بالصور.. نص كلمة شيخ الأزهر فى مؤتمر "الإفتاء": الفتوى السليمة ترغب الناس فى الالتزام.. علينا إعادة النظر فى تولى المرأة القضاء.. والتساهل فى "التكفير" يحلل سفك الدماء

الإثنين، 17 أغسطس 2015 12:34 م
بالصور.. نص كلمة شيخ الأزهر فى مؤتمر "الإفتاء": الفتوى السليمة ترغب الناس فى الالتزام.. علينا إعادة النظر فى تولى المرأة القضاء.. والتساهل فى "التكفير" يحلل سفك الدماء شيخ الأزهر
كتب لؤى على - كريم عبدالكريم‎

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر أن الفتوى السليمة ترغب الناس فى الالتزام بالشرع وصحيح الدين، ودعا شيخ الأزهر فى كلمته أمام المؤتمر العالمى للإفتاء إلى إعادة النظر فى عدة أمور من بينها تولى المرأة للقضاء وتحريم التماثيل، مشددًا على أن التساهل فى فتاوى التكفير يحلل الدماء المعصومة.
<وإلى نص="">

مارست تجربة الإفتاء لمدة عام ونصف، فى دار الإفتاء المصرية، فى مطلع هذا القرن ورغم أننى لم أسع إلى موقع الإفتاء ولم أفكر فيه، إلَّا أن الله تعالى شاءه وقدره، وكثيرًا ما كنت أتهيبه وأخافه، لا من الناحية الفقهية والعلمية، التى يجيدها أى أزهرى من جيلى أمضى تسع سنوات فى دراسة الفقه، ولكن كان كل تخوفى هو أن أُحِلَّ حَرامًا أو أُحَرِّم حَلالًا، أو أُيَسِّر أو أُعَسِّر فى غير محل التيسير والتعسير.

وقد كنت ولا أزال دائم التأمل فى خفايا هذا المنصب الشديد الخطورة على حياة الناس، وذلك لما لمنصب الإفتاء فى قلوب المسلمين من منازلِ التقدير، ومشاعر التعظيم والإجلال.. حتى أن الكلمة التى تصدر من فم المفتى لتقطع كل جدل أو خلاف أو تردُّد، فى المسائل المستفتى عنها، ولايزالُ النَّاس يستقبلون فتاوى المفتين المعتمدين استقبالهم لصحيح الدين الذى لا معقب عليه، وهذا ما يجعل من الفتوى والإفتاء أمانة شاقة، ومسئولية ثقيلة يُشفِقُ منها كل من يخشى الله، ويتقيه ويخافُ حسابه وعقابه.

الخوف من الفتوى


التضييق والتَّشدُّد


وقد أدركتُ من خلال قـراءتى فى سيرة الإفتاء والمفتين أن التحرُّج والتأثم كانا عُدَّةَ المفتى وعَتَادَه، ومَنْبعَ اطمئنانه، ورضاه عن كلِّ ما يصدر عنه من فتاوى، وإجاباتٍ على أسئلة الناس.. كما كانا مفترقَ طريق تضل فيه الفتوى، بين طرفى الإفراط والتفريط، ضلالًا مُبينًا، وتتذبذبُ بين التضييق والتَّشدُّد بدعوى الورع، والوقوف المقدس عند عَتبَاتِ السَّابقينِ وفتاواهُم، وبين التوسـع والترخص بدعـوى العصرنة ومواكبـة التطــوُّر، و«كِلَا طرفَى قصد الأمور ذميمُ» كما يقول شاعرنا القديم..

بيد أن هذا التخوُّفُ قد أدَّى - فى كثير من الأحيان - إلى الإحجام عن النظر الفقهى الدقيق فى الفتوى، وانتهاج طريقٍ سهلٍ يريحُ من عَنَاء البحث فى تكييف السؤال، والتنقيبِ عن حُكْمِه ودَليلِه، وتنزيله على الواقع، حتى صارت بعضُ الفتاوى فى قضايا المجتمع المعاصر –تحريمًا أو إباحةً– لا يُكلف الباحث أكثر من العودة إلى ما قيل فى أشباهها من أقوال السابقين ولو لأدنى ملابسةٍ، ولا سَنَدَ للباحث إلَّا بعض مشتركات، أو أَوجُهٍ شَبَهٍ ضعيفةٍ، لا تجعلُ من المسألةِ التى هى محلّ الاستفتاء، والمسألةِ المَقِيسِ عليها قضيتين متماثلتين، تنطبقُ عليهما القاعدة العَقْليَّةُ التى تقرِّر أن «حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد»، وأصبح من المُعتَاد أن كثيرًا من الفتاوى التى تحتملُ التيسيرَ والتعسير، يُفتَى فيها بالتعسيرِ أو بالأحوط تورُّعًا، ومن باب سدِّ الذرائع ومتابعةِ الخَلَفِ للسلف.. مع أن التعسير الذى يظنه المفتى إبراءً لذمَّته أمام الله تعالى، هو بعينِه التعسير الذى نهى عنه النبى، وحذَّر منه فى حديثِهِ الشَّريف: «يَسِّروا ولَا تُعَسِّروا» ([1])، وتوعَّد من يشق على أمته بالويل والثُّبُورِ، ودعا عليه فى الحديث الصَّحيح: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِى من أمْر أُمَّتى شَيْئا، فَشَقَّ عليهم، فَاشْقُقْ عليه» ([2

وليسَ صحيحًا أن المَشقَّة التى حذَّر منها الحديث الشَّريف قاصرةٌ على من يَشُقُّ على النَّاس فى حياتهم العملية وفى معيشتهم، بل هى تنطبقُ تمامَ الانطباقِ على من يَشُقُّ عليهم بفتوى شرعيَّة ترهقهم من أمرهم عُسْرًا، أو توقعهم فى الحرج الذى قامت الشريعة على نفيه ورفعه.
من يعمل بالإفتاء يحفظ الحجج المسلم بها

ومِمَّا لَا شَكَّ فيه أنَّه لَا يوجدُ مشتغلٌ بالإفتاء إلَّا ويحفظ عن ظهر قلب ما هو مُسَلَّمٌ عند الفقهاء والأصوليين، من أن الحُكْمَ يدورُ مع العِلَّة وُجودًا وعدَمًا، فإنْ وُجدَت العِلَّة وُجِدَ الحُكْمُ، وإنْ انتفت العِلَّة انتفى الحُكْم، ورغم ذلك لا زالت الفتاوى فى مسائل عِدَّة تتذبذب بين الحل والحرمة، وتترك الناس فى حالة من الشعور المضطرب المتأرجح بين الطمأنينة والحرج.

إعادة النظر فى تحريم اقتناء التحف والتماثيل


خُذْ مثلًا اقتناء التُّحف والمجسمات التى على شكل التماثيل، أو التكسب من مهنة التَّصوير، فى ظل ما شاهدناه بالأمس البعيد ونشاهده اليوم على شاشات التلفاز من تَدمير آثارٍ ذات قيمة تاريخية كبرى فى ميزان الفن المعاصر، وكان تدميرها بفتاوى باسم الإسلام وشريعته، ولَمْ نسمع أن مَجْمَعًا فِقهيًّا عقد اجتماعاً دُعى فيه فقهاء العصر وشيوخ الفتوى فى عالمنا الإسلامى لبيان الحكم الشرعى فى هذه النازلة، فيما حدث، وفى ظل متغيرات عالمية وأعراف استقرت على إنشاء كلياتٍ للآثار وللفنون الجميلة ولصناعة السياحة، مما أوقع المسلمين فى حيرة من أمرهم حيال هذه المجسمات: هل هى مُجرَّد تُحَف لا بأس من اقتنائها شرعًا، أو هى أصنام وأوثان لا يجوز للمسلم أن يتعامل معها بحالٍ من الأحوال؟!.. بل لايزال بعض المعنيين بالإفتاء يصادرون بالتحريم المطلق، مع أن المقام مقام بحث وتنظير وتفتيش عن وجود العِلَّة أو عدمها، وهو يسبق بالضرورة مرحلة صدور هذه الأحكام التى تصدر وكأنها أحكامٌ تعبدية، وأمرٌ أمرنا به الشارعُ، ولا نَعْقِلْ لها معنى، وليست من قَبِيلِ الأحكام التعليلية التى ترتبط بعللها وُجودًا وعدمًا.. وتحريم صناعة التماثيل فى صدر الإسلام – فى غالب الظن- إنما كان مُعَلَّلًا بما اسْتَقرَّت عليه عادة العرب فى ذلكم الوقت من عبادة الأصنام وصناعتها، واتخاذها آلهة تعبد من دون الله، وكان من المتوقع، بل من المُحَتَّم أن يحرِّم الشرع الحنيف صناعتها، من باب سد الذرائع وتجفيف منابع الشرك، وحمايةِ الوليد الجديد الذى هو «التَّوحيد»، وإذا كان الأمر كذلك، فما هى علة التحريم الآن بعد أن استقر الإسلام، وتغلغل «التوحيد» فى العقول والقلوب والمشاعر، وتلاشت عبادة التماثيل عند المسلمين جميعًا!!، ونَحْنُ نَعْلَم أنَّه قد مضى على المُسْلِمين الآن ما يقارب خمسة عشر قرنًا هجريًا من الزمان، لم نسمع أو نقرأ أن مسلمًا واحدًا عكف على تمثال يعبده من دون الله، ويتخذه له شريكًا، ثم يدَّعى أنه يحتفظ بإسلامه، فهذا أبعد شيء عن أى مسلم ينطق بالشهادتين، بل هو المستحيل الذى تشهد له أدلة النقل، فقد طمأننا النَّبى ? قبل أن يتركنا إلى الرفيق الأعلى، وأقسم بالله على ذلك، فقال فى حديث معجز، رواه البُخاري([3]) ومُسلم([4]) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أن النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إلى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: «إِنِّى فَرَطٌ لَكُمْ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ، وَإِنِّى وَاللَّهِ لَأَنْظُرُ إلى حَوْضِى الْآنَ، وَإِنِّى أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ أو مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ، وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أن تُشْرِكُوا بَعْدِى، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أن تَنَافَسُوا فِيهَا»،{أي: الدنيا}، وفى ظل القَسَم النَّبوى الشَّريف تصبح دعاوى بعض الغلاة فى الخوف على المسلمين من الشِّرك سفسطاتٍ فارغةَ المحتوى والمضمون، وعبثًا يُهدر فيه المال والجهد والوقت، دع عنك الآثار البالغة السوء فى إثارة الفتنة بين المسلمين، وتعميق الفرقة والخلاف بينهم.

تجديد النظر فى القضايا الفقهية


وإنِّى لأعتقد أنَّه من حق المسلمين عليكم -أصحاب السماحة من أهل الاجتهاد والفتوى- أن تُجَدِّدوا النَّظَر فى هذه القضايا وأمثالها، فإن وُجد قاطع صريح لا يحتمل التأويل بحال، فلا كلام ولا نظر ولا تجديد، ولا يسع المسلمَ -حينئذ- إلَّا أن يُسَلِّم لله ورسوله طائعًا مختارًا.. وإن لم يوجد قاطع، فالمسؤولية أمام الله تُحَتِّم التيسير على المسلمين فى هذا الزمان، ما دام هذا التيسير فى إطار المقاصد الشرعية والقواعد الكلية، بعيدًا كل البُعد عن التقليد المعصوب العينين، والجمود على ظواهر النصوص دون استشراف لآفاق التيسير ورفع الحرج ومراعاة الأحوال، والتى تختزنها هذه الظواهر أنفسها، غير أنَّها تحتاج إلى مَن يكتشفها وينزل بها إلى واقع الناس

التساهل فى فتاوى التكفير يحل الدماء المعصومة


ولستم فى حاجة – أصحاب السماحة المؤتمنين على صناعة الفتوى – أن أذكر بأن التساهل فى فتاوى التكفير والتفسيق والتبديع، وتَصَيُّدِ الغرائب التى تَدْعم هذه الفتاوى من تراثنا، قد آل بنا إلى ما ترون من قتل واستحلال للدماء المعصومة باسم الكفر والخروج عن المِلَّة.

وأمرٌ آخر لفت نظرى، وهو مسألة «العُرف»، وخطرَه البالغ على تكييف الفتوى وجنوحها إلى التَّشدُّد والتَّعسير، ومكمنُ الخطر هو أن قاعدَة ت «غير الفتوى بتغير العُرف»، أصبحت قاعدة شبه مُهْمَلة أو هى نادرة التطبيق فى الفتوى، وإن طبقت روعى فيها عــرف خاص ببلدٍ مُعَيَّنٍ، يُرَاد له أن تُعَمَّم فتواه، كما هى، على بلد آخر لا يسود فيه هذا العرف، مما تسبب فى حالة من الفوضى والارتباك عند الجماهير، حين يحاول –مثلًا – عُلَمَاءُ بلدٍ ما أن يستقلوا بفتوى مخالفة ترتبط بأعرافهم وعاداتهم، ويزداد الأمر سوءًا فى حالة الانقسام الحاد بين فريقين، يتبع أحدهما فتوى بلده بينما يتبع الآخر فتوى البلد الثانى، وليت الأمر يقف عند مجرد اختيار هذه الفتوى أو تلك، ولكن سرعان ما يصير الأمر إلى تخطئة كُلٍّ من الفريقين لفتوى الفريق الآخر، وربما يصير الأمر إلى الاتهام بالفِسق والابتداع، أو التشدُّد والتنطع، والسبب فى هذه المأساة هو فرض فتوى صاغها عرف خاص فى بلد معين، على بلدان لا عهد لها بهذا العرف من قريب أو بعيد.

عادات الناس وأعرافهم تتغير بتغير الظروف


وقد قرَّر شيخنا الفقيه الأصولى المدقق، العالم الجليل/ أحمد فهمى أبو سنة فى كتابه المتفرد فى عرض نظريته فى التشريع الإسلامى والمعنون بـ: «العرف والعادة فى رأى الفقهاء» - قرر أن العرف أصل شرعى فى بناء التشريع الإسلامى، وذلك بعد التسليم بأن عادات الناس وأعرافهم تتغير وتتبدل بظروفهم، وهذه مقدمة أُولى لا تقبل الجدل ولا الخلاف، ثم يضيف إليها الشيخ مقدمة ثانية يُحدِّد فيها موقف الشارع من هذه العادات والأعراف: «فالشارع –كما قال الشيخ بحق- أن هو حَكَمَ فيها بحكم واحد تفصيلى، يصاب الناس بكثير من العَنَتِ والجَهْدِ، ويخرُج بهم عن مقصد الإسلام الذى بُنى على مصالح العباد.. «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ» {الأنبياء: 107}، وإنْ هو شرع لها أحكامًا كثيرةً، كثرةَ هذه المصالح المتبدلة والأحوال المتغيرة، كَثُرَت التكاليف على الناس، وضاقوا ذرعًا بضبطها وحَذقها، وكان ذلك انتقاضًا على الشريعة التى وضعت على أساس متين، هو: «قلة التكاليف».. لهذا كله كان من حكمة الحكيم العليم أن يشرع للناس أحكامًا مطلقة عن البيان والتفصيل، مهما اختلفت الظروف وتبدلت الأحوال، ويكل إلى الراسخين فى تنزيل الأحكام على الحوادث تفصيلَ هذه الأحكام (...) وهذا باب عظيم من أبواب العُرف يبتنى عليه شطر كبير من الأحكام، ولا يكادُ ينكره فقيهٌ، وهو كذلك برهان ثابت وحجة دامغة على عظمة الشريعة وجلالتها، وأنها صالحة لكل زمان ومكان» ([5]).

وأمر آخر يضيفهُ الشيخ الجليل فى بيان حِكْمةِ احتفال الشرع بأصل «العُرف» وهو أن الشارع اهتم بمراعاة العُرف الصالح، فيما يَشرع للناس من الأحكام حتى يَسْهُل عليهم قَبُولَها وتطبيقها فى حياتهم، ولا يضيقوا ذرعًا بها فيشق عليهم تطبيقها، ومن هنا كان للعُرف الصحيح أثر بالغ فى شرع القانون الإسلامى ([6]).

لا يعقل أن يظل تولى المرأة للقضاء محل خلاف


وليس ما ذكرته – أيُّها السَّادة - من قضية اقتناء التحف المشكَّلةِ على صورة التماثيل هو كل ما فى الجعبة مما يتعلق بحياة المسلمين فى القرن الخامس عشر من الهجرة، بل هناك الكثير من القضايا التى تتفاوت أهميتها فى حياة الناس، وبعضها أساسى وحيوى، وبعضها هامشى عرضى، ولكن أُريد له يَتضخَّم بفتاوى متشدِّدة شغلت المسلمين عن أن يأخذوا مكانهم اللائق بهم بين الأمم، فهل يعقل –مثلًا- أن يظل قضية تولى المرأة للقضاء – وقضايا أخرى - محل خلاف عميق، فى وقت صارت المرأة فيه ضابطًا وقائدًا للطائرات وأُستاذًا فى الجامعة ووزيرًا فى الحكومات.. فهل لا تزال أحكام المرأة فى ظل هذه الأعراف المتغيرة هى هى أحكام المرأة أيام كان العرف يقضى بأن الحصان الرزان من النساء هى ما كانت حبيسة القصور والدور والخيام؟!.

الأسر تفتت بسبب فتاوى غير ملائمة


لا أود أن أُطيل عليكم، ولكن المسؤولية جسيمة، وكثير من آلام الناس ومشكلات الأسر والبيوت التى تهدمت وتفكَّكت كان بسبب فتاوى مقولبة، وأحكام بنيت على أعراف ملائمة لبيئة وغير ملائمة لبيئة أخرى، أو على أعراف قديمة تبدلت وتغيرت عدة مرات، ولا زال ينقل ما بنى عليها من فتاوى نقلًا حرفيًا مُسلّمًا، كأن التشريع توقف بحياة الناس عند تاريخ معين، وفى بيئة جغرافية معينة..

ثم أين هذه الفتاوى الغريبة على الزمان والمكان مما نحفظه عن ظهر قلب من قوله تعالى: «لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا» {البقرة: 286}، وقوله: « مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ » {المائدة/6}، وقوله: «وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ » {الحج/78}، وحديث أم المؤمنين عَائِشَةَ رَضِى اللَّهُ عَنْهَا: «مَا خُيِّـرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا»([7])، بل أين هذه الفتاوى مما استقرأه عظماء الفقه والأصول من قواعد التيسير

ولفيلسوف الفقه المالكى الإمام شهاب الدين القرافى المصرى كلمات ذهبية أبرأ بها ذمته من تبعة الإفتاء والمفتين وذلك فى كتابه «الإحكام فى تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضى والإمام» يقول فيها: «ينبغى للمفتى إذا ورد عليه مُستفتٍ لا يَعلمُ أنَّه من أهل البلد الذى منه المفتى وموضعُ الفتيا، أن لا يُفتيَه بما عادتُه يُفتى به حتى يَسأله عن بلده، وهل حدَثَ لهم عُرْفٌ فى ذلك البلد فى هذا اللفظ اللغوى أم لا؟ وإِن كان اللفظُ عُرفيًّا فهل عُرْفُ ذلك البلد مُوافِقٌ لهذا البلد فى عُرْفه أم لا؟ وهذا أمرٌ متعيِّنٌ واجبٌ لا يَختلف فيه العلماء، وأنَّ العادتينِ متى كانتا فى بلدينِ ليستا سواءً أن حُكمَهما ليس سواء» ([8]).

كما يقول أيضًا فى كتابه «الفروق»: «فمهما تجدد فى العرف اعتبره، ومهما سقط أسقطه، ولا تجمد على المسطور فى الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك: لا تُجره على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده وأَجْره عليه وأفته به دون عرف بلدك والمقرر فى كتبك. فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبدًا ضلال فى الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين، والسلف الماضين» ([9]).

تجديد التراث الاسلامى والعمل به


أيها السادة أن الأوان لأن نبعث مثل هذه الكنوز من مراقدها فى تراثنا العظيم، وننفض عنها غبار الإهمال الذى حرم الناس من يسر الشريعة ورحمتها، وأن نستلهم هذه الكنوز فى كل شاردة وواردة فى صناعة الفتوى، فهى وحدها الكفيلة بترغيب الناس فى الالتزام بأحكام الشرع الشريف، وهى وحدها العاصمة للفقيه والمفتى من إرهاق الناس وحملهم على ما يشق عليهم، وهى العاصمة أيضًا من الترخص الذميم الذى يقترب من تحليل الحرام وتشجيع الناس على التحلل من ربقة الدين.

أيها السادة أعتذر أن أطلت وأتمنَّى لمؤتمرنا هذا أن يكون فاتحة خير لعهد جديد من الإفتاء تُرتب فيه الأولويات، وتراعى فيه الأعراف والمقاصد حتى نتمكن من مجابهة الواقع وتحدياته ومستجداته بفتاوى تؤسس لمجتمعات تنعم بالأمن والسلام فى ظل شريعة سمحة صالحة لكل زمان ومكان.



اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015

اليوم السابع -8 -2015


موضوعات متعلقة...


شيخ الأزهر يستنكر فتاوى تحريم التحف وتحطيم التماثيل باسم الإسلام









مشاركة

التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

الجفرى مش عارف ان نص اليمن بيكفره ..؟؟؟ بيرد على اسلام بحيرى بس؟ وسايب داعش عشان داعش من كتبه ؟؟؟

الجفرى فالح يرد على اسلام بحيرى بس ؟ هو مش مؤهل للرد على داعش

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد فوزي

دسوق

عدد الردود 0

بواسطة:

اشرف احمد

العزاء

ربنا يرحمها

عدد الردود 0

بواسطة:

اشرف احمد

العزاء

ربنا يرحمها

عدد الردود 0

بواسطة:

اشرف احمد

العزاء

ربنا يرحمها

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة