وقال الطيب، ردا على سؤاله بالبرلمان الألمانى عن الآية الكريمة "فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ": إن هذا النص مقتضب ومبتور للآية السابقة لها، لأن الآية الكريمة تبدأ بالآتى "وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ".
وأضاف الطيب، خلال حواره مع أعضاء البرلمان الألمانى: "هذه الآية واضحة لأن الإسلام لا يأمرنى بالقتال إلا لو كنت أقاتل من يقاتلنى، وأرجو أن تسمعوا لاستكمال الآية الكريمة " وَقَاتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ أن اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ"، وقال الاعتداء يوقف القتال، وبعدها "وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ"، وهنا الضمير يعود على من قاتلونى، وهنا الآية واردة فى نوعية معينة من المشركين الذين يقاتلون المسلمين ويخرجوهم من ديارهم ويتعقبونهم، والدليل على ذلك لو نظرتم للحروب التى دارت بين المسلمين والمشركين حين نزل القرآن كلها كانت فى المدينة حيث النبى محمد والمسلمون ولم تكن الحروب فى مكة".
وأوضح شيخ الأزهر، أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يذهب بجيش ليحارب المشركين فى مكة وإنما كان هؤلاء يذهبون إلى المدينة ليقاتلوا المسلمين وكان يجب هنا القتال للدفاع، مضيفا:"عندنا نحن القتال للدفاع وصد العدوان وليس للكفر، ولو أن أهل مكة لم يتعرضوا للمسلمين ما قاتلهم المسلمون، بدليل أن الحبشة، وهى ليست مسلمة وكانت مسيحية، كان النبى يقول اتركوا الحبشة ما تركوكم".
وقال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن القرآن الكريم لم يرد فيه عقوبة معينة للذى يترك الإسلام بعد أن يدخله، مضيفاً: "لكن وجدنا بعض الأحاديث التى تشير إلى أن من يدخل الإسلام ويخرج منه منشقاً عليه وخطراً على المجتمع هذا الذى يعاقب".
وأضاف الطيب فى حواره مع أعضاء البرلمان الألمانى: "والدليل على ذلك كثيرين من المسلمين ارتدوا ولم يقترب منهم أحد، ولدينا بمصر قنوات تسهر للصباح تعرض الإلحاد من شباب مسلم من البلد ويفتخر أن عدد الملحدين أصبح كذا وأصبح كذا ونحن ندعو.. لا أحد يقول لهم أين أنتم؟ فلو كان هذا الكلام مطبق فى الواقع وفعلاً وموجود ما كان الحرية الدينية تصل لهذا الحد، وكفى ما سمعناه من القرآن الكريم "فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ".
وتابع الطيب: نحن فى الفترة السابقة حدث لدينا ارتداد للدين المسيحى وغير المسيحى ومع ذلك الأمور لم تكن بهذه الصورة، وإلا قولوا لنا أين المشانق التى تعلق فى الميادين لمن يرتد عن الإسلام ويعدم؟ أين هذا الكلام؟".
وقال "كيف نفهم الإسلام فى ظل وجود طبقة من المسلمين ترتكب هذه الجرائم؟ كما قلت لكم هذا موجود فى كل دين، ولكن المقياس هنا أين هو الإسلام؟ وأعرف المسلمين من خلاله، أما هذا الذى يحدث فله أسباب خارجة عن الدين وإلا كل دين يمكن أن يحاسب هذه المحاسبة، ونحن رأينا بعض الأديان عانى منها الناس ورجال الدين منهم، كيف أفهم هذا الدين وهؤلاء رجال الدين يقتلون الناس ويقيمون الحروب أو يمولون الحروب؟ نعم هناك آخرون يفسرون الإسلام بشكل مختلف ولكن العلماء دائماً يصححون هذه الأفكار ويؤكدون أنها أفكار غير صحيحة".
وشدد شيخ الأزهر، على أنه دائماً حينما يحدث انحراف فيجب البحث عن توظيف الدين فى أمور أخرى غير الدين، ويراد توظيفه لتحقيق مكاسب خاصة، ومن ثم يحدث تفسير خاطئ للنصوص وهنا يحصل الخروج عن روح الدين والمتاجرة بالدين فى سوق السياسة، وهذه المشكلة والتى ليست فى الدين أو رجال الدين لأن هناك رجال دين انحرفوا فى الإسلام وغير الإسلام، ولكن الدين لا يحاكم بهذا الكلام.
وقال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن الإسلام كفل حرية العقيدة، وأن القرآن لا توجد به عقوبة معينة لمن يترك الإسلام ولكن هناك بعض الأحاديث تفيد أن الذى يدخل الإسلام وينشق عنه هو الذى يعاقب بدليل أن الكثير من المسلمين ارتدوا ولم يقترب منهم أحد بل لدينا بعض الشباب يفتخرون بكثرة أعداد الملحدين.
وأضاف شيخ الأزهر أن "هناك توظيف للدين لتحقيق مكاسب خاصة وهنا تحصل المتاجرة بالدين فى سوق السياسة"، منوها أن الغرب ما زالوا فى حيرة من انتشار الإسلام بدون حروب أو غيره.
وأشار إلى أن الآية القرآنية "واقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" مجتزأة من السياق فهناك آية أخرى تقول "وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا" أى أن القتال يستمر فى حالة الحرب فقط وصد العدوان، وإذا توقف القتال فلا يباح الاعتداء على الآخرين.
وأضاف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، أن العلاقة بين مذهبى الشيعة والسنة، هى علاقة أبناء الدين الواحد، والأخوة، مشيرًا إلى وجود الإسلام منذ 14 قرنًا، لم يسجل التاريخ خلالها أى حروب بين المذهبين.
وأوضح خلال حوار مباشر مع عدد من أعضاء البرلمان الألمانى، أن هناك فتنًا تشعل بين حين وآخر فى معظم بلدان العالم، مشيرًا إلى أن اللعب على خلاف الأديان أو المذاهب، هو وقود تلك الفتن، مؤكداً أن الدولة المصرية، تتصدى دائمًا لتلك المحاولات.
وأكد الإمام الأكبر، أنه لا يوجد ما يسمى بـ"الإسلام الأوروبى"، قائلاً: "الإسلام واحد، الإيمان بالله وكتبه ورسله، وأركانه 5، وهى الشهادتان شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمداً رسول الله، إقامة الصلاة وهى خمس صلوات، فى اليوم والليلة، إيتاء الزكاة، صوم شهر رمضان، حج البىت لمن استطاع إليه سبيلا، موضحًا أن محرماته معروفة"، مشيراً إلى أن الاسلام عبارة عن أخلاقيات إنسانية عامة، تطبق فى أى مكان، ووقت، حتى ولو فى كوكب المريخ.
وقال أن الإسلام أمر المسلم أن يذهب بزوجته غير المسلمة للكنيسة، وينتظرها حتى تصلى، لأنه يؤمن بالمسيحية والمسيح والكنيسة، لافتا إلى أن الكنيسة دخلت فى القرآن الكريم كبيت من بيوت العبادة، وكلّف المسلمين بحراستها، كما يحرسون المساجد.
وأوضح شيخ الأزهر أن المسجد والكنيسة ومعبد اليهود، سواء، فى وجوب الدفاع عنها، لأنها كلها - كما قال علماء الإسلام - أماكن لعبادة الله، وأنه لا يمكن وضع زوجة بدينها تحت تصرفات زوج لا يعترف بهذا الدين.
وتابع: أن الإسلام ما جاء بكل أحكامه قاطعة، بحيث أنها تصطدم بعد أن يتطور الزمن عقد أو عقدين أو 100 أو 200 عام بعد النبى، فيمكن أن تتعرض هذه الأحكام لحالة من الصراع والواقع.
وأضاف الطيب أن الإسلام فيه نوعان من الأحكام، أحكام حاسمة قاطعة لا تتغير بالزمان والمكان وهذه الأحكام معظمها فى العبادات، مثل الصلاة والصيام، الحج إلى آخره، مثل هذه العبادات يقوم بها المسلم فى أى عصر منذ عصر النبى أو الآن أو فى عصر الإنسان الذى سيسكن فى المريخ، فهذه الأحكام لا تتغير ولا تتبدل لأنها مصممة على أساس أنها يتم فعلها فى أى وقت وأى مكان.
وتابع الطيب: "هناك أحكام أخرى تتعلق بالحالات الاجتماعية والمجتمع مثل: نمط الزى الأكل والشرب والنظام الاقتصادى والأنظمة السياسية إذا كانت برلمانات الخ.. وهذه الأحكام القرآن والإسلام تركها مفتوحة للمسلمين ليوفقوا بين الغايات والأهداف للدين وبين الواقع المتغير، لذلك المجتمع المسلم يعيش مع أى نظام حكم متطور طالما يحقق للناس المساواة والعدل.
واستطرد الطيب: "لذلك الإسلام ليس فى حاجة هنا لأقول قف وعليك أن تتنور لتكون فوق الإسلام، لأن فوق الإنسان قائم على التجدد المستمر والدائم فى تطويع أحكامه للواقع، وقد تعجبون لو قلت لكم عندنا حديث من محمد صلى الله عليه وسلم أن الله يبعث على رأس كل 100 عام من يجدد لها أمر دينها، إذا التجديد هو الوجه الآخر للإسلام وهم وجهان لعملة واحدة، لذا لسنا فى حاجة أن نقول ها هنا أن الزمن لا يتفق مع العبادات وأنها تشكل عبئاً لأنه غير موجود.
وأكد الإمام الأكبر أن المسلمين على استعداد على التغير والتطور وتجاوز ما يتجاوزه الزمن، مضيفاً: "لذا قد تفسرون أن الإسلام عاش فى الشرق 1200 عام، قبل دخول القوانين الأوربية لمصر عن طريق دخول الحملة الفرنسية لمصر، وقبل الحملة الفرنسية كانت تدار هناك حضارات شرقية إسلامية ودول واقتصاد، كيف كانت تدار عن طريق الأحكام الشرعية المتطورة، لذلك أقول إن الإسلام مركب من شيئين: أمر ثابت ممكن فعله فى أى وقت وأى مكان وأى حضارة وممكن أن يأتى زمن صعب أداؤه، يأمرنا الإسلام أن نفكر ونجتهد وهنا يأتى دور المفكرين والعلماء.
وأشار شيخ الأزهر، إلى أن المسلمين فى بداية أمرهم كانوا فقراء ومستضعفين وكان الوثنيون يعذبونهم، ولجأوا لمحمد رسول الله فقال لهم إذهبوا إلى الحبشة، وهى أثيوبيا، لأن بها ملك لا يظلم لديه وارد وذهب هؤلاء إلى دولة مسيحية وإلى ملك مسيحى، وحدثت هذه الهجرة مرتين والمرة الثانية كان بها بنت محمد مع زوجها وحماهم هذا الملك المسيحى".
واستطرد الطيب: "المسيحية كانت الحاضنة الأولى للإسلام، ولولا الحبشة حماية ملكها المسيحى ربما كان قضى على هذا الدين فى مهده، إذٍ الإسلام لا يقاتل إلا من يقاتله، وأعتقد أن كل عرف وحضارة وقانون يقول يجب على من يُقاتَل يُقاتِل، وطبعاً سمعنا من السيد المسيح عليه السلام أحاديث أحبوا أعدائكم وكان فى وقت معين، والآن عدوى لو قاتلنى أقاتله.
موضوعات متعلقة..
شيخ الأزهر: لدينا ملحدون والقرآن ليس به عقوبة معينة لتارك الإسلام
شيخ الأزهر: المسلمون خالفوا تعاليم الإسلام بشأن المرأة فهمشوا دورها