النقاط المشار إليها أدت إلى شكوى أولياء الأمور من صعوبة الدراسة على أبنائهم وعلى سبيل المثال مادتى العلوم والرياضات للصف الرابع الابتدائى، وهو ما تؤكده نيلى توفيق، ولي أمر لطالب فى الصف الرابع الابتدائى قائلة: "المناهج بها حشو زائد، ومعلومات تفوق قدرات الطلاب خاصة الدراسات الاجتماعية، وأضافت متساءلة: "هل يفكر مؤلفو تلك المناهج فى قدرات الطلاب التى ستُدرس لهم أم أنها يتم وضعها كسد خانة وليس أكثر".
التساؤل الذى طرحته ولي الأمر يثير علامات استفهام أخرى حول كيفية تطوير المناهج الدراسية ومن المسئول عنها، وما هى معايير اختيارهم؟.
حلم التطوير
وفى 10 مارس الجارى، أصدر المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، قرارًا بتشكيل لجنة من وزراء الشباب والرياضة والتربية والتعليم والتعليم العالى والبحث العلمى والثقافة وأمين عام اللجان التخصصية التابعة لرئاسة الجمهورية، وذلك للبدء فى تنفيذ خطة لتطوير المناهج الدراسية بجميع المراحل التعليمية وبما يتلاءم مع المعايير الدولية، وذلك وفقًا لما أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى احتفالية يوم الشباب تشكيل لجنة قومية متخصصة لتطوير مناهج التعليم المصرى.
ووفقًا لتعليمات الرئاسة بدأ وزارة التربية والتعليم فى العمل على تطوير المناهج، وهذا ما كشف عنه الدكتور رضا حجازى، رئيس قطاع التعليم العام، قائلاً: "اللجان المختصة بتطوير المناهج مكونة من أساتذة جامعيين من 12 جامعة مختلفة إضافة إلى مؤسسات دولية، وكذلك نخبة من المُعلمين يُشاركون بآرائهم"، موضحًا أن العمل بالنسبة مدتى العلوم والرياضات سيستغرق وقتًا أكثر من العلوم الإنسانية التى شارفت لجانها على الانتهاء منها، مؤكدًا ثقة فى رضاء الجميع عن أن النتائج والجهد المبذول، لافتًا إلى هناك لجان تم تشكيلها من اتحاد طلاب مصر حتى يتم إطلاعهم على المناهج التى تم تطويرها.
وردًا على وجود معايير سياسية فى وضع المناهج، أكد حجازى أن هذا التفكير غير وارد فالرموز لا مساس بها، موضحًا أن واقعة حذف اسم الدكتور محمد البرادعى خطأ تم تداركه، والدليل أن اسمه موجود فى إحدى مواد الصف الثانى الثانوى.
رؤية خارجية
الدكتور كمال مغيث الخبير التربوى كان له رأي مخالف عما ذكر سابقًا، مؤكدًا أن معرفة آلية وضع المناهج يكشف عن أسباب الآثار السلبية التى تنتج فيما بعد، قائلاً: "وزارة التربية والتعليم تقوم بطرح مسابقة للإعلان عن حاجتها لمنهج فى أى مادة دراسية ثم تشكل لجنة لاختيار المنهج الأفضل ثم يتم إرساله إلى مركز تطوير المناهج الذى يحول المحتوى العلمى إلى أنشطة تربوية حتى يدرسها الطلاب".
وحول الشكوى المتكررة من أولياء الأمور والطلاب عن تضمن المناهج أجزاء حشو زائدة، أكد مغيث أن السبب فى تقديره يرجع لعدم قدرة التربية والتعليم على تنفيذ الأنشطة بشكل علمى نظرًا للتكاليف العالية لذا يحاول المسئولين بالوزارة الخروج من ذلك الموقف عن طريق إضافة اجزاء نظرية كثيرة ربما تكون متكررة فى مناهج أخرى.
وعلق الخبير التربوى على مدى تحكم الآراء السياسية أحيانًا فى تطوير المناهج، قائلاً: "بكل تأكيد الاتجاهات السياسية تؤثر فى تطوير المناهج وواقعة حذف اسم البرادعى خير دليل على استمرار نفس المنهج القديم"، مضيفًا: "التعليم فى مصر منذ قديم الزمان يتبع النظام الحاكم ويحاول تجميله بشتى الطرق والدليل أنه فى عهد جمال عبد الناصر تم حذف اسم الرئيس الأسبق محمد نجيب من المناهج بعدها تولى أنور السادات مسئولية البلاد فحاول تقليص المساحة المخصصة لناصر، وبدأ يضخم فى انجازاته والحال نفسه بالنسبة لحسنى مبارك الذى حاول تقليل إنجازات سابقيه، فى المقابل حاول إبراز نفسه كبطل الضرب الجوية لحرب أكتوبر، والحال نفسه مستمر بعد رحيله، وسيظل هكذا إذا لم تتغير العقليات".
وأشار مغيث إلى أن الدليل على عدم تحرر التعليم فى مصر عدم وجود موضوعات بالمنهج الدراسية تُشير إلى المشاكل الحقيقة التى تعانى منها مصر مثل ظاهرة أطفال الشوارع أو العشوائية وأزماتها، وغيرها من القضايا المؤثرة فى حياة المجتمع المصرى، مضيفًا أن الكتب الدراسية تتضمن دائمًا أحاديث وردية عن حال البلد بعيدة عن المنطق فى كثير من الأحيان.
وعن رأيه فى حل تلك الأزمة المزمنة أوضح الخبير التربوى، أن المناهج ستتغير عندما يكون مسئول على إعدادها وتطويرها لجنة وطنية من أساتذة يلتزمون بما جاء بالدستور إزاء قضية التعليم ألا وهو حظر خلط السياسة بالعملية التعليمية، إضافة إلى وضع لوائح مُلزمة للجميع.
شاهد من أهلها
زاوية أخرى كشف أوضحها الدكتور محب الرافعى، وزير التربية والتعليم السابق، أنه خلال فترة توليه المسئولية حاول اعتماد على نظام فى تطوير المناهج وفقًا لما يُسمى بمصفوفة المدى والتتابع بمعنى أنها يتم عمل خريطة كاملة لكل المناهج من الصف الأول الابتدائى حتى الثانوى العامة وفقًا للمعايير الدولية فى القرن الحادى والعشرين، مضيفا أنه كان يريد عمل مجلس علمى للمناهج عن طريق مخاطبة الأساتذة فى الجامعات المختلفة.
وأكد الرافعى، أن المزايا فى خريطة المدى والتتابع أنها تكشف كل المناهج من الصف الأول الابتدائى إلى الثانوية العامة حتى يتم تجنب ظاهرة الحشو أو الأجزاء المكررة مثلما يحدث فى بعض المناهج، ويُمكن لكل لجنة أن تبنى فوق عمل اللجنة الأخرى.
وأكد وزير التعليم الأسبق، أنه يجب التعامل مع الوزارة فى جزئية تطوير المناهج على أنها عبارة عن مؤسسة كاملة لا يُمكن اختزالها فى شخص الوزير، موضحًا أن الجهة المكلفة بتطوير المناهج هى مركز تطوير المناهج إضافة إلى مديرين عموم تنمية المواد.
ولفت الرافعى إلى أن الوزير بدوره غير قادر على متابعة ما يُقارب من 70 أو 80 منهجًا مختلفًا من الصف الأول الابتدائى حتى الثانوية العامة، مشيرًا إلى أن الوزير دوره الحرص على التوجيه بتطوير المناهج حتى تساهم فى زيادة وعى الطلاب بالصورة التى تجعلهم قادرين على تنمية المجتمع.
ولفت وزير التعليم الأسبق إلى أن الخلافات السياسية ليس لها وجود ضمن معايير تطوير المناهج، وحتى التاريخ يكتب بشكل مجرد من أى أهواء، موضحًا أن الإعلام أحيانًا يعمل كـ"المجهر" الذى يضخم أمر صغير، ويظهره فى أكبر من حجمه الطبيعى، وذلك تقريبًا ما حدث فى واقعة حذف اسم الدكتور محمد البرادعى، نائب رئيس الجمهورية من إجابة على سؤال يخص نجيب محفوظ فى منهج اللغة العربية للصف الخامس الابتدائى، مؤكدًا أن هناك لجانًا مخصصة لتطوير كل مادة.
موضوعات متعلقة:
- الحكومة بتشكيلها الجديد تناقش تكليفات الرئيس.. زيادة المخصصات لمضاعفة أعداد المدارس.. إقرار قانون التراخيص بالإخطار تمهيدا لعرضه على البرلمان.. وزير التعليم: إعادة صورة البرادعى للمناهج العام القادم
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة