اتفق النقاد المشاركون فى مناقشة ديوان "مراثى الملاكة من حلب" للشاعر كريم عبد السلام، على أن الديوان يحتوى شعرية مثيرة ومحفزة على الكتابة وقادرة على مد الجسور بين النص والمتلقى، وأن الشاعر مهموم دائما بالتجريب لكن فى سياق المحافظة على الفن.
وأكد الشاعر عادل جلال، فى الندوة التى عقدت لمناقشة الديوان، أمس، فى أتيليه القاهرة، بمشاركة الشاعر عبد الرحمن مقلد والناقد مدحت صفوت وعدد من الشعراء والمثقفين، أن ديوان مراثى الملاكة من حلب يعيد حالة العشق ويثير الحنين لكل ما كان جميلا فى سوريا، وأن الديوان يطرح قضايا كبرى منها جهاد النكاح، وأنه يحتوى بجانب الشعر على فنيات متعددة منها السيناريو خاصة فى آخر الجزء الأول.
بينما أكد الشاعر عبد الرحمن مقلد، أن كريم عبد السلام، يختص بتجربة ثرية وممتدة، أثمرت عن 10 دواوين شعرية، ليكون أحد أكثر شعراء جيله، إنتاجًا، وأثراهم تجربة، وأن متابعى كريم عبد السلام، يدركون ما لـ"الحكاية" أو القصة أو البناءات السردية من أهمية فى تجربته، ويتجلى ذلك فى دواوينه المتتالية، ويبرز خاصة فى "مريم المرحة" و"أكان لزاما يا سوزى" وديوانه الأخير "مراثى الملاكة من حلب".
وأضاف مقلد أنه بتتبع قصائد الديوان تبرز "القصائد الحكايات"، حيث تخرج القصائد جلها من موقف، إذ تعبر عن مأساة هؤلاء النسوة الحلبيات، وكل قصيدة من قصائد الديوان تنطلق من إحداهن، وهو ما يجعلنا نتحدث عن الأبعاد الفكرية للقصيدة القصصية.
وأشار عبد الرحمن مقلد إلى أن "مراثى الملاكة من حلب" يبدأ من منطلق فكرى واضح، ولكن الشاعر لا يتوقف عنده بالطبع، وإلا ما فرقنا بين القصيدة والمقال أو التقرير الصحفى، ويدخل الشاعر حكايته فى أتون الشعر، لينضحها ويقدمها فى طبقه الخاص.
ويضرب مقلد مثلا بـقصيدة "الحمال والبنات الثلاث"، حيث يتعامل الشاعر مع "سردية" لحمال وبناته اللواتى يخططفن، ويبقى هو يعاتب السماء ويطلق الرصاص نحوها"، هذه هى القصة التى يتحرك منها كريم عبد السلام، ويتفاعل معها جماليا وإنسانيا، فهذا الأب "عندما لم يسمع من السماء شيئا وعندما لم ير من السماء شيئا نبتت لحيته طويلة طويلة وقايض بندقية بقمح الشتاء وجلس يطلق الرصاص أمام البيت".
ويرى "مقلد" أنه هكذا تتحول القصة إلى موقف جمالى "شعرى" بامتياز، وتنطلق لأفاق تخيلية تحمل المأساة، وتظهرها فى التجلى الشعرى، وتنهل من "فاتنازيا الواقع"، فلو أعدنا قراءة المقطع السابق ثانية سنلاحظ التمازج بين ما هو واقعى وما هو غير ذلك، وهذا ملمح مهم فى قصيدة كريم عبد السلام.
بينما أكد الناقد مدحت صفوت أنه منذ سنوات وهو يتابع التجربة الشعرية لكريم عبد السلام وإن كان ديوانه "قنابل مسيلة للدموع" يعبر عن الحجاج وديوانه "أكان لزاما يا سوزى أن تمتطى صهوة أبى الهول" يعبر عن الرثاء، فإن ديوانه الأخير "مراثى الملاكة من حلب" يجمع بين الاثنين فهو رثاء وحجاج معا.
وتابع مدحت صفوت الديوان كله حكايات والملاكة فيه تبدأ واحدة ثن تتشطى لملاكات عدة بعدد النساء الموجودات داخل قصائد الديوان ثم تعود واحدة قبل أن تحدث عملية الوداع.
وأضاف "صفوت" معظم الحوارات التى اشتملتها القصائد يمكن ملاحظة نسبة الحجاج فيها وإن كان الخطاب الظاهرى يبدى تصورا ما فإن التبئير والمقصود به اختيار لحظة معينة وإلقاء الضوء عليها يؤكد أن المستوى اللغوى والثقافى والتناص مع القرآن والكتب التراثية إنما يكشف كما من المواجهة للفكر والتحدى للطاغية وليس عدم الانصياع له.