جمال أسعد

الانتماء بين الإعلام والاغتراب

الإثنين، 28 نوفمبر 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الإعلام والثقافة والتعليم والمؤسسات الدينية يجب أن يكون لها دور فى زرع الانتماء للوطن
 
الانتماء هو الإحساس الطبيعى والمشاعر المتراكمة تجاه الآخر. والآخر هنا يبدأ بالأم التى ينتمى إليها الطفل منذ ولادته، ذلك لما يلاقيه من حب وحنان ورعاية وخوف عليه وسهر على راحته، مما يجعل الطفل مديناً لهذه العطاءات الأمومية بالحب لها والانتماء إليها والخوف عليها. ثم يتوسع انتماء الفرد فينتمى لأسرته ثم لعائلته وأقاربه ثم لجيرانه وأهل منطقته ثم إلى زملاء الدراسة وأصدقائه، حتى يصل الانتماء إلى شكل مجرد وهو الانتماء للقيم وللوطن الذى يدافع عنه المواطن بكل حب ويسعى لتقدمه بكل جهد، ولما كان الانتماء فى حده البسيط هو العطاء، فالأم تعطى كل ما تملك لطفلها الشىء الذى يقابله حب الطفل لأمه صغيراً ورعايتها وتقديم كل ما تحتاج إليه وهو كبير، هنا فالعطاء يظهر فى شكله المعنوى وفى إطاره المادى، ولذا فمن الطبيعى أن يكون الانتماء للوطن بكل ما يحمله هذا الانتماء من حب وتضحيه أن يقابله عطاء يقدمه الوطن للمواطن حتى يشعر أنه شريك فى ملكية هذا الوطن فيصبح مسؤولاً عنه، فما يقدمه الوطن هو توفير الأمن والأمان وتقديم الخدمات الأساسية التى تحفظ للمواطن العيش الكريم كإنسان، وأن يكون هناك مساواة وعدالة فى التوزيع سواء فى الداخل القومى أو فى توزيع الأعباء أو ارتقاء المناصب أو فى تطبيق القانون الذى يجب أن يسرى على الجميع دون استثناء كذلك فى توفير إمكانية المشاركة فى اتخاذ القرار حسب القدرة والموقع والدور، حيث إن حق الانتخاب فى مناخ من الحرية ودون وصاية هو نوع من هذه المشاركة مع الحفاظ على كرامة الإنسان بعيداً عن القدرة المالية أو المكانة الاجتماعية، فهل لو لم تتوفر هذه العطاءات للمواطن لظروف يواجهها الوطن ويعانى منها النظام يكون رد الفعل هو عدم الانتماء للوطن؟ 
 
هناك من ينظر للانتماء فى إطاره المادى وهنا تكون المشكلة ماذا يعطينى الوطن؟ ولكن وهو الأهم هناك الجانب المعنوى والثقافى والإنسانى الذى يوازن بين العطاء المادى والمعنوى، فالإعلام والثقافة والتعليم والمؤسسات الدينية يجب أن يكون لهم دور فى زرع ورعاية الانتماء للوطن فى حده المعنوى قبل حده المادى، وهو البداية الحقيقية للانتماء الشىء الذى يجعل الإنسان أن يتحمل مادياً فى مقابل لفتات إنسانية ومعاملة نفسية تليق به وتحافظ على توازنه النفسى فى ظل تلك التناقضات المادية والاقتصادية التى تزرع الحقد وتثير الضغينة وتراكم الحسد وتولد الغضب، فهل تلك المؤسسات تقوم بالفعل بهذا الدور المطلوب؟ فالإعلام مثلا هل بالفعل يزرع الحب وينمى الانتماء ويدافع عن الحق وينصر المظلوم؟ أم أنه يسهم ويساعد بل يوفر المناخ الفاسد الذى يستبدل الانتماء بالاغتراب، هل تلك الدراما وما تقدمه من واقع لا علاقة له بواقع المواطن الفقير والغير قادر من مبانى فاخرة وقصور فاجرة وحياة عاهرة وعيشة مرفهة تولد الانتماء أم الاغتراب؟ هل يتسق واقع الأغلبية المصرية التى تعانى من المشكلة الأقتصادية وغلاء الأسعار وانحدار القيمة الشرائية للدخول مع تلك القنوات، وما تقدمه من برامج للمطبخ والطبيخ سواء فى قنوات متخصصة طوال الوقت أو برامج متعددة وصلت إلى برامج التوك شو؟ فما هو شعور المواطن الذى لايجد قوت يومه وهو يشاهد تلك البرامج المستفزة التى تحرك فقره وتسير احتياجه وتسىء إلى كرامته؟ هل هذه البرامج وتلك الممارسات وغيرها كثير تنمى الانتماء وتقويه أم تولد الاغتراب وتكرسه؟ الاغتراب هنا هو نقيض الانتماء فهو يجعل المواطن يعيش فى وطنه جسداً ويهاجر منها روحاً، الاغتراب يجعل المواطن غريباً فى وطنه وشريداً فى داره، حيث إن هذا الوطن لا علاقة له به فهو ليس ملكً له إنما ملك الآخر الذى لا يشبهه فى شىء. وهنا يا سادة يتحول الوطن إلى أوطان ويتراكم غضب لا يعلمه غير الله، وهذا لا ولن يكون فى صالح أحد سواء من المستفزين أو من المغربين قهراً عن أوطانهم. فهل ننتبه سريعاً إلى هذه القضية لصالح هذا الوطن الذى يجب أن يكون بحق ملكاً لكل المصريين؟

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة