وشهدت الأسواق ارتفاعات غير مسبوقة فى أسعار السلع والخدمات فى الآونة الأخيرة وخاصة قبيل شهر رمضان الكريم، إثر تخفيض الجنيه أمام الدولار والقفزات غير المسبوقة فى سعر صرف العملة الأمريكية فى السوق السوداء، والتى اقتربت من 12 جنيهًا، مما تسبب فى ارتفاع أسعار معظم السلع المستوردة وخامات ومدخلات الإنتاج الخاصة بالمنتج المحلى.
وسمح البنك المركزى للجنيه بالهبوط أمام الدولار بنسبة 14% دفعة واحدة من 773 قرشًا إلى 885 قرشًا للدولار، فى مارس الماضى، ثم رفعه مرة أخرى إلى 878 فى عطاء استثنائى وهو السعر الذى تم الإبقاء عليه حتى الآن، على أن تبيع البنوك الدولار لعملائها بزيادة 10 قروش عن هذا السعر.
ويبدو أن جهود الدولة فى احتواء آثار تخفيض الجنيه وامتصاص الضغوط التضخمية والقفزات السعرية فى أسعار المواد الغذائية، والأدوية والتبغ والسجائر وخلافه لم تكلل بالنجاح المنشود، وفقًا للتقرير الذى كشف عن ارتفاع الرقـــم القيـــاسى العـــام لإجمـــالى الجمهوريـــة لأسعـــار المستهلكـــين لشهـــر مايو 2016 بلغ 188.4، مسجـــلاً ارتفـــاعًا قـــدره (3.2%) عـــن شهــــر أبريل 2016 وهــو أعلــى معــدل شهـرى محـقق منـذ يوليو 2014، كما أعلن الجهاز عن ارتفاع معدل التضخم السنوى فى مايو 2016 إلى (12.9%) مقارنة بشهر مايو 2015.
وأرجع التقرير تلك القفزة التضخمية إلى ارتفاع أسعار مجموعــــة الحبــــوب والخبــــز "الأرز" بنسبـــة (8.4%)، ومجموعــــة اللحوم والدواجــــــن بنسبــة (3.8%)، مجموعــــة الخضــــراوات بنسبــة (3.8%)، مجموعــــة الفاكهــــة بنسبــــة (5.2%)، مجموعة الوجبات الجاهزة بنسبــــة (4.0%)، قسم الرعايـــة الصحيـــة بنسبة (15.1%).
وكانت الحكومة ممثلة فى وزارة التموين، قد وضعت خطة محكمة تستهدف زيادة الدعم المخصص للمواطنين على بطاقات التموين بنسبة 15% اعتبارًا من أول يونيو للسيطرة على التضخم بعد قفزة الدولار الأخيرة، فضلاً عن وجود توفير السلع الغذائية بمنافذ المجمعات الاستهلاكية والشركة القابضة للصناعات الغذائية التابعة لوزارة التموين بأسعار مخفضة.
كما ساهمت القوات المسلحة فى حماية محدودى الدخل والفقراء من انفلات أسعار المواد الغذائية، بالدفع بسيارات متنقلة لبيع اللحوم والخضراوات والفاكهة والمواد الغذائية، فضلاً عن منافذها فى مختلف المحافظات، وذلك بهامش ربح أقل بنسبة 20% من الأسواق، بفضل امتلاكها للمزارع والسيارات وعدم وجود وسطاء.
أسباب ارتفاع التضخم فى مايو
وأرجعت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" البريطانية المتخصصة فى الأبحاث الاقتصادية، تفاقم زيادة الأسعار بهذه الصورة، بالأساس إلى تخفيض الجنيه، ما أدى تلك القفزة فى معدل التضخم فى مايو إلى 12.3%، بالإضافة إلى قرار الحكومة الشهر الماضى بزيادة أسعار الأدوية.
ولاحتواء الضغوط التضخمية المترتبة على تخفيض الجنيه، لجأ البنك المركزى إلى عدة سياسات، أبرزها ما يعرف بـ"تعقيم السيولة" أى جعلها عقيمة، ومن هذه الأدوات طرح شهادات الادخار بالعملة المحلية بمعدل فائدة 12.5%، والتى بلغت حصيلة بيعها لدى البنوك العامة حوالى 125 مليار دولار، أى ما يعادل 4% من إجمالى السيولة.
كما رفع المركزى أسعار الفائدة منتصف مارس الماضى بمقدار 150 نقطة أساس أى بنسبة 1.5%، من 9.25%، إلى 10.75%، ومن 10.25% إلى 11.75%، على التوالى، فضلاً عن طرح شهادات إدخارية بمعدل فائدة 15 مقابل التنازل عن الدولار، ضمن حزمة من القرارات التى استهدفت السيطرة على ارتفاع الأسعار.
ترقب اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل
وفى الوقت الذى يرى فيه خبراء اقتصاد أن المركزى يسير فى الاتجاه الصحيح ولا يستطيع أن يقدم أكثر مما قدم خلال الفترة الماضية لامتصاص السيولة النقدية، فإن بعض المؤسسات الدولية ومراكز الدراسات الاقتصادية تكهنت باحتمال إقدام المركزى على رفع الفائدة فى اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل 16 يونيو الجارى.
وقالت "كابيتال إيكونوميكس" فى تقرير بالإنجليزية، إن كل الأنظار تتحول الآن إلى اجتماع لجنة السياسة النقدية.
وأضافت فى التقرير الذى حصل "اليوم السابع" على نسخة منه، "باعتراف الجميع لقد حاول البنك المركزى استباق ارتفاع التضخم عندما رفع الفائدة بمقدار 150 نقطة مئوية بعد وقت قصير من تخفيض قيمة العملة المحلية فى مارس. ومع ذلك، فقد أوصينا منذ فترة طويلة بأن تشديد السياسة النقدية ستكون مطلوبة على الأرجح".
ونوهت إلى أن أرقام التضخم المعلنة اليوم، مصحوبة بتصاعد الضغوط على الجنيه تعنى أن رفع الفائدة فى الاجتماع المقبل مرجح أكثر من عدمه.
تآكل الاحتياطى الأجنبى أخطر تداعيات التضخم
ويعد تدهور قيمة العملة المحلية وارتفاع تكلفة الإنتاج من أبرز تداعيات التضخم السلبية، مما يؤدى إلى تراجع تنافسية الصادرات المصرية وقدرتها على المنافسة فى الأسواق العالمية نتيجة ارتفاع أسعارها، وفى الوقت ذاته يميل المواطن إلى المنتج المستورد لانخفاض تكلفته مقارنة بنظيره المحلى، وتكون النتيجة النهائية تراجع الصادرات ونمو الواردات، وبالتالى زيادة العجز فى الميزان التجارى وتراجع موارد البلاد من العملة الصعبة وتآكل الاحتياطى الأجنبى، وهو ما يضعف قدرة البنك المركزى على دعم العملة المحلية أمام الدولار.
ويفسر ذلك اضطرار البنك المركزى إلى تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار، فى محاولة لتعزيز تنافسية الصادرات والحد من الواردات لتخفيف الطلب على الدولار.
موضوعات متعلقة:
الأسعار "نار".. تقرير رسمى يعلن عن أعلى ارتفاع معدلات التضخم منذ يوليو 2014 بنسبة 3.2%.. وارتفاع المعدل السنوى لـ12.9%.. وزيادة أسعار اللحوم والدواجن 3.8% والأرز 8.4% والسجائر المستوردة 18%
عدد الردود 0
بواسطة:
Ayman
الشعب أصبح فار تجارب
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى أصلى
تمام تعليق رقم 1
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حما د
سعر الفائدة