- الوكالة الأمريكية للتنمية مولت المعهد بـ1.8 مليار دولار قيمة مشروعات فى آسيا وأفريقيا رغم تقارير رقابية تتهمه بالفساد
«معهد البحوث المثلثية»، أو RTI research triangle institute، اسم قد لا يعرفه المصريون حتى الآن، رغم أنه يسعى منذ فترة للدخول إلى مصر والعمل بدون حتى الحصول على الموافقات المطلوبة، من خلال العمل من خلف الستار.
هذا المعهد الموجود مقره الرئيسى فى ولاية نورث كارولاينا الأمريكية، هو أحد أذرع وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» التى تستخدمها للتسلل إلى دول معينة تحت ستار منظمات المجتمع المدنى، والهدف هو تنفيذ بعض المخططات المشبوهة التى يحددها البنتاجون، وأهمها العمل على بث الفتنة داخل الدولة التى يعمل بداخلها، وأكبر مثال على ذلك ما فعله المعهد فى العراق الذى تعاقدت معه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فى 11 إبريل 2013 لتأسيس 180 إدارة محلية فى العراق، بطلب من البنتاجون، الذى حدد قيمة العقد بـ167 مليون دولار، وكذلك حدد الهدف المعلن وهو المساعدة على اختيار العراقيين «المناسبين» لملء المناصب الحكومية فى القرى والمدن، لكن كان الهدف الخفى أو الذى سعى البنتاجون لتنفيذه هو أن يعمل هذا المعهد على تجنيد عدد من الشركات لجمع المعلومات فى كل المجالات من بينها شركات البترول والعشائر العراقية والقبائل والأحزاب السياسية، بل لا نبالغ إذا قلنا إن الهدف الأساسى لهذا المعهد فى العراق كان التمهيد للتقسيم الفعلى للعراق، رغم ما تحاول أن تروج له الولايات المتحدة بأنها تدعم وحدة العراق، فما فعله المعهد فى العراق خلال الفترة الماضية يكشف أن وحدة العراق لا تعدو أمرا نظريا، لأنه عملياً هناك مؤسسات أمريكية تتلقى دعماً من الإدارة الأمريكية تعمل على التقسيم من خلال بث الفتنة والفرقة بين العراقيين، من خلال دعم الأقليات، وحث عدد من الطوائف العراقية للتحرك ضد بعضها البعض، وليس جديداً القول بأن هذا المعهد كان يفعل كل ذلك فى العراق تحت رئاسة ونظر وربما تكليف من الحاكم العسكرى الأمريكى السابق للعراق بول برايمر، صاحب أخطر قرار أسهم فى تدمير العراق، حينما قرر تسريح الجيش العراقى.
التناحر المذهبى
وحاولت «اليوم السابع» اختراق الملفات السرية للمعهد وتتبع تاريخة الأسود فى التجسس وما نشرته التقارير الأمريكية عنه، وتوصلت إلى أن البنتاجون يسعى منذ فترة لدفع المعهد للعمل فى مصر بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لتنفيذ نفس الخطة التى سبق تنفيذها فى العراق، التى أدت إلى تناحر قبلى وطائفى ومذهبى، فالخطة الموضوعة للمعهد فى مصر تقوم على التركيز على أمرين، الأول وهو التعليم باعتباره الطريق الذى يمكن من خلاله تغذية عقول البعض بالأفكار الطائفية التى يستتبعها تغذية الفكر الطائفى فى المجتمع المصرى، لتكون أول الطريق للتناحر داخل المجتمع المصرى، علهم يصلون إلى الهدف الاساسى لهم وهو تقسيم مصر، والثانى وهو التركيز على الاقليات ودعم حقوق المثليين «الشواذ جنسياً».
فالمعهد وفقا للمنشور عنه فى المعاهد ومراكز الأبحاث الأمريكية يركز فى الدول التى يعمل فيها على دعم الأقليات، وهو ما يؤكد الأهداف المشبوهه التى يسعى لتنفيذها فى هذه الدول، فكما فعل فى العراق ودول أفريقية أخرى فهو يأمل فى تنفيذ ذلك فى مصر، من خلال التركيز على الاقباط والنوبة وقضايا أخرى فشلت المخابرات الأمريكية فى تأجيجها خلال الفترة الماضية، فخططت لزرع «معهد البحوث المثلثية» داخل مصر ليقوم بالمهمة القذرة من على الأرض وليس من خلال إعلام موجه أو الوسائل الأخرى التى فشلت.
دعم حقوق المثليين
ومن الأهداف التى يسعى المعهد لتنفيذها فى مصر أيضاً تمويل برامج تدعم حقوق المثليين وراغبى تغيير الهوية الجنسية وذوى الإعاقة والمرأة، أو بمعنى أدق كل ما هو متعارض مع قيم وأخلاقيات المصريين، وبالفعل بدأ المعهد فى تنفيذ دورات تدريبية لمصريين خارج مصر لحث الشباب على تقبل المثليين وحقوقهم والنظر لها كحقوق شخصية، وأنهم مضطهدون والنظر لهم من منظور حقوقى بحت، وعدم تناول الموضوع من ناحية الدين أو التقاليد وضرورة نشر ثقافة احترام هذا النوع من الحقوق عند عودتهم للوطن بعد انتهاء التدريب.
لماذا لجأت واشنطن إلى معهد البحوث المثلثية للعمل فى مصر ؟ هذا سؤال شرعى، خاصة أن هناك العديد من المنظمات الأمريكية التى لها وجود فى مصر سواء كان بموافقة مصرية أو بشكل غير شرعى، لكن المؤكد أن هذه المراكز ومنها على سبيل المثال مركز كارنيجى رغم أنها قامت بعدد كبير من الدورات التدريبية لسياسيين وشباب بهدف العمل على تشكيل حركات سياسية بصبغة أمريكية، إلا أن كل هذه المشروعات فشلت فى تحقيق الهدف الأساسى لها، وهو ضرب استقرار الداخل المصرى، فكان البديل هو البحث عن المنظمة القادرة على تنفيذ الهدف فى أقل وقت، فتم اللجوء إلى «معهد البحوث المثلثية»، خاصة أن له سابق خبرة فى تنفيذ الأعمال المشبوهة بدول كثيرة.
ووفقاً لتقارير أمريكية فإن المعهد حاول العمل فى مصر بشكل رسمى حتى لا يتعرض لمضايقات من السلطات المصرية، ولكن لأن القاهرة تعلم دوره المشبوه فى العراق ودول أخرى، فإنها رفضت اعتماده ورفضت تواجده على الأراضى المصرية، وقد حاول المعهد الدخول إلى مصر عبر مسميات مختلفة لكن كان الرفض هو الرد الوحيد الموجود أمامهم من القاهرة، وربما تشهد الفترة المقبلة ضغوطاً من جانب البنتاجون والوكالة الأمريكية للتنمية على القاهرة للموافقة على عمل المعهد فى مصر، لكن بالتأكيد لن تنجح هذه الضغوط، لأن القاهرة على دراية تامة بخطط هذا المعهد التى ينوى تنفيذها فى مصر، خاصة أن هناك بعض المؤشرات على أن المعهد يحاول تنفيذ مخططاته من خارج مصر.
RTI معهد يشوبه الفساد
الغريب أن هناك اتهامات موجهة للإدارة الأمريكية بسبب عمل هذا المعهد، وإهداره أموال دافع الضرائب الأمريكية، لكن واشنطن مستمرة فى دعم هذا المعهد الذى يحقق لهم أهدافها القذرة فى المنطقة، فالوكالة الأمريكية للتنمية تقوم بتخصيص مناقصات محددة للمعهد، بأوامر من وزارة الدفاع «البنتاجون»، ولا يخفى على المتابع لعمل «معهد البحوث المثلثية» وجود علاقة وثيقة بينه وبينه الوكالة الأمريكية للتنمية، فبعض العاملين بالوكالة يتم تعيينهم فى المعهد بعد خروجهم للمعاش، كما أن البنتاجون قام بتعيين عدد من القادة العسكريين فى المعهد ليكونوا متابعين لإنشطة المعهد وتحديد البرامج التى سيجرى العمل عل تنفيذها.
وأكدت أحد التقارير الأمريكية أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية منحت المعهد عقودا بمليارات الدولارات لتنفيذ مشروعات فى بلدان العالم النامى، ووصفت هذه التقارير «معهد البحوث المثلثية» بالمنظمة المشبوهة، وقالت إنه حصل على 1.8 مليار دولار قيمة مشروعات فى آسيا وأفريقيا رغم تقارير رقابية تتهمه بإساءة استخدام أموال الضرائب.
وعلى الرغم من شبهات الفساد التى تحيط بها، حصل «معهد البحوث المثلثية» أو معهد ترايانجل للأبحاث على مليارات الدولارات من أموال الضرائب الأمريكية على مدار سنوات من خلال عقود مع وكالة التنمية الدولية الأمريكية، ومن بين 26 تقرير للمفتش العام الحكومى الذى يقوم بمراجعة ما تقوم به مثل هذه المنظمات بين عامى 2006 و2014، انتقدا اثنان فقط مخالفات «معهد البحوث المثلثية»، ومادامت وجهت إليه الأجهزة المحاسبية فى الولايات المتحدة اتهامات بكتابة تقارير زائفة عن التقدم الذى أحرزه، وإساءة استخدام أموال الضرائب والفشل فى تنفيذ مشروعات وفقا لبنود التعاقدات الموقعة معها، ورغم ذلك منحته الوكالة الأمريكية للتنمية 1.8 مليار دولار فى عقود بين عامى 2003 و2012، ووفقا للبيانات الخاصة بالعقود الفيدرالية، فإن وزارة الخارجية خلال فترة هيلارى كلينتون قدمت للمعهد 526 مليون دولار قيمة عقود مشروعات يتم تنفيذها فى إطار المساعدات الأمريكية الخارجية.
الوكالة الأمريكية تدعمه بالأموال
وكانت العلاقة بين الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومعهد أبحاث المثلث قد بدأت فى إبريل 2003، عندما كانت تلك المنظمة هى الوحيدة التى تقدمت للحصول على عقد قيمته 168 مليون دولار للترويج للديمقراطية فى العراق بعد الغزو الأمريكى لها وإسقاط حكم صدام حسين، وفى سبتمبر من العام نفسه، صدر تقرير من الجهات الرقابية قال إن العقد كان الهدف الوحيد منه تبرير إنفاق 150 مليون دولار فى عام واحد بدلا من يتم إنفاقها على الاحتياجات الفعلية، ورغم فشل المنظمة فى الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها فى العقود، منحته وكالة التنمية الأمريكية ثلاث عقود أخرى بين عامى 2003 و2011، بإجمالى 400 مليون دولار.
وأشارت تقارير أمريكية إلى أن أحد أسباب هذه العقود لمنظمة لا توفى بالتزاماتهما أن نائب رئيس «معهد البحوث المثلثية» أرون ويليامز عمل لأكثر من 20 عاما داخل وكالة التنمية الأمريكية قبل أن يتولى منصبه فى تلك المنظمة، وقال خبراء إن العاملين بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يحصلون عادة على وظائف فى الشركات التى يتعاقدون معها.
وخلال فترة تولى هيلارى كلينتون الخارجية الأمريكية، تم إرسال 526 مليون دولار للمنظمة المعروفة بتاريخها فى التزوير والانتهاك وواصلت تلك المنظمة احتيالها وإهدار أموال دافعى الضرائب بالأموال التى حصلت عليها خلال تولى كلينتون منصبها، وقال مواقع واشنطن أكسمينر:إن بداية الأمر تعود لعام 2006 عندما وثق المسؤولون عن المراجعات الحكومة أن الشركة قامت بإساءة استخدام الأموال التى حصلت عليها ولم تنه المشروعات الموكلة إليها، ولم تكمل وعودها فى 24 من الدول الأكثر فقرا فى العالم. ومن بين المخالفات التى ارتكبتها «معهد البحوث المثلثية»، اختراع لمستفيدين وهميين وحتى استخدام أجهزة رش وهمية فى حملة لمكافحة الملاريا بغانا، والاهتمام المفرط بأمور تافهة مثل لون أثاث فى مراكز للمرأة كانت تبنيها فى جنوب أفريقيا التى فشلت فى النهاية فى تلبية المعايير الصحية، وإرسال أجهزة كمبيوتر لمدرسة فى منطقة بنيكاراجوا لا يوجد بها كهرباء، وإنفاق 23 ألف دولار فى إطار جهود مكافحة انتشار مرض الايدز، وذلك على وجبة غداء واحدة وفى أحد فنادق جنوب أفريقيا، والغريب أنه من بين 16 مراجعة لهذه الشركة من قبل الحكومة الأمريكية بين عام 2006 و2014، لم يكن هناك سوى اثنين فقط منتقدين لعملها، وحصل المعهد على 208 ملايين دولار من وكالة التنمية الدولية الأمريكية فى عام 2012 فقط.
وكانت شركة ترايانجل للأبحاث «معهد البحوث المثلثية» من قائمة الشركات التى استفادت من حرب العراق بشكل مباشر، ودخلت تلك الشركة إلى العراق بحجة تقوية مهارات الإدارة وكفاءة الإدارة المحلية والمؤسسات المدنية لتحسين تقديم الخدمات الأساسية بالبلاد، وحصلت الشركة أيضا على عقد من منظمة المعونة الأمريكية ضمن لها الاستيلاء على النظام لتعليمة فى العراق والتسلل للإدارة المحلية والمؤسسات المدنية. وكانت محكمة فيدرالية قد حكمت بإمكانية مقاضاة «معهد البحوث المثلثية» فى الولايات المتحدة لقتل امرأتين عراقيتين من قبل حراسه الأمنيين فى بغداد.
هذا جزء من التاريخ الأسود المشبوه لـ«معهد البحوث المثلثية» الذى يحاول الدخول إلى مصر لتنفيذ مخطط التقسيم، أو إثارة الفتن بين المصريين وزيادة الاضطرابات والمشاكل الأمنية، تحديداً فى بعض المناطق، وكذلك دعم أهداف لا أخلاقية منها المطالبة بالسماح لمثلى الجنس بأن يعلنوا عن ميولهم دون أى ملاحقة قانونية أو قضائية.
هذا جزء من التاريخ الأسود لأحد أذرع البنتاجون الذى ينوى تطبيق نموذج العراق فى مصر، فهل ستسمح له مصر بالعمل أم ستقف ضده ويتم الكشف عن كل مخططاته وأهدافه القذرة؟