وتكمن عبقرية العلاج الجديد أنه سيساهم فى علاج سرطان الدم بشكل نهائى لا رجعة فيه، وبالتالى لن ينتكس المريض، كما سيساهم فى جعل مرضى السرطان يعيشون أعواما عديدة دون معاناة، بينما يظل مرضى سرطان الدم المتأخر حاليا على قيد الحياة لفترات قصيرة لا تتجاوز 5 شهور غالبا، وذلك حسبما أذيع بمؤتمر الجمعية الأمريكية للتقدم فى العلوم، والذى عقد فى مدينة واشنطن.
ما هى فكرة العلاج الجديد؟
وكشف التقرير الذى نشر مؤخراً بصحيفة "ديلى ميل" البريطانية أن فكرة العلاج الجديد تعتمد على:
1- استخلاص بعض خلايا تى من دم المريض، وهى أحد أنواع الخلايا المناعية فى الدم، ويستخدمها الجسم لمكافحة الفيروسات والبكتيريا.
كيف يحضر العلاج الجديد ويستخدم لمكافحة السرطان
2- يقوم العلماء بانتقاء خلايا "تى" التى تتمتع بأفضل مواصفات ثم يقومون بتعديلها باستخدام الهندسة الوراثية.
3- ثم تتم مضاعفة أعدادها داخل المعمل لتصل إلى ملايين الخلايا المناعية، 50 مليون على سبيل المثال من واقع التجارب السابقة.
4- يقوم الأطباء بإعادة الخلايا المناعية مرة أخرى إلى دم المريض عن طريق التنقيط الوريدى، لتساهم فى قتل سرطان الدم والقضاء عليه.
"الطفلة ليلى" أول من خضع للعلاج المناعى فى العالم
وتعد الطفلة البريطانية الصغيرة ليلى ريتشارد، المريضة بسرطان اللوكيميا هى أول من خضع للعلاج المناعى فى العالم خلال العام الماضى، وذلك بعد أن فشلت معها جميع الحلول العلاجية الأخرى، وأخبر الأطباء أبيها وأمها أنهم يتوقعوا حدوث الأسوأ لها، وكانت على وشك الموت.
ولكن أهل الطفلة المسكينة لم يفقدوا الأمل، ووافقوا على إخضاعها للعلاج الجديد باستخدام خلاياها المناعية، حيث قام العلماء بحقنها بمحلول يحتوى على 50 مليون خلية من خلايا تى المعدلة وراثيا، وكانت النتائج مذهلة، حيث شفيت الفتاة الصغيرة من المرض بشكل كبير، وقال الأطباء أن ما حدث لها أشبه بالمعجزة.
الطفلة ليلى أول من تم علاجها فى العالم باستخدام العلاج المناعى
وأكد والداها أنه كان من الصعب عليهم الموافقة على أن تكون طفلتهما هى أول من يخضع للعلاج الجديد فى العالم، بعد إجراء التجارب على الفئران فقط، لكنهما لم يملكا خيارا آخر، وكانت فرص شفائها شبه معدومة.
الأبحاث والدراسات التأكيدية
وتأكد العلماء من فاعلية العلاج المناعى فى مكافحة السرطان بعد إجراء العديد من التجارب على الحيوانات، بالإضافة إلى اثنين من الدراسات والتجارب الإكلينيكية على الإنسان، حيث كشفت التجربة الأولى التى خضع لها عشرة من مرضى اللوكيميا، وأشرف عليها باحثون من معهد سان رفائيل للعلوم فى مدينة ميلان الإيطالية أن العلاج المناعى ساهم فى علاج سرطان الدم اللوكيميا بشكل نهائى وعوفى الأشخاص من المرض تماماً لفترة طويلا لا تقل عن 14 عاما.
خلايا تى المعدلة وراثيا تلتهم السرطان
وكشفت الدراسات أن خلايا "تى" المعدلة وراثيا ظلت على نفس حالتها فى الدم طوال هذه المدة، تقوم بدورها فى مكافحة السرطان ومنعه من إصابة الدم مجدداً، وهو ما يعنى أن هذا العلاج المناعى قد يصبح أشبه بالمصل الذى يستخدم لمنع الإصابة بسرطان الدم مرة أخرى.
وكما أظهرت التجربة الثانية التى أشرف عليها باحثون من مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان فى مدينة سياتل الأمريكية عن نتائج مثيرة بخصوص العلاج المناعى، حيث أشارت إلى أن 94% من المرضى المصابين بسرطان اللوكيميا قد عوفوا تماما من المرض بعد استخدام خلايا المعدلة وراثيا.
ولم تتوقف براعة هذا الاكتشاف الجديد عند هذا الحد، بل ثبت أيضا أن معدلات الشفاء فى أنواع سرطان الدم الأخرى بخلاف اللوكيميا قد تجاوزت 80%، وشُفى حوالى 50% منهم بشكل تام من السرطان.
رأى الخبراء العالميين
ومن جانبه أشار البروفيسور ستانلى ريديل، أحد القائمين على أبحاث العلاج المناعى: "نتائج التجارب الإكلينيكية كانت مذهلة وفاقت جميع التوقعات، خاصة أن أغلب المرضى كانت حالتهم متأخرة وفشلت معهم الحلول العلاجية الأخرى، وكان من المتوقع أن يظلوا على قيد الحياة لفترة تتراوح بين شهرين و5 شهور.
فيما أشار البروفيسور ديرك بوسك، الباحث فى خلايا تى بجامعة ميونيخ الألمانية للتكنولوجيا: "استطعنا ولأول مرة علاج مرضى سرطان اللوكيميا باستخدام خلايا تى المعدلة وراثيا"، وتابع: "منذ عامين لم يكن أى يشخص يتوقع أنه بإمكاننا استخدام هذا العلاج الرائع والمثير للقضاء على السرطان، وهذا يفتح الباب أيضاً لتطوير وابتكار علاجات جديدة للمرض الخطير".
الخلايا السرطانية بعد تدميرها
عيوب العلاج الجديد
وكما اعتدنا فلا يوجد علاج، خاصة العلاجات الجديدة، يخلو قط من الآثار الجانبية غير المرغوبة، حيث كشفت التجارب أن العلاج المناعى يتسبب أحيانا فى حدوث آثار جانبية خطيرة وقد تكون قاتلة، وكما أن بعض المرضى قد لا يستجيبون أصلا للعلاج، وهو ما يستدعى إجراء المزيد من الدراسات على عدد أكبر من المرضى لتعزيز فاعلية العلاج المناعى والتأكد من مستوى أمانه.
كما أشار التقرير إلى أن العلاج المناعى يصلح فقط لعلاج السرطانات غير الصلبة مثل أورام الدم، ولكنه من الصعب جداً أن يعالج الأورام الأخرى، مثل سرطان البروستاتا؛ نظرا لأن خلايا تى من الصعب أن تصل إلى جميع خلايا الأورام، وكما أكد الخبراء أن العلاج الجديد سيكون مكلفا للغاية ولن يستطيع الجميع استخدامه.