ولم تقف تحريات الأمن الوطنى عند كشف هوية منفذى العملية، وكل من ساعد فى مد عناصر المجموعة المنفذة سواء بالمعلومات، أو الأموال، أو السلاح والمتفجرات، بل نجح القطاع فى الوصول إلى أسرار اجتماعات قيادات الإخوان للاتفاق على تصعيد الأعمال العدائية فى مصر، وأسباب التفكير فى اغتيال النائب العام، والمراحل التى مرت بها العملية بداية من الرصد مرورًا بتقييم المعلومات الخاصة برصد موكب المستشار هشام بركات والإعداد لاستهدافه نهاية بتنفيذ العملية.
خطة التصعيد
ويقول الرائد "أ.م.ع.ع" 39 سنة، ضابط بقطاع الأمن الوطنى، إنه تلقى معلومات أكدتها تحرياته، تفيد باتفاق قيادات جماعة الإخوان الهاربة خارج البلاد، وقيادات بجناحها العسكرى – حركة حماس – على وضع مخطط عام لتصعيد الأعمال العدائية داخل البلاد، من خلال تطوير عمل اللجان النوعية، وتأسيس مجموعات أخرى أكثر تطورًا تتولى تنفيذ عمليات عدائية ضد مؤسسات القضاء والجيش والشرطة، والمنشآت الأمنية والحيوية.
وتبين أن بنود المخطط تضم استهداف مقار البعثات الدبلوماسية والقنصلية بالبلاد، والشخصيات العامة المعارضة لأفكار الجماعة وتوجهاتها، بغرض تعطيل سلطات الدولة ومنع العاملين بها من ممارسة أعمالهم، وترويع المواطنين، وصولاً لإشاعة الفوضى وإسقاط الدولة المصرية والتأثير على مقوماتها الاقتصادية والاجتماعية، والاستيلاء على الحكم.
وتابع: "عقدت قيادات التنظيم لقاءات سرية بدولة تركيا، وضعوا خلالها بنود التحرك للتصعيد، وعرف من القائمين على وضع المخطط كل من المتهمين أحمد محمد عبد الرحمن عبد الهادى، والقيادى الإخوانى جمال حشمت، ورئيس حزب الفضيلة السلفى محمود محمد فتحى بدر، وقيادي بحركة حماس مكنى بـ"أبو عبد الله"، وضابط بمخابرات كتائب الشهيد عز الدين القسام مكنى بـ"أبو عمر".
وفى إطار تنفيذ هذا المخطط أصدروا تكليفات للمتهمين الرابع كارم السيد أحمد إبراهيم، والخامس القيادى الإخوانى يحيى موسى، والمتهم السادس قدرى محمد فهمى محمود الشيخ، بتطوير عمل المجموعات المسلحة بجماعة الإخوان عن طريق تأسيس أخرى متقدمة تعمل من خلال محورين رئيسيين، أولهما بتنفيذ أعمال عدائية محدودة ضد أفراد وضباط الجيش والشرطة، ومنشآتهما والمنشآت الحيوية، بغرض إرباك القوات واستنزافها، والمحور الثانى "إستراتيجى"، يقوم على استهداف القائمين على مؤسسات الدولة والشخصيات العامة، عن طريق رصدهم وتنفيذ عمليات اغتيال ضدهم.
كما تلقت تلك القيادات تكليفًا بتقديم كل أوجه الدعم للقائمين على تنفيذ المخطط داخل الأراضى المصرية، من بينهم نجل القيادى الإخوان محمد طه وهدان، المدعو "أحمد"، و3 آخرين تولوا مهمة تأسيس مجموعات العمليات المتقدمة والتواصل مع قيادات التنظيم الهاربة خارج البلاد.
المجموعات المتقدمة
وأضافت التحريات أنه نفاذًا لذلك المخطط، اضطلع المتهمون بتأسيس عدد من المجموعات المسلحة المتقدمة من عناصر الجماعة المدربين، وممن لهم الخبرة فى مجال عمل اللجان النوعية، وشكلوها على هيئة خلايا عنقودية تعمل كل منها بمنأى عن الأخرى، وتنقسم كل مجموعة إلى 5 لجان مختصة بتنفيذ مهام محددة، الأولى تحت مسمى "الدعم اللوجستى" ويتولى أعضاؤها مهمة توفير الأسلحة والمفرقعات والأموال والمركبات والأدوات اللازمة.
المجموعة الثانية "الإعداد" يتولى قائدها مهمة عقد دورات لإعداد عناصرها فكريًا، بادعاء شرعية قتال القائمين على الدولة، ومؤسساتها، وترسيخ قناعتهم باستباحة دماء رجال الجيش والشرطة والقضاء.
وتتولى المجموعة الثالثة "الرصد" مراقبة الشخصيات المهمة، ورصد تحركاتهم، وتحديد طرق سيرهم، علاوة على رصد منشآت القوات المسلحة، والشرطة، والبعثات الدبلوماسية ومقراتها، تمهيدًا لاستهدافها بعمليات عدائية.
أما المجموعة الرابعة "التقييم" تتولى مهمة تقييم المعلومات التى تتلقاها من عناصر مجموعة الرصد، بشأن الأهداف المزمع استهدافها، ويقوم قائدها برفع توصياتها إلى قيادات التنظيم الإخوانى الهاربين خارج البلاد لتقييمها بمشاركة عناصر مخابرات حركة حماس.
وتضم المجموعة الخامسة أعضاء المجموعات التى تلقت دورات بدنية وعسكرية من ذوى الخبرة فى استخدام الأسلحة، وتصنيع العبوات الناسفة، وحرب المدن، حيث تتولى مهمتين الأولى تصنيع المواد المفرقعة وتجهيزها، والثانية تنفيذ عمليات استهداف الشخصيات والمنشآت الحيوية.
مرحلة الإعداد
وكشفت التحريات عن أنه فى إطار إعداد عناصر تلك المجموعة أصدرت قيادات جماعة الإخوان بالخارج تكليفات لمسئوليها بالداخل، لتنظيم دورات تدريبية لعناصرها، وأعدوا لهم برنامجًا ارتكن لمحاور ثلاثة، الأول فكرى يقوم على دراسة فقه الجهاد، وتأويل الأحكام للادعاء بوجود أصل شرعى لتنفيذ العمليات العدائية، والثانى تلقين العناصر أساليب كشف المراقبة والتخفى باستخدام الأسماء الحركية، ودراسة أمن المعلومات وأمن التواصل، وكيفية استخدام المحادثات المشفرة عبر برنامج "لاين".
وتمثل المحور الثالث لدورة الإعداد فى دراسة أساليب رفع المنشآت ورصدها، وكيفية استخدام الأسلحة وتصنيع المتفجرات، وتبين من التحريات أن التنظيم عقد تلك الدورات بمقر بمساكن عبد القادر بمنطقة العامرية بمحافظة الإسكندرية، ومقرات أخرى بنطاق محافظة الشرقية.
معسكرات كتائب القسام
وأصدرت قيادات التنظيم بالخارج تكليفات لمسئولى المجموعات، بانتقاء أعضاء منها لتلقى دورات تدريبية عسكرية احترافية بمعسكرات كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس، وأخرى بدولة السودان، ومن ثم سافر أعضاء بالمجموعة بلغ عددهم 3 متهمين إلى محافظة شمال سيناء، والتقوا بثلاثة عناصر أخرى تولوا مسئولية تسهيل تسللهم إلى قطاع غزة عبر الأنفاق الحدودية بين مصر وفلسطين.
فور وصول العناصر إلى قطاع غزة، تولى قياديو حركة حماس، المكنى بـ"أبو عمر"، والمكنى بـ"أبو عبد الله"، والمكنى بـ"أبو إبراهيم"، إجراءات إلحاقهم بمعسكرات كتائب القسام، وتلقوا فيها التدريبات البدنية والعسكرية، ودورات القنص، بينما سافرت عناصر أخرى إلى دولة السودان وتلقوا دورات عسكرية على إعداد العبوات الناسفة بمدينة الخرطوم.
لقاءات المجموعة
عقب عودة العناصر من قطاع غزة، تم تكليف أعضاء المجموعات بعقد لقاءات تنظيمية فى المقرات المحددة لذلك من بينها وحدات سكنية بـ5 محافظات (القاهرة – الإسكندرية – الشرقية – شمال سيناء – الفيوم)، واتخذوا مزرعة بمركز ههيا بمحافظة الشرقية معسكرًا للتدريب على الأسلحة النارية.
خطة الاغتيال
وفى إطار تنفيذ مخطط الجماعة الهادف لإسقاط الدولة والتصعيد، صدرت تعليمات قيادات التنظيم باستهداف موكب النائب العام المستشار هشام بركات، وكلفوا عضوى حركة حماس "أبو عمر" و"أبو عبد الله" بوضع مخطط لقتله والإشراف على تنفيذه، ومن ثم عقد القياديان لقاءً تنظيميًا من قطاع غزة عبر شبكة المعلومات الدولية، مع أعضاء بالمجموعة أثناء تواجدهم بأحد المقرات بمدينة الشيخ زايد، نقلوا لهم التعليمات باغتيال النائب العام عن طريق سيارة مفخخة.
تنفيذ العملية
وتلقت المجموعة المكلفة بالتنفيذ تعليمات بتحديد يوم 28 يونيو 2015 موعدًا لتنفيذ عملية اغتيال النائب العام، وفى هذه اللحظة بدأت العناصر فى نقل العبوة الناسفة إلى السيارة لتفخيخها، ثم قادها أحد المتهمين إلى نادى السكة الحديد بمدينة نصر وسلمها إلى عضو بمجموعة الرصد، والتقوا بعنصر آخر نقلهما بسيارة أخرى إلى محيط الموقع المستهدف "تفجير موكب المستشار هشام بركات" أثناء مروره به، وقام المتهم بتفعيل العبوة الناسفة استعدادًا للتنفيذ وتفجيرها عن بعد فور مرور الموكب، إلا أنهم تلقوا معلومات بتأجيل العملية لتغير خط سير "بركات"، وفى اليوم التالى الموافق 29 يونيو نجحوا فى تنفيذ العملية.
موضوعات متعلقة..
- بالمستندات..نص التحقيقات فى اغتيال النائب العام السابق.. تغيير خط سير الموكب أجل العملية 24 ساعة.. والإخوان خططوا لقتل وزير الدفاع بعبوة سلكية تفاديا لسيارة التشويش..ورصدوا تحركات مسئول التسليح بالجيش
- بالمستندات.. "الأمن الوطنى" يكشف أسرار "اجتماع تركيا" لاغتيال النائب العام السابق.. وننشر وثائق مخطط الإخوان لتفجير مطار القاهرة الدولى.. وقائمة مطبوعات بـ"26 كتابا" تشكل فكر الجناح العسكرى للجماعة