والرهان لا يكون فى هذه الحروب على رأس الحربة وإنما على المواطنين العاطفيين واستغلال وطنيتهم ودفعهم إلى اتخاذ مواقف بناء على أخبار مكذوبة أو شائعات، يتم نشرها، وهى محاولات أصبحت مكشوفة للبعض لكنها للبعض الآخر لا تكون واضحة وهناك من يقعون ضحايا التشكيك وتراكمات الغضب لتتجه إلى صناعة ارتباك عام وصراعات. وقد رأينا مثلا من بين من يتحركون الآن للشحن والحشد والتحريض من كانوا ومازالوا ينظمون حملات ضد التجنيد الإجبارى، أو ينشرون شماتة وفرح فى شهدائنا بالجيش والشرطة ممن يواجهون الإرهاب. الآن هؤلاء يعودون ليتحدثوا عن دماء الشهداء. هم أنفسهم الذين ارتكبوا كل خطأ وكل جريمة وتفجير وشمتوا، يدعون لمظاهرات.
لاحظ أن تنظيم الإخوان أو ما تبقى منه يركب اليوم على دعاوى المظاهرات وبالطبع علينا أن نتخيل كيف يمكن أن تتكرر مصادمات، ويسقط ضحايا ليتحولوا إلى وقود غضب وصدام، أو أن تتحول الخلافات فى الرأى إلى صراعات وشتائم وخصام وتصارع من دون قدرة على التوصل إلى رأى. ومهما كانت الخلافات فى وجهات النظر بأى قضية يصعب أن نتخيل مواطنا يتبنى وجهات نظر التقارير المشبوهة التى تبنت رأيا واحدا يتهم مصر فى قضية الطالب الإيطالى مع تجاهل أى جهود لكشف الحقيقة. نفس هؤلاء الذين يزعمون اليوم أنهم فقط أعادوا النظر فى مواقفهم وهم معادون من الأصل.
رأينا ومازلنا نرى حربا تتبنى شائعات حول سد النهضة والمياه، وحول قضية إيطاليا ومصر، بل هناك أطراف تتبرع باختراع شائعات تتهم أطرافا بالاسم بارتكاب أعمال بينما هذه الأطراف غير موجودة فى المكان. نحن أمام حروب واضحة المعالم لا تحتاج إلى نظرية مؤامرة، بل إلى تأمل وتعقل والتفكير فيما ينشر وما يتم ضخه فى الشبكات والفضائيات. ومنها أكاذيب ثبت خطؤها وبعضها محاولات وقيعة، ومع هذا نرى حمقى يصدقون هذا الكذب. ونفس الأطراف التى سبق لها أن خدعت الطيبين، تقوم بنفس الدور تماما مثلما يكرر النصابون عمليات النصب ويجدون زبائن تصدقهم فى كل مرة من دون تفكير. دون تفكير.
موضوعات متعلقة..
- ابن الدولة يكتب.. مواجهة حروب التشكيك.. دروس مهمة فى قضية الجزر.. وكيف يمكن موازنة الخلاف فى الرأى مع مصالح الدولة
- ابن الدولة يكتب: كيف يمكن بناء استراتيجية الاستقرار فى المنطقة؟.. هناك دول وأنظمة وأجهزة مستفيدة من وجود الإرهاب والتهديدات.. وهى نفسها الدول والجهات التى تبيع الأسلحة لكل الأطراف
- ابن الدولة يكتب: هل ينتقل "داعش" إلى ليبيا؟..الجهات الداعمة للإرهاب تدعم عرقلة قيام حكومة وحدة وطنية بليبيا.. واستمرار حظر السلاح يخدم الإرهابيين.. الجيش الليبى لا يزال الطرف الأقوى والسبيل للاستقرار