الذئاب المنفردة هم مجموعة من المتطرفين فى دول لا تقع تحت سيطرة التنظيم الارهابى، ويستطيع هؤلاء باستخدام أدوات بدائية تصنيع قنابل شديدة الانفجار.
وحسب تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية، فإن حادث أورلاند الذى خلف نحو 105 ضحية بين قتيل و جريح قبل يومان، كشفت عن مدى خطورة "الذئاب المنفردة".
حادثة أورلاندو ليست الوحيدة التى اعتمدت على مجموعة من المتطرفين الذين ينتمون للفكر الداعشى و يعيشون فى بلدان لا يستطيع التنظيم فرض سيطرته عليها، حيث سبقها العديد من العمليات الارهابية المشابهة حادثة شارلى إبدو فى فرنسا ، وهجوم كاليفورنيا ، والهجوم على مركز جارلاند فى ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الأحداث الإرهابية ، والتى أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن تنفيذها معتمدا على هؤلاء "الذئاب المنفردين"، و هو ما فسره وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر أثناء الهجوم فى حادثتي كاليفورنيا وتكساس، بأنه هجوم مستلهم من تنظيم "داعش" وليس موجهاً من التنظيم، وذلك بناء على نتائج التحقيقات وهو ما يتوافق مع الفكرة التى يعمل من خلالها التنظيم باعتماده على مجموعة من المتطرفين الذين تعمل معتقداتهم على خدمة أهدافه الارهابية.
الذئاب المنفردة بحسب ما يقوله الخبير الأمنى اللواء أشرف أمين، هم أفراد يعتنقون الأفكار المتطرفة ويرتبطون أيديولوجيا بتنظيمات متشددة دون أن يرتبطوا تنظيميا بهذه الجماعات المتطرفة ويقومون بالتخطيط لعمليات إرهابية بصوره مستقلة وبتخطيط وتمويل ذاتي خدمةً لأهداف التنظيم وفلسفته، وفى الغالب لا يتجاوز عدد هؤلاء فى العملية الواحدة ثلاثة أفراد على أقصى تقدير، قائلا لا ارتباط عضوى ولا توجد وسائل اتصال بينهم لكن يتوحدون خلف الفكرة .
ويشير أمين إلى أنه لا يمكن لأحد أن يتوقع سقف العمليات التى يمكن أن ينفذها ويقوم بها عناصر الذئاب المنفردة فيمكن أن تكون زرع قنابل فى أماكن مختلفة، أو شن هجوم فردي بالسلاح قائلا:"ملهموش أخر"، موضحا أنها وسيلة داعش لاثبات وجودها فى كل مكان
مصر حذرت العالم منه
العمليات الفردية أو الذئاب المنفردة هى الاستراتيجية التى حاول تنظيم أنصار بيت المقدس أيضا الاعتماد عليها منذ ما يقارب العام تقريبا فى عمله فى مختلف محافظات مصر، خاصة فى ظل الضربات الاستباقية العسكرية التى وجهتها الأجهزة الأمنية لعناصر ومعاقل التنظيم فى مدن وقرى محافظة شمال سيناء، إلا أن اعتماد "بيت المقدس" على نظرية الذئاب المنفردة لم يتحقق بشكل ناجح و هو ما يفسره اللواء أشرف أمين بالاحترافية التى يتعامل بها أفراد الأجهزة الأمنية المصرية مع الأحداث الإرهابية، قائلا التركيبة الأمنية تضع مصر فى مصاف الدول المتميزة أمنية، بالإضافة إلى تنوع مصادر المعلومات لأفراد الأمن، وأيضا إلى حنكة الشعب المصرى الذى لا يستطيع أن يتعاطف مع إرهابي أو مجرم.
فيما يرى اللواء حسام سويلم، الخبير الاستراتيجى، أن مصر نجحت فى مواجهة ظاهرة الذئاب المنفردة منذ أكثر من عام ونصف تقريبا وأطلقت تحذيراتها إلى جميع الدول بأن الإرهاب ليس بعيدا عنهم، خاصة فى ظل ما يعرف بالذئاب المنفردة، قائلا :"حذرناهم من هذه الظاهرة قبل ان تتفاقم لكنهم لم يكونوا قد اكتووا بنار الإرهاب بعد فلم يهتموا بهذه التحذيرات"، مضيفا :" الآن صدقوا بعد أن اكتووا بنار العمليات الإرهابية".
من أدبيات القاعدة إلى خطب قادة داعش
كان أول ظهور لمصطلح الذئاب المنفردة هو مصطلح الجهاد الفردى الذى ظهر أحد فصول كتاب دعوة المقاومة الإسلامية العالمية الذى أنجزه أبو مصعب السورى بعد التحديات الأمنية التى واجهها تنظيم القاعدة بعد أحداث وهجمات 11 سبتمبر 2001 ، والذى يدعو فيه أفراد التنظيم والمتعاطفين مع التنظيم والمسلمين إلى الجهاد المنفرد ضد الغرب، وفي 2010 قدمت مجلة إنسباير الإلكترونية الصادرة باللغة الإنكليزية عن «تنظيم القاعدة» في اليمن وصفة إرهابية بعنوان: «كيف تصنع قنبلة في مطبخ أمك؟»، داعيةً المتعاطفين في الدول الغربية إلى القيام بعمليات إرهابية فردية هناك.
ولم يختلف أسلوب دعوة قادة داعش عن طريق عمل تنظيم القاعدة فى دعوة أنصاره للجهاد المنفرد حيث دعا أبو محمد العدناني المتحدث باسم تنظيم داعش فى 2014 في تسجيل صوتي بعنوان «إن ربك لبالمرصاد» المتعاطفين مع التنظيم إلى قتل رعايا دول التحالف في أي مكان، باستخدام أى سلاح متاح، وهو ما يمكن من تنفيذ العملية دون العودة إلى قيادات التنظيم ودون الانضمام إليه.
كما استخدم زعيم داعش" أبو بكر البغدادى مصطلح "الذئاب المنفردة"، فى منتصف نوفمبر 2014 عندما دعا الى استهداف المواطنين الشيعة فى المملكة العربية السعودية، كما توعدت داعش عبر مؤسسة دابق الإعلامية بحرب جديدة تحت عنوان «الذئاب المنفردة جيش الدولة الإسلامية»، ضد ما وصفتهم بعباد الصليب بمواجهة حرب جديدة سيكون رأس الحربة فيها «الذئاب المنفردة».
تجنيد الذئاب من خلال الإنترنت
فى الغالب يتم جذب وتجنيد عناصر الذئاب المنفردة من خلال شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى بحسب ما يقوله اللواء أشرف أمين، حيث تتعرف من خلال الإنترنت على استراتيجيات التنظيم والأهداف التى يضعها بهدف شن هجمات إرهابية، ويكمل توفر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت مهمة تدريب أفراد الذئاب المنفردة من خلال توفير الإرشادات اللازمة لصناعة القنابل الناسفة واستخدام السلاح وغيره من التدريبات العسكرية التى تحول هؤلاء الأشخاص لمنفذين ماهرين .
وبحسب دراسة إماراتية، فإن التنظيم يمتلك أكثر من 90 ألف صفحة على موقعى فيسبوك وتويتر باللغة العربية، و40 ألفاً بلغات أخرى، بما يوسع من قدرات التنظيم على شن هجمات دون أن تتمكن الدول الغربية من تتبع تحركاتهم، فيما قال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي للصحافيين إنه يُقدّر أن تنظيم «داعش» حشد الآلاف من الأتباع عبر الإنترنت داخل الولايات المتحدة.
الغرب حاضنة الذئاب المنفردة
هل تحولت دول أوروبا إلى دول حاضنة للذئاب المنفردة؟ هذا ما يوضحه اللواء محمد الغبارى المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا ومدير كلية الدفاع، بأن هناك عدد كبير من المقاتلين الأجانب والمنتمين لجنسيات مختلفة من دول أوروبية ضمن صفوف تنظيم داعش فى سوريا والعراق، وهو ما يشير إلى أنه حال عودة هؤلاء إلى مدنهم ودولهم مرة أخرى متشبعون بأفكار جهادية، بالإضافة إلى متلقى الأفكار الجهادية عبر مواقع الإنترنت، فإنهم يمثلون نواة لضم الذئاب المنفردة فى خلايا موالية للتنظيم المتطرف ، لكنه لا ينتظر أمر من قادتها لبدء تنفيذ العملية.
كانت شرطة إسكتلنديارد البريطانية، قد حذرت من المخاطر التي تهدد الأمن البريطاني بسبب الشباب الذين يسافرون من بريطانيا للانضمام لصفوف الجهاديين في سوريا، ويبلغ عددهم أسبوعيا نحو خمسة.
وتعود خطورة الذئاب المنفردة من أنه لا وجود لأى معلومات مسبقة حول طبيعة العملية، كما أن منفذى هذه العمليات لا يمتلكون سجلا إجراميا أو إرهابيا وهو ما يصعب من مراقبة تحركاتهم أو رصدهم أمنيا، بما يصعب عمليات ضبطهم.
ويسعى "داعش" إلى الاعتماد بشكل أكبر على نظرية الذئاب المنفردة لتخفيف ضغط الضربات التى يتعرض لها فى سوريا والعراق سواء على المستوى العسكرى او التنظيمى حيث يتعرض التنظيم بحسب مراقبين إلى حملات اختراق منظمة من قبل أجهزة المخابرات العالمية ومراقبة وسائل التواصل بين أعضاء التنظيم، وهى استراتجية نقل الحرب إلى أماكن جديدة غير تلك التى تتواجد فيها معاقل التنظيم.
ويندرج هجوم متحف بارودو التونسى الذى راح ضحيته 18 شخصا تحت مصطلح الذئاب المنفردة الذى تبناه «داعش» ومن بعده الهجوم على السياح فى ساحل سوسة التونسى والذى راح ضحيته 38 سائحا غالبيتهم بريطانيون، كما يندرج تحت تلك الظاهرة هجوم سيدنى الذى نفذه المهاجر الإيرانى مان هارون مونيس، الذى احتجز عشرات الرهائن فى مقهى بسيدنى ، إلا أن أخطر هجوم لما يعرف بـ«الذئاب المنفردة» يتمثل فى هجمات باريس الأخيرة التى طالت مسرح باتكلان واستاد فرنسا الدولى ومواقع أخرى، وأسفرت عن مقتل 129 شخصا وإصابة العشرات، وبينما تبنى «داعش» الهجمات، إلا أن منفذيها شكلوا تطورا محوريا فى هجمات الذئاب المنفردة من حيث الأسلحة المستخدمة وما كان بحوزتهم من أسلحة فى منازلهم وطريق اختيار الأهداف الأكثر اكتظاظا بالسكان، ونفذ الهجمات شبكة من 8 أفراد بينهم انتحارية زوجة أحدهم، وقادهم عمر إسماعيل مصطفاوى (29 عاما) تم التعرف إلى هويته من بصمات أصبعه المبتور، وهو فرنسى صاحب سوابق، وإبراهيم عبدالسلام اباعود العقل المدبر للهجمات وهو بلجيكى من أصل مغربى قتلته الشرطة الفرنسية فى مداهمة بعد الهجمات.
موضوعات متعلقة..
- هل يقف داعش وراء هجوم أورلاندو؟.. الخسائر التى لحقت بالتنظيم فى سوريا والعراق تدفعه لمهاجمة الغرب.. والإرهابيون يحتاجون للأرض لتدريب المقاتلين وتجهيزهم لتنفيذ مخططاتهم