شهدت الحكومة البريطانية انقسامًا فى التصريحات حول المملكة العربية السعودية بعدما تسببت تعليقات وزير الخارجية "بوريس جونسون" الهجومية على المملكة فى إحراج لرئيسة الوزراء "تيريزا ماى" التى تتجه بقوة لبناء روابط جديدة مع منطقة الخليج بعد خروج بلادها من الاتحاد الأوروبى.
وكانت الجارديان قد نشرت مقطع فيديو يظهر فيه "جونسون" متهمًا المملكة العربية السعودية ودول أخرى فى منطقة الشرق الأوسط مثل إيران متورطة بحرب وكالة وتسيء للإسلام باستخدامه لأغراض سياسية.
وزير الخارجية البريطانية "بوريس جونسون"
واستدعت الاتهامات تدخل سريع من جانب رئيسة الحكومة البريطانية "تيريزا ماى" التى أصدرت فى بيان تؤكد فيه على أن تصريحات "جونسون" لا تمثل موقف الحكومة البريطانية من المملكة.
وقالت متحدثة باسم "تيريزا ماى" إن "هذه هى وجهة نظر وزير الخارجية، فهى ليست موقف الحكومة، على سبيل المثال (تصريحاته عن) السعودية ودورها فى المنطقة". وأضافت أن "جونسون" سيكون لديه فرصة لتوضيح الطريقة التى تراها المملكة المتحدة لشكل علاقتها مع المملكة العربية السعودية خلال زيارة مرتقبة للمنطقة.
فيما رأى بعض المؤيدين لـ"جونسون" إن تصريح رئيس الحكومة هو "محاولة سخيفة للتقليل من شأن عضو بمجلس الوزراء"، وفقًا لصحيفة الجارديان.
بعد مغازلتها للخليج.. تعليقات "جونسون" تحرج "تيريزا"
وأثار المقطع جدلًا واسعًا فى الحكومة خاصًة أن ظهوره تزامن مع عودة "تيريزا ماى" من زيارة للبحرين، وألتقت مع قادة دول خليجية منها السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان، واعتبر "جونسون" فى تصريحاته أن "مأساة" وجود حروب بالوكالة فى المنطقة سببه غياب "شخصيات كبيرة" تمثل الدول نفسها.
تيريزا ماى خلال زيارتها للبحرين
تيريزا ماى تتوسط ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز وملك البحرين حمد بن عيسى
ووصفت صحف بريطانية أن ما قاله "جونسون" كان خروجًا عن النص وكسر لتقاليد العلاقات طويلة الأمد بين الدولتين والتى تمنع المملكة المتحدة من انتقاد سلوك حلفاؤها من دول الخليج، بحسب صحيفة الإندبندنت.
كما أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إلى أن انتقاد "جونسون" لدولة حليفة لبريطانيا لم يخل فقط بالبروتوكول الدبلوماسى ولكنه تسبب فى إحراج رئيسة وزراء كما يعتبر توقيته سيئًا لأنه يسبق سفره هو نفسه للمملكة العربية السعودية للاجتماع مع وزراء الحكومة يوم الأحد القادم.
وبدورها علقت شبكة "ايه بى سى" الأمريكية قائلة إن رد "تيريزا ماى" السريع على تصريحات "جونسون" يؤكد أهمية تحالف بريطانية مع السعودية التى تعتبر عميل كبير لشركات الأسلحة البريطانية.
"ماى" تخوض معركة الـ"بريكست" من حفل عشاء خليجى
وتعتبر بريطانيا على وشك البدء فى مفاوضات صعبة لمغادرة الاتحاد الأوروبى، وحريصة على تعويض اعتمادها على السوق الأوروبية إذ تعتبر السعودية هي سوقًا مربحة لصادرات الأسلحة البريطانية.
وقبل زيارة "تيريزا" للبحرين، ذكرت "ديلى ميل" أن بريطانيا تنتوى توقيع اتفاقيات مع دول خليجية لتطوير إجراءات التفتيش بالمطارات فى المنطقة مما يجعل من الصعب على الإرهابيين تجنب كشفهم.
تيريزا ماى خلال حديثها مع رئيس وزراء البحرين خليفة بن سلمان بن حمد - ديلى ميل
وخلال زيارتها للبحرين، أكدت "تيريزا ماى" عزم بلادها على إقامة شراكة سياسية واقتصادية واستراتيجية مع المنطقة و"بناء تحالفات جديدة ولكن الأهم العمل سويًا مع أصدقائنا فى الخليج الذين وقفوا بجانبنا عبر القرون" حسبما نقلت عنها وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وقد أثارت كلمتها من المنامة انتقادات إيرانية بعدما قالت "تيريزا" إنها على دراية بالتهديد الذى تمثله طهران للخليج والشرق الأوسط، إذ علقت خارجية إيران أن تصريحات رئيسة وزراء بريطانيا ما هى إلا تملق للعرب وأن هدفها إبرام صفقات عسكرية معهم.
ويذكر أن "تيريزا ماى" كان لها موقف واضح بشأن التعاون مع دول بالمنطقة، إذ صرحت بأن الملف الحقوقى لدول الخليج لن يمنع بريطانيا من التعاون الأمنى والاقتصادى معهم.