مايكل فارس

بوتين يستدعى كوبا وفيتنام لحربه النووية

الجمعة، 14 أكتوبر 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الفرق بين التكتيك ( الوسيلة) والاستراتيجية ( الهدف)، هو الذى يحدد مهارات مستخدميها ، ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية، كانت تعبث بأصابعها فى كل بقاع العالم، إلا أن ظهور روسيا على الساحة الدولية الآن عقب سقوط الاتحاد السوفيتى، لتكون فاعلة دوليا ، عكس القوة الكامنة التى كان يتم التجهيز لها سلفا ، ليظهر رئيسها بتكتيكات تفوقت على نظيرتها الأمريكية فى السرعة والآداء والمفاجئة أيضا، فخطوات الدب الروسى غير متوقعة. 
 

استراتيجيات تغير النظام الدولى تستند لقوة السلاح

استخدامه لتكتيكاته المفاجئة يربك حسابات الولايات المتحدة الأمريكية ، التى لديها تكتيكات ولكنها قديمة، لا تناسب إلا دولا تابعة، أو الدول الأضعف التى تناصبها العداء كإيران ، فتكتيكات الدب الروسى بقيادة فلاديمير بوتن، تعتمد على قوة السلاح المتفوق نسبياً من حيث التكنولوجيا والدقة عن نظيره الأمريكى ، والتى تستخدمها بشكل مباشر دون سابق إنذار فى مناطق النفوذ المباشر لها كجزيرة القرم وأكورانيا وسوريا مؤخراً.
 
عقود مضت ، وكانت الإرادة الأمريكية ترتع فى بقاع العالم بلا منازع تملى شروطها على المناطق ، وكانت روسيا تنأى بنفسها الدخول فى أى صراع دولى سواء فى أسيا أو منطقة الشرق الأوسط ، فبعد سقوط الاتحاد السوفيتى كانت تحتاج لفترة نقاهة لاستعادة قوتها وتعافيها الاقتصادى والعسكرى أيضاً، لتفيق الولايات المتحدة فى سوريا على تكتيكات القيصر التى غيرت قواعد اللعبة بل النظام الدولى، ، فهنا لا صراع بين قوى يملى إرادته، وضعيف يمضى عقد إذعان، فالصراع بين قوتين حقيقيتن، كلاهما يستند للسلاح الرادع وترسانات القنابل النووية والهيدروجينية وأساطيل بحرية وفضائية . 
 
القيصر الروسى بوتين ، يعيد صياغة وتشكيل النظام الدولى من جديد ، لتحقيق استراتيجية الأمن القومى لبلاده والتى يراها فى قناعته الشخصية ليست بتأمين روسيا، أو استعادة نفوذه على بلاد البلطيق أو شرق أوروبا ، بل ليعيد إمبراطورية الاتحاد السوفيتى السابق ، لينتزع حق إدارة الصراعات الدولية كسابق عهده، بجوار خصمته التاريخية الولايات المتحدة الأمريكية ، سعيا لانهاء إسطورة الدولة العظمى الوحيدة، بعد انهيار "الاتحاد" عام 1989 م ساعياً لخلق نظام دولى متعدد الأقطاب يضمه وشريكته الصين.
 

أمريكا تعترف بالتفوق العسكرى الروسى

بعد أن استمر قرابة عقدين من إعادة بناء قواته المسلحة وتسليحه بتقنيات جديدة وبوتيره أسرع من توقعات استراتيجيو الولايات المتحدة الأمريكية، تفاجئ البيت الأبيض مؤخرا فى خضم الحرب الدائرة فى سوريا بتقنيات الأسلحة الروسية،خاصة فى مجال الحرب الإلكترونية والصواريخ المجنحة الأحدث من نوعها فى العالم، والطائرات وغيرها، لتعترف وزارة الدفاع الأمريكية عن مضض بأن الروس سبقوهم فى تطوير الأسحلة على لسان متحدثيها فى أكثر من مناسبة، ويكفى أن وزير الدفاع الأمريكى آشتون كارتر أعلن فى مؤتمر نادى واشنطن فبراير الماضى، أن الولايات المتحدة أخذت تصرفات روسيا بعين الاعتبار لدى وضع ميزانية الوزارة لعام 2017 المالى، ملمحا عن نية البنتاغون طلب مبلغا قدره 3.4 مليار دولار لدعم دول الناتو فى أوروبا، وأن الحديث يدور عن مبلغ يزيد أربع مرات عن المبلغ المخصص بسبب "قوة روسيا".
 
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست":"أن وزارة الدفاع الأمريكية تخطط لتقديم مقترحات حول زيادة الميزانية العسكرية على خلفية تنامى القدرات العسكرية لروسيا والصين، على لسان مسؤولين أمريكيين، مضيفة أن الولايات المتحدة تعتزم خلال العقد المقبل التصدى للتقدم العسكرى الذى تحرزه روسيا والصين، مدرجين عبارة "الخطر الروسى" ، وأن البنتاغون سينفق فى العام المقبل 71.4 مليار دولار على الأبحاث وتطوير الأسلحة". وهو مما لا يدع مجالاً للشك من الرعب الأمريكى من التقدم التقنى للسلاح الروسى.
 
وذكرت صحيفة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، أن القوات البحرية الأمريكية ستحصل على منظومات "NGJ" للحرب الإلكترونية التى من شأنها التعامل مع منظومات "إس-300" و"إس-400" الروسية، وأن هذه المنظومات ستستخدم اعتبارا من العام 2021، بدلا من أجهزة التشويش من طراز ALQ-99 المعتمدة حالياً فى طائرات "EA-18G" الخاصة بشن حرب إلكترونية.
 
وقال الضابط فى البحرية الأمريكية إرنست ويلسون فى تصريحاته للصحيفة، إن القرار بإطلاق تصميم منظومات جديدة لشن الحرب الإلكترونية ناجم عن التخلف التكنولوجى للأجهزة الأمريكية القديمة التى لا تستطيع الرد على التهديدات الإلكترونية والتعامل مع الرادارات الحديثة، منظومات جديدة للدفاع الجوى، مثل بطاريات إس-300 وإس-400 الروسية الصنع قادرة على رصد طائرات الشبح من مسافات طويلة وعلى مختلف الترددات، حيث تمثل رادارات "أفار" – الروسية - مشاكل كبيرة لهم، لكن الأجهزة الجديدة لشن حرب إلكترونية ستتيح لنا الاقتراب من وتيرة تطورها.
 

بوتن يستدعى الحرب النووية بكوبا وفيتنام

من يراقب الصراع الدائر فى سوريا يعلم جيدا أنها أرض بمثابة رقعة الشطرنج، ورصداً لسياسة الفعل ورد الفعل التى تحدث يومياً بين روسيا وأمريكا فى سوريا،نجد عندما تبدأ أمريكا بممارسة ضغوط على بوتين، يفاجئها الأخير بتكتيك غير متوقع، وتتصاعد الوتيرة، عندما أقدمت الطائرات الأمريكية بضرب قواعد للنظام السورى فى دير الزوار،فى 17 سبتمبر الماضى، رد بوتن بتجميد اتفاقية التعاون النووى مع الولايات المتحدة الأمريكية، بل وأخدتها حجة لإرسال منظومة الدفاع الجوى الأحدث s400 ،بعد أن نشرت سابقا s300 على خلفية إسقاط تركيا لطائرة روسية، بزعم أنها اخترقت مجالها الجوى.
 
ووضع المنظومة صحبه تهديد روسى صريح لأمريكا فى حال أقدمت مستقبلياً على ضرب مواقع النظام السورى، حيث قل الناطق الرسمى باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيغور كوناشينكوف، أن المساحة التى تستطيع أنظمة الدفاع الجوى الروسية " إس-300" و"إس-400" الموجودة فى سوريا، تغطيتها قد تكون مفاجأة لأى جسم مجهول الهوية، وسنعتبر أى هجوم على الأراضى السورية هو تهديد للعسكريين الروس، مهددا بأن منظومات "إس-400" و"إس-300" الروسية لن تمتلك الوقت الكافى لتحديد مسار الصواريخ وتبعية الطائرات التى تطلقها، وتبع ذلك مصادقة مجلس النواب الروسى "الدوما" على اتفاقية بين روسيا وسوريا حول النشر الدائم لمجموعة القوات الجوية الروسية فى سوريا.
 
وبدأ بعدها التلويح لإعلان حرب نووية فى حال استدعى الأمر، فأعلن نائب وزير الدفاع الروسي، نيكولاى بانكوف، الجمعة،الماضى، أن الوزارة تدرس احتمال عودة القواعد العسكرية الروسية إلى كوبا وفيتنام كما كانت سابقاً قبل سحبها عام 2002، وأن قيادة وزارة الدفاع تعيد النظر فى القرارات التى تم اتخاذها لإلغاء القواعد فى هذين البلدين، والمتابع لأزمة الصواريخ الكوبية فى أكتوبر 1962م، حيث نصبت الولايات المتحدة الأمريكية صواريخها النووية فى تركيا تجاه روسيا، فردت الأخيرة روسيا بنصب صواريخا النووية فى اتجاه الولايات المتحدة، وكان العالم على شفى حرب نووية الأولى من نوعها، إلا أن العالم التقط أنفاسه قبيل الضغط على أزرار الإطلاق، حيث أدرك الرئيسان الأمريكى والروسى خطورة الموقف وحلاها بالتفاوض .
 
وقد تمركز الوجود الروسى فى فيتنام تحديدًا فى قاعدة "كامران" البحرية. وتم سحب القوات الروسية من القاعدة عام 2002 ، والمتابع للأحداث الدولية يعلم جيداً كم الخسائر التى تكبدتها أمريكا فى حربها مع فيتنام ، وفى النهاية انسحبت ، فاستخدام التلميح بإعادة القواعد العسكرية الروسية فى هذين البلدين تحديدا كفيل بإيصال الرسالة للبيت الأبيض ، بأن : " الحرب النووية قد تأتى بلا محالة .. ونحن مستعدون" .









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة