جاءت هذه الإطلالة التى لا مثيل لها على بلوتو -الذى يدور حول الشمس لكنه أصغر حجما من الكواكب الأخرى- من خلال صور فائقة الدقة التقطها المسبار الآلى (نيو هورايزونز) التابع لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) عندما قامت هذه المركبة الفضائية التى تقوم برحلات بين الكواكب بأول زيارة لبلوتو وأقماره الخمسة فى يوليو الماضى.
وتوضح 5 أوراق بحثية نشرت هذا الأسبوع بدورية (ساينس) أن هذه الصور والتحاليل الكيميائية ومعلومات أخرى تمثل عالما معقدا من الأنشطة الجيولوجية النشطة التى تبعد عن كوكب الأرض مسافة 3 مليارات ميل علاوة على محيط تحت سطح أرض الكوكب وبراكين يبدو أنه تنبثق عنها كميات من الجليد.
وقال وليام مكينون عالم الفلك بجامعة واشنطن فى سانت لويس بميزورى "إنه مكان موحش نوعا ما من الناحية الجيولوجية"، ووصف عالم آخر مدى تنوع التضاريس بأنه "مثير".
ولا تزال أسباب هذا التنوع لغزا بالنسبة إلى الكوكب الذى تبلغ درجة الحرارة على سطحه 229 درجة مئوية تحت الصفر.
ويتوقع العلماء حدوث عدة عمليات على بلوتو منها تبخر الجليد المتطاير مثل غازات النيتروجين وأول أكسيد الكربون والميثان فى الحالة الغازية فى الغلاف الجوى البارد الكثيف لبلوتو.
وعلى الرغم من أن بلوتو أصغر من القمر التابع لكوكب الأرض إلا أن من المرجح أن تكون لديه طاقة داخلية كامنة كافية بسبب نشأته قبل 4.5 مليار سنة تحافظ على أبرز سماته وهى عبارة عن حوض منبسط مساحته ألف كيلومتر على شكل قلب يسمى (سبوتنيك بلانوم)، ومن الصعوبة بمكان تفسير وجود جبال حديثة نسبيا إلى الغرب من حوض (سبوتنيك بلانوم) وتلال إلى الجنوب منه فيما يتوقع العلماء أن تستقر هذه التضاريس على كتل من الماء فى صورة جليد على الرغم من عدم معرفة كيفية وجود هذه التكوينات على بلوتو.
وتظهر النتائج أن (تشارون) أكبر أقمار بلوتو لديه حياة نشطة على سطحه لكنه يفتقد الحرارة الإشعاعية التى تحدث طبيعيا داخل صخوره التى تجمدت منذ نحو مليارى عام.
ويرى العلماء أن بلوتو و(تشارون) وأقماره الأربعة الأخرى الأصغر جاءت إلى الوجود بسبب حدوث تصادم بين بلوتو وجرم آخر فى حجم بلوتو وذلك فى المراحل المبكرة من نشأة المجموعة الشمسية، ومثلما حدث مع القمر الذى يدور حول كوكب الأرض يرى العلماء أن الأقمار الصناعية الطبيعية لبلوتو تكونت بفعل الحطام الناتج عقب واقعة التصادم الفضائى تلك.
واكتشف علماء ما يبدو أنها "براكين تنبثق منها كتل جليدية" على سطح بلوتو ما يثير أسئلة بشأن ما إذا كان هذا الكوكب النائى الصغير نشطا من الناحية الجيولوجية، وتبلغ مسافة بعد بلوتو عن الشمس نحو 30 مرة مثل المسافة بين الشمس وكوكب الأرض ورصد المسبار (نيو هورايزونز) شقوقا عميقة كثيرة على سطح بلوتو ما يوضح أن وجود مثل هذه التصدعات الكثيرة على بلوتو يوضح أن سطح قشرته الخارجية شهدت تمددا كبيرا فى أحد الأزمنة التاريخية.
والهدف من مهمة المسبار التى تكلفت 720 مليون دولار رسم خريطة لسطح بلوتو و(تشارون) أكبر أقماره وتحديد المواد المكونة لهما فضلا عن دراسة الغلاف الجوى لبلوتو.
وأطلق (نيو هورايزونز) فى يناير من عام 2006 وقطع مسافة 4.88 مليار كيلومتر حتى أصبح عند أقرب نقطة من الكوكب.
كانت باكورة النتائج التى تمخضت عنها رحلة المسبار متوجا رحلته التى استغرقت 9 سنوات ونصف السنة اكتشاف منخفضات وصخور ووديان وجبال شاهقة على بلوتو بعد أن أصبح على مسافة 12550 كيلومترا من الكوكب النائى وأقماره الخمسة.
ويدور بلوتو حول الشمس مرة كل 248 سنة فى مدار يتغير ويتبدل مع تغير الفصول والمواسم. ويقترب بلوتو فى دورانه حول الشمس على مسافة أقل من تلك التى يقترب بها كوكب نبتون.
واللغز المحير الآخر هو كيف احتفظ بلوتو بهذا الوجه الشاب إذ كان يعتقد أن هذا الجرم المتجمد حافلا بالحفر والوهاد نتيجة لاصطدام صخور حزام كويبر بسطحه والكتل الصخرية الأخرى التى انهمرت عليه على مر العصور.
وفيما كان بلوتو يعتبر مجرد كوكب قزم متجمد إلا أنه ظهرت بوادر أنشطة جيولوجية على سطحه بما فى ذلك تحركات محتملة سابقة وحالية للكتلة البنائية للقشرة الخارجية أو ما يسمى بالحركات التكتونية.
وبعد إطلاق المسبار بستة أشهر وفيما كان فى طريقه للكوكب حرم الاتحاد الدولى الفلكى بلوتو من لقب كوكب ومن كونه الكوكب التاسع من كواكب المجموعة الشمسية وبات كوكبا قزما بعد أن اكتشف أكثر من ألفين من أمثاله منذ اكتشافه ضمن ما يقدر بمئات الآلاف من الأجرام الفلكية.
موضوعات متعلقة
أدلة جديدة تبرهن على وجود غاز الميثان على قمم جبال بلوتو
ناسا تنشر صورا جديدة لكوكب بلوتو تكشف سطحه بوضوح