قالت المحكمة فى حيثياتها، إنه بعد تلاوة تقرير التلخيص، وبعد سماع طلبات النيابة العامة والمرافعة الشفوية والإطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً، حيث يلخص وجيز الوقائع فيما هو ثابت بالأوراق من وردود إخطار تليفونى من مساعد مدير الأمن لفرقة شمال الجيزة بتاريخ 22 /7 / 2015 الساعة العاشرة مساءاً، مفاده اصطدام مركب تنزه بصندل "دفاع مائى"، مما نتج عنه غرق المركب، وعلى متنها عدد كبير من المواطنين والتى وافتهم المنية، وأصيب آخرين.
وأضافت المحكمة، وحيث أن النيابة العامة قيدت الأوراق جنحة ومخالفة بمواد قانون العقوبات ضد كل من حمده عبد المعتمد، ومحمد خالد، ورضا السويسى، لأنهم تسببوا خطأ فى موت المجنى عليهم نتيجة إهمالهم ورعونتهم، وعدم مراعاتهم للقوانين واللوائح المنظمة للملاحة الداخلية، وتسببهم فى حصول حادث لإحدى وسائل النقل العام النهرية ومركب النزهة، ونشأ عن الحادث موت المجنى عليهم، والأول والثانى تسببا بإهمالهم فى إتلاف شئ من منقولات الغير، وهو مركب النزهة المملوكة لرضا محمود حسين، والثانى والثالث سيرا مركب فى المياه الداخلية لغرض الملاحة الداخلية، واستعملاها فى نقل الركاب بدون ترخيص بذلك، والثانى قاد مركب لنقل الركاب قبل الحصول على ترخيص، والأول والثانى قادا وحدة تنقل عدد أفراد طاقمها عن العدد المقرر، الثانى قاد وحدة تنقل عدداً من الركاب يزيد عن العدد المقرر قانوناً، سير كل منهم وحدة ليلاً دون أن تكون مزودة بوسائل الرؤية الليلية والأنوار الملاحية المقررة، وسير كل منهم وحدة غير مزودة بمعدات النجاة وأدوات الأنقاذ والسلامة وأجهزة التنبيه.
وأضافت المحكمة، أنه عقب تداول الدعوى فى الجلسات أمام محكمة أول درجة، والتى قضت بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها على غير ذى صفة، وحبس المتهم الأول حمدة عبد المعتمد 5 سنوات مع الشغل والنفاذ، وحبس المتهم الثانى محمد خالد 7 سنوات مع الشغل والنفاذ، وغيابياً بحبس المتهم الثالث رضا محمود السنوسى 10 سنوات مع الشغل والنفاذ، ورفض الدعوى المدنية المقامة من المتهمان الأول والثانى، إلا أن المتهمين لم يرتضوا بذلك القضاء فطعنوا عليه بالاستئناف، وحيث تداول الاستئناف الماثل على النحو الثابت بمحاضر الجلسات.
ردود المحكمة على الدفوع..
واستكملت المحكمة حيثيات حكمها، حيث إنه وعن دفع المتهمين الأول والثانى بانتفاء ركن الخطأ واستغراق خطأ كل متهم لخطأ آخر، "يصح فى القانون أن يقع حادث القتل الخطأ بناء على خطأين من شخصين مختلفين، ولا يسوغ القول بأن أحد الخطأين ينفى المسؤلية عن مرتكب لآخر"، ولما كان ما تقدم وكان قد ثبت للمحكمة خطأ المتهمين الأول والثانى، وذلك على النحو المبين بالأوراق، مما يثبت معه ركن الخطأ فى حق المتهمين، ولا يسوغ القول بأن أحد الخطأين ينفى المسؤلية عن الآخر، فتعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم بها أيا كان قدر الخطأ المنسوب إليه.
ووتابعت: وحيث أنه عن دفع المتهمين الأول والثانى بالقوة القاهرة والحادث الفجائى، فلو التزم المتهم الأول بالسير من الشروق إلى الغروب، أو زود وحدته بالأنوار اللازمة للسير ليلاً ما كان ما حدث، وأن الأثر المترتب فى حالة التزام مركب النزهة بالعدد المقرر له وفقاً للمعاينة، هو أنه كان من الممكن تدارك الموقف لأن المركب فى هذه الحالة كانت ستطفو بشكل كاف، بمعنى أن السطح الحر لمركب النزهة كان سيكون كافى لاستيعاب الصدمة، ولما كان ما تقدم، وقد خلت الأوراق الماثلة من ثمة قوة قاهرة، فلولا خطأ المتهمين ما وقع الحادث.
وحيث أنه، وعن الدفع المبدئى من المتهم الثانى محمد خالد بانقطاع صلته بقيادة المركب محل التداعى، وأن قائدها وقت حدوث الواقعة نجل صاحب المركب المتوفى إلى رحمة الله محمود رضا، فإن ذلك مردود عليه بأنه من غير المتصور عقلاً ومنطقاً، أن يتولى طفل عمره أحد عشرة سنة قيادة مركب بهذا الحجم، وعلى متنه أكثر من أربعين راكب، بينما قررت الشاهدتان وفاء مصطفى ونورهان أحمد عن استجوابهم بالنيابة العامة، بأن قائد المركب أثناء حدوث الواقعة كان يرتدى تى شيرت أبيض مرسوم عليه جماجم وبه نقط سوداء، مما يثبت معه للمحكمة عدم صدق روايته من أن نجل صاحب المركب هو من كان يقود المركب آنذاك.
وأضافت المحكمة فى حيثياتها: وحيث إنه عن الدفع المبدئى من وكيل المتهم الثانى محمد خالد، بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها على غير ذى كامل صفة، لعدم بلوغه سن الرشد، فإنه ومن المستقر عليه بقضاء محكمة النقض"انه ومن المتفق عليه أنه يجوز رفع الدعوى المدنية على المتهم القاصر، إذا ما دام المتهم مفروضاً فيه إنه قادر على الدفاع عن نفسه فى الدعوى العمومية والمدنية"، ولما كانت المحكمة لها أن تقضى بمعاقبة المتهم جنائياً وهو الأشد، فالأولى أن تقضى فى الدعوى المدنية المطروحة أمامها.
ورداً على طلب المتهم الثانى، بتشكيل لجنة ثلاثية لفحص موتور مركب النزهة، لإثبات تعطله لحظة الإبحار به وتوقفه قبل حدوث الواقعة، فإنه ومن المستقر عليه بقضاء محكمة النقض، ولما كان الثابت من تقرير معاينة محرك المركب، والذى أثبت أن به مشاكل فنية وكثير الأعطال ومتكررة الإيقاف، فإنه وبافتراض صحة إدعائه فان ذلك لا يعفيه من الإدانة والعقاب، ويثبت عقيدة المحكمة بارتكابه جرم أكبر، وهو علمه بحقيقة المحرك وبكثرة أعطاله وتوقفه المتكرر لقدمه، فإنه يكون مسئولاً عما ينجم نتيجة لهذا الخطأ، مما تقضى معه المحكمة برفضه.
أدلة الثبوت..
وأكدت المحكمة فى أدلة الثبوت، أن المحكمة اطمأنت إلى قيام المتهمين الماثلين بارتكاب الوقائع المسندة إليهم وأيه ذلك، ما جاب بمعاينة النيابة العامة والثابت منها بالانتقال لمكان حدوث الواقعة، وما جاء بتقرير اللجنة المشكلة من العاملين بالهئية العامة للنقل النهرى، لمعاينة المركب والصندل محل الواقعة، وشهادة أعضاء اللجنة الثلاثية المشكلة بقرار من النيابة العامة من العاملين بالهيئة العامة للنقل النهرى، لمعاينة اللنش والصندل، وما جاء بتقرير معاينة محرك مركب النزهة، فضلاً عن شهادة الشهود ومن بينهم الناجين من مركب النزهة، وثبوت ركن الخطأ فى حق المتهمين، حيث أن الثابت من التحقيقات أن خطأ المتهمين متصل بالحادث اتصال السبب بالمسبب، بحيث لم يكن من المتصور وقوع الحادث بغير وجود هذا الخطأ.
الدعاوى المدنية ..
وحيث إنه فى الدعوتين المدنيتين (الأولى) المقامة من ورثة المجنى عليهم ضد رئيس جمهورية مصر العربية بصفته، ووزير الدفاع بصفته، ورئيس مجلس الوزراء بصفته، وآخرين بصفتهم، (والأخرى) المقامة من المتهم الأول حمدة عبد المعتمد عبد النعيم، ضد رئيس الهية العامة للنقل النهرى، فاستئناف المتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية المدعى عليه فى الدعوى المدنية أمام محكمة الجنح المستأنفة، فإن هذه الأخيرة إما أن تخلص إلى صحة اختصاص المحكمة الجنائية بالدعوى، وإما أن تنتهى إلى عدم الاختصاص.
ولما كان ما تقدم، وكان يجب على محكمة أول درجة أن تبدأ ببحث اختصاصها بنظر الدعوى المدنية، فان ثبت لديها توافر شرائط الاختصاص لديها، انتقلت إلى بحث مقومات القبول، أما إذا ثبت عدم اختصاصها فلا يجوز لها أن تعرض لمسألة القبول لأن الذى يفصل فيها هو المختص بنظر الدعوى المدنية، وكان شرط قبول الدعوى المدنية أمام المحاكم الجنائية، أن يكون الضرر المطلوب التعويض عنه ناشئاً مباشرة من الفعل المكون للجريمة المرفوعة عنها الدعوى الجنائية، أما إذا كان عن فعل آخر، ولو كان متصلاً بالواقعة الماثلة، فلا تصح مطالبة تعويضه أمام المحاكم الجنائية، ومتى كان الضرر المترتب علي مخالفة القوانين والقرارت واللوائح المنظمة للنقل النهرى والرقابة على تسيير الوحدات المائية، والإهمال فى الصيانة، لم ينشأ مباشرة من الجريمة التى أقيمت بها الدعوى الجنائية وهى القتل الخطأ، مما ينحسر عنه اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعويين المدنيتين، وتقضى معه المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعويين المدنيتين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة حضورياً:-
أولا:- قضت المحكمة حضوريا بقبول الاستئناف شكلا.
ثانيا:- وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بمعاقبة المتهم الأول حمدة عبد المعتمد بالحبس 5 سنوات مع الشغل عن الاتهام الأول والثانى والثالث والسادس والثامن والتاسع للارتباط، وبمعاقبة المتهم الثانى محمد خالد بالحبس 7 سنوات مع الشغل عن جميع الاتهامات للارتباط عدا الاتهامين الرابع والخامس، وبتغريمه 100 جنيه عن كل اتهام من الاتهامين الآخرين والتأييد فيما عدا ذلك، وألزمت كل متهم بالمصاريف الجنائية، و100 جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ثالثا:- وفى الدعويين المدنيتين الأولى المقامة من المتهم الأول حمدة عبد المعتمد ضد المتهم الثانى محمد خالد، والأخرى المقامة من المتهم الثانى محمد خالد ضد المتهم الأول حمدة عبد المعتمد برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت كل مدعى مدنى بمصاريف دعواه و100 جنيه أتعاب محاماة.
رابعا:- وفى الدعويين المدنيتين الأولى المقامة من ورثة المجنى عليهم ضد رئيس الجمهورية، ووزير الدفاع، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير النقل، ووزير الداخلية، ومحافظ الجيزة، ورئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للنقل النهرى، ورئيس حى مدينة الوراق، ومدير الإدارة العامة للمسطحات المائية، ومدير الإدارة العامة للشرطة البيئة والمسطحات المائية، كلا بصفته، والأخرى المقامة من المتهم الأول حمدة عبد المعتمد ضد رئيس الهيئة العامة للنقل النهرى، بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعويين المدنيتين.
- ننشر نص حكم تأييد حبس المتهمين فى قضية "غرق مركب الوراق" من 5 لـ7 سنوات
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة