"مجلس دبى للمعرفة" يستعرض التطورات الجيوسياسية الراهنة فى المنطقة والعالم

السبت، 09 أبريل 2016 05:36 م
"مجلس دبى للمعرفة" يستعرض التطورات الجيوسياسية الراهنة فى المنطقة والعالم جانب من المؤتمر
دبى – اليوم السابع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نظم المكتب الإعلامى لحكومة دبى الجلسة الثانية من "مجلس دبى للمعرفة"، بحضور عدد من مدراء الدوائر الحكومية وقيادات الأعمال الإماراتية فى دبى، ويهدف اللقاء إلى تقديم تحليل علمى دقيق لبعض المتغيرات الرئيسة التى يشهدها العالم حالياً وتعتبر من العوامل التى ستساهم فى إعادة تشكيل صورته خلال المرحلة المقبلة، وذلك بغية دعم عملية اتخاذ القرار فى دبى وصولاً إلى أفضل السيناريوهات الممكنة فى التعاطى الإيجابى مع تلك المتغيرات بما تحمله من فرص وتحديات لضمان الحفاظ على المكتسبات المتحققة وإحراز مزيد من التقدم فى مختلف مسارات التطوير وبما يواكب الرؤية الطموحة لمستقبل التنمية فى الدولة.

وأكدت منى غانم المرّى، المدير العام للمكتب الإعلامى لحكومة دبى أن "مجلس دبى للمعرفة" يركز على استعراض أهم التطورات العالمية والإقليمية الراهنة والتغيرات الجيوسياسية ذات التأثيرات الواضحة على العالم والمنطقة، خلال استضافة نخبة من الخبراء العالميين من أصحاب الفكر المبدع والرؤى الاستراتيجية لمناقشتهم فى أفكارهم وتصوراتهم وتحليلاتهم لتلك التطورات وتأثيراتها المحتملة على مستقبل المنطقة والعالم، بما يدعم عملية اتخاذ القرار بأسلوب فعّال يواكب تلك التطورات ويؤكد الاستفادة مما قد تثمر عنه من فرص.

وأكدت المرّى، أن المكتب الإعلامى لحكومة دبى يحرص على استضافة أفضل الخبرات العالمية وأكثرها دراية وأغزرها علماً للحديث فى المجلس ضمن لقاءاته الدورية، حيث يمثل اللقاء المباشر مع تلك الخبرات ميزة كبيرة كونه يوفّر فرصة جيدة لمحاورة هؤلاء الخبراء فى أفكارهم والاقتراب أكثر من تحليلاتهم للواقع الراهن المحيط، فى محاولة لتكوين تصور موضوعى لما يمكن أن تأول إليه تلك التطورات من نتائج على المديين القريب والبعيد.

واستضاف مجلس دبى لمعرفة فى ثانى انعقاد له الباحث والخبير الاستراتيجى العالمى، الدكتور باراغ خانا، الذى يُعدُّ من أهم الخبراء المتخصصين فى العلاقات الدولية، وقدم قراءة لمستقبل المنطقة والعالم فى ضوء المتغيرات العالمية المحيطة عبر تحليل الأوضاع الراهنة والوقوف على أبعادها المختلفة وما يمكن أن تؤول إليه خلال السنوات الخمس المقبلة، بما تحمله من فرص وما يمكن أن تفرضه من تحديات بغية الوصول إلى أفضل فرضيات التعامل معها بأسلوب فعّال يؤكد فرص النجاح.

وخلال الجلسة تم تناول الدور المؤثر الذى تلعبه دبى فى الاقتصاد العالمى منذ فترة كبيرة بوصفها عاملاً مهماً ساهم فى نمو الاقتصاد الإسلامى، قدم للعالم نموذجاً فريداً للتنمية الاقتصادية قائم على تنويع مكونات المنظومة الاقتصادية دون الاعتماد على عنصر بعينه، وكيفية الاستفادة من الفرص الواعدة التى من الممكن أن تحملها المرحلة المقبلة لاسيما وأن دبى تقع فى قلب منطقة جغرافية شاسعة تمثل مركز النمو الاقتصادى العالمى إذ تضم نحو 72 دولة يقطنها 2.7 مليار نسمة، ويبلغ ناتجها المحلى الإجمالى لدولها مجتمعة قرابة 4.4 تريليون دولار.

النقل والطاقة والاتصالات ..

وأشار الدكتور باراغ خانا إلى أنه على الرغم من حالة الغموض التى تسيطر على أوضاع العالم حالياً، فإنه من المتاح دائماً من خلال البحث والتحليل الوصول إلى ثوابت يمكن الاعتماد عليها والوثوق بها فى عمليات التخطيط، منوهاً أن كتابه القادم، والذى سيصدر قريباً بعنوان "خارطة التواصل" يحوى فصلاً كاملاً عن دبى، ويسعى إلى تقديم مقاربة علمية مبنية على أرقام وحقائق موثوقة يمكن أن تستفيد منها المدن والدول عند رسم سياساتها الاقتصادية.

ودفع خانا بأن البنى الأساسية فيما سماه بـ "العالم المترابط" ستتوزع ضمن ثلاث فئات أساسية وهي: النقل، والطاقة، والاتصالات وعلى ذلك فإن كل ما أنتجه العالم من شبكات الربط بمختلف أنواعها سواء من طرق للمركبات أو القطارات، وكذلك الربط عبر أنابيب الغاز، والنفط، وكابلات الكهرباء، والإنترنت تندرج جميعها تحت هذه العناصر الثلاثة؛ موضحاً أن إجمالى أطوال البنى الأساسية فى العالم تناهز 75 مليون كيلومتر، فى حين أن إجمالى أطوال الحدود السياسية بين الدول يبلغ 500 ألف كيلومتر فقط؛ وهو ما يعنى أن رغبة البشر فى الترابط والتواصل فاقت الفواصل السياسية بنسبة تصل إلى 150 إلى واحد، متوقعاً بأن تزيد هذه الفجوة فى المستقبل وذلك لرغبة الشعوب فى بناء مزيد من قنوات ودروب الارتباط والتواصل فيما بينها.

حضارة الشبكات

وأوضح خانا أن تلك البنى الأساسية بفئاتها الثلاث قادرة على عبور الحدود؛ لذا فإن هناك مجموعة كبيرة من شبكات الطرق وأنابيب النفط الغاز التى تمر عبر عدة دول وهو ما لم يكن موجوداً قبل بضعة عقود مشيراً أن المرحلة الحالية تشهد ميلاد هيكل جديد للنظام العالمى وهو الأمر الذى يحدث كل 500 عام، فبعد العصور الوسطى بدأ العصر الحديث ومن ثم شارف على الانتهاء ليبدأ عصر يمكن أن نطلق عليها عصر "حضارة الشبكات" التى تعتمد بشكل جوهرى على ما يمكن وصفه بـ "ثورة الترابط والتواصل".

ونوه الخبير العالمى أن بداية هذا العصر الجديد تمثل فرصة قيِّمة من الممكن أن تحمل مكاسب كبيرة لمن يستطيع فهم مكونات النظام الجديد والذى تلعب فيه سلاسل الإمداد الاقتصادى والبنى الأساسية دوراً محورياً لا غنى عنه بحيث تعتمد سلاسل الإمداد الاقتصادى على البنى الأساسية لتلبية الطلب وبالتالى تعزيز أواصر الروابط بين المدن، وهو ما يشير أن هبوط أسعار النفط كان متوقعاً بسبب الزيادة الكبيرة فى مصادر الطاقة ما جعل العرض يفوق الطلب فى السوق العالمى، منوهاً بأن قانون "العرض والطلب" هو القانون الأهم الذى حكم العالم على مر التاريخ.

وشدد خانا على أن الهيكل الجديد للنظام العالمى يتسم بالمرونة والقدرة على الحركة ما يعنى أنه لن يتأثر بالتغيرات والاضطرابات الجيوسياسية كما فى السابق بل بشكل أقل حده نظراً لكثرة البدائل المتاحة عبر زيادة "ترابط" العالم (Connectivity) وضرب مثالا على ذلك بإقدام الحكومة الصينية على الاستثمار فى بناء السفن العملاقة القادرة على شق طريقها عبر جليد المحيط المتجمد الشمالي، وهو الامر ذاته الذى يفسر هبوط أسعار النفط على الرغم من وجود مجموعة كبيرة من الاضطرابات السياسية المنتشرة عبرة شتى مناطق العالم، وقال خانا إن زيادة هذا الترابط العالمى سيؤدى بلا شك إلى وجود فائزين وخاسرين ويبقى ذلك مرهونا بموقعهم على خارطة سلاسل الإمداد الاقتصادى العالمية ومدى ومستوى إسهامهم فيها.

وأشار خانا إلى الدور الكبير والمهم الذى تلعبه الصين فى الاقتصاد العالمى لكونها الشريك الاقتصادى الأكبر لنحو 124 دولة فى العالم؛ أى ضعف بعض أكبر الشركاء الاقتصاديين العالميين ومن بينهم الولايات المتحدة التى تُعتبر الشريك الأكبر لـ 56 دولة فقط، وقال إن الحكومة الصينية قامت منذ مطلع التسعينات بضخ استثمارات ضخمة (تتجاوز 100 مليار دولار) فى البنى الأساسية لجاراتها البالغ عددها 14 دولة وذلك بهدف تعظيم استفادتها من الموارد الطبيعية المتاحة فى تلك الدول المجاورة لها دون الحاجة إلى الانزلاق إلى صراعات سياسية أو عسكرية.

ويؤكد ذلك الأمر أن اكتشافات الطاقة والابتكارات الجديدة قد قضت على الحاجة إلى الحروب للسيطرة على الموارد ويجرى الآن بذل الموارد المالية العالمية لبناء البنية التحتية الإنتاجية التى يمكن أن تقلل من هوّة عدم المساواة، وتقوم المناطق الساخنة والمضطربة مثل أفريقيا والشرق الأوسط بتحطيم الحواجز التى بناها الاستعمار من خلال إنشاء خطوط وممرات النقل وشبكات الكهرباء الطموحة الجديدة.
المدن العملاقة.

وحول أبرز السمات التى ستميز مستقبل العالم، قال الخبير العالمى باراغ خانا أن "المدن العملاقة" ستواصل هيمنتها على الاقتصاد العالمى، لافتاً إلى وجود نحو 35 مدينة عالمية "عملاقة"، وحوالى 50 منطقة اقتصادية كبرى مرتبطة بها، تمثل جميعها وحدات إنتاجية متكاملة وقادرة على التموضع بالشكل الصحيح فى قلب النظام الجديد، متوقعاً أن تبقى تلك المدن على هيمنتها على اقتصاد العالم خلال العقدين القادمين مع مواصلة نموها الديموغرافى بذات الوتيرة، باستثناء مدينة واحدة وهى طوكيو وذلك لتراجع أعداد السكان فيها.

ونوه خانا، أن المدن العملاقة يجب عليها أن تسعى بكل السبل إلى توفير مقومات الترابط الصحيحة مشيراً أن الترابط الأمثل ينبغى أن يكون مع شركاء تجارين متنوعين لتجنب التحديات الممكنة، حيث إن فشل بعض الدول خلال الفترة الماضية فى تحقيق هذه السياسة جعلها تفقد جزءاً كبيراً من صادراتها وضرب مثال بما حدث مع بعض دول الغرب الأفريقى التى تراجعت صادرتها النفطية للولايات المتحدة، على عكس ألمانيا التى استطاعت توسيع قاعدة شركائها التجاريين عالمياً بعد أن كانت صادراتها إلى دول الجوار فقط تمثل نحو 60% من إجمالى صادراتها إلى العالم.

وأشار الخبير الاستراتيجى إلى أهمية دور دبى فى المشهد الاقتصادى العالمى بوصفها المدينة الأحدث على قائمة المدن العالمية جنباً إلى جنب مع نيويورك ولندن وطوكيو وهونغ كونغ وسنغافورة، بينما وصفها خانا بأنها كانت دائماً فى قلب العالم ملتقىً للحضارات.

وحذر خانا أن المدن العالمية ستواجه مجموعة من التحديات جراء زيادة التواصل والترابط العالمى، ما يتيح مزيدا من الخيارات أمام الاستثمار الذى اعتاد سابقا أن يلزم مكانه لفترات طويلة، ولكن الأمر تبدل مع تعدد الخيارات والبدائل، حيث أصبح الاستثمار أكثر حرصا على تتبع المواقع التى تقدم له المزيد من التسهيلات والحوافز والمناطق التى تتوافر فيها عوامل الجذب مثل العمالة الرخيصة والبنية الأساسية المتطورة والأطر التنظيمية المرنة، ما جعل حركة الاستثمار أسرع عن ذى قبل، وبالتالى فإنه من الأهمية بمكان للمدن العالمية أن تعتمد سياسة التنويع الاقتصادى وتعدد الشركاء الاقتصاديين وزيادة حجم التسهيلات والحوافز الممنوحة للمستثمرين لضمان استمرار أعمالهم فيها.

قاطرات الاقتصاد العالمى

وأكد الدكتور باراغ خانا أن "المناطق الاقتصادية الخاصة" تعد من أهم قاطرات الاقتصاد العالمى حيث يوجد منها حالياً نحو 4000 منطقة موزعة على 135 دولة؛ ويبلغ إجمالى صادرات تلك المناطق 200 مليار دولار، مشيرا إلى امتلاك دولة الإمارات العربية المتحدة النصيب الأكبر من تلك المناطق فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما منح الدولة مصداقية عالية لدى المستثمرين، منوهاً بأهمية تنويع تلك المناطق وتطويرها وفقا لتنوع القطاعات التنموية، وربطها بسلاسل الإمداد والأسواق العالمية المختلفة.



موضوعات متعلقة...


- الدولار يسجل 8.88 جنيه.. والريال السعودى بـ237 قرشًا


- وزير الصناعة:علاقات مصر والسعودية تمثل رمانة الميزان لاستقرار الوطن العربى








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة