5 ملفات اقتصادية كبرى تنتظر الحكومة الجديدة.. توفير الدولار.. وقيمة الجنيه.. والتعديلات التشريعية.. والأيادى المرتعشة للمسئولين.. وتسوية الصدام مع رجال الأعمال

الأحد، 20 سبتمبر 2015 02:27 م
5 ملفات اقتصادية كبرى تنتظر الحكومة الجديدة.. توفير الدولار.. وقيمة الجنيه.. والتعديلات التشريعية.. والأيادى المرتعشة للمسئولين.. وتسوية الصدام مع رجال الأعمال شريف إسماعيل - رئيس الحكومة
كتب محمود عسكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حلف أعضاء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمس أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى تمهيدا لبدء عملها الرسمى، وحالة من الترقب والأمل لما ستقوم به هذه الحكومة، والملفات التى يجب أن تبدأ بها بشكل عاجل.

الحكومة الجديدة تبدأ عملها قبل حوالى 8 أشهر من انتهاء العام الثانى لرئاسة السيسى وهو العام الذى بنهايته سيسأل المواطنون السيسى عن مدى تحقيق وعده الانتخابى بأن يشعر المواطن البسيط بتحسن فى حياته المعيشية.

ولذلك فإن هناك العديد من الملفات التى يجب أن تحظى باهتمام الحكومة الجديدة خلال الفترة القادمة، ومنها عجز الموازنة والأجور والدعم والبطالة والطاقة وغيرها، وبطبيعة الحال هذه الملفات تحتاج وقتا وخططا لإنجازها، وهى رفاهية لا تملكها هذه الحكومة، باعتبارها حكومة تسيير أعمال، شأنها فى هذا شأن كل الحكومات التالية على ثورة يناير، لاسيما وأنها من المفترض أن تنتهى ولايتها فور انعقاد مجلس الشعب.

وقال إيهاب سعيد، خبير سوق المال، إنه إلى جانب الملفات السابقة فإن هناك بعض الملفات الأخرى التى لا تحتمل الانتظار، بل إن التأخير فى فتحها قد يؤدى إلى تفاقمها لدرجة يصعب معها السيطرة عليها فيما بعد، مثل أزمة الدولار وصعوبة توفيره، وقيمة الجنيه وتأثيره على الاحتياطى النقدى، والتعديلات التشريعية ولوائحها التنفيذية والأيادى المرتعشة وأيضا الصدام مع رجال الأعمال.

يجب على أعضاء الحكومة التنسيق فيما بينهم فى الملفات الاقتصادية


وكما هو واضح فإن معظم الملفات هى بالأساس أزمات اقتصادية وهو ما دفع الكثيرين للتساؤل عن السبب الحقيقى خلف اختيار المهندس شريف إسماعيل لتشكيل الحكومة الجديدة فى أعقاب استقالة حكومة المهندس إبراهيم محلب، وجاءت هذه التساؤلات على اعتبار أن الوقت الحالى فى نظر البعض كان يحتاج إلى شخصية اقتصادية قادرة على حل المشاكل العديدة التى تواجه الاقتصاد المصرى منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير.

ولكن إذا ما قيمنا أداء المهندس شريف إسماعيل خلال فترة تولية وزارة البترول فسيتضح أنه قد نجح فى اتخاذ قرارات هامة فى قطاع البترول لم يجرؤ وزراء آخرون على اتخاذها وأهمها بطبيعة الحال، فتح استيراد الغاز للقطاع الخاص، كحل مؤقت لأزمة الطاقة وذلك بعد التراجع الحاد فى إمدادات الطاقة وبالأخص الغاز لصالح محطات التوليد للحد من انقطاع التيار الكهربائى المتكرر خلال الأعوام الأخيرة، وهو ما يوضح أهمية ملف الطاقة خلال الفترة الحالية، فإذا ما عدنا إلى مارس الماضى وتحديدا المؤتمر الاقتصادى وحديث الرئيس عن هذا الملف الهام وإعلانه عن توقيع اتفاقية مع شركة سيمنس العالمية لإنشاء ثلاث محطات لتوفير الطاقة، سنتفهم أهمية هذا الملف الخطير، فلا يمكن تجاهل تراجع الإنتاج فى الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة بشكل كبير وخطير خلال الفترة الأخيرة ومنها على سبيل المثال وليس الحصر، قطاع الأسمدة الذى تراجع حجم الإنتاج به بما يقارب الـ38% عن العام الماضى على الرغم من أنه يعد صاحب الترتيب الثالث فى عائدات التصدير بين المنتجات المختلفة.

وبالتأكيد تأثرت عوائد الصادرات بشكل عام، سواء فى هذا القطاع أو فى القطاعات المماثلة، فإذا نظرنا إلى مؤشر الصادرات خلال النصف الأول من عام 2015 سيتبين استمرار التراجع فى حجم الصادرات المصرية بنسبة 14,5% لتسجل قرابة الـ30,1 مليار جنيه بالمقارنة مع 70 مليار جنيه خلال فترة المقارنة وهذا الملف يجب أن يحظى باهتمام أكبر من قبل الحكومة الجديدة خاصة بعد تراجع دعم الصادرات بالموازنة الجديدة إلى 2,6 مليار جنيه فقط!

ومن هذا كله يتضح لماذا تم اختيار المهندس شريف إسماعيل لتشكيل الحكومة الجديدة، ولكن تبقى العديد من الملفات التى ستكون أمام الوزارة الجديدة وبشكل خاص المجموعة الاقتصادية خلال المرحلة الحالية سواء بقت المجموعة السابقة أو شهدت أى تغيير، فنرى أنه يأتى على رأسها ملف الدولار وصعوبة توفيره للمستوردين والمصنعين نتيجة الصعوبات التى تواجه فتح الاعتمادات بالبنوك، فى أعقاب الإجراءات الاحترازية، التى اتخذها المركزى لمكافحة السوق السوداء، ومما لا شك فيه أن هذا الملف من اختصاص البنك المركزى، ولكن يجب أن يتم بالتنسيق مع الحكومة، فقد بدا واضحا خلال الفترة الماضية غياب التنسيق الكامل بين السياسات المالية للحكومة والسياسات النقدية للبنك المركزى، الأمر الذى تسبب فى اهتزاز الثقة فى مناخ الاستثمار بشكل عام خاصة للاستثمارات الأجنبية التى تراجعت بشكل واضح كنتيجة طبيعية لغياب الرؤية الاقتصادية للدولة.

وبرز غياب التنسيق فى أكثر من مناسبة سواء فى السياسات المتضاربة بين الجانبين أو حتى فى التصريحات، فقد أثار التصريح الأخير لوزير الاستثمار حالة من اللغط المجتمعى حول حتمية خفض قيمة الجنيه، الأمر الذى تسبب فى هجوم شديد عليه كان من الممكن أن يتسبب فى الإطاحة به، وهو ما قد يصعب من موقف الحكومة الجديدة وكذلك البنك المركزى من اتخاذ هذه الخطوة التى لا بديل عنها إذا ما كنا جادين فعليا فى جذب الاستثمارات والمضى قدما فى تنفيذ المشاريع القومية الكبرى سواء محور القناة أو العاصمة الإدارية، خاصة بعد أن لجأت أكثر من 22 دولة لهذا الإجراء فى أعقاب خفض الصين لقيمة اليوان لدعم صادراتها.

ولذا يجب على الحكومة والمركزى بالتنسيق فيما بينهم عدم الالتفات لهؤلاء المعارضين بدعوى أن مصر دولة مستوردة وليس مصدرة! لاسيما وأن خفض قيمة العملة يختلف عن تعويمها، عدا أن ارتفاع الأسعار الذى تحدث عنه البعض، ما هو إلا مخاوف فى غير محلها، ويرجع ذلك إلى أن المستوردين لا يحصلون على الدولار بأسعاره الرسمية وإنما يضطرون لتوفيره من السوق السوداء، وهذا يعنى أن هامش الربح محدد على أسعار السوق السوداء وليس الرسمية ولا أدل على هذا من أن المركزى المصرى يوفر عبر عطاءاته الأسبوعية ما يقارب على الـ6.5 مليار دولار سنويا فى الوقت الذى تبلغ فيه قيمة الصادرات المصرية قرابة الـ60 مليار دولار، فهذا الفارق الكبير إنما يؤكد على ما سبق وأشرنا إليه، وما يجهله هؤلاء المعارضون أن الاستمرار فى دعم قيمة الجنيه سيؤدى لتآكل الاحتياطات النقدية للبنك المركزى فى ظل تراجع الدعم الخليجى فى الموازنة الجديدة وكذلك تراجع دخل السياحة وقناة السويس حتى بعد التفريعة الجديدة نتيجة لتراجع النشاط التجارى على مستوى العالم على خلفية الركود الحاد الذى يضرب منطقة اليورو وتباطؤ معدلات النمو للصين، وأيضا تراجع أسعار النفط أثر بالسلب على منطقة الخليج صاحبة النصيب الأكبر من العمالة المصرية، ولذا فمن المتوقع أيضا تراجع فى تحويلات العاملين بالخارج، وهذا كله يدفعنا دفعا لتخفيض قيمة العملة لجذب الاستثمار وتشجيع الصادرات التى تراجعت بشكل حاد كما سبق وأشرنا وكذلك السياحة بعد حادث السياح المكسيكيين والذى حتما سيؤثر على النشاط السياحى الذى يعانى أصلا.

ومن أهم الملفات أيضا التى يجب أن ينصب تركيز الحكومة عليه، هو ملف تعديلات قانون الاستثمار الجديد ولائحته التنفيذية، فليس من المعقول أن المواد المحفزة التى تم إقرارها فى القانون الجديد لم تفعل حتى الآن بسبب اللائحة التنفيذية!، كما ينبغى تبنى سياسات ضريبية عادلة غير طاردة للاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية، بالإضافة إلى ضرورة تسهيل الإجراءات أمام الاستثمار الأجنبى فلا حل للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية كما سبق ونادينا على مدار سنوات سوى بزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ونتمنى كذلك ضرورة الإسراع فى تفعيل الشباك الواحد والذى كان يوليه أشرف سالمان وزير الاستثمار أهمية خاصة وذلك كخطوة أولى للتخلص من البيروقراطية التى تتسبب فى تعطيل مسيرة الإصلاح والتنمية.

الاقتصاد المصرى لا يحتمل أى بطء آخر فى اتخاذ القرارات



وهذا كله بطبيعة الحال يحتاج إلى سرعة فى الإنجاز، فالاقتصاد المصرى لا يحتمل أى بطء آخر فى اتخاذ القرارات خاصة أن التباطؤ الشديد كان من أهم سلبيات حكومة المهندس إبراهيم محلب، ولا أدل على هذا مما حدث فى التعديلات التى أقرت فى قانون الضريبة على الدخل قبيل المؤتمر الاقتصادى مباشرة والتى أشدنا بها فى حينها بخفض ضريبة الدخل من 25% إلى 22,5% مع إلغاء الضريبة الاستثنائية بقيمة 5% لمن يزيد دخله على المليون جنيه، إلا بعد أكثر من 6 شهور من اتخاذها، عدا عن ضريبة الأرباح الرأسمالية التى كان قد أصر وزير المالية على تطبيقها رغم الخسائر الكبيرة التى تسببت فيها والتى اضطرت معها الحكومة فى 17 مايو الماضى لتأجيلها لمدة عامين، ولكن بكل أسف أيضا لم يتم تفعيل هذا التعديل سوى من أسابيع قليلة، فهذا البطء الشديد نراه لا يتماشى إطلاقا مع حماس وسرعة الإنجاز لدى الرئيس عبد الفتاح السيسى والذى بدا جليا فى إصراره على الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع قناة السويس فى عام واحد فقط وهو بالفعل ما حدث، وبطبيعة الحال هذا الفارق الكبير فى سرعة الإنجاز نتجت عنه آثار غاية فى السلبية على مناخ الاستثمار بشكل عام ومنها البورصة المصرية التى فقدت تقريبا كافة مكاسبها التى حققتها على مدار العامين الماضيين.

الأيادى المرتعشة أصابت الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 25 يناير



وهذا بخلاف أزمة الأيادى المرتعشة التى أصابت الحكومات المتعاقبة منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير خوفا من المساءلات الجنائية وهو ما أبرز الحاجة لضرورة إحداث تعديل تشريعى من قبل مجلس الشعب القادم تتقدم به الحكومة يخلص إلى التمييز بين الخطأ الإدارى والجنائى، ومما لاشك فيه أن تلك المخاوف ستزداد لدى الحكومة الجديدة فى أعقاب فضيحة وزارة الزراعة، وبعيدا عن ملابسات أو ظروف الدعوى والتى أصدر القائم بأعمال النائب العام حظر النشر بشأنها، فالقبض على وزير الزراعة فور تقديمه للاستقالة إنما يعطى مثالا مميزا على محاربة الفساد، ولكن على الجانب الآخر يرفع من حجم المخاوف بشكل أكبر لدى الباقين مما قد ينتج عنه مزيد من البطء والتراخى لدرجة قد تصل بنا إلى تفاقم الأزمة لتضحى الأيادى المقطوعة بدلا من المرتعشة!

على الحكومة تغيير نظرتها السلبية عن رجال الأعمال



كما يأتى أيضا ملف رجال الأعمال، فعلى الحكومة تغيير نظرتها السلبية التى سادت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير تجاههم وتجاه المستثمرين، فهم ليسوا أعداء للوطن ويجب إبرازهم بشكل أكثر إيجابية باعتبارهم عاملا أساسيا فى حل أزمة البطالة والتى من المفترض أنها أهم أولويات الرئيس منذ تولية منصبه وهو ما لن يتأتى سوى بدعم رجال الأعمال والمستثمرين بشكل يساعدهم على التوسع فى أعمالهم ومشاريعهم بشكل أكثر أريحية بدلا من الدخول فى خصومات معهم سيكون الخاسر الأكبر فيها هو الدولة ذاتها، فليس معنى وجود فاسدين فى مجال ما أن كل من ينتمى لهذا المجال فاسدون، ولا مثال أكبر من قضية وزارة الزراعة الأخيرة.

وتبقى الإشارة إلى أن الحكومة الجديدة عليها أن تعمل على إشعار المواطن بأى بوادر للتحسن الاقتصادى وهو ما لن يتأتى إلا عن طريق المشروعات ذات الأثر السريع، ومنها على سبيل المثال المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فمما لا شك فيه أن المشاريع القومية مثل محور قناة السويس أو العاصمة الإدارية سيكون لهم عظيم الأثر على الاقتصاد المصرى، ولكن نتائجها ستكون على الأجل الطويل، ومن الواضح أن المواطن المصرى لم يعد قادرا على الاحتمال، كما أنه أصبح على درجة عالية من الوعى تمكنه من التمييز بين الوعود البراقة والتنفيذ على أرض الواقع.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة