطفل حتى يصير رجلاً سوياً عفياً، أو أنك ستقرأ كتاباً على غرار «تربية سلامة موسى» لكنك تفاجأ بأمر جديد، يمتزج فيه الذاتى بالموضوعى، والخاص بالعام، ويتعانق فيه الشعر والسرد، ويتناوب عليه ما يوجبه العقل وما يفرضه القلب.

ويشرح «السمرى» فى مستهل كتابه، الصادر عن «الدار المصرية اللبنانية»، الأسباب التى دفعته إلى تأليفه، وعلى رأسها «الغيرة» و«المغايرة»، غيرة على تجربة شعورية جارفة خطفته خطفاً وهو غارق فى الدهشة والفرح والتأمل، فأراد أن يشرك الناس معه فيما عاشه وكابده، ومغايرة عن كثيرين احتفوا بالموت، وأفرطوا فى الكتابة عنه فى الدين والفلسفة والأدب وعلم النفس والطب والآثار والتاريخ، بينما أهملوا الميلاد إهمالاً مزرياً، وغلب فيهم الانشغال بالنهاية على الاحتفاء بالبداية، وهنا يقول: "مع اهتمام المبدعين بالموت لم يلتفتوا إلى الميلاد، حتى إننا من الممكن أن نقول إن اهتمام المبدعين بالموت جعله حياة، ولم يأت الميلاد فى الأعمال الفنية إلا كضيف شرف، أو زائر خفيف، أو فى أحسن الأحوال خاتمة سعيدة.. ولو حاولت أن تتذكر كم مرة تحدثت حول الموت مع أصدقائك أو أقاربك أو زملائك أو جيرانك فلن تستطيع من كثرة الأحاديث، وعلى العكس تماماً يأتى الميلاد، لن تجد له مثلما تجد للموت من أعمال إبداعية أو أدبية أو فلسفية، وإن وجدت فستجدها تفتقد إلى الدفء الإنسانى اللازم لتخليد هذه اللحظة الوجودية الفارقة، حتى إنه من الممكن أن نقول إننا صرنا وكأننا نحتفل بالحياة بتمجيد لحظات فقد الحياة، لا بتمجيد أساس الحياة".

وهذا تحدٍ أراد السمرى أن يستجيب له بإطلاق دفقات عميقة من الدفء الإنسانى فى تجربته، التى رفع فيها الميلاد فوق الموت عالياً، وانتصر للبدايات على النهايات، سارداً هذه التجربة بضمير المخاطب، وكأنه يدفعنا جميعاً إلى أن نشاركه ما عاش وقال وكتب، أو نضع أنفسنا موضعه، ونستعيد لحظات لم نلتفت إليها حق الالتفات، ولم نهتم بها عظيم الاهتمام، أو التفتنا واهتممنا لكننا لم نسارع إلى تسجيلها وهى طازجة غضة، فسجلها السمرى نيابة عنا جميعاً، لأن ما جاء فى حكاياته وتأملاته عاشه كل من أنجب، منذ أن وضع بذرة طفله فى رحم امرأته وحتى سمع الصرخة الأولى لمن قدم للتو إلى رحاب الحياة، ثم وهو يتابعه حين يرى ما لا نرى، ويبغبغ بحروف لا معنى لها لدينا، ثم وهو يحبو، ويعافر أن يقف على قدميه.

ومع هذه المتابعة نكتشف ما خفى عنا حين كنا نستهين بخوف أمهاتنا وآبائنا علينا، ولا نستطيع أن نقف على ما يدفعهم إلى كل هذا الحدب والحنان ونحن نكبر على أكفهم وفى عيونهم.

جاءت تجربة السمرى، العامرة بالمعانى، مسربلة بروح شعرية ظاهرة، وهو ما أعطاها عمقاً جديداً أضيف إلى ما احتوته من تأملات فلسفية، وبصائر إيمانية، وتصورات اجتماعية، ورؤى تربوية، وحكايات متعددة حول الحب والزواج والأبوة والأمومة والشعور بالمسئولية حيال الأسرة منذ لحظة تشكلها، طارحاً كل هذا فى واحد وعشرين درساً، دون أن ينظر إلى القارئ من علٍ وكأنه يعلمه، إنما يقف إلى جانبه ويبوح له، ويناشده أن يشاركه هذا الحديث الهامس.

نقلا عن موقع "24" الإماراتى


موضوعات متعلقة..


وزير الثقافة المصرى يهدى نظيره الجيبوتى 50 ألف كتاب










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة