فرغم إعلان المجموعة الوزارية الاقتصادية منذ أيام عن خطة تحرك لتنشيط السياحة والجذب السياحى خلال 6 أشهر لاستهداف 10 ملايين سائح إلا أن سياسات وقرارات بعض الوزارات لا زالت كالمياه الراكدة التى تتعفن فيها الخطط وتتحول الأمنيات والأحلام إلى كوابيس.. تعوق التقدم والإنجاز.
اتحدث هنا عن السياحة الثقافية التى تعد بمثابة ركن مهم من مقومات جذب السياحة فهى لا زالت تواجه قرارات مقيدة للتسويق، خاصة المتعلقة بالتسويق الإعلامي. فقد أقرت وزارة الآثار زيادات متتالية فى قيمة تذاكر زيارة المتاحف والمناطق الأثرية.. لتتراوح تذاكر المتاحف للمصريين من 10 جنيهات إلى 40جنيها، وللاجنبى من 20 جنيه إلى 100 جنيه.. كما بالغت فى زيادة قيمة رسوم التصوير. بل زاد الطين بلة القرار الأخير لوزير الأثار بدفع غرامة 100 جنيه لمن يستخدم كاميرا التصوير داخل المتاحف دون تصريح.. وكأنها هدية الوزير لرواد المتاحف بمناسبة اليوم العالمى للتراث.
ففى الوقت الذى تفتح معظم الدول معالمها الثقافية والأثرية للتصوير مجانا فى إطار التسويق الإعلامى والسينمائى لمقوماتها الثقافية تخطو متاحف مصر خطوات عكس الاتجاه فتضع عراقيل روتينية تعبر عن جمود الفكر وانعدام الرؤية الاستراتيجية للجذب السياحى.
الغريب أن المسئولين عن إدارة منظومة المتاحف لا يرون فى رسوم التصوير سوى الحق المكتسب رغم أنها إيرادات قليلة لا تثمن ولا تغنى.. فمع انخفاض أعداد السائحين منذ عام 2011 انخفضت إيرادات التذاكر ورسوم التصوير.. ولم تعد تجدى الخطط التسويقية التى تهدف إلى ترويج المنتج السياحى المصرى بوجه عام والثقافى على وجه التحديد، ورغم ذلك تضاعفت رسوم التصوير والتذاكر.
لم ير المسئولون عنصر التسويق الأقوى الكامن فى الوفود التى تأتى لمصر بين أصدقائهم. وقد أثبت الواقع أن التأثير المباشر وعامل الجذب الحقيقى للسياحة هو وجهة نظر وانطباع من قام فعليا برحلات إلى المقصد السياحى المصرى.
ما يحدث فى متاحف وزارة الآثار نموذج لما يحدث بالمتاحف والمواقع التراثية والتاريخية والفنية والمتاحف المتخصصة التابعة لوزارات عديدة.
النظر بقصر المدى للمكسب القريب القليل الزهيد غباء حقيقى. . فهناك مكاسب كثيرة تتحقق بشكل أكثر سرعة وتوفر على الدولة ميزانيات كثيرة يتم إنفاقها فى حملات الترويج للمنتج السياحى والثقافى المصري.. وذلك إذا ما وضعت الدولة مزيد من التسهيلات للتصوير فى المواقع التراثية والثقافية والمتاحف. وهنا لا أتكلم فقط عن تسهيلات للجهات والقنوات ولكن للأفراد أيضا.
لا أطالب المسئولين بجهد فى التفكير لوضع خطط التسويق فالمسألة لا تتطلب منهم عناء ومشقة "تشغيل الدماغ" فتجارب الدول المختلفة تكفى للاستنساخ والتنفيذ.. وفى المغرب والأردن والإمارات وغيرهم نماذج واقعية استطاعت بما قدمته من تسهيلات أن تضع معالمها الثقافية فى ذهنية الإعلام والمشاهدين.
تنشيط السياحة الثقافية لا يحتاج خطط وميزانيات ولجان واجتماعات.. فقط نحتاج رؤية واضحة موحدة للدولة لا تتضارب فيها القرارات.. نحتاج أن نطل بنظرات بعيدة المدى على النتائج المتوقعة لما نقره من لوائح وقرارات مقيدة للجذب السياحى لمعالمنا الثقافية.. ويكفى أن يحتفظ كل زائر مصرى كان أو أجنبى لأحفاده بصور تحمل ذكرياته بين أحضان المعالم الأثرية والثقافية المصرية.. فهى الصورة الذهنية الإيجابية عن مصر. . أفرجوا عنها ودعوها متاحة للجميع لأنها مستقبل بلدنا وأولادنا.
موضوعات متعلقة..
- محمد مندور يكتب: أين مصر فى قائمة المتاحف العالمية؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة