أنور الرفاعى يكتب: حتى لا ننسى الملك عبد الله والأمير سعود الفيصل.. رحلة فى قطار العلاقات المصرية السعودية.. بالعروبة والإسلام والمحبة وحسن الجوار بدأت الرحلة ومحطة المكايدة السياسية لمصر نهايتها

الإثنين، 19 ديسمبر 2016 07:34 م
أنور الرفاعى يكتب: حتى لا ننسى الملك عبد الله والأمير سعود الفيصل.. رحلة فى قطار العلاقات المصرية السعودية.. بالعروبة والإسلام والمحبة وحسن الجوار بدأت الرحلة ومحطة المكايدة السياسية لمصر نهايتها الأمير سعود الفيصل - الملك عبد الله خادم الحرمين الشريفين - عادل الجبير وزير الخارجية السعودى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تابعت مع غيرى من المتابعين زيارة أحمد الخطيب مستشار العاهل السعودى بالديوان الملكى لإثيوبيا هذا الأسبوع، وما تحمله من دلالات سياسية أخصها "المكايدة السياسية" لمصر الرسمية التى تعاملت مع الموقف باعتبارها الشقيقة الكبرى التى لا تنجرف إلى أمور لا تسمو لقدرها، وزاد من يقينى بأمر "المكايدة" حالة السعادة التى انتابت المستشار السعودى بين العمال فى موقع سد النهضة بعد استقبال "سمنجاو بقلى" مدير المشروع الإثيوبى له، وزاد يقينى بهذه "المكايدة" أن زيارة قبل نحو أسبوع قام بها "عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلى" وزير الزراعة السعودى لإثيوبيا أيضا، وذلك قبل أن يعود هيلى ماريام ديسالين رئيس وزراء إثيوبيا بعد لقائه بالملك سلمان خادم الحرمين الشريفين وطلبه الدعم المالى لإنهاء مشروع السد، فى الوقت الذى يعلم فيه الأشقاء فى المملكة العربية السعودية أن هذا السد ذى سمعة سيئة فى الشارع المصرى، رغم أن الرئيس عبد الفتاح السيسى قال فى هذا الشأن "نتفهم حاجتهم لإنتاج الكهرباء ولابد أن يعلموا أهمية المياه بالنسبة لنا".
 
و"المكايدة السياسية" أسلوب الهواة فى السياسة، فلا تجدها بارزة فى علاقات الدول التى يربطها عوامل التاريخ واللغة والمذهب والتوجه السياسى، لكنها نظرية سياسية تستخدمها الدول التى ليس لديها منظور سياسى واسع أو قراءة صحيحة للملفات المهمة، وهى الأمور التى سبق وأوضحناها وأبرزها غيرنا من المهتمين بضرورة صعود العلاقات المصرية السعودية إلى أقصى مستوياتها من النضج لصالح البلدين، وذلك بسبب ما ارتأيناه فى حينه أن الأشقاء فى السعودية يفقدون بوصلة قراءة الواقع الإقليمى والدولى ما أفقدهم تحديد استراتيجياتهم فاختلطت الأمور وتداخلت سواء فى سورية أو اليمن أو إدارة ملف مجلس التعاون الخليجى.. وغيرها، وهذه التداخلات التى أنتجت هذا المفهوم السياسى الجديد فى العلاقات المصرية السعودية قد جاءت بعد رحيل حكيم العرب الملك عبد الله خادم الحرمين الشريفين "طيب الله ثراه".. الذى يسكن فى قلب كل مصرى لأنه كان يدرك حجم مصر لأنه أيضا كان كبيرا وملكا لدولة كبيرة وشقيقة لمصر.
 
وجدت ذاكرتى تستدعى البيان الذى ألقاه الملك عبد الله عقب ثورة 30 يونيو مباشرة الذى دعا فيه المصريين والعرب والمسلمين للتصدى لكل مَنْ يحاول زعزعة أمن مصر، معتبراً أن مَنْ يتدخل فى شئون مصر الداخلية من الخارج "يوقدون الفتنة"، والذى أهاب فيه بالعرب للوقوف معاً ضد محاولات زعزعة أمن مصر، "وضد كل من يحاول أن يزعزع دولة لها فى تاريخ الأمة الإسلامية والعربية مكان الصدارة مع أشقائها من الشرفاء"، وأعلن نبوءته وأمنيته التى تحققت عندما قال صراحة بأن "مصر ستستعيد عافيتها"، مؤكداً أن السعودية "شعباً وحكومة تقف مع مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة، وتجاه كل مَنْ يحاول المساس بشئون مصر الداخلية وعزمها وقوتها - إن شاء الله - وحقها الشرعى لردع كل عابث أو مضلل لبسطاء الناس من أشقائنا فى مصر"، ولن ينسى كل مصرى يوم أصدرت المملكة قرارًا تاريخيًا وأعلنت جماعة الإخوان جماعة إرهابية ووضعتها على قائمة الإرهاب، وقامت بتجريم شعار "رابعة".
 
ولم تنتهِ المواقف البطولية للعاهل السعودى الراحل فى الوقوف إلى جانب الشقيقة مصر وشعبها عند هذا الحد، بل وقف العاهل السعودى بقوة ضد قطر وموقفها الداعم لجماعة الإخوان وإعلامها الذى كان يبث الفتن والأكاذيب ضد الشعب المصرى، وفى خطوة لم تحدث من قبل أعلنت السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين فى مارس 2014 سحب سفرائها من الدوحة بعد تدخلها فى الشئون المصرية ووصفها لثورة يونيو بالانقلاب، وكانت تلك الخطوة غير المسبوقة ضد ما تقوم به قطر من تزييف للحقائق وتمسكها بعدم الحيادية فى نقل الأحداث.
 
وجدت الذاكرة يقفز إليها مواقف الأمير سعود الفيصل وأخصها عندما ظهر خلال مؤتمر صحفى له خلال زيارته لفرنسا بعد ثورة 30 يونيو، حيث قال: "من أعلن وقف مساعداته لمصر أو يلوح بوقفها، فإن الأمة العربية والإسلامية غنية بأبنائها وإمكاناتها ولن تتأخر عن تقديم يد العون لمصر"، مشيرا إلى أن هذه المواقف التى تتخذها الدول الغربية ضد مصر إذا استمرت لن ننساها ولن ينساها العالم العربى والإسلامى. 
 
هذه المواقف استدعتها الذاكرة فأجد تصريحا للملك سلمان والذى كان وليا لعهد المملكة آنذاك فى حفل تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيسا للجمهورية "إن المساس بمصر يعد مساسًا بالإسلام والعروبة، وهو فى الوقت ذاته مساس بالمملكة العربية السعودية، وهو مبدأ لا نقبل المساومة عليه أو النقاش حوله تحت أى ظرف كان".. فماذا تغير فى السعودية؟ وما الذى أدى إلى فقدانها البوصلة عندما يقف عادل الجبير وزير الخارجية الذى جاء خلف العملاق سعود الفيصل ليهاجم مصر على خلفية تصويتها فى مجلس الأمن لصالح القرار الروسى، هل ذهب جيل العمالقة والقادرين على قراءة كافة التواءات ودهاليز المواقف الدولية وتهذيبها لصالح الأمة العربية؟؟
 
الموقف السعودى فى سورية يفقد واقعه ووجوده، وأدرك الأشقاء فى السعودية أنهم قد خسروا الأرض والموقف بعد النجاحات التى حققها الجيش السورى، وهم يقولون أنهم يحاربون حربا مذهبية ضد إيران، وهنا نسأل: ما هو الفارق بين هؤلاء الذين يدعمهم السعوديون فى سوريا وبين هؤلاء الذين يحاربون مع الأمريكيين ضدهم فى العراق؟؟ أليسوا هم المتطرفون هنا، وهم المتطرفون هناك أيضا.. ولماذا هذا التناقض؟ ولماذا ستتحمل مصر فاتورة عدم قدرة الاشقاء على قراءة الأحداث وتحليلها والنفاذ إلى نتائجها الحقيقية من معطياتها الواقعية؟
 
أما أزمة الجنوب فى اليمن فلها قراءتها المختلفة التى لم يفلح الأشقاء فى قراءتها وتحليلها، فإنها تأتى من نقطة مهمة وهى أنه عندما تحققت رؤية الراحل الملك عبد الله بأن مصر ستسترد عافيتها وقف الرئيس عبد الفتاح السيسى، مؤكدا أن أمن الخليج والسعودية من أمن مصر، وقال عبارته المشهورة "مسافة السكة"، ودعا إلى تشكيل قوة عربية مشتركة، لكن "الجبير" وزير الخارجية السعودى ورجال السياسة الجدد فى المملكة لم يكونوا بقدر الراحل العظيم الملك عبد الله، ففى اليوم التالى لدعوة الرئيس المصرى، أعلن هذا "الجبير" عن تشكيل ما يسمى بـ"القوة الإسلامية المشتركة" التى ضمت بلادنا من أقصى اليمين واليسار لدرجة أنه أعلن عن بلاد ضمن هذا التحالف وهى لا تعلم أساسا عنه شيئا، فبدأ الأمر جليا أنها بداية مرحلة "المكايدة" السياسية لمصر، رغم أن مصر لم تعر الأمر اهتماما.. وعندما أقدم الأشقاء على الدخول فى اليمن لم تتوان مصر عن القيام بدورها، وقامت البحرية بحماية باب المندب بأسطولها ورجال بحريتها الأبطال، لأن الاستراتيجية المصرية قد قرأت ما سوف يتحقق على الأرض الآن من خسارة كبيرة للأشقاء للخلفية العسكرية التاريخية الطويلة لمصر ورجال إدارتها.
 
هذه الخسارات السعودية المتوالية تؤكد ضرورة التواصل مع مصر وليس "المكايدة" لها، وآخر هذه "المكايدات" هو البيان الصادر عن مجلس التعاون الخليجى الذى دافع عن قطر بشأن تورطها فى مذبحة الكنيسة البطرسية فى القاهرة الأسبوع الماضى، والذى أعلنت السلطات المصرية أن المتهم بهذه الجريمة كان موجودا فى قطر، وهو الأمر الذى لم تنفه قطر بل أكدته، وكان موقف مجلس التعاون الخليجى عجيبا ومواقفه تتناقض مع مواقف الأشقاء إبان وجود الراحل الملك عبد الله، ومواقف العملاق الأمير سعود الفيصل، وهو الأمر الذى وضح بأنه نوع من "المكايدة" التى تعد الاستراتيجية الجديدة للأشقاء فى المملكة، أو أن الأشقاء لم يعودوا بقدر الراحل الملك عبد الله فى قوته وحكمته وفطنته، حيث تتواصل خسارتهم لشارع مصرى وموقف رسمى يضع الأشقاء قدر منازلهم .
 
وموقف جزيرتى تيران وصنافير لا غموض فيه فالدولة المصرية لم تتخل "أيها الجبير" عن تعهداتها، لكن مصر دولة مؤسسات والحكومة تدافع عن قرارها أمام القضاء المصرى المستقل الذى لا تدخل قى قراراته وأحكامه، "كلامى هذا ردا على عادل الجبير وزير الخارجية السعودى الذى يعد واحدا من أدوات توريط السعودية فى مواقف دولية بتصريحات تحتاج إلى فلترة، والذى هاجم مصر وموقفها من أزمة جزيرتى تيران وصنافير ردا على سؤال فى محاضرة ألقاها فى مؤسسة ساساكوا للسلام فى طوكيو".
 
أى قراءة تلك؟ وأى سياسة؟ وأى استراتيجية؟ عندما يقول هذا "الجبير" "إن السعودية ستسحب استثماراتها من مصر وتنقلها إلى تركيا" إنها عبارة لا تخرج إلا من تلاميذ السياسة، وهم الذين يورطون الأشقاء فى مواقف سياسية، ومنها رفض شركة "أرامكو" السعودية تزويد مصر بحصة أكتوبر الماضى من الغاز والتى كان قد تم الاتفاق عليها "مدفوعة الثمن" عقب تصويت مصر لصالح القرار الروسى فى سوريا فى الأمم المتحدة، والذى لا يمكن قراءته إلا أنه عقاب لمصر على موقفها، وتناسى الأشقاء أن مصر أبدا لا تسلم قرارها الوطنى على بياض، وتاريخها الوطنى ينبئ عن ذلك، ولا يمكن لسلطة فى مصر مهما علت أن تتخذ قرارا أو موقفا ضد التوجه الشعبى الوطنى فى مصر.
 
أخيرا أقول للأشقاء لا تتركوا العنان لمكايداتكم لأن مصر لديها استراتيجية ولا تبنى مواقفها على أهواء أو نزعات أو مواقف عارضة، ولن تكونوا بغير مصر، ولن يكون العرب بدون مصر، فعودوا إلى مصر.. عودوا إلى روح الراحل الملك عبد الله خادم الحرمين الشريفين.. ولن يطول انتظارنا!.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة