"جراند أوتيل" ليس مجرد دراما اجتماعية قائمة على الإثارة والتشويق بل هو عمل يحتفى بالجمال فى كل تفاصيله بدءًا من جمال المعمار ومكان التصوير الآخاذ مدينة أسوان وفندق "جراند أوتيل،" ومرورًا بالأزياء والماكياج وتسريحات الشعر، والإكسسوارات والديكور وكل التفاصيل التى تمنح الصورة ثراء، ساعد على إظهاره مدير تصوير يحمل رؤية واضحة فى توزيع الإضاءة والظل والنور وتوظيف اللقطات الأبيض والأسود.
كل ذلك يتضافر مع المونتاج المتمهل الذى يمنح المشاهد فرصة لتأمل ثراء الصورة والموسيقى المعبرة عن الأجواء وتصاعد الأحداث وصولاً إلى وجود مخرج متميز وهو محمد شاكر خضير، الذى كان من الممكن أن يأخذه اهتمامه بجماليات الصورة وتفاصيلها الكثيرة، بعيدًا عن الاهتمام بممثليه، ولكن هذا لم يحدث، فمعظم نجوم العمل يؤدون أفضل وذلك لأن المخرج فى ظنى يعمل بروح المايسترو الذى لا توجد عنده آلة نشاز بل هناك هارمونى متكامل والكل يعزف بدقة وإخلاص واضحين.
وعلى الرغم من أن الصراع فى المسلسل يبدو تقليديًا بين طبقة الاثرياء والباشاوات والمتحكمين فى الأمور والخدم الذين يعملون فى الأوتيل حيث تعكس الدراما التناقضات التى كانت سائدة بتلك الفترة وفى عهد الملك فاروق، إلا أنها تحمل ثراء كبيرًا خصوصًا وكونها تضم شرائح متباينة، وعشرات الشخصيات التى تتداخل خيوطها الدرامية بكل انسيابية وتدفق فى الأحداث وكل شخصية تم التخديم عليها بشكل جيد فالدوافع واضحة وهناك مبرر لكل فعل تقوم به الشخصيات كما أن السيناريو دائما ما يكسر التوقعات التى قد يذهب اليها المشاهد إضافة إلى رسم كل شخصية، حيث استطاع تامر حبيب أن يخلق تنوعًا بين شخصيات العمل.
برع حبيب فى إظهار الصراع الطبقى بكل تناقضاته، بدءًا من قسمت هانم -تجسدها الفنانة أنوشكا برقى شديد وأداء احترافى يلفت الأنظار طوال وجودها فى الكادر- فهى بمنطقها تدافع عن كيانها وكيان أسرتها وسيطرتها على كل الأمور داخل الأوتيل حتى لو كان ذلك بطرق غير مشروعة، وشيرين التى تجسد دور"فخر هانم" تلك السيدة الارستقراطية التى تراقب كل شىء وتعانى من الوحدة لذلك فهى تقيم فى "الأوتيل" باستمرار، "وسكينة" -تجسدها بأداء مبهر كعادتها سوسن بدر- كبيرة الخدم التى يتضح بمرور الوقت ومع تصاعد الأحداث أنها كانت على علاقة بأدهم بيه صاحب "الأوتيل" وأنجبت منه ابنه الوحيد يجسده "محمد ممدوح" ودينا الشربينى التى تجسد دور ورد.
وللحق إن جميع فريق العمل يقدمون أدوارهم باحترافية وتميز كما أن "جراند أوتيل" يمثل نقلة جديدة لعمرو يوسف وأمينة خليل، ويظل واحدًا من أهم الأعمال فى دراما رمضان 2016 وأعتقد أنه مع إعادة عرضه مرة ثانية سيحقق نجاحًا أكبر، لأنه يحتاج مشاهدة مخلصة بعيدًا عن الفواصل الإعلانية المملة فهو عمل يحتفى بالجمال، ولا يحمل عنفًا يجرح العين رغم أن الدراما فيه مبنية على حوادث قتل وسرقة.
موضوعات متعلقة..
- فى مسلسلات رمضان.. الديانات السماوية تجتمع فى "مأمون وشركاه".. وحنان مطاوع تسحر ابن "ضرتها" فى "ونوس".. ومحمد ممدوح يفيق من الغيبوبته بـ"جراند أوتيل".. وناصر يتحدى كمال وبدر فى "الأسطورة"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة