هل تخرج مصر من الأزمة الاقتصادية الحالية؟.. قدرة الدولة على تحقيق نمو يستطيع استغلال الشباب والعدالة الاجتماعية هى المعيار الأساسى..والتخلى عن إنكار التحديات الراهنة ضرورة

الثلاثاء، 29 مارس 2016 10:54 ص
هل تخرج مصر من الأزمة الاقتصادية الحالية؟.. قدرة الدولة على تحقيق نمو يستطيع استغلال الشباب والعدالة الاجتماعية هى المعيار الأساسى..والتخلى عن إنكار التحديات الراهنة ضرورة محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار
كتب - محمود عسكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال محسن عادل – نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار ، إنه لا حديث مؤخرا يعلو فوق صوت سؤال يجتاح الجميع وهو «هل تستطيع مصر أن تخرج من نطاق الأزمة الاقتصادية الحالية؟ «هل تنجح الدولة فى مواجهة كل هذا الكم من المشكلات التى تتراكم وتتفاعل بصورة تؤدى دوما إلى ظهور آثار جديدة لها، فتكون المواجهة مع الآثار الاقتصادية للمرض مثل التضخم وارتفاع سعر الدولار، أو الركود الاقتصادى أو البطالة أو غيرها، فتتوجه الجهود بفاعلية وقوة نحو معالجة تلك الآثار وامتصاص غضب الشارع، ومحاولة إحياء الأمل الاقتصادى فى قلوب المواطنين، ولكن تكرار هذه الدورات واستمراريتها جعل قدرة الفعل ورد الفعل تتقلص وتؤدى فى النهاية إلى نهاية واحدة يسأل عنها الجميع وهى.. هل فى نهاية الطريق آمال جديدة؟.


استراتيجيات الخروج من الأزمات الاقتصادية


المثير للاهتمام أن الاستراتيجيات التى بدأت الدول تواجه بها الأزمات الاقتصادية المماثلة بعيدا عن تحركات السيولة النقدية وأسعار العملات دائما ما تثير مخاوف التحرك فى مستويات التضخم، مما قد يؤدى إلى آثار سلبية عميقة المدى إذا لم تدر السياسات النقدية بحكمة، قد تشابهت كثيرا، فى ظل محدودية البدائل، فإذا نظرنا إلى النموذج الروسى الذى تضرر كثيرا من العقوبات الأوروبية والانخفاض الحاد فى أسعار النفط، فإنه قد اعتمد بشكل أساسى على عدة استراتيجيات، أهمها ضغط الإنفاق وتوفير تمويل مصرفى رخيص لتنمية الصناعات، خاصة الصغيرة والمتوسطة، مع تخفيض ملكية الدولة فى بعض استثماراتها، والعمل على فتح شراكات واسعة النطاق حول عدد من القوى الاقتصادية والتجارية، ويضاف إلى هذا محاولة تقوية السيولة المحلية فى القطاع المصرفى، والحد من الواردات الخارجية، إلى جانب تشجيع استهلاك المحلى والتقليل من الاقتراض الخارجى قدر الإمكان ورفع الفائدة محليا، لإعادة دعم العملة أو تقييم استراتيجية لدعمها بصورة مستمرة فى ضوء المتغيرات الداخلية والخارجية، مع وضع سياسات لاستهداف التضخم والحد منه.

الأكيد أن النموذج الروسى يتشابه بصورة كبيرة مع الاستراتيجيات التى اتبعتها مصر لمواجهة الأزمة ذاتها، مع الأخذ فى الاعتبار أن مصر أضافت إلى تلك السياسات، العمل على جذب استثمارات أجنبية مباشرة، فى ظل كون الاستثمارات الأجنبية المباشرة ،تحكمها محددات قد تجعل من مصر عنصرا جاذبا لها، فى ظل تمتعها بموارد وموقع جغرافى واستراتيجى يؤهلها لمزيد من الاستثمارات خلال الفترة القادمة .

الوضع الاقتصادى المصرى حاليا


إن مصر تعرضت بالتأكيد منذ عام 2009 وحتى الآن للعديد من الصدمات الاقتصادية، ما كان له أثر سلبى على الأداء الاقتصادى، إلا أنه، ووفقا لرأى د. محمد العريان الخبير العالمى، فإنه من المطمئن أن ما تعانيه مصر حاليا، ما يزال لا يقارن بما تتعرض له بعض الدول الأخرى فى المنطقة، وهذا مؤشر جيد على قدرتها على الخروج من الأزمة، فى حال اتخاذ القرارات السليمة، كما أن الاقتصاد العالمى يمر بمنعطف مهم فى العالم كله، فجميع الدول الكبرى اتخذت مؤخرا قرارات اقتصادية متخبطة تضر بالاقتصاد العالمى، حتى الصين التى طالما تميزت بأداء اقتصادى وقرارات جيدة قادرة على تحقيق النمو، لهذا فإننا لا نستطيع عزل مصر عن العالم الخارجى، لذلك فإن خروج مصر من هذا المنحنى الاقتصادى، لا يرتبط فقط بالأداء الداخلى للدولة، وإنما أيضا بالأداء العالمى.

كما أن الرأى المتفق عليه حاليا من الجميع، هو أن مصر لم تصل بعد إلى مرحلة الكساد الاقتصادى، فهى وعلى الرغم مما مرت به من سلبيات اقتصادية، حققت نموا للعام الثانى على التوالى، كما أنها تمتلك مزايا عدة، تمكنها من الخروج من الأزمة، مثل السوق الكبيرة، والعمالة الشابة المتميزة، والموقع الجغرافى المتميز، كما أن مصر تشهد حراكا اقتصاديا مميزا، لكن الأمور يجب أن تحدث بصورة أسرع والكلام مازال للدكتور العريان، فإن البنك المركزى حاليا هو اللاعب الوحيد فى الملعب بمصر، مثل باقى دول العالم كله، لكن للأسف لا يمتلك الأدوات اللازمة لتحقيق النمو الاقتصادى والخروج من الأزمة، فالبنوك المركزية، كونها الكيانات الاقتصادية الوحيدة المستقلة فى دول العالم، لذا فهى الوحيدة التى اتخذت مؤخرا قرارات للحد من الأزمة الاقتصادية التى يتعرض لها العالم، لكنه أيضا ليس المسؤول الوحيد عن حل الأزمة فمثلا، اتخاذ قرار رسمى بتعويم الجنيه من عدمه يجب أن يتم فى إطار رؤية اقتصادية شاملة، مع ضرورة النظرة الكلية للتحديات وعدم الاقتصار على الحلول السريعة، فهنا يجب أن نضع باعتبارنا أن الهدف النهائى من أى قرار هو تحقيق التنمية، وبالتالى التكيف مع أى حل يوصل إليها، مع التأكيد أنه لا يمكن لمصر أن تشكل سياسة لسعر الصرف، بعيداً عن المتطلبات الضرورية الأخرى، لأن ذلك يؤدى بنا للطريق الخطأ، ولم نر أى دولة تحدد سياسة سعر صرف عملتها بمعزل عن المتطلبات الأخرى، أى السياسات المالية.

وخلال الفترة الأخيرة تحدث الجميع عن اختلاف فى السرعات الاقتصادية وسرعة الإنجاز، وهو مرتبط من وجهة نظرى بأن انتظام العمل وانضباطه فى بعض مؤسسات الدولة قد أتاح لها فرصة أكبر من غيرها للمشاركة فى التنمية والإصلاح وتحقيق نتائج أكثر إيجابية وأسرع أثرا على المجتمع قد يكون دقيقا، إلا أننى مازالت على رأيى، بأن الأمر لن يستقيم أبدا، إلا بمشاركة جميع الأطراف فى منظومة متناسقة للدفع معا نحو الأمام، لهذا فإننى أقدر الإحباط المجتمعى من ضعف قدرات بعض قطاعات الجهاز التنفيذى، ولكنى كنت ومازالت أرى أن ذلك ليس مرتبطا بأشخاص يمكن تحميلهم المسؤولية وحدهم ولكنها مرتبطة بفكر يجب أن يتأصل فى جذور جهازنا الإدارى، حتى نخرج من رحم هذه المرحلة إلى ما نصبو جميعا إليه فى مستقبل يعكس طموحاتنا .

إن الطريق الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو أنه «بدلا من إنكار التحديات القائمة، يجب وضعها فى مكانها الصحيح والتعامل معها»، فمعالجة المشكلات أصبحت ممكنة والرؤية للمستقبل أصبحت أكثر رسوخا وإرادة الإصلاح هى ما تدفعنا الآن للخروج من رحم هذه الأزمة الاقتصادية، لذلك فإن انتهاء فترة التخبط الاقتصادى والتى يترقب الجميع الآن انتهاءها قريبا ترتبط فى الأساس بقدرة الدولة على تحقيق نمو قادر على استغلال الشباب، ومن ثم تحقيق النموذج الأمثل للنمو، والعدالة الاجتماعية وهو مرتبط بقدرة الحكومة السياسية والاقتصادية، وقدرتها على اتخاذ القرار السليم للخروج من الأزمة.

اليوم السابع




موضوعات متعلقة:


- أسعار العملات أمام الجنيه اليوم الثلاثاء 29-3-2016









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة