إهمال الأطباء ونقص الأدوية
آيات محمد نادر الطفلة التى توفت فى عمر 10 سنوات بعد إصابتها بمرض سرطان العظام، مرت برحلة معاناة مع آلام المرض لمدة عام كامل، زدات حدتها بسبب نقص الدواء وأكياس الدم وإهمال الأطباء.وكما تقول والدتها "بدأ المرض مع آيات فى سن التاسعة من العمر بعد شعورها بآلام حادة فى قدمها، وبعد إجراء الفحوصات الأولية على طفلتها طلب منها الطبيب المتابع لحالتها بسرعة التوجه بها إلى مركز أورام المنصورة نظرا لإصابتها بسرطان العظام، وهو ما يتطلب حجزها داخل المعهد الذى يفتقد الإمكانات اللازمة للتعامل مع مرضى السرطان.
وأضافت "المعهد كان نموذجا للإهمال وعدم مراعاة المرضى ونقص الرعاية نتيجة غياب الأطباء أصحاب الخبرة، وترك المرضى للأطباء الشباب من طلبة الامتياز، الذين لا يملكون أى خبرة فى التعامل مع مرض بهذه الخطورة، بخلاف غياب الأدوية وأكياس الدم التى كنا نضطر إلى شرائهم أو انتظار المتبرعين ليأتوا بها".
وقالت الأم "للتغلب على هذه العقبة اضطريت إلى الكشف فى عيادة خاصة لطبيبة تعمل داخل المعهد حتى تهتم أكثر بحالة ابنتى، حيث تقوم هذه الطبيبة التى تدعى "ر.ع" بكتابة أسماء المرضى الذين حضروا إلى عيادتها الخاصة فى قائمة لرعايتهم أثناء حضورها بالمستشفى ومتابعة حالتهم بنفسها، وتقرير جرعة الكيماوى التى تحتاج إلى خبرة خاصة نظرا لتفاوتها من طفل لآخر بحسب وزنه، وبالفعل استمر ذلك الأمر فترة، إلى أن قررت الطبيبة السابقة وقف العلاج عن "آيات" بعد تحسن حالتها، إلا أنها بعد شهر واحد بدأت الآلام الحادة تهاجم ابنتى فى كامل جسدها مع نقص شديد فى وزنها الذى وصل من 55 إلى 15 كيلو فقط وبعد إجراء الأشعة فى القاهرة وتحديدا فى مستشفى 7575 تبين عودة مرضى السرطان فى أغلب أجزاء جسدها فى القدمين والساقيين والصدر، وبمراجعة الطبيبة قالت "مكنش لازم نوقف العلاج بس ده نصيبها هاعملها إيه؟"، وأضافت الأم أن الطبيبة أعطت تعليمات صارمة إلى العاملين فى المستشفى بعد عرض حالة آيات عليها خلال كشفها على مرضى المعهد، وذلك بعد تدهور حالة ابنتى، الأمر الذى استدعى تدخل أحد الأطباء الكبار بالمعهد، والذى أكد ضرورة تغيير أسلوب العلاج وطلب إحضار أحد الحقن لأنها غير موجودة فى المعهد، وبعد أسبوع من البحث عنها فوجئنا بأحد الأطباء يؤكد أنها متوافرة فى المعهد.
وبحسب والدة آيات فإن الطفله لم تحصل سوى على أمبول واحد ولم تكمل باقى الجرعات لوفاتها فى اليوم التالى مباشرة، والذى أرجعته إلى إهمال الأطباء فى المقام الأول، مؤكدة سوء معاملة الأطباء لأهالى المرضى، خاصة إذا اضطر أحدهم إلى إيقاظ الطبيب من النوم لإسعاف ذويهم.
الروتين القاتل
الشكوى من الروتين الحكومى والإجراءات الطويلة أمر متكرر عند الغالبية التى تضطرهم ظروفهم إلى التعامل مع الموظفين داخل الهيئات الحكومية، لكن أن تكون حياة إنسان متوقفة على إتمام إجراءات علاجه فتلك هى الكارثة، وهو ما حدث مع الطفلة سما محمد حسين التى عانت من قرار العلاج على نفقة التأمين الصحى داخل معهد أورام المنصورة إلى أن توفيت فى عمر 6 سنوات. كانت سما قد أصيبت بالمرض فى عمر 5 سنوات بعد إصابتها بارتفاع مفاجئ فى درجة الحرارة وآلام حادة فى كامل عظامها تطلب نقلها من محافظتها بورسعيد للعرض على أحد الأطباء فى محافظة المنصورة الذى قام بتحويلها إلى معهد أورام المنصورة للعلاج على نفقة التأمين الصحى، إلا أنه طوال فترة مرض سما تحملت والدتها نفقات العلاج بعيدا عن التأمين الصحى، نظرا لعدم وجود الدواء فى صيدلية المعهد، ما كان يضطرها إلى شرائه على نفقتها الخاصة.
بعد مرور قرابة العام على إصابتها بالسرطان وإتمامها لعامها السادس رحلت سما وبقيت روحها تلعن الروتين والإجراءات الحكومية، التى لا تتراجع أمام دموع أم أو آلام طفل ينهش جسده السرطان.
إذا كان الموت قد أنهى معاناة "آيات" و"سما" مع الإهمال ونقص الأدوية وأكياس الدم داخل معهد أورام المنصورة فإن هناك عددا آخر مازال يعيش تلك المعاناة ومنهم محمد موافى 16 عاما، الذى أصيب بمرض سرطان فى عمر الرابعة عشر، تقول والدته إنها تخشى من فقدان ابنها فى حالة عدم قدرتها على مواصلة تكاليف العلاج، خاصة فى ظل انعدام الإمكانات داخل معهد أورام المنصورة، حيث تضطر إلى شراء أغلب الأدوية على نفقتها الخاصة التى تتكلف من 500 إلى 700 جنيه أسبوعيا، على الرغم من ظروفهم المادية الصعبة فوالد محمد عامل فى إحدى المطابع الخاصة، تقول الأم "إحنا بنشترى كل حاجة على حسابنا من أدوية ومحاليل حتى أكياس الدم وخايفين ييجى اليوم اللى ندور فيه على تمن العلاج منلقهوش هانعمل إيه ساعتها؟".
تشخيص خاطئ
احتل اسمه المرتبة الاولى ضمن قائمة الأطفال الذين يتم علاجهم داخل معهد أورام المنصورة، وبحاجة إلى التبرع الفورى بأكياس الدم، أحمد السيد رشدى 12 عاما طالب فى الصف الأول الإعدادى بمدرسة دكرنس بمحافظة الدقهلية توفى منذ أيام قليله نتيجة نقص الأدواء والرعاية بحسب والدته التى قالت وهى تحاول السيطرة على دموعها بعد الشكوى المستمرة من أحمد بوجود آلام حادة فى كامل جسده وهو ما فسره الأطباء بأنها حالة نفسية حتى نجح أحد الأطباء فى تفسير الآلام التى يشعر بها بأنها نتيجة إصابته بسرطان، وبمساعدة أحد الأطباء استطاع أحمد الحصول على سرير داخل المعهد، منذ البداية ظهرت معاناة وجود أطباء متخصصين، فأغلب الأطباء كانوا من الشباب حديثى التخرج الذين تتضارب تشخيصاتهم أو يعجزون عن تقدير الجرعة المناسبة من الكيماوى بالنسبة للمريض إلى جانب تغيبهم فى أوقات طويلة،، ما كان يدفعنى إلى إعطائه العلاج بعد شرائه على نفقتى الخاصة نظرا لاختفائه من المعهد، قائلة فى الوقت الذى تعتمد فيه أغلب أسر المرضى على المتطوعين بالدم كان هناك عددا من العاملين بداخله يرفضون دخولهم لأسباب مختلفة منها ازدحام المعهد بالمتبرعين.منع المتطوعين
كلام والدة أحمد، أكدته إحدى المتبرعات بالدم وهى آلاء غسان طالبة حقوق إنجليزى بجامعة المنصورة، التى تعرضت إلى ضغوط من قبل أمن المعهد من أجل صرفها من على أبواب المعهد بزعم ازدحام المعهد بالمتطوعين، لكنها استطاعت بعد الضغط هى وزملاؤها دخول المعهد، لكنها فوجئت بوجود ثلاثة متبرعين فقط، والذين تم رفض أخذ الدم منهم بزعم انخفاض نسبة الهيموجلوبين لديهم، وهو نفس الأمر الذى تكرر معها هى وزملائها. وتضيف آلاء عند سؤال إحدى العاملات المسئولات عن أخذ عينة الدم لتحليلها قبل البدء فى سحب الدماء من المتبرعين عن كيفية ظهور نتائج متشابهة لنسبة الهيموجلوبين لـ8 أفراد مختلفين راغبين فى التبرع قالت "الجهاز ممكن يكون بايظ، وقمنا بإخبار الطبيبة المسئولة التى أمرت باستكمال العمل عليه"، ولم تكتف آلاء برواية الممرضة وقامت بإجراء تحليل دم فى أحد المعامل الخاصة، واكتشفت عدم إصابتها بفقر الدم وأن نسبة الهيموجلوبين مرتفعة!".
فيما نفى الدكتور أحمد أبو ستيت عميد معهد أورام المنصورة المرضى، وجود إهمال من جانب الأطباء مطالبا أى من أهالى المرضى الذين يتعرضون لذلك بالتوجه إليه فى حالة وجود أى شكوى من أحد الأطباء، واعدا بتحويله إلى التحقيق الفورى، وبالنسبة لأزمة نقص الدواء أوضح أبو ستيت لـ"اليوم السابع" أن المعهد طالب أكثر من مرة بتوفير هذه الأدوية للمرضى، لكن هناك أسباب تمنع دون تحقيق ذلك، ومنها امتناع الشركات عن استيراد أدوية الأورام بعد ارتفاع سعر الدولار، قائلا "هانعمل إيه بنطلب ومحدش بيجيب"، وتابع ورغم ذلك فإن المعهد يجتهد فى توفير بعضها فى حدود المتاح من خلال الشركة المصرية لصناعة الدواء.
وأوضح الدكتور محمد العبد عضو مجلس نقابة الصيادلة أن أدوية الأورام تواجه تحديات كبرى، خاصة فى ظل انعدام التصنيع المحلى لها، والاعتماد على الاستيراد من الخارج، وهو ما يسمح لبعض الشركات باحتكار أدوية بعينها.
فيما كشف الدكتور أيمن أبو العلا عضو لجنة الصحة فى مجلس النواب أن لجنة الصحة بصدد عقد جلسة بحضور وزير الصحة أو من يمثله لمناقشة أزمة نقص أدوية الأورام، على الرغم من تفهمنا لأسباب لمدى تأثير ارتفاع سعر الدولار على الدواء وتأثيره بالسلب على الشركات المستوردة لهذه الأدوية التى تأتى أغلبها من الخارج، مؤكدا ضرورة إيجاد حل لمعاناة هؤلاء المرضى.
موضوعات متعلقة..
أطفال معهد طنطا للأورام يصارعون الموت بسبب نقص الدواء.. رحلة العلاج تتراوح من 10 إلى 19 جرعة والسعر يصل لـ2500 جنيه أسبوعياً.. الأهالى: "ولادنا بيموتوا قدام عنينا".. و"الصحة": ليس لنا علاقة بالأزمة
10 آلاف مريض بالهيموفيليا مهددون بالموت.. "سمير"يحتاج 13 حقنة شهريًا.. و"محمد": لا أستطيع الحصول على علاج التأمين.. وكيل شركة أدوية: الاستيراد تأثر بارتفاع الدولار.. وعلى حجازى: المرضى يختلقون الأزمات