ونشر الموقع وثائق جديدة تشير إلى اتصالات سرية بدأت قبل يوما من خروج الشاه محمد رضا بهلوى من إيران عام يناير 1979، بين الخمينى فى منفاه بباريس، وعبرت واشنطن وقتها عن امتنانها لدولة فرنسا التى كانت همزة الوصل بينهما.
وعلمت فرنسا أن الرئيس الأمريكى جيمى كارتر أوعز للسفير الأمريكى بطهران وليام ساليفان والملحق العسكرى الجنرال رابرت هايزر أن يشرعوا فى مفاوضات بين زعماء المعارضة والجيش، ومن أجل تحقيق كان عليهم التعاون مع آية الله الخمينى.
تحطم تابو الحوار مع الخمينى
ووفقا للوثائق فشلت الحوارات مع رئيس الجيش عباس قره باغى، وأعرب وزير الخارجية الأمريكى سايرس فانس عن أمله أن تشجع حاشية الخمينى على إبداء مرونة لإتمام اللقاءات. لكن فى العلن كان يصرح كارتر بدعمه للشاه، ومن ناحية أخرى كان يحاول مبعوثى الرئيس الأمريكى فى هدوء أن يقربوا بين زعماء الجيش والمعارضة، وفى أعقاب هروب الشاه من إيران دخلت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والثوار مرحلة جديدة، تحطم فيها تابو الحوار مع الخمينى.
ووفقا للوثائق فان وارن زيمر من أحد كبار موظفى السفارة الأمريكية فى باريس التقى بمستشار الخمينى، حيث ذهب إلى مقاطعة نوفل لوشاتو بسيارة السفير الأمريكى الشخصية والتى لم تكن تحمل أرقاما دبلوماسية حتى لا يتعرف عليه الصحفيين وأنصار الخمينى، ولم يستمر اللقاء أكثر من 20 دقيقة، واعتبر هذا اللقاء بدء عملية التواصل بين أمريكا والخمينى.
الخمينى من منفاه بباريس حاول مغازلة أمريكا بالنفط ليكسب ودها
وقالت الوثائق إن الخمينى كان دائما فى مقابلاته الصحفية يتحدث عن كارتر بلهجة لطيفة، حيث أنه كان يخشى بعد خروج الشاه من إيران أن يتكرر سيناريو انقلاب 1953 وتعيد الولايات المتحدة الشاه مرة أخرى إلى العرش. لذا كان يتعمد الخمينى لقاء مواطنين أمريكيين عاديين ويستغل ذلك لإبلاغهم برسائله.
وتحكى الوثائق عن لقاء جمع بين الخمينى ومواطن أمريكى يدعى ليونارد فريمن فى ضاحية نوفل لوشاتو بفرنسا، حمله رسالة إلى أمريكا، أكد فيها أنه إذا سيطر على مقاليد الحكم فى إيران، سيقيم حكومة العدل، و"سيستمر فى بيع البترول للولايات المتحدة الأمريكية". وأكد على نقل الرسالة إلى الحكومة الأمريكية.
وتم تسجيل الرسالة باللغة الإنجليزية على شريط، وتم تسليمها لفريمن كى ينقلها للحكومة الأمريكية. واتصل فريمن بالسفارة الأمريكية فى باريس ووصلت الرسالة إلى واشنطن فى نفس اليوم.
وبعد 3 أيام رفض كارتر طلب السفير الأمريكى فى طهران وليام سوليفان، والملحق العسكرى الجنرال هايزر بإرسال مسئول بارز للقاء أية الله الخمينى، واعتبر ساليفان ذلك "خطأ لا يغتفر".
لكن بعد 3 أيام هرب الشاه من إيران، وأصدر كارتر أوامر بفتح قناة اتصال سرية بين السفارة الأمريكية فى باريس والمقربين للخمينى متوخيا الحذر، وورد اسم هذه القناة فى الوثائق الأمريكية باسم قناة (يزدى-زيمرمن).
محادثات سرية بمباركة الخمينى
وأسند الخمينى مأمورية المحادثات السرية مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى إبراهيم يزدى وكان من أعضاء حزب "نهضت آزادى"(حركة الحرية) وعاش لسنوات فى تكساس، ويعرف الإنجليزية بشكل جيد. وريتشارد كاتم استاذ جامعة بيتسبرج الذى عرف بعد سنوات بعمالته لـ CIA داخل طهران. وكان يحث مسئولى البيت الأبيض ووزارة الخارجية على لقاء ممثل الخمينى فى أمريكا.
ووفقا للوثائق بعد 3 أشهر فى 12 سبتمر 1979، التقى مسئول عن قسم إيران فى الخارجية الأمريكية هنرى بريكت ويزدى فى إحدى المطاعم. كما أجريا لقاءات بضاحية نوفل لوشاتو بحذر شديد.
كما كشفت الوثائق أن مبعوث الخمينى كان يقول للجانب الأمريكى أن "المقربين من آية الله الخمينى لا يمكن الوثوق فيهم"، لذا أعطى يزدى اسم شخص محل ثقة موجود فى مكان إقامة الخمينى بباريس يدعى حسن.
ووفقا لرسائل الخارجية الأمريكية أن الهدف من الاتصال بالخمينى هو تشجيعه على استغلال نفوذه لاتمام لقاءات بشكل سريع بين مساعدى الخمينى محمد بهشتى ومهدى بازرجان من ناحية، وقادة الجيش ورئيس مخابرات الشاه "السافاك".
الخمينى احتمى فى واشنطن من انقلاب محتمل من الجيش ضده
كما تشير الوثائق إلى أن آية الله الخمينى كان يخشى أن يحدث انقلاب محتمل من الجيش ضده، ووفقا لتقرير كبار موظفى السفارة الأمريكية فى طهران زيمرمن أن يزدى نقل تخوف الخمينى من ذلك، وأكد له المسئولين الأمريكيين أنهم لن يدعموا انقلاب الجيش ضده.
كما أكد مبعوث الخمينى للأمريكيين أنهم سوف يعملون على ضبط غضب الثوار تجاه الولايات المتحدة، ولوح له أن "على واشنطن أن تستغل نفوذها للحول دون وقع انقلاب ضد الخمينى بعد هروب الشاه".
وكشفت الوثائق عن التنسيق الكامل بين الخمينى وواشنطن قبيل رحيل الشاه عن إيران، وتسائل مبعوث الخمينى المسئولين الأمريكيين متى سيترك الشاه إيران؟، وأخبره دبلوماسى أمريكى أنه لا يمتلك معلومات. إلا أن الخارجية الأمريكية عادت، وأخبرته بيوم رحيله.
ووفقا للسفير الأمريكى فى طهران ساليفان، رأى الخمينى أنه من مصلحته إبراز الصداقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتقى مبعوثه الخاص بالدبلوماسيين الأمريكيين 4 مرات، ووفقا للوثائق كانت هذه اللقاءات عبارة عن إجابة على تساؤلات لدى آية الله الخمينى وحكومة كارتر. وأبلغت واشنطن الخمينى مرونتها تجاه الدستور الإيرانى ونوع الحكومة القادمة، كما بلغت الاتصالات بين إيران وأمريكا ذروتها فى اليوم الذى قام فيه الخمينى بعزل شاهبور باختيار أخر رئيس وزراء للشاه.
رسائل الخمينى إلى كيندى
كما كشفت الوثائق ارسال آية الله الخمينى، رسالة إلى حكومة الرئيس الأمريكى جون كيندى فى هدوء، بينما كان فى محبسه بمنطقة قيطرية بطهران سنة 1963، إذ أشار فيها إلى عدم إساءة تفسير تهجمه اللفظى لأنه يؤيد مصالح أمريكا فى إيران.
وفى الداخل الإيرانى أثار نشر هيئة الإذاعة البريطانية BBC لهذه الوثائق ردود فعل غاضبة بين المسئولين الإيرانيين، و نقلت وكالة ميزان عن عضو حوزة قم العلمية حسين إبراهيمى الذى حاول التقلقل من أهميتها، قائلا "تهدف هذه الوثائق لمحاولة إثبات أن الثورة أمريكية".
وأشار إبراهيمى إلى الشعار الذى يردد أنصار الخمينى "لا شرقية ولا غربية"، قائلا أن الوثائق تهم عارية من الصحة، غايتها تشويه نظام الجمهورية الاسلامية.
موضوعات متعلقة..
رئيس إيران الأسبق: قيمة الأسلحة الأمريكية كشفت قضية "إيران كونترا"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة