يتناول الكتاب فى أول فصوله "ألف ليلة وليلة والتراث الشعبى"، ما أثير حول الكتاب التراثى من جدل، حيث اعتبر فى وقت من الأوقات منافيا للآداب العامة، ففى عام 1985 تم رفع قضية على صاحب مكتبة بالقاهرة بتهمة "الاتجار والتوزيع وعرض مطبوعات منافية للآداب العامة"، وجاء فى حيثيات الدعوى أنه "بفحصها تبين أنها تحتوى قصصاً وألفاظاً وصوراً مرسومة مخلة بالآداب العامة، وخادشة للحياء، ومنافية لأخلاق المجتمع المصرى"، وانتهت القضية حينها بتغريم صاحب المكتبة غرامة رمزية مخففة.
ويصف الكاتب هذا النوع من القضايا بأن "هناك عقولاً مريضة تافهة تجتهد بين الحين والآخر لكى تطلق طيور الظلام حتى تسد علينا سماء النور والتنوير".
وينتقل الكاتب من هذه الإشكالية إلى الأهمية الكبيرة لهذا الكتاب، والتى جعلته يحظى بدراسات عديدة فى الشرق والغرب، حيث إنه يتميز بثرائه وتعدد موضوعاته، وكثرة قضاياه التى عاشت على مدى الزمان وكأنها تعبر عن كل عصر مرت عليه.
ويعدد الكاتب أهمية "ألف ليلة وليلة" قائلاً إن لها أثرا فنيا كبيرا ويعد وثيقة فنية نفسية، ووثيقة اجتماعية وثقافية وتاريخية، ولذلك استحق تسابق الباحثين والدارسين لاستخراج كنوزه وعجائبه.
وتعرّض الكتاب لرأى أحد الباحثين الغربيين يدعى "فريدريك فون" فى ألف ليلة وليلة، يقول "كلما توغل الإنسان فى قراءة ألف ليلة وليلة، كان أكثر تنسماً بعبير الروح العربى.. فالروح العربى فى جملته يأسرنا ويجعلنا نستسلم له ويرغمنا على ألا نقنع بغيره"، وذلك ما يوضح تأثر الغرب بالأدب العربى ويؤكد أن الأدب العربى هو أساس قيام الثقافة الأوروبية الحديثة وأدبها.
ويذكر الكاتب أن "ألف ليلة وليلة" من أكثر الآثار الأدبية تأثيراً فى الآداب الأجنبية، لكونها تعبر بصدق عن المجتمع الشرقى فى قوالب فنية وأدبية مختلفة تجمع بين الزمان والمكان والأسطورة والسحر والخوارق والشعر والغناء وغيرها من سمات المجتمع الشرقى.
ويحلل الكتاب بعض الأعمال الأدبية الغربية المستلهمة من حكايات ألف ليلة وليلة، حيث يذكر أحمد سويلم، أن الكاتب الإيطالى "جيوفانى بوكاشيو" كتب روايته "ديكاميرون" على غرار "ألف ليلة" من حيث أسلوب الوعظ ورواية كل بطل من أبطال الرواية العشرة لحكاية كل ليلة.
ومن جانبه يقول المستشرق "ه.ر.رجب" خلال الكتاب، أنه لولا ألف ليلة وليلة لما عرف الناس قصة روبنسن كروزو، وقصص دانيال ديفو، ويذكر الكتاب أن رحلات جلفر الأربعة للكاتب الأيرلندى جوناثان سويفت متأثرة برحلات السندباد البحرى وبينهما تشابه كبير، والكاتب "إتش ويلز" استمد طائر الرخ فى إحدى قصصه من ألف ليلة، وهارى بوتر تأثرت كاتبته بما جاء فى الليالى من خوارق وسحر فعلى سبيل المثال نجد استخدام هارى بوتر لسيارة مسحورة تطير وتعبر البحر مثل البساط السحرى فى الليالى، وفى هارى بوتر التنين والثعابين والوحوش ذات الرؤوس المتعددة مثلما جاء فى الليالى تماماً من الحصان ذو الرأسين والثعابين ذات الرؤوس، كما نجد ايضاً البلورة المسحورة فى كلا من الكتابين.
وهكذا نجد أن الأدباء الغربيين والأوروبيين قد سحرهم الشرق وأدبه وحكاياته وجوه الخاص والقائم بذاته، ليستلهموا منه حكاياتهم وقصصهم الأدبية ويصنعون مجداً أدبياً حديثاً كان فى أساسه مجد أدبى لبلاد الشرق.
موضوعات متعلقة..
- صدور كتاب "الإعلام الإلكترونى وأزمة القيم" لـ"خاطر الشافعى" عن قصور الثقافة