لكننا للأمانة وفى محاولة لرصد موضوعى للموقف لابد أن نؤكد على ثوابت معينة :
أولا: أن تنفيذ القانون فى أى دولة فى العالم يسبقه دراسة أمنية لأبعاد التنفيذ، والمشرع أعطى (فى بعض الأحيان) إعفاء من العقاب لمتهم لصالح مجتمع بأكمله، وذلك لحكمة مفادها أن سلام المجتمع وأمنه أولوية أولى.
ثانيا : أن الاختلاف على تطبيق القانون أمر موجود فى العالم كله فتعلمنا أن القاعدة القانونية مثل المربع كل منا يراها من زاويته .
ثالثا : أنه لا حصانة لأحد ولا استثناء، لكن لمؤسسات الدولة، وهنا أعنى الدولة المصرية بمفهومها الأوسع، لها من الهيبة ما يحرص الجميع على استمرارها، والنقابات المهنية تمثل بعدا معنويا وتاريخيا لأصحاب مهن الرأى لاسيما المحامين والصحفيين.
رابعا: ضباط الشرطة والصحفيين سالت دماؤهم معا فداء لهذا الوطن وخلافهم الآن هو شق صف لثورة ارتوت بدمائهم معا.
عن الواقعة:
الحقيقة وكرجل قانون أؤكد أنه لابد من تنفيذ القانون على الجميع ودون استثناء لكن السؤال كيف؟؟ هنا يأتى دور الذكاء والحكمة والمهارة.
سأتخيل نفسى وزيرا للداخلية فى هذه القضية كنت سأقوم بالآتى:
1- بعد صدور أمر من النيابة العامه مكتوب، سأتوجه بخطاب مكتوب إلى السيد نقيب الصحفيين مفاده بأنه نمى إلى علم الوزارة أن هناك أشخاصا مطلوبين منهم من هو صحفى ومنهم من هو غير ذلك يحتمون بمقر النقابة للحيلولة دون تنفيذ القانون، والوزارة إذ تهيب بسيادتكم سرعة تسليم المطلوبين خلال 24 ساعة.
2 - أتوجه إلى النيابة العامة بخطاب، أنه أثناء تنفيذ الأمر الصادر من سيادتكم بضبط وإحضار كل من فلان وفلان ثبت من التحريات اعتصامهما بمبنى نقابة الصحفيين اعتقادا منهما أن ذلك يحول دون تنفيذ القانون، وإذ نستأذن النيابة العامة فى التنسيق مع السيد نقيب الصحفيين لتنفيذ الأمر خلال الـ24 ساعة القادمة.
3- إن لم يتعاون النقيب يتم استئذان النيابة العامة فى دخول نقابة الصحفيين بالقوة وتنفيذ القانون وضبط وإحضار المطلوبين.
4- يتم استشارة كافة الجهات بشكل سريع لدراسة أبعاد الموقف وشرحه للمجتمع بكل ما يحمله من تداعيات.
5- سأترك للمجتمع بعد كل هذه الخطوات تقدير من المخطئ.
هنا تم تطبيق القانون لكن بشكل يضع الداخلية فى موضعها الصحيح وهو المنفذ لما تراه النيابة العامة وتقرره، لو لم تكن النيابة هى صاحبة القرار لكان الأمر مختلفا.
لا أحد يختلف على شىء سوى طريقة تنفيذ الأمر الصادر عن النيابة، محدش بقى يقولى شوف الصحفيين دول بيكتبوا إيه ولا واحد صحفى والتانى لا، الكلام ده كله أصبح فى قضية تنظر أمام جهات التحقيق وهى وحدها صاحبة القرار.
لكن يبقى الخلاف على أن هناك عدم ذكاء (ألطف تعبير) فى تنفيذ القرار الصادر عن النيابة، وهذا الأمر أدى إلى تداعيات لا يمكن محوها وسيحاول البعض استغلالها.
مجرد دخول نقابة الصحفيين من قبل الشرطة دون وجود أعضاء مجلس النقابة وحتى لو لتنفيذ أمر قضائى هى جريمة، لأن حصانة مبنى النقابة فى القانون لم تعط لمجرد التفتيش وإنما ذكرت كلمت التفتيش فى النص القانونى كى تكون جامعة، وفى هذه الواقعة الدخول عنوة وللتفتيش عن المطلوبين وهو ما خالف صحيح القانون، إلى جانب ذلك هو خطأ سياسى كبير تتحمله الدولة كاملة لم نكن نتمناه فى هذا التوقيت.
بالمناسبة اللواءات اللى بتطلع فى التليفزيون تدافع على طول الخط بقت موضة قديمة.
وبالمناسبة أيضا الناس فى الشارع عمرها ما هتنسى لضباط الداخلية التضحيات اللى بيقوموا بيها وده مش كلام عشان المقال ده، دى حقيقة كلنا عارفينها.
فى النهاية..
المؤمن كيس فطن.. لو حطيت نقطة على فطن لأصبحت: "المؤمن كيس قطن"
شوفت بقى النقطة بتعمل إيه فى المعنى؟؟
جميعنا خاسرون ونحتاج لوقفة سريعة خلال ساعات لتدارك تزايد الخسارة.